وادت هذه الخطوات الى هزة قوية للساحة السياسية في مصر قبل يوم واحد من غلق باب التقدم للترشيح في اول انتخابات رئاسية حرة والمقرر ان تجرى على جولتين في مايو/ايار ويونيو/حزيران.
وبالنسبة لكثيرين ممن قادوا الانتفاضة فان عودة سليمان للظهور يمثل دليلا على أن المؤسسة الامنية القوية تعتزم التراجع عن التحول لحكم ديمقراطي قبل ان يسلم الجيش السلطة لرئيس مدني.
وقال سليمان في بيان نشرته حملته الانتخابية ان رغبة شعبية جارفة هي التي دفعته لاتخاذ القرار بخوض الانتخابات اذا حصل على تأييد ثلاثين ألف مواطن قبل انتهاء يوم السبت.
وقال البيان الذي وجه الى "الاخوة والاخوات من ابناء مصر الغالية" على لسان سليمان "لقد هزتني وقفتكم القوية واصراركم على تغيير الامر الواقع بأيديكم. ان النداء الذي وجهتموه لي أمر وأنا جندي لم أعص أمراً طوال حياتي. فاذا ما كان هذا الامر من الشعب المؤمن بوطنه لا أستطيع الا أن ألبي هذا النداء. وأشارك فى الترشح. رغم ما أوضحته لكم في بياني السابق من معوقات وصعوبات".
وقال حاتم بجاتو أمين عام اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في وقت لاحق ان اللجنة تلقت تأكيدا بأن والدة المرشح الاسلامي البارز حازم صلاح ابو اسماعيل حصلت على الجنسية الأميركية في 25 اكتوبر/تشرين الاول 2006.
وقالت اللجنة في بيان وزع على الصحفيين "ورد اليوم كتابان من وزارة الخارجية (المصرية) يتضمن أولهما أن وزارة الخارجية الأميركية أفادت بأن السيدة نوال عبد العزيز نور (والدة أبو اسماعيل) حصلت على الجنسية الأميركية في 25 من أكتوبر (تشرين الاول) سنة 2006".
وبرز ابو اسماعيل كواحد من المرشحين الكبار في اول انتخابات رئاسية منذ سقوط حسني مبارك العام الماضي.
ونفت حملته في بيان ارسلته عبر البريد الالكتروني يوم السبت حمل والدته لاي جنسية غير الجنسية المصرية متهمة الولايات المتحدة بتقديم اوراق مزورة للحكومة المصرية. وقالت الحملة ان ابو اسماعيل سيطعن في اي قرار بحرمانه من خوض الانتخابات.
وقال أبو اسماعيل لالوف من أنصاره الذين احتشدوا داخل وخارج مسجد بمدينة الجيزة احدى ضواحي القاهرة "نحن يا اخواني على أرض ثابتة وراسخة. الكلام لا حقيقة له... معي أوراق أنها (والدته) عولجت على نفقتها الخاصة (قبل وفاتها) في أميركا ولو كانت مواطنة أميركية لعولجت على نفقة الدولة".
وقبل وصول أبو اسماعيل الى المسجد خيمت أجواء حزينة على أنصاره لكن بنهاية كلمته ساد جو احتفالي وردد أنصاره خلال مسيرة توسطها هتافات منها "حكم العسكر باطل" في اشارة الى المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير أمور مصر منذ اسقاط مبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي.
كما هتفوا "الصحافة فين الرئيس أهوه (ها هو)" و"الشعب يريد حازم أبو اسماعيل" و"اعدام يا مشير لو فيها تزوير" في اشارة الى انتخابات الرئاسة والمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة.
وشارك الاف من انصاره في اليوم السابق ضد ما وصفوه بأنه مؤامرة رسمية لمنعه من خوض الانتخابات.
وقال حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين السبت ايضا انه سيقدم مرشحا احتياطيا في حال استبعاد مرشحه الاصلي رجل الاعمال خيرت الشاطر.
ويحتل حزب الحرية والعدالة نحو نصف المقاعد في البرلمان المصري الذي انتخب مؤخرا.
ويمكن شطب ترشح الشاطر أيضا بسبب سجنه سبع سنوات بحكم محكمة عسكرية عام 2007 والافراج عنه بعد فترة قصيرة من الاطاحة بمبارك.
ولم يعلن المجلس الاعلى للقوات المسلحة العفو عنه وهو ما من شأنه ان يؤدي الى استبعاده.
وقال عضو في حملة الشاطر "محمد مرسي زعيم حزب الحرية والعدالة سيقدم طلبا بالترشح للانتخابات الرئاسية المصرية. وسيعمل مرسي كاحتياطي في حالة رفض طلب ترشح خيرت الشاطر".
وقال مسؤول في حملة الشاطر الرسمية "اذا قبلت اوراق الشاطر فسوف ينسحب مرسي من السباق. واذا رفضت اوراق الشاطر فسوف يواصل مرسي السباق".
وحرمت محكمة بالقاهرة يوم السبت مرشحا اخر هو ايمن نور من خوض الانتخابات قائلة انه ادين في قضية ولم يحصل بعد على حرية مباشرة حقوقه السياسية كاملة.
وحل نور ثانيا بفارق كبير وراء مبارك في الانتخابات الرئاسية التي اجريت عام 2005 لكنه ادين بعد بضعة اشهر وحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة التزوير فيما اعتبر على نطاق واسع جزءا من عملية انتقام سياسي.
وفي اواخر مارس/اذار قال نور ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة الحاكم في البلاد قد رفع عنه حظرا كان يمنعه من خوض الانتخابات الرئاسية.
واعتبر سليمان لسنوات القوة التي تقف وراء رئيسه المخلوع.
وسحب سليمان اوراق الترشح السبت قبل انتهاء موعد التقدم الاحد.
ومثل مبارك -الذي انتهى حكمه في فبراير/شباط 2011 في انتفاضة شعبية بعد نحو ثلاثة عقود- ابتعد سليمان عن الظهور العلني خلال العام المنصرم للحكم العسكري المضطرب.
وعين مبارك سليمان نائبا له في الايام الاخيرة من ولايته في واحدة من عدة تنازلات فاشلة قدمها لوقف الانتفاضة ضد الفقر والفساد وبطش أجهزة الامن.
ويبدو أن شخصية سليمان الغامضة ودعوته اثناء الانتفاضة للمحتجين للعودة الى منازلهم تجعله أمرا من المحرمات لشباب الثورة الذي يضغط من اجل عصر جديد للمحاسبة والشفافية.
وقال محمد فهمي وهو من الاشتراكيين الثوريين ولعب دورا في تعبئة الاحتجاجات في العام الماضي ان الشباب لن يسمح لعمر سليمان بأن يصبح رئيسا وان "الثورة" ما زالت حية وسيتوجهون الى ميدان التحرير مرة اخرى اذا اقتضى الامر.
وقالت الناشطة المؤيدة للديمقراطية نوارة نجم ان مجرد فكرة خوضه الانتخابات "وقحة" وانه يجب ان يكون في السجن.
وتناقل ناشطون النكات بشأن ترشح سليمان قائلين ان حملته تبنت شعار "كلكم خالد سعيد" في اشارة الى صفحة على موقع فيسبوك بعنوان "كلنا خالد سعيد" ساعدت في اشعال الانتفاضة التي أطاحت بمبارك.
ويزعم ان خالد سعيد (28 عاما) تعرض للضرب حتى الموت من جانب الشرطة في الاسكندرية في عام 2010 لانه وضع لقطات فيديو على الانترنت تبين اثنين من الشرطة وهما يقتسمان ضبطية مخدرات.
وقال نشطون على موقع تويتر ان هتاف الثوار المصريين سيتحول من "خبز .. حرية .. عدالة اجتماعية" الى "خبز .. بطانية .. حلاوة طحنية" في اشارة الى طعام السجن في عهد سليمان.
وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان مؤيدي سليمان تدفقوا على مكاتب لجنة الانتخابات في القاهرة يوم السبت وسط اجراءات امنية مشددة لدى وصوله لسحب اوراق الترشيح.
وما زال الاقتصاد يعاني من الاضطرابات التي اعقبت الانتفاضة والمخاوف المتنامية لدى الاقلية المسيحية والعلمانيين من هيمنة الاسلاميين على الساحة السياسية.
وتجمع مئات من مؤيدي سليمان في القاهرة الجمعة وهم يحملون لافتات تقول انه من يمكنه انقاذ مصر وان المصريين يحتاجونه في هذه المرحلة وأنهم لا يريدون الاسلاميين.
وقال عضو كبير في حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين ان الجيش وفلول عصر مبارك يرسلون الالاف من موظفي الشركات الى القاهرة لجمع توقيعات 30 الف شخص يحتاج اليهم سليمان للتسجيل كمرشح في الانتخابات.
وقال مدحت حداد المسؤول في حزب الحرية والعدالة ان سليمان يمثل النظام القديم وانه سيدير البلاد بفكر أمني.
وأضاف حداد انه يعتقد ان الجيش يؤيد سليمان علنا لتحسين وضع مرشحه المفضل عمرو موسى الامين العام السابق للجامعة العربية.
وفي استطلاع للرأي نشرت نتائجه في مارس/اذار قبل ترشح الشاطر، كان موسى يتصدر سباق الرئاسة مع مرشح التيار السلفي المتشدد حازم ابو اسماعيل في المرتبة الثانية وأحمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد مبارك في المرتبة الثالثة.
ورحب احمد شفيق فى بيان اصدره يوم السبت باقدام سليمان على الترشح للانتخابات الرئاسية قائلا ان "خطوه اللواء عمر سليمان تمثل تعبيرا عن ثراء التيار المدني العصري الراغب في حمايه الهوية المصرية للدولة بالقيادات القادرة على حكم الدولة وتحقيق انتقالها الناعم الى الاستقرار والنهوض".
0 comments:
إرسال تعليق