السبت، أبريل 21، 2012

المناقشات النيابية تفضح ممارسات الحكومة

سلّطت جلسات المناقشة العامة في المجلس النيابي طوال الأيام الثلاثة الماضية، الضوء من جديد على واقع الانقسام السياسي الخطير الذي تسبب به انقلاب «حزب الله» و«النظام السوري» علانية بقوة السلاح والترهيب على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري قبل ما يقارب العام ونصف، وتداعياته السلبية المؤثرة، ليس على عمل الحكومة الميقاتية البديلة وهيبتها وإنتاجيتها التي تقارب اللاشيء، أو على سوء إدارة معظم وزرائها لشؤون وأعمال وزاراتهم المتردية، أو على الخلافات المستحكمة التي تعصف بين أطرافها الذين يتنازعون علناً السيطرة على القرار الحكومي أو بعضه والإفادة قدر الإمكان من الصفقات والمال العام ووضع اليد على ما يمكن من المراكز الإدارية والوظائف المؤثرة في إدارات الدولة وفاعليتها في إدارة السلطة ومكونات الدولة ككيان واحد وعلى وحدة العيش المشترك بين كافة مكونات الشعب اللبنانية.
فمواقف المعارضة على اختلافها كشفت أخطاء وخطايا الممارسة الحكومية، بدءاً من السياسة الخارجية والعلاقات مع الدول العربية خصوصاً بعد العزلة التي تعيشها الحكومة الحالية مع العالم العربي وتأثيرها السلبي على واقع لبنان وتواصله العربي ومروراً بفشلها الذريع في وضع سياسة اقتصادية ومالية تحافظ من خلالها على نسبة معقولة من النمو الاقتصادي الموروث من الحكومات والامعان المتعمد لعدم انجاز مشروع الموازنة العامة تلافياً لعدم انكشاف مكامن الخلل في الاداء المالي والاقتصادي والتستر على حجم الاموال المصروفة من خارج الموازنة، او الفشل الذريع في النهوض بقطاع الكهرباء الحيوي بعد انكشاف سيل الفضائح حول وجود صفقات مشكوك بها من قبل بعض الوزراء لتقاضي عمولات كبيرة جرائها وخلافاً للقوانين، ناهيك عن استمرار تدهور قطاع الاتصالات الخلوية حتى الحضيض بالرغم من صرف مبالغ خيالية لتطويره وانتهاء بالتخبط الحاصل في التعاطي مع العديد من الملفات الامنية والدبلوماسية المتفرعة من تداعيات الثورة الشعبية السورية وكل ما يتعلق بتوفير الامن للمواطن اللبناني على جميع الاراضي اللبنانية.

ولكن في المقابل، يلاحظ ان رئيس الحكومة ومعظم اطرافها وبالرغم من اعترافهم بمجالسهم الخاصة بعدم انتاجية الحكومة في مختلف المجالات لانعدام التجانس بين مكوناتها واستمرار خلافات اطرافها وتنازعهم لغنائمها، يطأطئون الرؤوس لدى مواجهتهم بسيل الوقائع والادلة التي تكشف سوء ممارستهم وخطاياهم وتداعيات خلافاتهم السلبية، ويمعنون في تجاهل ممارستهم التي انعكست ضرراً على مصالح الناس ومستقبل الوطن على حدٍ سواء، ويتهربون من تحمل مسؤولية الفشل في ادارة السلطة وكأن كل ما يقال ضدهم سيذهب هباءً لانهم يرتكزون على اغلبية نيابية مكونة بقوة سلاح «حزب الله» وترهيبه، ولذلك لا يخشون المحاسبة وليسوا مستعدين للاستقالة وترك سدة السلطة كما ينص عليه النظام الديمقراطي ومع ان الاعتقاد السائد لدى اغلبية اللبنانيين ان جلسات المناقشة النيابية للحكومة لن تبدل في الواقع الحكومي شيئاً ولن تؤثر في تغيير موازين القوى السياسية لتمسك القوى المهيمنة عليها بقوة السلاح والتحالفات الاقليمية المعروفة، إلا انه يبدو ان المواقف الموضوعية والمدروسة لاكثرية خطباء المعارضة والتي سلطت الاضواء على السياسات الخاطئة للحكومة وكشفت بوضوح على سوء الممارسة ومخالفة الدستور والقوانين بشكل منطقي وعددت الاجراءات المتعثرة في الاداء الحكومي وتداعياتها على معالجة العديد من الملفات المهمة والحيوية المتعلقة بمصالح المواطنين والمخاطر المترتبة على الوضع الاقتصادي والمالي للدولة عموماً، من شأنها ان تترك لدى الرأي العام انطباعات ملموسة عن وضعية الحكومة ككل، وتحفز المواطنين على التحرك بفاعلية اكثر لممارسة مزيداً من الضغوطات التي تتفاعل يوماً بعد يوم جرّاء التردي المتواصل في خدمات الدولة بمرافقها عامة وتدهور الوضع المعيشي الذي أصبح يضغط بقوة على اللبنانيين بفعل المعالجات السيئة للحكومة الحالية وعدم قدرتها على تقديم المبادرات والحلول اللازمة.

وبدلاً من أن يتحسس المسؤولون الكبار في سدة المسؤولية والسياسيون كل في موقعه للمبادرة والتحرك بعقلية منفتحة للتقارب من بعضهم البعض والسعي لتجاوز حالة الانقسام المضرة التي تعصف بالواقع السياسي والشعبي في لبنان ووضع حد لحالة التردي في أداء المؤسسات على اختلافها، يلاحظ ان هؤلاء المسؤولين يمعنون في إطالة أمد حالة الانقسام الحالية ويصرون على التشبث بمواقعهم محتمين بترهيب سلاح «حزب الله» غير الشرعي وغير عابئين بتداعيات حالة الانقسام الخطيرة وتأثيرها السلبي والمضر على مصالح الشعب ومصير الوطن على حد سواء، في الوقت الذي تتجنب فيه المعارضة التدرج في مواقفها واللجوء الى خطوات تصعيدية وضاغطة لاجبار الحكومة على التنحي لحساسية الظروف المحلية وتفاعلات الثورة الشعبية السورية على الواقع اللبناني، وهو الأمر الذي يطيل الأزمة السياسية الى امد غير معروف ويجعل من الحكومة الحالية حكومة إدارة ازمة وعاجزة عن تلبية طموحات ومتطلبات اللبنانيين، رغم ما يمرر من خلالها من مسائل وتدابير مؤثرة وحسّاسة وعلى حساب كل اللبنانيين.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية