الجمعة، مايو 20، 2011

بعد دخول الثورة السورية شهرها الثالث ما هو السيناريو المتوقع ؟


علمتنا الأيام والتجارب ومدارس الثورات والأزمات العالمية أن الفرج يبدأ من نقطة إشتداد الأزمة وأن فجر الإنتصار ينبثق من أشد لحظات الليل الحالكة ظلمة وأن بقاء الأمور على حالها دون تصعيد أو تصاعد أو تقهقر وتراجع من مستحيلات الأحداث والأيام..


على أبواب الشهر الثالث الذي تفصلنا عنه ثلاثة أيام بلياليهن لا يجد قارئ خريطة ثورة شقائق النعمان السورية المباركة صعوبة في توصيف الوضع في كلا الفسطاطين على النحو التالي:
- من على ضفة النظام: علامات إستفهام وتساؤل تطرح نفسها ولها جميعاً إجابة واحدة فقط:
- لا مزيد من الرشاوى على الصعيد الداخلي فيما بدأت عملية الرشوة على المستوى الإقليمي والدولي!
- لا مبادرات سياسية أو إرادة للحل من جانب النظام!
- غياب كامل لمسؤولي النظام السوري بدءاً من قمة هرم النظام المجرم بشار الأسد ونائبه ومسؤوليه إلى أصغر مسؤول يمكن أن تنطبق عليه صفة المسؤولية و من يتصدر شاشات التلفزة أبواق لا يمتلكون أي صفة رسمية بدءاً من عضو مجلس الشعر والعار خالد العبود مروراً ب" بسام أبو عبد الله" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق وليس إنتهاءاً ب" طالب الإبراهيم" المسمى ظلماً وعدواناً بالمحلل السياسي!!



- هستيريا إجرامية بكل ما تعنيه الكلمة لم تستثني طفلاً ولا شيخاً ولا إمرأة ولا مسجداً ولا معتقلاً ولا مدينة أو قرية أو محافظة مع إغلاق للمعابر البرية وإستخدام لسلاحي المدفعية والدبابات وحصار المدن!
- تركيز رسمي إعلامي وسياسي على رواية واحدة فقط " العصابات المندسة والإمارة والتمرد السلفي المسلح"!

كل هذه المعطيات السابقة وغيرها تؤكد أمراً واحداً هو:

أن نظام العصابة في سورية وهذا توصيفه الأدق بات يدرك حجم الطوفان الذي يسير بإتجاهه ولذا ففي غياب كامل لوجود مؤسسات أو دولة فعلي في سورية فإن القناعة التي وصل إليها النظام منذ وقعّ قرار ما يسمى برفع حالة الطوارئ هو أنه لا أمل بعد اليوم في حل للأزمة إلا بـ " الإبادة والحل العسكري المسلح للقضاء على الثورة " المصبوغ بلون طائفي يعمل النظام على تثبيته على غرار ما إستخدمه المجرم الأب وقبل أي" تحرك دولي حقيقي يرفع الشرعية عن النظام دولياً بعد أن رفعته الثورة داخلياً" ,,

وبالتالي يفسر لنا هذا القرار التصاعد الكبير في أعداد الشهداء والجرحى والمعتقلين منذ الجمعة العظيمة في 22/4/2011م..

وأذكر على سبيل المثال أننا كنا نتحدث عن عشرة شهداء أو عشرين في البيان الواحد الذي كان بإمكاننا إصداره مرتين أو ثلاث مرات في الإسبوع لنجد أنفسنا نتحدث وبشكل مفاجئ منذ ذلك التاريخ عن 100 أو120 شهيد وبتنا في حاجة ماسّة إلى إصدار شبه يومي للبيانات ..

وفي حين نتحدث في لجنة شهداء ثورة الخامس عشر من اذار عن قائمة إسمية تتجاوز 760 شهيداً بالإسم وعن رقم حقيقي تجاوز الألف شهيد بكل تأكيد .. تتحدث مصادر اللجان الحقوقية السورية عن ما بين 8000-10000 معتقل وعن ألاف المفقودين والجرحى ناهيك عن تطور واضح وخطير إذ لم يعد يمرُ يومٌ واحدُ دون نبأ أو تأكيد يصلنا عن إستشهاد مجند أو ضابط أو شرطي برصاص قادة أمن عصابة النظام

وهذا يفسر أيضاً صحة ما ذهبنا إليه من رغبة النظام في" تنظيف الجيش من أية عناصر تفكر في الرفض أو التمرد أو عصيان الأوامر" وهو يعكس في ذات الوقت تخوفاً من عمليات إنشقاق كبيرة ترجح الكفة العسكرية للثوار رغم رغبة عارمة لدى النظام في تحويل الثورة الشعبية السلمية إلى قتال حقيقي يمنحه المبرر" لتنفيذ الإبادة بوقت أقصر" !!

