الجمعة، أبريل 20، 2012

عمى مضى...عمى أتى


(ربنا آتنا خبزنا كفاف يومنا ,وما زاد عن ذلك فهو من الشرير الطامع)

كدت أقول (عام مضى) لولا أن ما نحن فيه يستحق مجازا أقسى وأنكى.

أيها السادة..

أولا: في 30 – 12 – 2009 ..بكيت وضحكت (لا حزنا ولا فرحا) على رأي فيروز..فهذا شاعر ايطاليا الأكبر.. M.K ينشر على مدونته قصيدة مهداة إلى أكرم أبو سمرا (نكرة) المياوم الغيبي في غزة.. إعتمد فيها الشاعر على حروف اسمي واسم عائلتي.. بعد أن ذكر الاسم كاملا ثم عرض الاسم الاول بعد ذلك.. ثم عمد إلى تقطيع الاسم فالنفاذ من أحرفه إلى تجليات الحياة..قصيدة أطلقت عليها اسم (سفينة نوح) وقد وضعها الشاعر على مدونته ثم تقاطر شعراء وكتاب إيطاليا للتعليق عليها.

شكرا إيطاليا.. فلا كرامة لنبي في وطنه.

شكرا إيطاليا.. فأنا لم أقدم لك جملة مديح واحدة أو حتى زهرة برية مع أنك كجغرافيا كتاريخ كنساء كسينما كصوت (بافاروتي) تستحقين أكثر من ذلك.. وربما تأخرت لأنك أكبر من النثر إستعارة ومجازا وبلاغة ومن الشعر وزنا وقواف وخيالا.شكرا إيطاليا.. لأنك ضمدت جراحا نكأها وعمقها بعض من غاليت وتوغلت في الدفاع عنهم والنصيحة لهم فإذا بي أقاد لكي أدفع ضريبة ما فعلت جهلا مني بخارطة طرق هؤلاء.شكرا إيطاليا.. منحتني هوية رمزية ومعنوية.. بعد أن قام السادة الجدد بتشليحي هوية الإقامة في هذه البلاد حتى صرت الترجمة العملية والفورية لعنوان كتاب الشهيد صلاح خلف (أبو إياد) رحمه الله: (فلسطيني بلا هوية)... نعم ..ثلاثة اشهر بلا هوية ..

وهذا قليل طبعا .شكرا إيطاليا.. لأنك كنت بلا إدعاء عكس شكلانية أمة (إقرأ) !..

التي ستجعلني ما حييت أذكر لها مكافأتها الكافكاوية! هل نقول صرنا في أمة اخ..ثانيا: ذات يوم من النصف الأول من القرن الماضي قال أحد زعماء أوروبا (بعد كمال أتاتورك لم يعد في تركيا رجال).وفي 1 – 1 – 2010 وجدتني مستخدما نفس العبارة مع إضافة بسيطة عليها (بعد ياسر عرفات لم تعد فلسطين في فلسطين.. لم تعد فتح في فتح.. لم تعد الكوفية في الكوفية.. لم يعد الكاكي في الكاكي.. لم تعد لعم في لعم.. لم يعد الزيتون في الزيتون..ولا الزعتر في الزعتر).

أذكر أنه اعتقلني من مكتبه بعد حوار ساخن على خلفية ثلاثة مقالات متوالية تجاوزت فيها حدي في الذهاب إلى حياته الخاصة.. رغم أن حياة الزعيم الخاصة لا تعود ملكا له حين تصبح معلنة على حبال الميديا.. بالمناسبة هو لم يعتقلني على خلفية مئات المقالات التي كانت تهاجم نهجه الفكري والسياسي.. ولا على خلفية المقالات الثلاثة حول حياته الخاصة.. بل على خلفية عوسج الحوار الذي جرى في مكتبه.. وبالمناسبة أيضا..

أتذكر أنني نقلت إلى السجن في سيارته الخاصة بصحبة عقيد من حرسه الخاص.. عفوا أنا لا أنبش الذاكرة كي أضع القائد الرمز في مقارنة مع من أستدعيت إلى مكتبه للتحقيق أواخر عام 2009 . فالمقارنة هنا حرام شرعا وقانونا وأدبا . المهم أنني دخلت على ياسر عرفات وأنا أحترمه ولا أحبه.. ثم خرجت من عنده إلى حيث اراد.. وأنا اكثر حبا له واشد احتراما تصوروا –ومن غيره القادر- كان يستطيع ان يلصق بي كل ما تقدم من فساد في الارض وما تاخر ..الا انه كان كبيرا وعاش كبيرا ومات كبيرا ..

أما ما حصل أواخر عام 2009 فقد جعلني أكره الهواء والماء والتراب المياوم حولي في هذا المثلث البرمودي المسمى غزة.ثالثا: في عام 2009 ..

أما وقد أصبح الأمر موضة .. فأستطيع أن أعلن عدم احترامي لبعض الكتاب والصحافيين الفتحاويين الذين يقسمون على القرآن أنهم ليسوا أو لم يعودوا كذلك مع أن مواقعهم ومواقفهم ورواتبهم وزوايا اصفرارهم تؤكد عكس ذلك.عام 2009.. ولأن الأمر أصبح موضة أيضا أكرر عدم احترامي لبعض الكتاب والصحافيين الحمساويين الذين يقسمون على القرآن أنهم ليسوا كذلك.. مع أن مواقعه ومواقفهم وزوايا اخضرارهم تجزم أنهم عكس ذلك (كنت أقبل ذلك من البعض أيام السلطة السابقة.. ولكنني لا أقبل هذا اليمين تحت سلطته أن يبيعني نفس البضاعة مرة ثانية وانا في قبضته ).

رابعا: أوائل عام 2009زرت بمعية الصديق موسى أبو كرش أحد الصحافيين لتهنئته بجائزة (!!) على عمل مصور (ما اكثر الجوائز وما اضعف الاعمال) وعلى الهامش سألته: سمعنا أنك اشتريت شقة ثالثة في هذا البرج؟

فأجاب باسترخاء يحسد عليه: ليس كثيرا علي بعد 15 سنة صحافة أن أمتلك ثلاث شقق للعمل.. طبعا..لم يدخل بيته في الحسبة!في أواخر 2009 وأوائل 2010 ما زلت بعد 32 عاما من الكتابة لا أمتلك كوخا في هذا الوطن ..

ويبدو أنها لن تشفع لي بان امتلك قن دجاج في غزة!في أواخر 2009 .. صرخت ما أبشع مؤامرة الجغرافيا والتاريخ والإنسان حين تتواطأ مع أنياب الميتافيزيق.خامسا: قبل 2009 عشت في رهبانية الشرط الجيني الخارق16 عاما .. واخترت العزلة صونا للنفس عما يدنس النفس.. وما أكثر المدنسات.. وأذكر أن أحدا من السابقين لم يحاول أن يخدش هذه العزلة وتلك الرهبانية.عام 2009 فعلها اللاحقون..وحاولوا تحويلها إلى حالة دستويفسكية.يا جماعة.. أقسم أنني تركت الفحولة لكم سابقين ولاحقين وتابعين الى يوم الدين ..مثنى وثلاث ورباع وتساع إن شئتم !

سادسا: قبل 2009 وبعد 2009 ما زال حضرتنا يفتش عن إجابة مقنعة عن الأسئلة التالية :لماذا حملت صناديق الانتخابات الفوهرر هتلر إلى الحكم في ألمانيا.. وهو ما تمخض فيما بعد عن النازية الشرسة؟

لماذا حملت صناديق الاقتراع الدوتشي موسوليني إلى سدة الحكم في إيطاليا.. وهو ما تمخض عن الفاشية المجنونة؟

إذا لم تعرف استعن بصديق.. وإذا لم يعرف استعن بجمهور.. وإذا لم يعرف الأخير استعن واستعذ بالرب.

سابعا: ذات يوم قال المفكر أندريه مالرو: (مدح الجنرال ديغول ذكائي كثيرا.. ثم أثنيت على حكمته كثيرا.. وفي الحقيقة كان كل منا يمدح نفسه في الأخر) عام 2009 أشهد أنني قلبت كل حجر عن حكيم في غزة فلم أجد.

ثامنا: قبل عام 2009 تأكدت أن عمر بن الخطاب مات.بعد 2009 تأكدت أن عمر بن الخطاب لم يكن موجودا !!

تاسعا:قبل 2009 كنت ارتاب في كل من يتحدث عن المصالحه الفلسطينية .بعد2009 صرت اشك في سلامة عقل كل من يراهن على حدوث مصالحه بالمعنى الحقيقي للكلمة
أكرم ابو سمرا

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية