الخميس، يناير 23، 2014

"دايلي تيليغراف": الأسد موّل "القاعدة" و"داعش" بصفقات نفط سرية

نشرت صحيفة "الدايلي تيليغراف" البريطانية تحقيقاً أجراه الكاتبان روث شيرلوك وريتشارد سبنسر أشارا في خلاله إلى أن أجهزة الاستخبارات الغربية تملك معلومات حول تعاون الرئيس السوري بشار الأسد مع "الجهاديين" لإقناع الغرب بأن الانتفاضة ضد نظامه يقودها إرهابيون.
وقال الكاتبان إن "نظام الرئيس السوري موّل وتعاون مع تنظيم القاعدة الإرهابي في لعبة مزدوجة معقّدة حتى أثناء المعارك التي كان يشنّها الإرهابيون ضد دمشق، وذلك استناداً لاعترافات موثقة جديدة أدلى بها ثوار سوريون ومنشقون عن تنظيم القاعدة إلى أجهزة الاستخبارات الغربية".
وجاء في التحقيق أن "مصادر استخبارية قالت إن جبهة النصرة والجبهة المتطرفة المعروفة باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وهما تنظيمان رديفان لتنظيم القاعدة تعملان في سوريا، حصلا على تمويل كبير من خلال عمليات بيع النفط والغاز من الآبار التي تقع في المناطق تحت سيطرتهما، إلى النظام السوري في دمشق أو من خلاله".
أضاف: "يقول الثوار والمنشقون عن النظام السوري، إن النظام في دمشق أطلق عمداً سجناء مقاتلين لتعزيز صفوف الجهاديين في وجه قوى الثوار المعتدلين. والهدف من ذلك كان إقناع الغرب أن الانتفاضة ضد النظام يرعاها مقاتلون إسلاميون، بمن فيهم القاعدة، لكي يرغموا القوى الغربية على وقف دعمها لهم".
والمزاعم التي ساقتها مصادر استخبارية غربية تحدثت للصحيفة شرط عدم كشف اسمها، هي في الواقع "جزء من ردّ الرأي العام العالمي على مطالب الأسد بأن تتحوّل محادثات السلام المقرر أن تنطلق في سويسرا اليوم، من استبدال حكومته، إلى التعاون معها ضد تنظيم القاعدة في إطار الحرب على الإرهاب".
وقال مصدر استخباري: "إن تعهّد الأسد بضرب الإرهاب بيد من حديد في الواقع، ليس أكثر من نفاق سافر. في الوقت نفسه الذي كان يروّج في خطاباته أنه انتصر في معركته ضد الإرهاب، كان يعقد صفقات سرية لخدمة مصالحه الخاصة وضمان استمراريته".
"وتشير المعلومات التي جمعتها أجهزة الاستخبارات الغربية إلى أن النظام بدأ بالتعاون الفعلي مع هذه المجموعات في ربيع العام 2013. وبعدما سيطرت "جبهة النصرة" على معظم حقول النفط الغنية في محافظة دير الزور في شرق سوريا، وبدأت بتمويل عملياتها في سوريا من خلال بيع النفط الخام، وبأرقام وصلت إلى ملايين الدولارات".
وقال المصدر: "يدفع النظام الأموال إلى جبهة النصرة لحماية أنابيب النفط والغاز التي تقع في المناطق التي تسيطر عليها في شمال وشرق البلاد، كما تسمح بنقل النفط إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. وبدأنا اليوم بالحصول على أدلة مشابهة عن منشآت النفط والغاز التي تقع تحت سيطرة داعش".
وأقر المصدر بأن "النظام السوري والتنظيمات التابعة للقاعدة لا تزال في حالة عداء وأن العلاقة بينها ليست سوى فرصة انتهازية، لكنه أضاف بأن العقود تؤكد أنه "على الرغم من اتهامات الأسد، فإن نظامه هو المسؤول عن صعود القاعدة في سوريا".
وثار ديبلوماسيون غربيون لدى حصولهم على معلومات تشير "إلى زيارات قام بها مسؤولون غربيون برئاسة أحد الضابط المتقاعدين من جهاز الاستخبارات البريطانية إلى دمشق، لإعادة فتح قنوات اتصال مع نظام الأسد. وليس هناك من شك بأن ما أثار جزع الغرب هو تصاعد نفوذ القاعدة في صفوف الثوار، وهو ما أدى بشكل رئيسي إلى اتخاذ واشنطن ولندن قراراً بالتراجع عن إرسال الأسلحة إلى المعارضة السورية".