- من على ضفة الثورة:

إذا ما تحدثنا عن إرادة عملية وليست معنوية في التغيير وإسقاط النظام فإننا نتحدث – في أقل تقدير – عن ثمان محافظات مشتعلة من أصل المحافظات السورية الأربعة عشر وهي: درعا – بانياس – اللاذقية – حمص – حماة – إدلب – ريف دمشق – دير الزور !
نتحدث عن دماء وشهداء ومعتقلين ومصابين بالألاف وعن حصار وتجويع لا يختلف كثيراً عن قطاع غزة !
نتحدث عن إدراك شعبي في هذه المحافظات على الأقل وفي عموم المهجرين والمغتربين السوريين "أن سورية بدون إسقاط النظام بعد الثورة لن تعني إلا العيش في قاع الجحيم وأن من لم يمت اليوم في ميادين الثورة سيموت غداً في أقبية المعتقلات تحت التعذيب!

نتحدث عن تغير واضح في الموقف التركي فقط مع إستمرار صمت الأشقاء العرب والمسلمين وتخاذل المجتمع الدولي بدعم من الصين وروسيا!

نتحدث عن غالبية عسكرية خائفة محصورة بين قتل أهلها أو الموت بيد النظام والخوف حالة لا يمكنها الإستمرار على الإطلاق لمدى طويل فإما أن تختفي أو تنفجر!

من هنا أضع تصوري الشخصي المتواضع للايام القادمة:

لقد وصلنا فعلياً إلى نقطة يجب أن يحدث فيها تحول دراماتيكي كبير ترجح إحدى الكفتين: النظام أو الشعب- والوضع لن يستمر هكذا الى الأبد... هذا التحول قد يكون واحداً أو أكثر من التطورات التالية:

1- إنتفاضة حقيقية في قلب دمشق وحلب تحديداً مسانداً من المحافظات الأخرى ينتقل بالثورة من مرحلة المظاهرات إلى مرحلة الإعتصام والعصيان المدني العام !

2- إنشقاق عسكري كبير ذو وزن وثقل كبير يتضمن إنضمام كتائب أو ألوية كاملة مع ضباطها وجنودها وعتادها إلى الثورةإنتصاراً للشعب – وهذا مرجح بشكل كبير جداً ورأينا له أنموذجان على نحو مصغر في كل من محافظتي درعا وحمص!

3- إنهيار سياسي كبير في النظام يتضمن إستقالة وزراء وسفراء ومسؤولين من النظام كما حدث في كل من ليبيا واليمن وهذا مستبعد حالياً –برأيي – بسبب الرقابة والمتابعة الصارمة التي تفرضها المخابرات النظام على مسؤولي الدولة داخل سورية وعدم نظافة اليد مع الخوف عند المسؤولين السياسيين خارج سورية!

4- توحد لأطياف المعارضة السورية – على ضعفها وتفرقها – يطرح بديلاً ومرجعية سياسية مؤقتة للشعب السوري تعمل على تحريك النقاش السياسي والحقوقي والرأي العام العالمي ضد النظام – وهذا ممكن ووارد جداً إن توفرت لدى المعارضة الرؤية والقراءة الصحيحة للتطورات الأخيرة!

5- تحول مفاجئ حقيقي في مجلس الأمن والدول الكبرى تقوده فرنسا بناءاً على إستمرار المجازر يمر من خلال شراء أمريكي – أوروبي – تركي لموقف الصين وروسيا على غرار ما تم في قرار إدانة ليبيا يعزل النظام ويرفع عنه الشرعية ويفتح الباب على مصراعيه لدعم سياسي وإعلامي غير محدود لنظام شرعي بديل في سورية – مؤكداً هنا ومنبهاً أن لا أحد يقبل بتدخل عسكري دولي في سورية على غرار الوضع في ليبيا! أو على الأقل تحول في موقف كل من تركيا والأردن وهذا ليس مستبعداً خاصة مع تزايد الشائعات والتسريبات والتصريحات وهذه في عالم السياسة لا تنتج من فراغ أبداً!

خمسة تطورات قد تحدث إحداها أو أكثر أو ربما تحدث جميعها على نحو متتابع تدريجياً , وبالأحرى يجب أن تُحدث وبأسرع ما يمكن - لا أن ننتظر وقوعها ..علينا التحرك ربما لسبب واحد فقط هو " كيلا تذبل أجمل الورود التي فاحت شذى وعبيراً وألقاً من على تراب سورية الطاهر !".

نقاط الترجيح في كفة الثورة في شهرها الثالث!
د.محمد شمس الياسمين
في السابع والخمسين من الثورة – العاشر من أيار – مايو 2011م

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية