في الحادي عشر من اوكتوبر 1989 و بينما العرب يحتفلون بالذكرة 16 لنصر اكتوبر ... اذاع راديو و تلفزيون اسرائيل خبرا اشبه بالصاعقة :( هروب طيار سوري بطائرته MIG-23 اشرس و اسرع طائرة على وجه الارض في ذلك الوقت .و حط بها في احد المطارات شمالي اسرائيل , ليفتح بذلك صفحة جديدة من صفحات الخيانة و الخسة و القذارة .من هو محمد بسام العدل: ولد في مدينة ادلب عام 1955 لاسرة متدينة كثيرة العدد و كان ابوه تاجر ملبوسات معروف ... ربى اولاده و علمهم تعليما عاليا.و كان حلمه منذ الصغر ان يصبح طيارا عسكريا الى ان تحقق حلمه و اصبح من افضل طيارين الميغ 21 .
بداية القصة :عندما ظهرت كفاءة عادل بسام في قيادة الميغ 21 خصوصا في الاستعراضات الجوية التي تواكب الاحتفالات القومية بسورية , كانت تقارير رؤسائه عنه كفيلة بارساله الى موسكو للحصول على دورات تدريبية لقيادة الميغ 23 الاكثر تطورا , لانها مقاتلة اعتراضية جبارة وقد حققت ارقاما قياسية لاول مرة في تاريخ الطيران,عندما بلغت سرعتها القصوى على ارتفاع 12 كيلو مترا 3380 كم / سا ..اي بسرعة 2.3 ماخ . و فاقت قدرتها القتالية اي طائرة تمتلكها اسرائيل و امريكا .انها كانت بحق معجزة حيرت عقول الغرب ... و ارعبت اسرائيل حتى بصوت هديرها فوق الاراضي السورية التي يسمع صداها باسرائيل .و لما عاد عادل بسام من احدى الدورات في موسكو .. كان على موعد مع الفاجعة , حيث تلقى نبأ وفاة خطيبته جيداء بسبب سقوط منزلهم عليهم , و قد دفنت قبل ان يراها و يودعها . فأصابته الفاجعة في مقتل و ظل ينزف حزنا لفترة طويلة الى ان هزل جسده و قضى و قتا طويلا في المستشفى العسكري ..خرج بعدها الى قاعدته الجوية محطما.
بداية السقوط :بما ان الميغ 23 كانت طائرة اسطورية في وقتها و ارعبت اسرائيل و الغرب على حد سواء , فقد كانت المطلوب رقم 1 في اسرائيل خصوصا ان سوريا هي من اكبر دول المواجهةو عدم امتلاك اسرائيل لهذه الطائرة المرعبة او معرفة اسرارها يعتبر كارثة بالنسبة لاسرائيل . و من وقتها بدأ الموساد بالعمل كخلية النحل لاعتراض اي طائرة من هذا الطراز و اجبارها على الهبوط في اسرائيل , او تجنيد طيار عربي للقيام بهذه المهمة و هي الهروب بطائرته الى اسرائيل ..... و ابتدأ العمل.رصد عملاء الموساد في سورية الحالة المعنوية السيئة للطيار محمد عادل بسام بعد وفاة خطيبته , اثر سقوط منزلهم القديم منهارا فأودى بها مع اسرتها.و بعد تشريحه نفسيا , حوصر عادل بسام بعملاء الموساد في سورية , حيث جرى البحث عن ثغرة للدخول اليه منها , و لما كان من الصعب عليهم محاولة الاقتراب منه و تجنيده, ليقظة المخابرات السورية , و شكها بكل امر يتعلق بطياريها , انتهزوا فرصة سفره الى اللاذقية صيف عام 1989 و في منتجع الشاطىء الازرق نصبوا له اول خطوة في كمين السقوط .على المقهى الشرقي بالفندق جلس يحتسي فنجان القهوة سارحا بخياله بعيدا عند خطيبته جيداء التي رغم مرور ست سنوات على وفاتها الا انه لم ينساها للحظة .في ذلك الوقت لاحظ دخول ثلاث فتيات حسناوات و جلسن على الطاولة المجاورة له , اغمض عينيه و غاص في لجج ذكرياته ... و انتبه فجأة على ستة عيون تخترقه و تنظر اليه باندهاش اختصرت احداهن الوقت و المسافة و سألته :رايتك من قبل ..عندي ثقة بذلك .... لكن اين ؟اعتدل في مقعده مرتبكا و ابتسم هازا كتفيه , فعاودت السؤال :اتعمل في الخطوط الاردنية ؟ضحك هذه المرة و قد علته الدهشة ... و لم يدم الحال طويلا اذ انضم الى الطاولة معهن و عرف انهن مضيفات في شركة طيران عربية .... و قد فرجت اساريره لان احداهن كانت تشبه خطيبته الراحلة و ابدى اهتمامه بالكلام بها , و انفرجت اساريرها عندما اخبرها بانه في طريقه الى الاتحاد السوفيتي بعد عدة ايام , فاعطته رقم تليفونها في فندقستاليننجراد بموسكو ليترك لها رسالة حين وصوله.
مصيدة العسل :كانت الفتيات الثلاث عميلات للموساد, يحملن هويات عربية مزيفة , و على درجة عالية من الجمال الفائق تؤهلن لنتفيذ عمليات الموساد في الايقاع بضعاف النفوس و جرهم الى ( مصيدة العسل ) التي يعدها الموساد لهم , فلا يخرجون منها الا وهم خونة و جواسيس , لا يملكون مصيرهم , حيث يقدمون اقصى ما لديهم من جهد و اخلاص بلا تذمر .و في موسكو انشغل الخائن عادل بسام بالدورة التدريبية , و لم يمنعه جدول التدريب المكثف من الاتصال بالفندق عدة مرات للسؤال عن فتاته, و كان يريد استكشاف تلك الفتاة التي ظن انه لن يراها مرة اخرى , لكن ها هي ما زالت تذكره فقد بعثت اليه ببطاقات معطرة من عمان و بانكوك و كوالالمبور فاشعرته انه بذاكرتها و اطلعته على موعد رحلتها الى موسكو , و كان اللقاء في الطابق التاسع بمطعم بوشكين الشهير.و بعد ان قضى سويعات قليلة معها في المطعم كانت رائعة بالنسبة له , صدمته فجأة عندما استأذنت للانصراف حيث ستطير في الفجر على وعد بلقاء بعد اسبوع ليقضيا عدة ايام معا .رحب الطيار بالفكرة خصوصا ان لديه اجازة لمدة ثلاث ايام .و في حين انتظر الطيار موعد اجازته , انهمكت الموساد في تجهيز ( بيت الطاعة ) المسمى اصطلاحيا ( مصيدة العسل ).سارت الامور كما هو مرسوم لها ... بسام و صديقته يلتقيان في شوق و بدون ان تسأله العميلة بقصد عن حياته , تحدث هو ... و افاض بالحديث عن كل شيء .. و كلما احتضنته في حنان كلما اسبغ عليها عطفا و تقربا مفصحا في غمرة هدأته النفسية عن مزيد من اسراره , و عن حياته و ذكرياته و عمله و مهمته في موسكو ..مفيضا بالحديث عن امور عسكرية سرية للغاية كانت تستدرجه بذكاء اليها و هي متغابية ... حتى انه عقد مقارنات فنية دقيقة بين الطائرات المقاتلة السورية و الاسرائيلية .و تفاصيل الميغ 23 التي كان يقودها .كانت الكاميرات و اجهزة التسجيل تبث كل ما يدور في تلك الغرفة و قد حاولت العميلة مرارا و تكرارا لرفع و تيرة الامور لتثير شهوته اكثر لكن رغم خبرتها لم تستطعلانها ببساطة لم تعلم ان بسام فاشل جنسيا بسبب تحطمه النفسي لوفاة خطيبته السابقة جيداء ... و لكن اغداقها بالحنان الزائد عليه جعله يسبغ اكثر و اكثر في الحديث الى ان فاض بالحديث عن اسرار كثيرة و كثيرة ....... ثم حانت اللحظة الحاسمة ...بدأت العميلة بالبكاء بسام : لماذا تبكين العميلة : احبك و لا اريد تنغيصك بمشاكلي بسام : السنا اصدقاء ؟ هل تمرين بمشاكل في العمل ؟العميلة : امر بمشاكل بحياتي كلها ... انهم يضايقونني في العمل ...افكر بان اهجر عمان الى الابد ... والدي ايضا لا يشعر بوجوديو زوجة ابي قاسية جبارة و استأثرت به ... و امي تلح علي ان اهاجر ... و انا خائفة من خطوتي القادمةبسام : و اين تعيش امك ؟العميلة : بعد ولا دتي بعامين قامت حرب 67 و كان ابواي يعيشان في بوسطن .بسام : مالهما و مال الحرب ؟العميلة : كان ابي حزينا على هزيمة العرب , عكس امي التي كانت يهوديه و سعيدة بانتصار اسرائيل .بسام : الا ترينها في امريكا ؟العميلة : لقد هاجرت الى اسرائيل منذ عشر سنوات بسام : اسرائييييل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟العميلة : احبك يا بسام ... انت منقذي الوحيد ..لنتزوج و نعيش بقية حياتنا معا .. و...بسام : نتزوج ؟ .. امك يهودية اسرائيلية و تتزوجين من طيار سوري ؟؟؟كيف ؟؟ مستحييييل العميلة : و حبنا؟؟؟؟ هل يضيع بهذه البساطة ؟؟؟ ( و هي تجهش بالبكاء )بسام : يكفي ان نكون اصدقاء فقط ... انني احترم الصداقة ..و...العميلة : مستحييل انت تحبني كما احبك يا بسام ... لنهاجر اذن الى اوروبا او امريكا بسام : هذا جنووونالعميلة :لنذهب اذن الى اسرائيل .. اليست فكرة رائعة ؟ و ساضمن لك العمل في سلاح الجو سرت الرعشة ببدنه و غاصت عيناه و صرخ فيها انت اسرائيلية ؟؟؟؟؟؟؟العميلة : بسام انا اردنية الاصل و احمل ايضا الهوية الاسرائيلية لان امي تعيش باسرائيل...و....في تلك اللحظة هوت هيده على وجهاها بعنف و بدأ يسحبها من شعرها و يضرب راسها بالحائط حيث ان الموقف قد افقده عقله .الحصار :لم ينقذ العميلة من ضربات بسام سوى ضربة فولاذية على راسه افقدته وعيه .افاق من اغمائته ليجد ثلاثة رجال لا يعرفهم .. تحسسس راسه و جذب ما يستر به جسده العاري..- كدت تقتلها يا رجل - من انتم ؟تلفت الطيار حوله فلم يجدها .- نحن اولاد عمكلاحظ الخائن بسام ان الغرفة قد تغيرت فقد و جد طاولة عليها تلفزيون و جهاز فيديو و قد سمع صوته و هو يبوح باسرار عسكرية خطيرة و يتكلم عن بعض الضباط في قاعدته بسخرية .. - هذا ليس صوتي من انتم ؟؟؟- و هل تنكر صورتك ايضا ؟؟- من انتم ؟؟- قلت لك اولاد عمك - ماذا تريدون؟؟؟؟؟- شاهد الفديو و بعدها نتكلم كان الفيلم يصوره و هو يردد الكلمات ذاتها ... الادلة دامغة بالصوت و الصورة ..ما قاله عن اسرار بلده كان اجراما .. جملة واحدة تكفي لاعدامه.لم تيركوا له الفرصة ليفكر لانه وقتها كان اضعف من بعوضة حتى انه قد تغوط على نفسه و لم يسمحوا له بأن ينظف نفسه لاذلاله حتى انهم اخبروه بعلومات عن عائلته لم يكن قد قالها لفتاته ... فادرك حينها انه وقع في مصيدة محكمة للموساد .المساومة الرخيصة :انهم يريدون طائرته الميغ 23 ... يريدون منه ان يذهب بها اليهم .. انه امر غير قابل للنقاش , سياخذونها او ياخذون روحه , و ربما يكونوا رحماء به و يطلقونهليعدم في سوريا , هو اذن في الحالين هالك .انفهر و هو مغلوب على امره و قال :- 20 مليون دولاء- ثلاثة فقط - اذن اقتلوني- من السهل قتلك و انت غارق في برازك ... ثلاثة ملايين فقط- الطائرة تساوي الكثير - اربعة فقط و فيلا فاخرة باسرائيل - قد يعطونني اكثر في دمشق ان اخبرتهم - سيعطونك مئة رصاصة ... خمسة فقط و فيلا و حياة امنة في اسرائيلوافق الطيار الخائن على العرض و انضم اليهم خبير الاتصالات اللاسلكية و شرع بتلقينه كيفية ارسال اشاراته اللاسلكية اثناء طيرانهو التواريخ المحتملة لفراره و زاوية الاتجاه التي سوف يسلكها.و بعد عودته لسورية عاش عدة اسابيع مرعبة .... نشط فيها عملاء الموساد بالتلاعب باعصابه.. و اثارة مخاوفه .. فقد كانت بقات الزهور ترسل الى بيته باسماء و هميةو لاى اقاربه في دير الزور و الحسكة و ادلب و حلب و بطاقات تهاني باسمه تحمل بها تحياتهو اسمه .فكر كثيرا بمصارحة قائده ... انها سقطة قد تغفر له ... و لكن الافلام و الاسرار و التسجيلات كانت كارثة بالنسبة له.
11 اكتوبر 1989قاد طائرته ... و بعد الاقلاع امتدت يده الى اللاسلكي و ارسل اشارة الى اسرائيل فلم يردوا عليها... فانحرف بطائرته بالزاوية المتفق عليها و طار باقصى سرعة, قربالاجواء الاسرائيلية انحرف زملائه في السرب الذين حاولوا مطاردته و عادوا من دونه.طياروا الميراج الذين اعترضوه رأوه يترنح يمينا و شمالا ... انها اشارة معروفة لدى الطيارين معناها الرغبة بالهبوط .و هبط الخائن القذر بطائرته في مطار صغير شمال اسرائيل ... و هو الان يعيش بين القمامة بالشارع و محكوم بالسجن لسنة و نصف بسبب 100 دولار
0 comments:
إرسال تعليق