"غير أن حالة الغضب هذه، مؤشر أيضاً إلى أنهم يشكون بأن الأسد تمكّن من الالتفاف والتفوّق عليهم، وهو الذي كان مخيّراًَ أثناء ولايته بين شن الحرب على المقاتلين الإسلاميين أو العمل معهم".
"وبعد 11 أيلول 2001، تعاون الأسد مع برنامج "الترحيل السري للمقاتلين المشتبهين" الذي قادته الولايات المتحدة. وبعد غزو العراق ساعد تنظيم القاعدة على تأسيس مركزها في غرب العراق في إطار محور المقاومة ضد الغرب؛ ثم عندما انقلبت القاعدة بشكل عنيف ضد الشيعة العراقيين المدعومين من قبل إيران، الحليف الرئيسي للأسد، عاد النظام لاعتقالهم".
"وبعد الانتفاضة ضده، عاد الأسد ليغيّر موقعه مجدّداً، فأطلق سراح سجناء القاعدة من سجونه. وقال أحد الناشطين السوريين الذين أطلق سراحهم في الفترة نفسها من سجن صيدنايا الشهير بالقرب من دمشق، أن ذلك جاء في إطار عفو عام أصدره الأسد".
وقال الناشط الذي عرّف عن نفسه باسم مازن: "لم يكن هناك تفسير لإطلاق سراح الجهاديين. لقد رأيت بعضهم على شاشة تلفزيون الدولة الرسمي، ويتم اتهامهم بأنهم من عناصر جبهة النصرة وأنهم زرعوا قنابل في أنحاء مختلفة من البلاد. هذا كان مستحيلاً، لأنهم كانوا مسجونين معي في الوقت الذي قال النظام إنه تم زرع القنابل. كان يستخدمهم لترويج حجته بأن الثورة ليست سوى عناصر متطرفة".
وأيّد نشطاء آخرون من سجناء صيدنايا السابقين أقوال "مازن"، في وقت قال محللون إنهم "تعرّفوا على عدد من السجناء السابقين الذين أصبحوا قادة ميليشيات مقاتلة، بما في ذلك قادة مجموعات في جبهة النصرة، داعش ومجموعة أحرار الشام التي حاربت إلى جانب جبهة النصرة التي تحوّلت اليوم ضد داعش".
وقال سجين سابق إنه كان نزيل غرفة واحدة مع "أبو علي" الذي أصبح اليوم رئيس المحكمة الشرعية لـِ"داعش" في مدينة الرقة في شمال شرقي سوريا والتي تديرها القاعدة. وقال آخر إنه يعرف قادة في الرقة وحلب ممن كانوا سجناء في صيدنايا حتى مطلع العام 2012.
وقاد هؤلاء الرجال عملية الاستيلاء التدريجية على الثورة من الناشطين العلمانيين، وضباط الجيش المنشقين والثوار الإسلاميين المعتدلين.
وكانت الاستخبارات السورية تاريخياً على علاقة وثيقة بهذه المجموعات المتطرفة. وفي مقابلة مع "الدايلي تيليغراف" بعد انشقاقه، روى نواف الفارس، أحد المسؤولين الأمنيين السوريين السابقين، كيف أنه شارك في عملية لتهريب جهاديين متطوعين من العراق إلى سوريا بعد الغزو الأميركي في العام 2003.
وقال آرون لند، رئيس تحرير موقع "سوريا في أزمة" الذي تستعين به مؤسسة "كارنيجي" لمراقبة تطورات الحرب في سوريا: "لقد قام النظام السوري بعمل جيد في محاولته تحويل الثورة إلى إسلامية. إن عمليات إطلاق سراح السجناء من صيدنايا نموذج عن ذلك. يزعم النظام أن إطلاق سراحهم جاء في إطار عفو عام أصدره الأسد لتخفيف الأحكام الصادرة بحقهم. لكن يبدو أنهم ذهبوا أبعد من ذلك. لا يقوم هذا النظام بأعمال لطيفة عشوائية".
ويقول ثوار من داخل "داعش" وخارجها إنهم يعتقدون بأن النظام ركّز هجماته ضد المجموعات غير المقاتلة وترك "داعش" على راحتها. وقال أحد المنشقين ويدعى مراد: "كنا واثقين بأن النظام لن يقصفنا. كنا ننام ملء جفوننا في قواعدنا".

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية