الخميس، مايو 03، 2012

إيران الإسلامية..صراعات الأجنحة بعد الثورة

تابع الخميني بعد نجاح الثورة الخطوات من أجل أن يكون لرجال الدين الكلمة الفصل والرأي الحاسم في الحكم والإدارة؛ بناءً على شرعية مكانتهم وفق أصول المذهب الشيعي وسلطات الولي الفقيه.

كان لآراء الخميني دور كبير في تحديد أيديولوجية النظام السياسي وتوجهاته على صعيد البيئتين الداخلية والخارجية لإيران. وعندما نتحدث عن أيديولوجية النظام السياسي الإيراني فإننا نتحدث عن بعض المفاهيم غير المألوفة في الأنظمة السياسية للدول الأخرى.

أما ما يخص طبيعة نظام الحكم الذي يجب أن يقوم على ضوء آراء الخميني فهو يعتبر بأن "الحكومة الإسلامية لا تشبه الأشكال الحكومية المعروفة، فهي ليست حكومة مطلقة يستبد فيها رئيس الدولة برأيه، عابثاً بأموال الناس ورقابهم"، ويذكر الخميني بأن "الحكومة الإسلامية ليست مطلقة وإنما هي دستورية، ولكن ليس بالمعنى الدستوري المتعارف الذي يتمثل في النظام البرلماني أو المجالس الشعبية، وإنما هي دستورية بمعنى أن القائمين بالأمر يتقيدون بمجموعة الشروط والقواعد المبينة في القرآن والسُّنّة، والتي تتمثل في وجوب مراعاة النظام وتطبيق أحكام الإسلام وقوانينه، ومن هنا كانت الحكومة الإسلامية هي حكومة القانون الإلهي".

وعلى الصعيد السياسي الخارجي فقد اعتبرت إيران نفسها -حسب وجهة نظر الخميني- نقطة البداية وقاعدة للانطلاق نحو تحقيق الوحدة الإسلامية، وبالتالي تشكيل الحكومة الإسلامية على قاعدة الإسلام، وهذا المبدأ طبق تحت شعار "صدور انقلاب إسلامي" (تصدير الثورة الإسلامية)، حيث أكد الخميني أن تشكيل الحكومة الإسلامية في إيران هي مجرد الخطوة الأولى النواة بهدف إنشاء الحكومة الإسلامية العالمية التي تحقق العدل.

النقطة المثيرة الأخرى في فكر الخميني، المتعلقة بالسياسة الخارجية، هي المسألة المُتعلقة بنفي الظلم، واعتبار أن أصل العلاقات الدولية في الدين الإسلامي يقوم على مسؤولية إيران في رفع هذا الظلم، حيث يعتبر أن هناك مسؤولية تقع على عاتق الثورة الإسلامية بأنها ستكون إلى جانب جميع المظلومين في العالم؛ بهدف رفع الظلم عنهم.

التكتل الأول: الجناح الليبرالي بزعامة المهندس بازرقان. وقد شكل هذا الجناح أول حكومة بعد الثورة، وأمضى 9 أشهر في الحكم، إلا أن الجناح الليبرالي استقال وتراجع بعد عدة مواجهات مع القوى المتطرفة والثورية بعد احتلال السفارة الأمريكية في طهران، وفي أوائل التسعينات ومع الانفتاح النسبي في الفضاء السياسي، استطاع أن يظهر بمظهر علني ومعروف.

وفي انتخابات المجلس الخامس التي اتصفت بالحرية النسبية، استطاع الجناح الليبرالي بقيادة عدد من السياسيين الفعالين في حركة التحرير أن يكون متواجداً إلى حد ما.

ولكن نتيجة لاعتراضه على عدم وجود مناخ مناسب، تجنب المشاركة في الانتخابات، حيث واصلت حركة التحرير نشاطها غير الرسمي بعد ذلك.

التكتل الثاني: تشكل حزب الله: حزب الله واحد من أقدم الاتجاهات السياسية في فترة حكم النظام، وقد ظهر هذا الاتجاه إلى الوجود بعد انتصار الثورة ضد الملكية، ففي تلك الأوقات فإن الحزب نأى بنفسه عن الاتجاهات الدينية الأخرى في قيادة الثورة، لأنه كان يعتقد بوجوب تواجد المؤسسات الثورية خارج جهاز الحكم، للمحافظة على سلامة النظام الجديد في مواجهة تهديد نظام بهلوي المهزوم (ومن ضمنها الجهاز العسكري المؤثر والبيروقراطية). وكان الاتجاه الموصوف بالليبرالي والذي أسسه المهندس مهدي بازرقان معارضاً لهذا الرأي، ويطالب بإصلاح الأجهزة الحكومية الموجودة.

كان حزب الله معارضاً لإجراء حوار سياسي بين طبقات المجتمع المختلفة في الشؤون الداخلية، وبخاصة مع المثقفين والتيارات الليبرالية، وقد كان التعصب في هذا المجال إلى درجة أنه لم يضع حزب الله في مواجهة القوى خارج النظام فحسب؛ بل أداة لمواجهة بعض الأجنحة داخل النظام.

وفي السياسة الخارجية، لحزب الله مواقف ضد الاستعمار وضد الإمبريالية، وكما في سياسته الداخلية، حيث يعتبر نفسه محامياً عن الثورة والدستور، فإنه في سياسته الخارجية أيضاً كان يدعو إلى أساليب متشددة وثورية، ولذلك كان ينتقد المدافعين عن الواقعية والفكر المنطقي، ويعتبرهم خونة للقيم الإنسانية والدينية. وفي المرحلة الأولى للثورة كان هذا التيار يؤكد أن الثورة الإسلامية ستجتاح العالم، ورفعت شعار "حرب حرب حتى النصر".

التكتل الرابع: جناح الوسط واليمين في سنة 1984 عندما ظهرت تصدعات في أعلى مستويات القيادة حول المسائل الاقتصادية ثم في مواجهة المسائل الدولية. أثناء تلك الاختلافات في الرأي حافظ حزب الله، بزعامة حكومة مير حسين موسوي، على حضوره السياسي، وعمل على إبعاد المعارضين. ولكن خلال مرحلة تلك الاختلافات في الرأي، تشكلت نواة جناحين جديدين. فالجماعة التي كانت تخالف حزب الله الرأي بشأن المسائل الاقتصادية، شكلت جناحاً عرف فيما بعد بجناح اليمين الذي بات يعارض نفوذ الحكومة في الشؤون الاقتصادية.

التكتل الخامس: تدعيم اتجاه الوسط، انتهت الحرب مع العراق في العام 1988، وكانت الاستراتيجية العسكرية والسياسية الإيرانية تخوض الحرب تحت شعار الطريق إلى القدس يمر عبر كربلاء. خرج الجناح المسمى بحزب الله، الذي كان القوة الأساسية المحركة لتلك الاستراتيجية أثناء وجوده في الحكم، وحل محله الاتجاه المعروف بجناح الوسط الذي طالب باستراتيجية تقوم على إعادة الإعمار الاقتصادي، وإعلاء المصلحة الإيرانية في السياسة الخارجية.

ومن شخصيات هذا التيار علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي فاز عام 1989 بمنصب رئيس الجمهورية في تلك المرحلة، وقد كان المجلس قاعدة لتيار حزب الله، ولكن مع إجراء انتخابات المجلس الرابع عام 1992 خرج هذا الجناح المتشدد من المجلس، وفسح المجال لنشاط التيارات الأكثر اعتدالاً، حيث كانت الوزارة مكوّنة من أعضاء جناح الوسط.

التكتل السادس: تدعيم جناح اليمين، دخل هذا الجناح انتخابات المجلس الرابع تحت شعار "حماية الزعيم ورئيس الجمهورية" لمواجهة الجناح المتشدد، وقد كان جناح اليمين قلقاً من نتائج البرنامج الاقتصادي الذي بدأ تنفيذه بالتعاون مع جناح الوسط، حيث حصل جناح اليمين في المجلس الرابع على أكثرية الأصوات.

وفي انتخابات المجلس الخامس عام 1996 حصل جناح اليمين مرة أخرى على أكثرية المقاعد في المجلس.

التكتل السابع: تشكُّل جناح اليسار، تشكَل جناح اليسار عام 1993، وهذا الجناح يعتبر حصيلة إعادة النظر بتيار حزب الله، فقد كان جناح اليسار في البداية يقف ضد جناحي الوسط واليمين، ولكنه تدريجياً اقترب من جناح الوسط، ثم شارك في انتخابات المجلس الخامس العام 1996، وانتخابات رئاسة الجمهورية التي جرت العام 1997، حيث وقف إلى جانب جناح الوسط في مواجهة جناح اليمين وجناح حزب الله الذي كان يدعم جناح اليمين في تلك الانتخابات.

المقال ملخص مِن بحث نبيل العتوم 'التطور السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية'، المنشور ضمن كتاب المسبار الثاني والخمسين (أبريل 2011) 'إيران: التيارات ولاية الفقيه النفوذ الإقليمي' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية