الحريري، وفي كلمة ألقاها في مهرجان "شهداؤنا ربيعنا" الذي نظمه "تيار المستقبل" في ذكرى شهداء 7 أيار، أوضح أننا "لقد فهمنا، وفهم جميع اللبنانيين أن هذه حكومة النأي عن رغيف الخبز، وعن سلامة الغذاء، وعن أمن الناس وأمن الوطن"، مشيراً إلى أن "هناك أمور لا تحمل الكذب والاحتيال". واضاف: "دماء الأبرياء لا تحمل الكذب والاحتيال. والانتماء إلى العروبة لا يحمل الكذب والاحتيال، والإيمان بالانسان وبحقه بالحياة الحرة الكريمة لا يحمل الكذب والاحتيال".
وتابع الحريري: "هذه أمور لا تحتمل إعلان النأي بالنفس، وتحويل دبلوماسية لبنان إلى رديف لنظام القتل والفساد في المحافل العربية والدولية. هذه أمور لا تحتمل إعلان النأي بالنفس والتفرج على خطف المعارضين السوريين في لبنان وتسليمهم إلى جزار دمشق. هذه أمور لا تحتمل إعلان النأي بالنفس ومنع المساعدة عن آلاف النازحين السوريين في البقاع وإيصالها بالقطارة إلى آلاف أخرى في الشمال".
وأشار الحريري إلى أنها "ربما ليست مصادفة، أن يكون 6 أيار بالإضافة إلى أنه ذكرى شهداء الصحافة ذكرى الليلة السوداء التي تَقرر فيها إعتداء السلاح على بيروت ، عاصمتنا الحبيبة، وأهلها الشرفاء، في 7 أيار 2008 أيضاً"، لافتاً إلى أنها "ليست صدفة أن يشكل السابع من أيار محطة رديفة لعيد الشهداء، وقد شهد فيه لبنان مجزرة أخلاقية بحق بيروت وأبنائها وكرامتها". وأضاف: "7 أيار لم يكن يوماً مجيداً، بل هو يوم مشين، تسبب في إفساد وتسميم الحياة المشتركة بين الأهل والإخوة، واتخذ من السلاح وسيلةً لِبت الخلافات السياسية"، موضحاً أن "هذا اللقاء مناسبة للإعلان مجدداً عن رفض هذا اليوم، رفض سياسات التسلط والهيمنة، ورفض الاستقواء بالسلاح ورفض التلاعب بالعيش المشترك ورفض إرهاب بيروت وأهل بيروت".
واعتبر الحريري أنها "قد لا تكون مصادفة، لأن خيطاً رفيعاً يربط بين الحدثين"، مشيراً إلى أن "في الأول قدم كبار من لبنان، أرواحهم فداءً لاستقلاله، من ساحة البرج في أيار 1916 إلى ساحة السان جورج في شباط 2005، وفي أيار 2008، قدم أهل بيروت أرواحهم وجراحهم وكراماتهم المنتهكة، فداءً لمنع الفتنة واختاروا المقاومة السلمية الديمقراطية المدنية، لمنع عودة شبح الحرب الأهلية حمايةً للبنان ولاستقلال لبنان". وأضاف: "منذ أيار 2008، والشرفاء في بيروت وكل لبنان يقدمون التضحية تلو الأخرى، صامدين دفاعاً عن لبنان واستقراره واستقلاله، في رفضهم للعنف والسلاح والانزلاق نحو الفتنة، وتمسكهم بالديمقراطية وسيلةً وحيدةً للتعبير عن رأيهم وقرارهم".
وتابع الحريري: "قلناها معاً في انتخابات 2009، بعد عامٍ تماماً من أيار الأسود، وسنقولها معاً مرةً جديدة في صناديق الاقتراع بعد عامٍ من اليوم بإذن الله: خيارنا رفض العنف، ورفض السلاح، خيارنا الدولة الواحدة الجامعة المسؤولة عن الجميع، وقرارنا العيش الواحد في لبنان بين جميع المذاهب والطوائف، تحت سقف الطائف والدستور".
وأكّد الحريري أن هذه مناسبة "لنقول ونكرر: تماماً كما أننا بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورفاقه شهداء ثورة الأرز، كان خيارنا سلوك طريق العدالة لا الثأر، طريق الحقيقة لا الدم، فإن خيارنا بعد إقحام السلاح في لعبة الدم الداخلية، وتزوير قرار الناس، كان وما يزال سلوك طريق الديمقراطية، لا الفتنة، وطريق صناديق الاقتراع، لا صناديق الموت". وقال: "تماماً كما قلنا سابقاً وكررنا أننا لا نحمّل طائفةً أو مجموعة أو فئة من إخواننا اللبنانيين مسؤولية دماء رفيق الحريري الذي نعتبره شهيد كل لبنان، فإننا لا نحمل لا طائفة ولا مجموعة ولا فئة بعينها مسؤولية 7 أيار 2008، الذي رأينا في فتنته، إن اكتملت لا سمح الله، خطراً على كل لبنان وكل اللبنانيين من كل الطوائف والفئات والمناطق".
وتابع الحريري: "إن استذكارنا لشهدائنا اليوم، ولبيروت الشهيدة في 7 ايار 2008، هو مناسبة لنكرر رفضنا للفتنة بكل أشكالها، وللفتنة بين السُّنة والشيعة بشكلٍ خاص، ولندعو إلى حوارٍ صادق انطلاقاً من قناعة لا من مناورة، بأن السلاح خارج سلطة الدولة، ولو نجحنا بحمد الله في منعه من زج لبنان واللبنانيين في حربٍ أهلية، فهو يبقى سلاحاً لا وظيفة له سوى إضعاف الدولة، وتزوير إرادة الناخبين الديمقراطية عبر ترهيب الناس، ما يؤدي إلى النتيجة التي نراها من إنهيار في القيم والأمن والمعيشة، يعاني منه أهلنا في الجنوب والضاحية الجنوبية بقدر ما يعانون منه في بيروت والجبل والبقاع والشمال وكل لبنان"، مشيراً إلى أنه "عندما قرر اللبنانيون أن يطردوا النظام السوري من لبنان، لم يفعلوا ذلك ليأتي في ما بعد، من يتولى عن هذا النظام ترهيب اللبنانيين والاستقواء على حياتهم السياسية بسلطة السلاح والمسلحين".
أما في موضوع الإنتخابات النيابيّة المقبلة، فقال الحريري: "يريدون انتخابات نيابية على قياس السلطات الحزبية المسلحة، ويعملون على تسويق قوانين للانتخابات تريد إعادة إنتاج أنظمة الوصاية والتسلط ولكن بأدواتٍ محلية هذه المرة"، مؤكداً أن هذا الموضوع لن يمر، ولن نقدم للمتلاعبين بأسس العيش المشترك فرصة الإنقضاض على النظام الديمقراطي.
واستطرد الحريري: "غداً مسرحية النظام السوري تحت مسمى انتخابات تشريعية في سوريا. انتخابات مزورة بامتياز. أعدوا النتائج سلفاً وملأوا صناديق الاقتراع بأسماء الفائزين وأصوات الشهداء. إنتخابات وما من أحد يعلم كيف يمكن أن تجري في حمص والرستن وحماه وحلب ودير الزور وجسر الشغور، وفي درعا وإدلب والزبداني ودمشق وريف دمشق، وفي عشرات بل مئات المدن والقرى التي يحاصرها الخراب والدمار والقتل. انتخابات في سوريا تحت إرهاب السلاح، وفي لبنان يريدون أيضاً إنتخابات وقوانين انتخاب تخضع لإرهاب السلاح. قرارنا أن نواجه هذه المؤامرة على النظام الديمقراطي والمحاولات المتجددة لإلحاق لبنان بالنظام السوري وأدواته".
وذكّر الحريري أنه "عندما عُلِّقت المشانق في ساحة البرج القريبة في 6 أيار 1916 للمطالبين بالاستقلال، علِّقت المشانق في اليوم نفسه وللسبب نفسه في ساحة المرجة في دمشق"، مشيراً إلى أن "اليوم كما في الأمس، وفيما نختار هنا في لبنان درب النضال السلمي الديمقراطي دفاعاً عن الاستقلال والسيادة والكرامة والحرية، يسقط في سوريا إخوة لنا وأخوات، شهداء في سبيل الحرية والكرامة والديمقراطية، على يد آلة البطش والقتل العمياء التي يقودها نظام بشار الأسد ويدمر فيها المدينة تلو المدينة والقرية تلو القرية". وأضاف: "الأمر لم يكن مصادفةً قبل 96 عاماً، وهو ليس مصادفةً اليوم"، مشدداً على "أننا نعرف أن كفاحنا السلمي الديمقراطي دفاعاً عن لبنان وسيادته وحريته، هو نفسه كفاح الشعب السوري المطالب بالديمقراطية والحرية والكرامة".
وتابع الحريري: "وقفنا منذ اللحظة الأولى وأعلنا منذ اللحظة الأولى خيارنا الوقوف إلى جانب الشعب السوري وإرادته بالتحرر من نظام القمع والبطش والفساد نفسه الذي لفظ أنفاس وصايته على لبنان في هذه الساحة بالذات في 14 آذار 2005، وهو يلفظ أنفاس استبداده بسوريا وإرادة السوريين الأحرار الشرفاء في هذه الأيام".
وكان قد استهل الحريري كلمته بالإستذكار أن "قبل سنوات، وقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري في هذه الساحة، ليعلن أمام حشد كبير من اللبنانيين إحياء ذكرى عيد الشهداء. لم يقع في خاطر الرئيس الشهيد أنه سيصبح علماً من أعلام شهداء لبنان، وأن ضريحه سيقام في هذه الساحة، وأن اللبنانيين الذين اجتمعوا حول شهادته، سيجعلون من هذا المكان رمزاً للحرية والاستقلال"، مشيراً إلى أننا "نلتقي، وروح رفيق الحريري بيننا، روح العدالة والاستقامة والتحرر والصبر. نلتقي على إسمه وعلى أسماء كل شهداء لبنان من دون استثناء". وأضاف: "6 أيار عيد الشهادة، وهو أيضاً عيد الحرية، لأنه أيضاً عيد شهداء صحافة لبنان والأحرار الذين سطروا بدمائهم أمجاد لبنان الوطنية"، لافتاً إلى أنه "على مقربة منكم، هناك صرح من صروح الحرية، شارك في معركة الاستقلال وشكل بصوت الشهيد جبران تويني والشهيد سمير قصير، منبراً مميزاً من منابر ثورة الأرز والانتفاضة في وجه النظام الأمني".
0 comments:
إرسال تعليق