الجمعة، يوليو 13، 2012

الجنود السنيون وقود للمدافع في حرب الأسد ضد المعارضة

كواحد من الجنود السنة الذين يشكلون غالبية الجيش السوري كان الملازم عدنان صليبي يدفع الى الصفوف الامامية لوحدات تقاتل مدينة حمص التي انتفضت ضد الرئيس السوري بشار الاسد.

وكان الجنود العلويون الذين ينتمون الى الاقلية التي ينتمي اليها الاسد يبقون في المؤخرة. ويسيطر العلويون على الجيش السوري من خلال هيمنتهم على قيادات الضباط والاخطر على جهازي المخابرات والشرطة السرية على النمط السوفيتي وهما مكلفان بمنع حدوث اي معارضة او انشقاق.

وقال صليبي وهو شاب نحيل (23 عاما) كان يرتدي الجينز وقميصا قطنيا مقلما "السنة يستخدمون كوقود للمدافع وانهارت الروح المعنوية. رحل 75 رجلا من لوائي من بين 250 . اما الباقون فاما قتلوا او اصيبوا او انشقوا.

واضاف "وفور ان سنحت لي الفرصة هربت". ووصل صليبي مع رفيق له سالمين الى تركيا الاسبوع الماضي.

وكانا من بين موجة جديدة من المنشقين السنة الذين تركوا في الاسابيع القليلة الماضية الجيش السوري الذي يعاني من نقص في قوات المشاة ويعتمد أكثر على المدفعية الثقيلة لقصف البلدات السنية.

وتقول المعارضة السورية ان 17 ألف شخص على الاقل قتلوا في الانتفاضة ضد الاسد بينما يقول الرئيس السوري انه يدافع عن بلاده في مواجهة ارهابيين مدعومين من الخارج.

ويلجأ الافراد الموالون للاسد في الجيش السوري الى تكتيكات سوفيتية قديمة لمنع الجنود من الفرار من الجبهة بما في ذلك التهديد بالقتل.

وقال صليبي "في حمص كنت أخشى من المخابرات العسكرية خلفي أكثر من المتمردين امامي. الجيش أصبح آلة قتل ونهب. أولوية الضباط ان نأتي لهم بتلفزيونات ذات شاشات عريضة من المنازل التي ندخلها. كنت سأنشق مبكرا لولا خوفي على سلامة والدي".

وخدم صليبي وهو من محافظة اللاذقية الساحلية في مدينة حمص في الداخل في اطار سياسة قديمة للجيش السوري بعدم السماح للجنود بالخدمة في بلداتهم الاصلية.

وبعد ان نجح صليبي في الاتصال من خلال موقع فيسبوك برفاق انشقوا وهربوا مستخدما لغة مشفرة فر عبر حقول الزيتون وبساتين الكروم في محافظة إدلب الشمالية وانطلق كالسهم عبر اراض قاحلة حتى حدود تركيا.

ويسقط الجيش السوري منشورات قرب الحدود في تحذير ضمني للمنشقين في المرحلة الاخيرة من رحلة الهرب بأن ذويهم الذين تركوهم خلفهم سيعانون.

وتقول واحدة من تلك المنشورات "هذه فرصتك الاخيرة لتنقذ نفسك" وانت بلا حول ولا قوة امام الجيش السوري العربي وتنصح الجنود بالعودة الى ذويهم والى من يحبون حتى لا يصبحوا وقودا لكراهية الاخرين.

وقتل الاف الجنود او سجنوا لمحاولتهم الهرب او الاشتباه في انهم يسعون الى ذلك. وتقول مصادر المعارضة ان نحو 2500 ضابط وفرد من رتب أدنى هم سجناء في سجن صيدناية السيء السمعة الى الشمال من العاصمة السورية دمشق وان السلطات أخلته من السجناء السياسيين لافساح المكان أمام السجناء العسكريين.

وأعطى انسحاب الجيش السوري خلال الاسبوعين الماضيين - من مناطق الريف في ادلب وحلب قرب اقليم هاتاي التركي بعد ان عزز الجيش التركي وجوده في مناطق حدودية - مقاتلي المعارضة فرصة أكبر للعمل.

ومنطقة الحدود بها تلال منحدرة وأيضا حقول منبسطة مزروعة بأشجار الزيتون والكروم والقمح والخضروات. ويفصل نهر العاصي الذي تتحول أجزاء منه في الصيف الى بحيرات موحلة البلدين عند منطقة حاجي باشا.

ويعبر مئات اللاجئين السوريين الى تركيا يوميا لينضموا الى أكثر من 30 ألفا في الاراضي التركية بالفعل. ومن بينهم أفراد عسكريون سلموا انفسهم الى السلطات التركية التي ترسلهم بعد ذلك الى معسكرات خاصة وهناك آخرون ينضمون مباشرة الى مقاتلي المعارضة او الى ذويهم.

ويقول مؤيدو المعارضة انه يصعب معرفة عدد الجنود الذين انشقوا او العدد الاجمالي لمقاتلي المعارضة. ويقدرون ان هناك عشرات الالاف انشقوا على الجيش السوري وقوامه 300 ألف فرد.

وهيمن العلويون على الجيش السوري اوائل الستينات من القرن الماضي حين تولى ضباط علويون قيادة أفضل الفرق العسكرية ووحدات المخابرات. ومنذ ذلك الحين بدأت خمسة عقود من الهيمنة العلوية عززتها جهود الرئيس الراحل حافظ الاسد والد بشار للتحالف مع التجار والقبائل السنية لترسيخ سلطته.

وقالت مصادر في الجيش السوري الحر المعارض انه مع سيطرة العلويين على معظم قيادات الجيش كان اغلب المنشقين من السنة ذوي رتب ادنى وان شهدت الاونة الاخيرة فرار جنود من الاقليات الدينية خاصة الدروز.

وانشق ابو صهيب وهو ضابط صف في البحرية السورية باللاذقية في بداية هذا العام بعد ان سجن ستة أشهر في سجن صيدناية.

وقال ابو صهيب الذي يستخدم اسما مستعارا ويقود الان فصيلا يقاتل قوات الاسد في محافظة إدلب "كنت محظوظا. زار مراقبون عرب صيدناية وقررت السلطات الافراج عن تسعة منا. طلب منا العودة الى وحداتنا وفر ثمانية منا".

وأضاف "ضربت وعذبت ووقفت امام محكمة ميدانية دون دفاع. كان علي ان اوقع على كل ما يريدون بما في ذلك الاعتراف بتهمة التخطيط لمهاجمة قرداحة" مشيرا الى بلدة الاسد الجبلية المطلة على البحر المتوسط.

أكسبته المعارك قوة. وقال الرجل (28 عاما) الذي نقل زوجته وطفله الصغير الى تركيا انه اصبح من مؤيدي الثورة بعد ان شهد مقتل محتجين عزل وصفهم ضباطه العلويون فيما بعد بانهم "ارهابيون" يستحقون القتل.

وفي يوم جمعة خلال شهر ابريل نيسان من العام الماضي توجه الى ساحة الشيخ ضاهر في اللاذقية حيث اقتحم نحو 200 محتج المتاريس التي اقامتها ميليشيا موالية للاسد وحاولوا اسقاط تمثال للرئيس الراحل.

وقال "قناصة الشرطة العسكرية قتلوا بالرصاص تسعة متظاهرين من بينهم صبيان. وقررت حينها انني سأكون أكثر نفعا للانتفاضة بالبقاء في الداخل".

وأراد آخرون الفرار في وقت مبكر لكنهم لم يستطيعوا.

وقال المقدم عبد الاله فرزات الذي يدافع الان عن بلدة الرستن التي تهيمن عليها المعارضة في محافظة حمص بوسط سوريا انه قرر ان ينشق بعد ان قتلت قوات الاسد عشرات المتظاهرين في الرستن في اوائل الانتفاضة.

لكن ابن فرزات وهو مجند كان محتجزا في معسكر للجيش ومعه اقارب آخرون من أفراد الجيش من الرستن لمنع عمليات الانشقاق.

وقال فرزات "لم يكن الامر سهلا. أجبرنا على فتح النار على المتظاهرين". وكان فرزات متمركزا في الغوطة قرب دمشق وهي منطقة سنية محافظة كانت من أول المناطق التي اندلعت فيها احتجاجات مطالبة بالديمقراطية.

وقال فرزات انه صدرت اوامر للجنود السنة بالانتشار عند المتاريس وفتح النار على المتظاهرين بينما كان العلويون من أفراد المخابرات العسكرية يقفون في الخلف او في الشرفات وهم على استعداد لاطلاق النار على الجنود ان هم عصوا الاوامر.

وفور الافراج عن ابنه انتقل الى الجانب الاخر.

وقال فرزات "استغرق الامر عاما قبل ان اتمكن من الانشقاق. لست فخورا بهذا لكن النظام لديه الكثير من الوسائل لايذاء أسرنا وهذا هو السبب وراء تردد كثيرين في الفرار".

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية