الأحد، أبريل 15، 2012

جعجع صوت مسيحي متقدم في التعبير عن الشراكة بين المسيحيين والمسلمين...الحريري لـ"المستقبل": محاولة الاغتيال أريد منها شطب فريق سياسي كامل وتوجيه ضربة قاتلة للحركة الاستقلالية

"محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع وضعت لبنان في مسار جديد". بهذا الكلام يبدأ الرئيس سعد الحريري حواره مع "المستقبل" منطلقاً من قراءته لهذه المحاولة الإرهابية واندراجها في حسابات انتخابية لطرف يائس، ليطلق جملة مواقف واضحة في هذا الظرف الدقيق، تتناول ما يثار حول قانون الانتخاب المنشود، مؤكداً أن النسبية لا تتواءم مع وجود السلاح وأن أوامر صدرت من النظام السوري إلى قيادات ومسؤولين في الحكومة اللبنانية بوجوب فرض قانون انتخاب هدفه كسر "تيار المستقبل" وحلفائه، ومتناولاً واقع الحكومة الحالية، "حكومة كل مين إيدو إلو"، حكومة "النأي عن الحكم"، مروراً بقضية "الداتا" وصولاً الى الوضع السوري لتأكيد "أن أي تغيير ديموقراطي في سوريا يعنينا بصفته انتصاراً لإرادة السوريين الحرة، وليس لأنه يحمل أي وظيفة لها علاقة بالحياة السياسية اللبنانية".

وفي ما يلي نص الحوار:

محاولة الاغتيال

دولة الرئيس، لماذا قررت الموافقة على إجراء المقابلة اليوم؟

ـ لأن محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع وضعت لبنان في مسار جديد. إن قراءتي لهذه المحاولة الإرهابية المجرمة تندرج بشكل أساسي في إطار الانتخابات النيابية المقبلة. فمن حاول اغتيال الدكتور جعجع، أراد من محاولته هذه شطب فريق سياسي كامل من هذه الانتخابات، وبالتالي توجيه ضربة قاتلة بكل معنى الكلمة للحركة الاستقلالية، لقوى آذار، وحظوظها. طبعاً هذا يعني أن من يقف وراء المحاولة يائس، ويعتبر سلفاً أنه مهزوم في أي منافسة ديموقراطية. لكن ذلك يعني أيضاً أنه يعتقد أن بإمكانه ترهيبنا أو إخراجنا من الحياة السياسية الديموقراطية بواسطة العنف والجريمة. وأردت أن أقول أولاً إن ذلك لم ولن ينفع. لم ينفع عندما اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء ثورة الأرز، ولن ينفع الآن، لأننا كحركة استقلالية مطالبة بحرية لبنان وديموقراطيته وعروبته، باقون ومستمرون وسوف نخوض الانتخابات موحدين وننتصر فيها بإرادة اللبنانيين وبإذن الله.

طبعاً، العامل الآخر هو أن الدكتور جعجع صوت مسيحي متقدم في تأييد الشعب السوري خصوصاً والربيع العربي عموماً، وهذا تعبير عن الشراكة الحقيقية بين المسيحيين والمسلمين في لبنان كما في سوريا، وبرأيي كانت محاولة الاغتيال أيضاً لإسكات هذا الصوت. ونحن في آذار أقسمنا مع الشهيد جبران تويني أن نبقى موحدين مسلمين ومسيحيين دفاعاً عن لبنان، الذي هو بحد ذاته منارة وأمل لكل المنادين بالديموقراطية والاعتدال والعيش الواحد.

النسبية

لكن هناك خلافاً على قانون الانتخاب، حتى داخل قوى آذار. حلفاؤكم يدعمون المشروع المسمى "الأرثوذكسي" و"تيار المستقبل" متمسك بقانون ؟

ـ أولاً لا خلاف داخل آذار. "تيار المستقبل" لم يعلق يوماً على أي مشروع من المشاريع الانتخابية المطروحة، ونحن لن نتخذ موقفاً نهائياً إلا بالتشاور مع حلفائنا وسيكون هناك موقف موحد داخل آذار.

وفي جميع الأحوال، لم يعد المشروع الذي ذكرت قيد التداول الجدي. ما يجري طرحه حالياً هو قانون انتخابي نسبي، أو يحمل جزءاً من النسبية، على أساس دوائر مختلفة، أو حتى مَن يقول بدائرة واحدة. وهنا، أود لفت النظر إلى أن موقفنا المبدئي من هذا الأمر هو التالي: النسبية هي وسيلة لتمكين أشخاص أو تيارات سياسية لا تتمتع بأغلبية مطلقة في منطقة ما من التمثل في الندوة النيابية على أساس حجمها النسبي. حسناً، لكن هذا يفترض أن تتمكن جميع الشخصيات والتيارات السياسية من الترشح في جميع المناطق اللبنانية بلا استثناء. لكننا نعلم جميعاً أن هناك مناطق في لبنان مقفلة أمام التنافس الديموقراطي بفعل السلاح، والتهديد باستخدامه في وجه من لا يحظون بموافقة قوى الأمر الواقع.

لذلك فإن موقفنا المبدئي هو: لا حديث بالنسبية أو نقاش حولها في ظل السلاح. هذا أمر يجب أن يكون مفهوماً لرئيس الجمهورية ولرئيس مجلس الوزراء فهما في النهاية يمثلان السلطة التنفيذية، وهما يتحملان مسؤولية أي عملية تهريب لقانون من هذا النوع في ظل استمرار هيمنة السلاح. صحيح أن الانتخابات الماضية جرت في ظل وجود السلاح وبعد استخدامه في أيار، لكنها أفرزت نوعاً من التوازن بين إرادة اللبنانيين كما عبروا عنها في صناديق الاقتراع، وبين الأمر الواقع الذي يمثله هذا السلاح. لكن المطروح اليوم هو تمكين السلاح من تحقيق الغلبة بواسطة تزوير الإرادة الديموقراطية في المناطق التي يهيمن عليها أصحاب السلاح، وتحقيق خروق واسعة في المناطق الأخرى. أي أنه تعبير مباشر عن المعادلة التي تقول: ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم. على كل حال، لم يعد سراً أن هناك تعليمات وصلت من رأس النظام في سوريا إلى قيادات ومسؤولين في الحكومة اللبنانية بوجوب فرض قانون انتخاب هدفه كسر "تيار المستقبل" وحلفائه وكل من يقف في وجه آلة القتل داخل سوريا وفي وجه وصاية سوريا على لبنان، وأنا أقول لكم ولكل من في السلطة في لبنان: هذا الأمر لن يمر.

هل هذا يعني الاستمرار في قانون انتخابات طائفي؟

ـ أبداً، على الإطلاق. هم يريدون استدراج البلاد إلى قانون طائفي بقناع النسبية. وما يهمني هنا هو أن يعرف الجميع أنه إذا كان أي قانون للانتخابات سيُبنى على الطائفية والمذهبية وليس على مشاريع سياسية واضحة لخدمة اللبنانيين ومعيشتهم واقتصادهم ومصالحهم العليا، فهو قانون فاشل. هيمنة السلاح قامت بخطف طائفة ومناطق كاملة بالمفهوم السياسي، ويريدون قانون انتخابات يساهم في خطف مناطق وطوائف أخرى. أنا لا يمكن أن أكون جزءاً من لعبة انتخابية أو قانون انتخابي يُدخل أنياب المذهبية بين اللبنانيين. تجربة آذار تجربة شراكة حقيقية بين المسلمين والمسيحيين مبنية على قاعدة لبنان أولاً، وعلى مركزية الدولة وحصرية سلطتها وحماية النظام الديموقراطي، وليست شراكة لصالح طائفة أو مذهب على حساب طوائف ومذاهب أخرى. إن ما يطرحه البعض هو مجرد تلاعب بمشاعر مذهبية وطائفية، أما قانون الانتخاب العادل فهو الذي يسمح لكل لبناني ولبنانية تجاوز الثامنة عشرة من العمر مقيماً كان أم مغترباً أن يدلي بصوته. هم يريدون إبعاد الأنظار عن ألف باء الديموقراطية وأخذنا إلى لبناناً، ونحن نريد لبنان أولا.ً

حكومة مراكمة الفشل

تنطلق بعد غد، الثلاثاء، مناقشة الحكومة في المجلس النيابي. هناك شعور أن "تيار المستقبل" و آذار مربكون بشأن الحكومة وكيفية التعاطي معها، خصوصاً أن العرب وحتى المجتمع الدولي يبدون وكأنهم تخطوا كيفية تشكيل الحكومة وهم يتعاملون معها كأمر واقع؟

ـ لا أعلق على مواقف الدول العربية أو الأجنبية، فهذا شأن كل دولة. اللبنانيون هم من يحكمون على هذه الحكومة، ولا أفترض صراحة أن ما تقوم به من ممارسات تلقى رضا الشعب اللبناني، حتى بشهادة القوى التي تشكل هذه الحكومة.

هذه حكومة جاءت تحت تهديد: إما هذه الحكومة أو ضرب الاستقرار. أين هو الاستقرار؟ هل في الجريمة المنظمة التي تجتاح لبنان؟ أم في مسلسل الحوادث الأمنية التي أصبحت واقع اللبنانيين اليومي؟ أم في تحويل المرفأ والمطار إلى معابر تهريب البضائع إلى لبنان والمخدرات منه؟.

إن ما يشاهده اللبنانيون منذ تشكيل هذه الحكومة هو مراكمة الفشل تلو الفشل، والتدهور المريع في معيشة اللبنانيين اليومية وأمنهم وغذائهم. وفي الكهرباء، فشلت هذه الحكومة حتى في تطبيق الخطة التي وضعتها الحكومة السابقة، فلا هيئة شُكلت ولا مصانع توليد، بل تراجع مستمر في التغذية الكهربائية. حكومة إنجازها الوحيد قمع الطلاب المتظاهرين سلمياً، والإشراف على الاحتفال بعميل إسرائيلي بينما ينادي صانعوها بالمقاومة.

بصراحة شعور اللبنانيين العارم اليوم هو أنهم أمام "حكومة كل مين إيدو إلو"، وأن شعار "النأي بالنفس" يترجم فقط حالة "النأي عن الحكم" وترك السلطة الفعلية لقوى الأمر الواقع وتحويل الحكومة إلى رافد ديبلوماسي ومخابراتي لآلة البطش والقتل التي ترتكب المجازر بحق الشعب السوري. وربما كانت من نتائج هذا التحول المخزي أن تكون الحكومة شريكاً في إخفاء المعلومات التي يمكن أن تقود إلى الطرف الذي حاول اغتيال الدكتور سمير جعجع، وتحديداً ما يتعلق منها بداتا الاتصالات.

"الداتا"

لكن وزير الاتصالات والحكومة يتذرعان بالقانون..

ـ القانون واضح. لا يمكن طلب التنصت على مكالمات هاتفية أو الحصول على نص رسائل "إس إم إس" من دون موافقة قضائية. لكن ما يطلبه المحققون في هذه الحالة هي قاعدة بيانات. أي الجواب عن سؤال: أي أرقام هاتفية كانت تتصل بأي أرقام هاتفية أخرى أو تتبادل معها رسائل نصية "إس إم إس" خلال فترة التحضير لمحاولة الاغتيال وتنفيذها وما بعدها. هذه بديهيات، تحصل عليها الشرطة بشكل مباشر، في أي بلد ديموقراطي يحترم القوانين والحريات الشخصية. على سبيل المثال، هي قاعدة البيانات نفسها التي سمحت للشرطة الفرنسية للوصول إلى الإرهابي المختل الذي ارتكب جرائم تولوز مؤخراً.

لن تمر...

حسنا. آذار تطالب الحكومة بتوفير هذه المعلومات للتحقيق. لكن من الواضح أنكم أمام جدار مسدود. ماذا يمكنكم أن تفعلوا غير بيانات المطالبة والإدانة؟

ـ ليكن واضحاً ومعلوماً أن محاولة اغتيال الدكتور جعجع لن تمر مرور الكرام، وأن محاولة التستر على مرتكبيها عبر إخفاء المعلومات عن التحقيق لن تمر مرور الكرام، وأن آذار ستتابع هذه القضية حتى نهايتها، وأنها تعتبر أن كل الوسائل المشروعة متاحة أمامها، بما فيها اللجوء إلى التظاهر والاعتصامات طالما أن هذه الحكومة تصر على توقيع مشاركتها في التغطية على المجرمين. لأن السكوت عن هذا الأمر هو التسليم بعودة الاغتيالات والإرهاب لغة في السياسة اللبنانية، وهو ما لا يمكن أن نوافق عليه.

بالعودة إلى موضوع الانتخابات، هناك طرح في البلد يقول بتأجيلها ريثما ينجلي الوضع في سوريا. هل هذا موقفكم أيضاً؟

ـ موقفنا واضح. الانتخابات يجب أن تجري في موعدها بغض النظر عن أي شيء آخر. لأن النظام الديموقراطي قائم على استحقاقات، وعلى فرصة دورية للناخبين بأن يقولوا رأيهم في إدارة الشأن العام. احترام هذه الاستحقاقات هو احترام للنظام الديموقراطي. هذا موقفنا ونحن نستعد لهذه الانتخابات على هذا الأساس، وعلى أساس أنها انتخابات حيوية لمستقبل لبنان. هناك محاولة مبطنة اليوم لنسف الدستور وتغيير العقد الوطني الذي يجمع اللبنانيين بعضهم ببعض. هناك انهيار في معيشة اللبنانيين، في أمنهم. هناك تخلٍ من الحكومة عن دور لبنان العربي، يضع لبنان في شبه عزلة غير معلنة، ينعكس سلباً على الاقتصاد وعلى الاستثمارات في البلاد وبالتالي على فرص العمل أمام الشباب اللبناني. هناك تخلٍ من الحكومة عن السيادة بمعنى أن نظام الأسد يخطف في لبنان ويقتل مواطنين لبنانيين كما حصل أخيراً مع الفريق الإعلامي اللبناني في عكار، ويطلق النار على منازل مواطنين لبنانيين داخل الأراضي اللبنانية كما حصل في عكار وعرسال والقاع وغيرها.

نحن سنخوض الانتخابات للدفاع عن الطائف، وعن المناصفة، لإعادة الثقة بلبنان واقتصاده، وبالتالي لزيادة فرص العمل أمام الشباب والشابات، وبالطبع للدفاع عن السيادة والاستقلال ورفض وصاية أي جهة على لبنان، وعلى رأسها وصاية النظام القاتل في سوريا.

سوريا

لكن خصومكم يقولون إنكم تراهنون على سقوط النظام السوري لفرض معادلات سياسية جديدة في لبنان.

ـ نحن فعلاً نراهن على انتصار الشعب السوري، وهذا ليس عيباً. العيب في مَن يراهن على هزيمة الشعب السوري، وعلى بقاء النظام لإبقاء الوصاية والهيمنة على لبنان. إن أي تغيير ديموقراطي في سوريا يعنينا بصفته انتصاراً لإرادة السوريين الحرة، وليس لأنه يحمل أي وظيفة لها علاقة بالحياة السياسية اللبنانية. السياسة في لبنان شأن لبناني يجب أن يصنع في لبنان وليس في أي مكان آخر.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية