غيب الموت 30/1/2009 وعن عمر يناهز ال٨٠ عاما وجها من وجوه بيروت المعروفة الا وهو قبضاي بيروت ذي القمباز المخطط والطربوش الاحمر الفنان احمد خليفة والمعروف بأبا العبد البيروتي بعد صراع مع المرض دام خمس سنوات. لقد استطاع احمد خليفة ان يجسد تلك الشخصية الاسطورية الموجودة في الحكايات والقصص والنكات الشعبية التي طالما تناقلها أهل بيروت باللحم والدم، وبالحركات واللهجة البيروتية العتيقة مضيفا اليها نكهة خاصة لم يسبقه احد من الفنانيين فيها.
الخيزرانة لم تفارق يده، والتي طالما لوّح بها ليبدوَ «القبضاي» الذي لا يقف أحد في وجهه، ولا يجرؤ أحد على لمس شاربيه المقوسين صعوداً، علامة القبضايات وزعماء الشارع والمقهى والرصيف.
عمل أحمد خليفة فترة طويلة في «أطفائية» بيروت وكان، بشهادة رفاقه، اطفائياً جريئاً تدرّج حتى أصبح ضابطاً أطفائياً ثم نقيباً للأطفائيين في لبنان.
كانت اطلالاته على شاشة التلفزيون قليلة وكنت اذكره جيدا عندما كنت شابا واستمتع بنكاته ومواقفه الطريفة خاصة تلك مع محمد شامل وابراهيم المرعشلي ولعل الجمهور اللبناني لا ينسى أيضاً اطلالته الجميلة في فيلم «سفر برلك» للأخوين رحباني وفيه أدّى دور المقاوم الذي يتربّص بالجنود العثمانيين الذين كانوا يحتلون لبنان.
كذلك برع أبو العبد في أداء دور «الحكواتي»، فراحَ يروي سيرة عنترة والمهلهل والزير سالم، لا سيما في الأمسيات الرمضانية على مدى عقود من الزمن. وكلنا حفظنا عبارته «ايش يا خال» التي تشير إلى حفظه حرمة محدّثه، كما هو حال أهل بيروت القدامى الذين لا يسمحون لأي أحد بالحديث عن نساء الحي ويدافعون عن الشرف ويصونون العرض، وإلا حصل مالا تحمد عقباها.
وقد قالت فيه نقابة ممثلي المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون في لبنان «احد المحترفين القلة الذين لعبوا شخصية البيروتي بلا تهافت وبلا مبالغة وبلا افتئات وبلا تقليد، حتى انه عرف بأبي عبد البيروتي، من دون ان يعود الكثير من عارفيه ومحبيه ومتابعيه الى جذوره الاولى، رجل فوق الطائفية والمذهبية والمناطقية في شخصية الصقت بطائفة وبمنطقة».
شيع جثمانه في جامع الخاشقجي في منطقة قصقص في بيروت ويوارى الثرى في جبانة الشهداء تغمد الله فقيد لبنان برحمته ومع رحيله ولى عهد القبضايات
0 comments:
إرسال تعليق