الأحد، أبريل 22، 2012

بحث عن شرعية في لبنان وسوريا...

كانت الجلسات الاخيرة التي عقدها مجلس النوّاب اللبناني، بناء على مبادرة من رئيس المجلس السيّد نبيه برّي، مفيدة الى حدّ كبير. اكّدت هذه الجلسات، بما لا يقبل الشكّ كم ان النائب المسيحي ميشال عون لا يستطيع الاّ ان يكون اداة. هناك اشخاص ولدوا كي يكونوا ادوات او ادوات لدى الادوات على نسق ميشال عون القائد السابق للجيش اللبناني.

يستطيع عون، في سياق تأدية الدور المطلوب منه، بلوغ حدّ تبرير قتل ميليشيا مذهبية تابعة لايران لضابط طيار لبناني لمجرّد انه حلق فوق الاراضي اللبنانية. هل هناك من يمتلك القدرة على انكار هذا الواقع المتمثل في دفاع ميشال عون، الذي لا يزال يسمّي نفسه "الجنرال"، عن الذين قتلوا الضابط الطيار سامر حنا كونه حلق في هليكوبتر لبنانية داخل الاراضي اللبنانية في منطقة تحت سيطرة "حزب الله"؟

في جلسات مجلس النوّاب اللبناني، دفع ميشال عون نوّابه، وهم من صغار الشبّيحة، الى مهاجمة نوّاب الرابع عشر من آذار والحكومات السابقة. كان واضحا ان الهدف من الحملة التي شنها صغار الشبيحة، التغطية على المشكلة الرئيسية التي يعاني منها لبنان.

اسم هذه المشكلة سلاح "حزب الله" غير الشرعي الموجّه الى صدور اللبنانيين والى كلّ ما يرمز الى ثقافة الحياة في الوطن الصغير، والى المسيحيين خصوصا.

هذا السلاح الذي هجّر اللبنانيين ولا يزال يهجّرهم، منع كلّ تقدم على الصعيد اللبناني، بدءا بالكهرباء وانتهاء بالاتصالات وصولا الى العيش المشترك. هذا السلاح وراء الفوضى القائمة في بيروت وخارجها ووراء الحؤول دون عودة السيّاح العرب والاجانب الى لبنان. هذا السلاح تابع لمحور اقليمي لا يؤمن سوى بلبنان "الساحة"، وميشال عون ليس سوى اداة صغيرة تستخدم في عملية تكريس لبنان "ساحة" عن طريق نواب ووزراء تابعين له يعتقد المرء انهم اعضاء في حزب البعث السوري او في "الحرس الثوري الايراني" بعدما كانوا في الامس القريب في فضاء آخر يكاد ان يكون اسرائيليا، بل ان احد رجاله من رشّحهم للانتخابات وسقطوا دين بالفعل بالعمالة لاسرائيل، علما بان هذا المدان لا يمكن ان يتصرف من دون تغطية من "الجنرال" ومباركته.

من الواضح ان هناك انقلابا يتعرّض له لبنان. كان مجيء الحكومة الحالية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي في سياق هذا الانقلاب. انها حكومة غير شرعية تشبه كلّ شيء ما عدا نجيب ميقاتي الذي لم يستوعب لدى قبوله بان يكون رئيسا للوزراء، بفضل سلاح "حزب الله" وليس بفضل اي عامل آخر، ان سوريا مقبلة على احداث ضخمة ستغيّر الخريطة السياسية، وربّما الجغرافية، للشرق الاوسط. لم يمتلك ميقاتي، رجل الاعمال والعلاقات العامة الناجح جدّا،على الرغم من امتلاكه ذكاء من نوع خاص، ان المنطقة مقبلة على تطوّرات كبيرة تتجاوز لبنان وتتجاوز الحسابات الضيقة لاشخاص من امثاله او من امثال النائب والوزير محمّد الصفدي.

نعم، كانت جلسات المناقشة في مجلس النوّاب مفيدة. يكفي انها كشفت افلاس الوزراء والنواب العونيين الذين لا يستأهلون، مثل معلمهم، اكثر من ان يكونوا اعضاء فخريين في نادي الشبيحة التابع للنظام السوري او ادوات صغيرة عند "حزب الله". كان هناك ما هو اكثر فائدة من ذلك. تبيّن ان "حزب الله" الذي يشكّل الامتداد الطبيعي للمحور الايراني- السوري لا يفكّر سوى بكيفية وضع اليد على لبنان. يبدو ذلك طبيعيا في وقت يبدو احتمال خسارة ايران لسوريا وارد جدا. انه امر اكثر من محتمل في ضوء استمرار الثورة الشعبية الحقيقية التي تثبت ان الشعب السوري باكثريته الساحقة متمسك بثقافة الحياة ويرفض البقاء اسير نظام لا يستطيع الا التحالف مع اسوأ نوع من انواع اللبنانيين، اي امثال ميشال عون وما شابه ذلك من شبيحة.

لا يزال الموضوع الاساسي في لبنان هو سلاح "حزب الله". يستخدم ميشال عون حاليا من اجل استبعاد مناقشة هذا الموضوع- المشكلة. لا يمكن ان يكون للبنان اي مستقبل في ظل وجود هذا السلاح الذي يمنع قيام لبنان الطبيعي، لبنان المؤسسات التابعة للدولة اللبنانية ولبنان العيش المشترك القائم على المساواة بين المواطنين وليس على غلبة السلاح. يعاني لبنان من هذا السلاح غير الشرعي منذ العام 1969، تاريخ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم. حلّ السلاح الايراني مكان السلاح الفلسطيني.

بلغت الوقاحة بالسلاح الايراني ان اعتدى على بيروت واهلها في ايار- مايو 2008. بعد ذلك، اسقط حكومة الرئيس سعد الحريري، التي كانت حكومة وحدة وطنية ولكن دون طموحات اللبنانيين، وذلك لاسباب لم تعد تخفى على احد. في مقدّم هذه الاسباب رفضه الانصياع للاوامر والشروط الايرانية المعروفة جدّا حفاظا منه على لبنان واللبنانيين من جهة وتاكيدا لان لبنان دولة عربية ليست تابعة لاحد من جهة اخرى.

مؤسف ان يكون هناك في لبنان من يلعب اللعبة الايرانية في وقت تسير المنطقة كلّها، بما في ذلك سوريا وايران، نحو عالم آخر. نحو عالم حضاري مرتبط قبل اي شيء آخر بثقافة الحياة والابتعاد عن الغرائز المذهبية التي ادت الى ما ادّت اليه في العراق...

سيستخدم "حزب الله" ميشال عون مرات كثيرة. لكنّ اللعبة صارت مكشوفة. في النهاية ان المعركة الحقيقية التي يخوضها لبنان هي مع سلاح "حزب الله" الهادف الى تحويله مستعمرة ايرانية لا اكثر. من يقرأ نص القرار 1701 يعرف ما هي المهمّة الجديدة- القديمة للسلاح الايراني في لبنان.

في جوانب كثيرة، تشبه مقاومة اللبنانيين للسلاح غير الشرعي المعركة التي يخوضها الشعب السوري مع نظام غير شرعي حوّل سوريا الى مستعمرة ايرانية. المعركة واحدة. خلاص سوريا من خلاص لبنان وخلاص لبنان من خلاص سوريا.

خيرالله خيرالله

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية