الاثنين، سبتمبر 23، 2013

مستقبل الكرد في عراق فاشل

نأى الزعماء الكرد بأنفسهم بعيدا عن عراق كانوا أكبر المساهمين في صناعته.
لقد ساهموا في وضع لبنات عراق جديد، دولته تقوم على أساس المحاصصة العرقية والطائفية التي لا يمكنها أن تكون أساسا قويا لكيان سياسي قوي وثابت المعالم.
كانوا يدركون أن لا أحد سينافسهم في مناطق نفوذهم. لذلك فانهم سيكونون في منجى من المشكلات التي يمكن ان تنتج عن نظام يقوم أصلا على فكرة تقاسم الغنائم بين فرقاء متخاصمين، لا يجمع بينهم شعور وطني مشترك.
وهو ما حدث فعلا. لقد صار العرب يقتل بعضهم البعض الآخر، فيما كانت المناطق الكردية تنعم بالأمن والهدوء والاستقرار.
لقد ولى الزمن الذي كان فيه الكردي يقتل أخاه الكردي. ولم يعد الكرد يشعرون بان هناك قوة تهدد كيانهم السياسي المستقل.
وإذا ما كان الزعماء الكرد يرجئون الاعلان عن انفصالهم النهائي عن العراق فان ذلك انما يعبر عن حكمة ونضوج سياسي يفتقر إليه الطاقم السياسي الذي يحكم الأجزاء الأخرى من العراق.
فاستمرار المناطق الكردية جزءا من عراق ضعيف انما يصب في مصلحتها.
ذلك لان حصول تلك المناطق على حصتها من ثروات العراق، وفق ما نص عليه الدستور صار أمرا واقعا لا يمكن المساس به وهو لا يرتب عليها أي التزامات سياسية أو قانونية إزاء المركز.
لقد نجح الكرد في الاحتفاظ بمسافة ذكية تجعلهم يستقلون بقرارهم السياسي. بل أنهم نجحوا من خلال نظام المحاصصة أن يحصلوا على امتيازات مهمة من غير أن يكون عليهم أن يدفعوا مقابلا لها.
صار وزراؤهم ونوابهم ينسحبون من الحكومة في الوقت الذي يشاؤون ويعودون وقت ما يشاؤون، من غير أن يجرؤ أحد على توجيه اللوم إليهم. هناك اليوم ممثليات دبلوماسية لهم في مختلف أنحاء العالم، بل أن سفارات عراقية كانت قد رفعت علم الاقليم إلى جانب العلم العراقي إو بديلا عنه.
لقد نجحوا في تمرير الكذبة التي تقول أن جلال الطالباني الذي لا يزال رئيسا لدولة العراق بالرغم من أن هناك شكوكا في أنه قد غادر الحياة في المستشفى الالماني هو صمام أمن العملية السياسية.
كذبة صار العرب يرددونها ببلاهة وهم يسبقون اسم الطالباني بلقبه فيقولون مام جلال أي العم بالكردية.
لقد ترك الزعماء الكرد العراق وراءهم وأنشغلوا في أعمار مناطقهم، وهو أمر رائع لولا أنه يقوم على أساس وطني هش. فلطالما هدد زعيم الأقليم بالانفصال، ولطالما سعى الجانب الكردي إلى تعميق وترسيخ مبدأ المحاصصة الطائفية، وهو يدرك جيدا أن تلك المحاصصة لن تكون قاعدة لقيام عراق قوي، يكون مبدا المواطنة فيه هو المرجعية القانونية الوحيدة فيه.
الكرد اليوم يفكرون باستعادة ما سمي في الدستور الذي كانت لهم اليد الطولى في كتابته بالمناطق المتنازع عليها. إنهم يفكرون بوطن المستقبل. كردستان العراق التي ستكون نواة لكردستان الكبرى.
وهو حق طبيعي في ظل عجز العرب عن بناء دولتهم الآمنة والمستقرة.
يمكننا أن نقول أنه لولا المبلغ المستقطع من ميزانية العراق السنوية لما بقي الاقليم الكردي يوما واحدا جزءا من العراق. بالرغم من أن ذلك البقاء لا يشكل كما قلت أي عبء على كاهل الكرد ولا يؤثر على مشاريعهم المستقبلية.
لقد انتهى الزعماء الكرد في ظل الانهيار الأمني الذي يشهده العراق وعجز حكومته عن اداء دورها الخدمي إلى حقيقة أن قيام دولتهم قادم لا محالة وليست لديهم مشكلة إلا في ما يتعلق بحدود تلك الدولة. وهو ما يسعون إلى انجازه مستفيدين من حالة الهلع الشيعي التي يقف وراءها رئيس الوزراء الحالي الذي يرغب في الاستمرار في الحكم في ولاية ثالثة، بالرغم من فشله الذريع على كل المستويات.
سيدعم الزعماء الكرد المالكي في سعيه للبقاء في ولاية ثالثة مقابل أن يتنازل لهم عن المناطق المتنازع عليها. صفقة ستزيد من خسائر العراق الذي صار سوقا عالمية للصفقات الفاشلة.



فاروق يوسف

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية