الاثنين، يوليو 09، 2012

النظام الذي يعلن أنه حرر درعا 15 مرّة حتى الآن وحرّر حمص 12 مرّة يصعب عليه مواجهة العدو الإسرائيلي... حوري : إستراتيجيّتنا الدفاعية تتلخص بكلمة واحدة هي "الدّولة"

في خضم ما تمرّ به البلاد من ظروف صعبة وفلتان أمني ومحاولات إغتيال لقيادات من الصّف الأول في قوى 14 آذار, كان آخرها محاولة إغتيال النائب بطرس حرب, وتوجّه الأنظار نحو إعتصام الشيخ أحمد الأسير في ظل إستمرار التوتر بينه وبين حزب الله من جهة والفعاليات الإقتصادية لمدينة صيدا من جهة أخرى نتيجة أسلوبه في طرح قضاياه , وإزاء المخاطر الأمنية التي يتعرّض لها لبنان شمالاً ونتيجة تفلّت حدوده والتهديدات التي يتلقاها من العدو الصهيوني جنوباً, وأمام ما تشهده الساحة الداخلية من صراعات ومواقف في ظل ضعف الدّولة وتململها وفشل الحكومة على كافة المستويات, كان لموقع "صوت الجبل" حوار طويل شمل كل تلك المواضيع وغيرها مع النائب الدّكتور عمّار حوري فيما يلي نصّه:


س: قبل خمسة أشهر جرت محاولة إغتيال الدكتور سمير جعجع وبعدها وصلت تهديدات شديدة للرئيس فؤاد السنيورة ومؤخراً المحاولة الفاشلة لإغتيال النائب الشيخ بطرس حرب, إزاء هذه التطوّرات, هل ترى عودة لمسلسل الإغتيالات السياسية في لبنان؟

ج: على ما يبدو, فإن محاولات الإغتيال وهذا المخطط الجهنّمي لم يتوقف بدءاً من تشرين الأول 2004 مع الشهيد الحي النائب مروان حمادة مروراً بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبكل هذه القافلة من الشهداء والشهداء الأحياء, فهذه الجرائم لم تتوقف ولكن الأخطر من ذلك ومن كل ما مرّ هو هذه الجرأة الغير متناهية من قبل من يقوم بهذه الجرائم, فهو لا هم لديه بإنكشاف هويّته ربّما, وهذا ما رأيناه عبر تقنية هروب المرتكبين... ولكن إضافة لكل هذه المخاطر, ففي المحاولة الأخيرة لإغتيال الشيخ بطرس حرب أضيف خطراً إضافياً, وهو أن الشيخ بطرس حرب هو ثاني إثنين من النواب الحاليين من نواب الطائف, هو والنائب عبد اللطيف الزين, بالتالي أخشى ما أخشاه مع ما طُرح في الفترة الماضية من مؤتمر تأسيسي ومع ما طُرح من أخذ لبنان إلى مكان جديد, أن يكون في مكان ما, إستهداف الشيخ بطرس حرب إستهدافاً للطائف ولما يعني الطائف ولمكونات هذا السلم الأهلي وهذا العيش المشترك وهذه المناصفة وهذا النظام الديمقراطي والإقتصاد الحر, وأخشى ما أخشاه أن يكون في جانب ما هناك شيطان كامن ضمن هذه الجريمة.

س- مؤيدو المحكمة الخاصة بلبنان كانوا يقولون دائماً أن من شأن التوقيع على بروتوكول المحكمة وثم إنطلاقها سيوقف الإغتيالات السياسية... غير أن الساحة السياسية قد عادت إلى وضع لائحة الإغتيال, ما تعليقككم؟ وما هو مصير داتا الإتصالات في ظل تصريح الوزير الصحناوي عن تسليمها وما سبب تغيير موقف صحناوي بخصوص الداتا؟خصوصاً وأن جريدة المستقبل تحدّتث عن غياب عنصر الـ"إينزي" الذي يُعتبر في العلم الجنائي البصمة الفريدة لـ"سيم كارد والذي يقود عادة إلى تتبع المكان الذي ابتيعت منه؟

ج- ليس سرّاً أن نشهد في الفترة الأخيرة سرعة في تهاوي النظام السوري, وسرعة هذا الإنهيار أدت في مكان ما إلى حالة من الهلع والشعور بالخطر الشديد, وربما هذا ما دفع النظام السوري إلى القول "عليّ وعلى أعدائي",فهو يريد أن يقول للآخرين , انا أملك قدرات تخريبية, قدرات إرهابية تتعدى حدود سوريا الجغرافية وتصل إلى أماكن أخرى... طبعاً نحن هنا نتحدّث في السياسة ولا نتحدث بالدلائل الجرميّة المباشرة, ولكن ما هذه الصّدفة في السياسة أن كل الذين تم إستهدافهم هم من فريق سياسي واحد وهم في خندق سياسي واحد, لذا أرى أن هذه المخاطر المتجددة أو هذه الجرائم المتجدّدة تأتي في سياق التفاعل مع هذه الأزمة الكبرى على الساحة السورية.

أمّأ بالنسبة لداتا الإتصالات فإن ما تمّ تسليمه حتى الآن لا قيمة حقيقية له لأنه يتحدث عن أرقام معينة ولا يمكن أن يظهر من خلال ما سُلّم حتى الآن من داتا إتصالات هوية صاحب الخط, وبالتالي فلا قيمة فعلية أو قيمة كبيرة له إذا لم يتم تسليم هذه الداتا كاملة وهذا يعني أن داتا الإتصالات التي يحجبها الوزير صحناوي هي داتا إغتيالات وليس داتا إتصالات ولا يريد ان يكشف هذه الداتا وذلك يعني أنه في مكان ما مشارك في هذه الجرائم...

من جهة أخرى لا أعتقد أن الأمور وصلت إلى مكان جديد بعد بيان الأمانة العامة لقوى 14 آذار وإجتماع قوى 14 آذار في منزل الشيخ بطرس حرب حين حمّلنا المسؤولية المباشرة للحكومة وتحديداً للتيار الوطني الحر ولحزب الله .. وجريمة إغتيال الدكتور سمير جعجع مرّ عليها اليوم خمسة أشهر, وإذا كان وزير الإتصالات سيسلّم داتا الإتصالات بعد خمسة أشهر فهذا يعني أنه أعطى فرصة ممتازة للمرتكب بأن يهرب ولمن يشك أن عليه دلائل أن يزيل هذه الدلائل, لذلك فهناك علامة إستفهام حول هذا الموضوع . وإذا كان منطق الوزير يتحدّث أنه لا يريد أن يكشف أسرار اللبنانيين للآخرين فالسؤال ببساطة, لماذا يكشف جزء من أسرار اللبنانيين ويحجب أسرار الجزء الآخر, فهذا المنطق لا يستقيم إذا كنّا نتحدّث عن علم الجريمة, فداتا الإتصالات أو حركة الإتصالات بالأحرى هي عنصر أساسي في كشف المرتكبين, وإيضاحا للناس وللرأي العام, فإن ما هو مطلوب ليس مضمون الأحاديث الهاتفية بل المطلوب هو حركة الإتصالات وأن تكشف خارطة الإتصالات, أي هذا الرقم إتصل بذاك الرقم لا أكثر ولا أقل, وليس المطلوب تفاصيل, بمعنى أنه لن تكشف سرّية إتصالات اللبنانيين فيما بينهم, ولكن ستتم مراقبة أية قنوات إتصال مشبوهة كي يتم التوسع في التحقيق في أجزاء معيّنة من هذه الحركة. وببساطة شديدة فإن الحجج المعطاة من قبل من يحجبون حركة الإتصالات هي حجج واهية وليست مقنعة على الإطلاق.


س- في أي إطار تضعون محاولة إغتيال النائب بطرس حرب الأخيرة وهل لذلك علاقة بالإنتخابات النيابية المقبلة خصوصاً في ظل حديث جريدة "الجريدة" عن وجود قائمة اغتيالات لقيادات من 14 آذار للتأثير في نتائج الانتخابات المقبلة؟ وهل لحزب الله أي مصلحة في ذلك؟؟

ج- ببساطة شديدة وبصراحة شديدة حزب الله في وضع مربك, وهو يفقد الآن حليفه الأساسي النظام السوري, كما يرى المعاناة التي يعانيها النظام الإيراني نتيجة العقوبات المتزايدة والعقوبات الإقتصادية العنيفة على النظام في إيران وعلى الحكم في إيران, حزب الله في وضع مربك لكن في نفس الوقت حزب الله لديه الكثير من القدرة على التحليل, وبرأيي فإنه اليوم يعيد قراءة الأمور لمرحلة ما بعد سقوط النظام في سوريا, لذلك أنا أقول أنه حتى هذه الجرائم هناك مصلحة لحلفاء النظام في سوريا بإرتكابها, يعني حزب الله هو حليف أساسي لسوريا ولكن هناك حلفاء آخرون وربما هذه الجرائم تتم من خلال حلفاء آخرين ولكن أيضا علينا أن نضيف ملاحظة إضافية هي أن حزب الله قد عوّدنا على أداء ممتاز في مواجهة العدو الصهيوني ولكن في المقابل هو لم يقدّم أداءاً ممتازاً في الشّأن الداخلي , بل على العكس من ذلك فهو إرتكب سلسلة من الخطايا الكبرى في مسيرته الداخلية ولم يحسن الحفاظ على الصورة المشرّفة التي ظهر بها في مواجهة العدو الصهيوني التي حظيت بتأييد إجماعي لبناني عربي إسلامي ودولي, ولم ينجح بالحفاظ على هذه الصورة بل ساهم وبيده في تشويه هذه الصورة من خلال إنجرافه إلى مفاصل فتنوية في الداخل وإلى مفاصل تفرّق ولا تجمع وإلى مفاصل تساهم في تهديد كيان الدّولة , لذلك فإن حزب الله أعتقد أنه الآن في مرحلة إعادة قراءة وإعادة تقييم علّه يمكن أن يستخلص العبر من الماضي ولعل أهم عبرة يمكن أن يستخلصها هي أن يصل إلى قناعة بأن الدّولة والدولة فقط هي التي تشكل حماية حقيقية لكل اللبنانيين وليس أي سلاح مهما عظم أمره.
وكما قلت بالسياسة وطالما لا دلائل جنائية بين أيدينا لا أسمح لنفسي بتوجيه إتهامات مباشرة ولكنني سمعت الشيخ بطرس يتحدّث أنه لا بد من ظهور تفاصيل خلال الـ48 ساعة المقبلة ولكنه لم يكن متفائلاً لأن التجارب السابقة لم تقدم نتائج إيجابية للوصول إلى نتائج التحقيق وربما هذا ما دفعنا نحن في 14 آذار لطلب إضافة هذه الجريمة وجريمة محاولة إغتيال الدكتور جعجع إلى عمل المحكمة الدولية, خاصة إذا ظهر أن هناك ترابطاً ما بين هذه الجريمة والجرائم الأُخرى.

وحول تأثير محاولة الإغتيال على قوّى 14 آذار خصوصاً على ضوء إنتخابات العام 2013 لا سيّما في الشمال ...أولاً نتوجه بالتهنئة بالسلامة للشيخ بطرس حرب. ثانياً, إن نمط الإغتيالات حين بدأ بعد إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, كانت القراءة السياسية تقول ان هدف الإغتيالات هو منع أغلبية نيابية تنتخب رئيس جمهورية جديد, والآن فهناك قراءة سياسية تقول أنه وفي مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري, لا بد من إلغاء بعض الرموز تمهيداً لإعادة ترتيب الساحة الداخلية في لبنان وفق ما يشتهي البعض. وإذا قمنا بقراءة متأنية للخارطة السياسية لمسيحيي قوى 14 آذار نرى أن المكونات هي إما مكونات حزبية معروفة وإما مكونات من شخصيات مستقلة كالشيخ بطرس حرب وإما من مكونات المجتمع المدني, وبطرس حرب طبعاً هو رقم أساسي وهام وكما قلت في مقدّمة حديثنا فهو رمز من رموز الطائف ولذلك أعتقد أن هذه الجريمة لو نجحت لا سمح الله فإن فريق 14 آذار والفريق الإستقلالي يكون قد أصيب بخسارة كبيرة وربما الإنتخابات هي أحد جوانبها ولكن مهما حصل فإن القناعات لن تتغيّر لا لدى فريق 14آذار ولا لدى الوطنيين في لبنان وإيماننا بهذا البلد لا يمكن أن يتزعزع وإيماننا بنهائية لبنان ككيان لن تتزعزع وإيماننا بعروبة لبنان لن تتزعزع وإيماننا بالعيش الواحد والمشترك وبنظامنا الديمقراطي وبالحرّيات لا يمكن أن نتراجع عنه.


س- في أي إطار تضعون مواقف رئيس تكتّل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون وصهره الأخيرة تجاه قضية المياومين وحزب الله؟ وهل تظنّون أنه يستطيع التفلّت من تفاهم مار مخايل؟

ج- قال لي أحد الظرفاء أن التحالف مع العماد عون مصيبة والخصومة مع العماد عون أيضاً مصيبة, طبعاً هي مصيبة في السياسة وبمعنى آخر فإن العماد عون يتصرف وفق حلم أزلي أبدي لديه هو أن يصبح في موقع رئاسة الجمهورية. ولسوء حظه أن بجانبه الصهر العزيز جبران باسيل والذي يصور له الأمور بطريقة ما, لا يمكن للجنرال أن يصدّق أحداً غيره, يعني مصدر المعلومات الوحيد بالنسبة للعماد عون والذي يثق به على مستوى التيار الوطني الحر هو جبران باسيل, ولكن الأخير يتصرّف وفق حساباته الخاصة, فهم يتحدّثون عن الدولة وعن منطق الدولة ولكن الممارسة الحقيقية كانت بعيدة عن ذلك تماماً, فعلى سبيل المثال وفي موضوع المياومين, أنا أسأل, مجلس الخدمة المدنية قبل 5 أشهر أنجز إمتحانات بناءاً على طلب وزارة الطاقة والوزير جبران باسيل, وحتى هذه اللحظة لم يوقّع وزير الطاقة إعتماد هذه النتيجة, لماذا, لأن النتيجة لم تكن مناسبة له, على الرّغم أنه من قبل مجلس الخدمة المدنية هذا المرجع القانوني الذي نجمع عليه جميعا, من ناحية ثانية, حين نتحدّث عن هؤلاء المياومين, برأيي هناك مشكلة إنسانية لهؤلاء الفقراء, ربما المسؤولية تتوزّع تجاههم , فبعضهم يعمل منذ عشرين عاما وبعضهم عشر أعوام وأقلّه أعتقد منذ خمس أعوام, بالتالي فهناك مسؤولية تجاههم, ولا يمكن بشحطة قلم أن نقول لهم إذهبوا إلى بيتكم وأنتم مشكورون ولكن نستغني عن خدماتكم فهذا لا يستقيم! وحين وصلت الأمور من خلال إقتراح القانون ومشروع القانون المتعلّق بهم في المجلس النيابي, وصلت إلى اللجان المشتركة وحصل إجماع من قبل كل الكتل السياسية بلا إستثناء ما عدا التيار الوطني الحر الكتلة الوحيدة التي بقيت خارج هذا الإجماع, والنقاش داخل الجلسة في المجلس النيابي أخذ منحى آخر لأن الوزير باسيل أخذ الأمور إلى منحى ربما صوّره بمظهر طائفي, ورغم ذلك نحن في اليوم التالي وحرصا على ما نؤمن به في الطائف قلنا انه من الحكمة أن لا تعقد جلسة بغياب المسيحيين وهذه قناعتنا فعلاً. وبغض النظر عن تفاصيل ما حدث في اليوم السابق في ما يخص هذا المشروع ولكن أيضا في نفس الوقت ربما فتح النقاش حول طريقة تطوير عمل المجلس النيابي وطريقة تحديث النظام الداخلي, والبعض لديه ملاحظات على طريقة إدارة الجلسات وبرأيي الملاحظات طالما هي في إطار اللياقات فهي ملاحظات مقبولة, ويمكن أن يتم نقاشها ولكن بالعودة إلى لب الموضوع فإن العماد ميشال عون دائماً ينطلق من منطق أن رأيه صواب لا يحتمل الخطأ وأن رأي الآخرين خطأ لا يحتمل الصواب, علما اننا نقول نحن كـ14 آذار أن رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي العماد عون خطأ يحتمل الصواب

اما مقاطعة الجلسات فإنها لم تكن متعلّقة بمضمون إقتراح القانون بل كانت متعلّقة بفكرة أنه لا يجوز أن ندخل إلى القاعة ونصنّف بأن من في القاعة هم المسلمون في حين نرى جميع النواب المسيحيين خارج القاعة, هذه هي الصورة التي حرصنا على أن لا تظهر, علماً أن إتفاق الطائف ركّز في موضوع المناصفة على أمرين لا ثالث لهما. الأول هو وظائف الفئة الأولى والأمر الثاني هو المواقع القيادية العسكرية , ولكن فيما خص الفئة الثانية والثالثة والرابعة, كلّنا نقوم بجهد معيّن لمحاولة جعل الصورة قريبة مما هي عليه بالنسبة لما نص عليه الطائف في ما خص الفئة الأولى والمواقع القيادية العسكرية , ولكن لا إتفاق الطائف ولا الدستور يلزم, خاصة مع عدم توفر أعداد كافية من كل الطوائف لتقيم هذه المناصفة وبالتالي انا هنا ألفت النظر إلى أن بعض من يذهب بعيدا في موضوع المناصفة هو مخطئ طبعا , لأن اساس المناصفة هو الفئة الأولى, وذلك إنتظاراً لإلغاء الطائفية السياسية التي نص عليها الطائف ونص عليها الدستور .. ونحن نقول أنه لا بد من الوصول إلى إلغاء الطائفية السياسية ولكن تراكميّاً, فلا بد من أن نؤسس وأن نقوم بخطى ثابتة, لا أن نقوم بدعسة ناقصة تأخذنا إلى مخاطر جديدة.

ومن جهة أخرى فإنه من الواضح تماماً أن العماد عون بدأ يعيد تقييم الأمور إنتخابياً. وليس سرّا أن إستطلاعات الرأي التي أجراها سواء قريبون منه أو حياديون تظهر أن هناك تراجعاً مسيحياً واضحاً في رصيد العماد عون وهناك رأي يقول ان هذا التصرف هو في محاولة لترميم وضعه الإنتخابي, وأنا أميل إلى هذه الفرضية . في المقابل , تهجم العماد عون على وليد بيك أو على قيادات وقامات سياسية كبيرة أخرى أيضاً تأتي خارج إطار الأدبيات السياسية التي تعوّدنا عليها , ونحن في تيار المستقبل إختلفنا في مفاصل معينة مع وليد بيك وإتفقنا معه في مفاصل أخرى , ولكن لم نصل في أي لحظة من اللحظات إلى الإبتعاد عن الإحترام المتبادل أو الأخذ بعين الإعتبار أن وليد جنبلاط يمثل حجر زاوية أساس في الحياة السياسية اللبنانية بما يمثل وبمضمون ما يمثل لذلك فإن القامات الكبيرة تترفع عن الخوض في هكذا أساليب وللأسف فإن العماد عون يرغب في هكذا أساليب وطبعاً هو يخسر لأنها أساليب لا تُربح.. وأنا إستمعت إلى رد حكيم من وليد بيك الذي قال أنه لن ينزل إلى سجال مع العماد عون وأنا أعتبر ان هذا موقف حكيم. ومن الصعب تغيير أسلوب ميشال عون بعد كل هذا العمر واللبنانيون يعرفون ويسمعون والحقائق واضحة .

س- أين تتفقون مع النائب وليد جنبلاط وأين تختلفون معه؟

ج- نحن لم نختلف مع النائب وليد جنبلاط في المفاصل الكبرى ونحن لا نسنسى له أنه من أشعل ثورة الأرز في يوم 14 شباط 2005 وبعد ساعات قليلة من جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو الذي أطلق الشرارة الأولى لثورة الأرز وهو الذي إمتلكة شجاعة وجرأة إضافية والتي جعلت الآخرين يتقبّلون كثيراً من أفكار تلك المرحلة.. أيضا فإننا نسجّل له دفاعه عن المحكمة, كما نسجل له موقفه من الثورة السورية الذي ينم عن شهامة وأصالة عربية واضحة... وإختلفنا مع النائب وليد جنبلاط في موضوع الحكومة , بالتالي فإن إختلافنا معه هو فقط في التفاصيل دون المفاصل الكبرى كموضوع ثورة الأرز والمحكمة والموضوع السوري والموضوع الفلسطيني وفي إتفاق الطائف فهذه ثوابت دائما تلتقي فيها مع جنبلاط.


س- كيف تنظرون إلى الوضع الحكومي اليوم وهل توافقون على الدعوات لإسقاطها؟

ج- الطرح الذي قدّمناه حيال حكومة حيادية إنقاذية كان صادقا... فنحن نقول أن هذه الحكومة بتركيبتها الحالية قدمت نموذجاً للفشل الموصوف, ففي تاريخ الحكومات في لبنان لم تمرّت على هذا البلد حكومة بهذا النمط من الأداء... وكما قال الرئيس بري فإن 14 آذار لن تجد حكومة أكثر ملاءمة من هذه الحكومة للتصويب عليها من خلال أدائها, الأمر الذي كرّره الوزير العريضي في حوار تلفزيوني مؤخراً... ونحن عندما طالبنا بحكومة حيادية كنا نطالب حقيقة بحكومة تحظى بتأييد الجميع وليس بالضرورة أن يكون لفريق 14 آذار او 8 آذار أي تمثيل فيها... حكومة تعد وتشرف على الإنتخابات النيابية المقبلة لتحظى بالحد الأدنى من النزاهة, خاصة ان الكثير من مكونات هذه الحكومة تصرفت بكيدية وبأسلوب يشبه أسلوب العام 1999 – 2000 اي الأسلوب الكيدي المخابراتي والنتيجة معروفة , وهنا نختلف مع جنبلاط في هذه النقطة إذ انه يعتبر ان ذهاب هذه الحكومة سيؤدي إلى إستحالة تشكيل حكومة جديدة, في حين أننا نعتبر انه يمكن في حال توصلنا إلى قناعة مشتركة أن نصل إلى حكومة حيادية إنقاذية تحظى بتأييد الجميع ما يفترض موافقة حزب الله الذي هو مقتنع بذهاب النظام السوري ولكنه في طور ترتيب أوراقه لمرحلة ما بعد سقوط النظام, لذلك فإنه ليس جاهزاً حتى الآن.

س- في أي إطار تضعون تحرّكات الشيخ الأسير الأخيرة وما هو موقف تيار المستقبل من هذه التحرّكات؟

ج- ما طرحه الشيخ أحمد الأسير أي عنواني الدولة وجعل السلاح حصريا بيد الدولة, نحن متفقون معه عليه وأعتقد أن كل قوى 14آذار والقوى الإستقلالية والكثير من المجتمع المدني وربما كل المجتمع المدني متّفق على هذا العنوان ولكننا نختلف على الأسلوب والطريقة, فنحن ضد قطع الطرقات ونرفض هذا الأسلوب على اعتباره مسيئاً للآخرين لكن للأسف فإن من كرّس هذه الثقافة هو حزب الله وتحديداً منذ العام 2005 وأيضاً بعد حرب تمّوز بعد إحتلال وسط بيروت ومحاصرة السراي وما حصل في 23 كانون الثاني وفي 25 كانون الثاني مروراً بـ7 أيار وصولاً إلى أحداث مار مخايل وغيرها من الأحداث التي كان حزب الله يعتبرها تصرّفاً ديمقراطياً تضمنه له حرّية التعبير, إلى أن إستمعنا قبل أيام عبر وسائل إعلام حزب الله المرئية والمسموعة إلى قانونيين إستقدمهم ليشرحوا لنا كيف أن القانون اللبناني لا يسمح بقطع الطرقات وكيف أن القانون اللبناني لا يسمح بحرق الدواليب وأيضاً إستمعت إلى أحد الزملاء النائب علي فياض في الجلسة النيابية الأخيرة حين كان يتحدّث حول عدم قانونية حرق الدواليب, وهذا أمر جيّد أن يصل حزب الله إلى هذه القناعة , فنحن نتفق على عنوان حصر السلاح بيد الدولة ولكننا ضد قطع الطرقات من أي طرف أتى سواء كان طريق المطار أو غيره, فنحن مثلاً مع أهالي المخطوفين في أحقّية مطلبهم بعودة أبنائهم...ونحن مع مطالب الناس المعيشية وغيرها لكننا ضد طريقة التعبير لأنها أساليب لا تليق لا بشركاء الوطن ولا بإستقرار البلد ولا بإقتصاد نريد تفعيله ولا بسياحة لبنان

ونحن في تيار المستقبل وحتى في قوى 14 آذار,لم ندّع يوماً أننا تنظيم شمولي أو تيار شمولي أو بأننا نحتكر الآراء في ساحتنا الطائفية ولا المذهبية ولا الوطنية ولا الجغرافيّة, نحن تيار متنوع, وفي قوى 14 آذار نحن تحالف قوى ديمقراطية وعلى المستوى الوطني نحن نؤمن بالرّأي والرأي الآخر ونحن نقول ان الساحة اللبنانية تتسع للجميع, وأهلاً وسهلاً بكل الآراء وبالنهاية الناخب اللبناني هو الذي يحدد خياراته فكما لم نقبل في الماضي أن يلغينا أحد, فنحن أيضا لا نقبل بأن نلغي أحداً, والمنطق الإلغائي مرفوض وبالتالي فإن حركة الأسير وغيره من الحركات من حقها ان تدافع عن نفسها ومن حقها ان تقول ما تقول بشرط أن يكون ما تقوله تحت سقف القانون ولا يمس السلم الأهلي, وحول حرص قوى 8 آذار على رصيدنا الشعبي وخوفها من أن تكون تلك الحركات والجمعيات الدينية تأخذ من رصيدنا كتيار مستقبل فذلك يجب أن يكون مدعاة فرح لهم إذا كانوا يتحدثون إنتخابياً.


س- كيف يؤثر غياب الإعتدال وبالتالي الرئيس سعد الحريري عن الساحة ؟

ج- ليس سرّا ان غياب الرئيس سعد الحريري بشكل أساسي هو لأسباب أمنيّة الأمر الذي نراه في محاولة إغتيال الدكتور جعجع والمخاطر الشديدة التي تبلّغ بها الرئيس السنيورة ومحاولة الإغتيال التي تعرّض لها الشيخ بطرس حرب وكل هذا الفلتان الأمني, وعموما فإننا نأمل ان لا يطول غياب الرئيس سعد الحريري علماً أنه متواصل على مدار الساعة مع كل القيادات السياسية ومع تيّار المستقبل ومع كل كبيرة وصغيرة في الشأن السياسي الداخلي اللبناني. ونحن تيار معتدل ومنفتح على الجميع وفي نقس الوقت نحن نحترم كل الأفكار الأخرى شرط أن تكون تحت سقف الطائف وتحت سقف الإستقرار الوطني.


س- إسرائيل تهدد بـ"حرق" لبنان إذا حاول "حزب الله" القيام بـ"عملية استفزازية" ما هي خلفيات تلك التهديدات؟ وهل ممكن أن يقوم النظام السوري بأي مغامرة إذا إشتدّ الخناق عليه من أجل لفت الأنظار عمّا يجري في الداخل السوري؟

ج- علينا ان نذكّر دائماً بإتجاه البوصلة الوطنية وأن نعرف أن إسرائيل هي العدو الوحيد لكل اللبنانيين وهذه من الثوابت وعلينا أن نتنبّه جميعاً لذلك وبرأيي فعلينا ان لا نعطي ذريعة للإسرائيلي ليحدد هو ظروف القيام بعدوان على لبنان, وحين نتحدّث عن إستراتيجية دفاعية تجعل قرار الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية فهذا يعني أنه حين يقرر اللبنانيون من خلال دولتهم مواجهة العدو الإسرائيلي عسكرياً فهذا يعني أن كل اللبنانيين يتحمّلون مسؤولية هكذا قرار, ولكن حين يقوم فريق في لبنان, حزب الله أو غيره بتحديد الزمان والمكان وظروف الحرب كما حصل في الـ2006 فهذا أمر لا زلنا نختلف حوله ونقول أنه لا يحق لحزب الله أن يحدد ظروف أخذ لبنان إلى مواجهة مع العدو الإسرائيلي وهذا القرار يجب أن يكون حصراً بيد الدولة اللبنانية... وعندما يسألنا البعض عن إستراتيجيّتنا الدفاعية نقول ببساطة أن إستراتيجيّتنا الدفاعية تتلخص بكلمة واحدة هي "الدّولة", الدولة يعني الجيش يعني القوى الأمنية والدولة يعني كل اللبنانيين وكل المكونات السياسية لهذا المجتمع اللبناني, لذلك نحن مع إجماع وطني يحدد ظروف السلم والحرب ولسنا مع تفرّد أي فريق في هكذا قرار.

من ناحية أخرى أستبعد أن يقوم النظام السوري بأي مغامرة إستفزازية لفتح حرب مع لإسرائيل لأن هذا النظام الذي يعلن أنه حرر درعا 15 مرّة حتى الآن وحرّر حمص 12 مرّة وحرّر الكثير من المناطق عشرات المرّات يعني أنه ليس قادراً على السيطرة على قرى وليس على مدن في الداخل السوري والذي لم يواجه العدو الإسرائيلي على مدى 40 عاماً يصعب عليه مواجهة العدو الإسرائيلي في هذا الظرف.

أمّا في ما خص حزب الله فإن الأمور تختلف , فهو يقر ان سلاحه إيراني الهوى وإيراني المرجعية, لذلك فإن الأمور مرتبطة بمدى تعرّض إيران لهذا الضّغط الدّولي , وإذا قرّرت إيران أن تستعمل الساحة اللبنانية لتخفيف الضغط عن نفسها فهذا متاح خاصة إذا ربطنا هذا الكلام بما سمعناه قبل أيام من أحمد جبريل الذي نقل عن السيّد حسن نصرالله بأن حزب الله والمنظمات الفلسطينية التابعة لسوريا ستكون في خندق واحد دفاعاً عن النظام السوري في مواجهة العدو الإسرائيلي لكن طبعاً لأسباب معروفة .


س- في أي إطار تضعون تخلية سبيل العسكريين المتورطين بقضيّة إغتيال الشيخ عب الواحد؟

ج-إن قرار إخلاء سبيل العسكريين المتورطين في عملية إغتيال الشيخ عبد الواحد لم يكن قراراً حكيما فالتحقيق ما زال جاريا وتوقيت إخلاء السبيل خاصة في يوم محاولة إغتيال الشيخ بطرس حرب لم يكن حكيماً أيضا ما يفتح الباب أمام نقاش مهم جدّاً هو صلاحيات المحكمة العسكرية. وبرأيي فقد آن الأوان لذلك, ونحن في كتلة المستقبل مع حلفائنا في 14 آذار نُعدّ الآن لتقديم إقتراح قانون لنعيد هذه الصلاحيات إلى المحاكم المدنية, فهل يعقل مثلاً ان أهالي الشهيد ليس لهم الحق بالإطلاع على التحقيق وليس لهم حق بأن يوكلو محامين للدفاع عنهم؟ ما يعني ان هناك خلل في مبدأ العدالة. والمفترض بالمحاكم العسكرية في العالم كله أن تتعاطى بشؤون العسكريين في داخل الجسم العسكري دون علاقتها بجوانب أخرى... فصلاحيات المحكمة العسكرية هي صلاحيات إستثنائية أُعطيت في الماضي لظروف معيّنة وبرأيي لقد آن الأوان لتعود هذه الأمور إلى القضاء العادي, خاصة أن قرارات المحكمة العسكرية قد تخضع لضغوطات سياسية معيّنة وأحياناً لمزاجيّات معيّنة.
وقد رأينا في الفترة الأخيرة كيف أن أحكاماً كبرى يتم تخفيضها وكيف أن متّهمين بالعمالة لإسرائيل كادوا أن يُصنّفوا في خانة الأبطال التاريخيين في البلد...


س- السعودية حذّرت السعوديين من التواجد في لبنان وقال سفيرها أن سبب ذلك يعود, إضافة إلى التهديدات التي يتلقاها السعوديون في لبنان وعمليات السرقة التي تعرضوا لها, يعود أيضا إلى قدرة الجناة على التفلّت ... ما تعليقكم؟

ج- ما قاله السفير السعوي هو كلام خطير, خاصة أنه تكلّم عن أمور لم يُعلن عنها وهذا أخطر ما في الموضوع , فهو تحدّث عن خطف وخوّات طائلة دُفعت, خصوصاً إذا عدنا وربطنا هذا الموضوع مع ما كان قد تحدّث عنه سفير سوريا في مجلس الأمن بشار الجعفري عندما قال أن لبنان هو ملاذ للإرهاب وأن الموانئ اللبنانية تصدّر السلاح والمسلّحين وأن الحدود اللبنانية هي مرتع الإرهاب وإتّهم السعودية وقطر في مداخلته الشهيرة في مجلس الأمن ولم تحرّك الحكومة اللبنانية ساكناً لنفي هذا الموضوع إلى أن أتى كلام فخامة الرئيس الذي جزم بأن تقارير الأجهزة الأمنية تنفي كل هذا الكلام, ورغم ذلك طُلب من الرّئيس ميقاتي تحديداً من هاتين الدّولتين السعودية وقطر أن يصدر نفي ما من الحكومة اللبنانية , فلم يصدر, فتوالت قرارات دول مجلس التعاون الخليجي التي سحبت رعاياها من لبنان وحظّرت على مواطنيها من المجيء... وأنا أعتقد أن الحكومة اللبنانية في مكان ما تدمّر الإقتصاد اللبناني وتدمّر العلاقات السياحية للبنان بالخارج على رغم تطمينات وزير السياحة الدائمة بأن الموسم السياحي ممتاز وبأن الأعداد التي أتت هذا العام هي أعداد أكثر من العام الماضي وبأن الفنادق تقريباً ممتلئة... وهنا لا أعلم إذا ما كان يتحدّث عن لبنان أو غيره... بالتالي فإن كلام السفير السعودي كلام صادق إذ يعتمد على وقائع لم ينفها أحد, لذلك فإن الحكومة اللبنانية مطالبة بإجراءات سريعة لإستعادة هيبة الدولة التي لم يسبق في تاريخها أن أهينت كما أُهينت اليوم.


س- سياسة النأي بالنفس هل هي منتجة برأيكم؟ وأين أصبحت في ظل الخروقات الأخيرة من إقتحام لمراكز الأمن العام إلى قضيّة مقتل شابة لبنانية وجرح
آخرين؟

ج- فلنفرّق ما بين أمرين: مبدأ النأي بالنفس عن تفاصيل ما يجري في الداخل السوري وهو قرار جيّد, وقد قال الرئيس السنيورة يوما للرئيس ميقاتي "أنني لو كنت مكانك لإتخذت نفس القرار القاضي بعدم التدخل بالشأن الداخلي السوري ", ولكن هذا لا يعني أن ننأى بأنفسنا عن التدخّل بنتائج ما يحصل في سوريا على الأرض اللبنانية من نازحين أشقاء أتوا إلى لبنان وفق دستورنا ووفق ميثاق الأمم المتحدة وفق عروبتنا ووفق ما يجمعنا مع الأشقاء السوريين, فواجبنا أن نقف إلى جانبهم ولا يمكننا أن ننأى بأنفسنا عن مساعدتهم... ومن ناحية أخرى فإن النأي بالنفس يعني أن لا نتورّط بتغطية إرتكابات النظام السوري, وأن لا يتورّط وزير الخارجية اللبناني في محافل الجامعة العربية وفي محافل الأمم المتحدة ومجلس الأمن بإعلان مواقف وكأنه يتحدّث بإسم النظام السوري, فهذا ليس نأياً بالنفس بل هو تدخل مباشر في دعم النظام السوري, فسيسة النأي بالنفس تعني التعامل مع ما سيقرّره الشعب السوري من خيارات وسنحترم طبعاً هذه الخيارات... غير ان تلك السياسة حين أُطلقت فإنها قد أُطلقت لغاية في نفس يعقوب في محاولة لمنع تأييد الناس للشعب السوري الشقيق وهذا ليس من حق الحكومة, فأنا لا يمكنني أن أكون محايداً ما بين الجلّاد والضّحية ولا أن أقف وأقول ان هذا المجرم من حقّه أن يقتل تلك الضّحيّة ...
نحن لا نتدخّل في الداخل السوري لكن لا يمكننا أن نقف الموقف الذي إتخذناه في محافل الجامعة العربية أو الأمم المتحدة ومجلس الأمن, لا بد من إنحياز على رأس السطح للشعب السوري الشقيق في أزمته وفي ثورته التي نحييه عليها والذي قدّم من خلال تضحياته نموذجاً سيدرّس في مستقبل نضالات الشعوب. وأنا أعتب على بعض شركائنا في الوطن الذين يتحدّثون عن تحدّي الدّم للسّيف وفي نفس الوقت هم ينحازون إلى السيف ضد الدم البريء.


س- كيف تنظرون إلى إنتصار التيارات الدينية في البلدان التي إنتصرت فيها الشعوب على الأنظمة؟ وهل الثورات العربية أتت لتكرّس حكم أكثريات دينية على سواها من الأقليات؟

ج- نعتبر ان يوم 14 آذار 2005 شكّل شرارة حقيقية للديمقراطية في المنطقة العربية وأدى إلى إنسحاب جيش النظام السوري من لبنان فإستعدنا سيادة في مكان ما, وليس السيادة الكاملة لأننا ما زلنا نتعاطى مع نتائج وجود النظام السوري السابق في لبنان... وبرأيي فإن ما حصل في 14 آذار 2005 وما تبعه جعل الكثير من الشعوب العربية تقتبس التجربة... وبالتالي فإن إنطلاق الثورات العربية وعبق الياسمين هذا من تونس إلى دمشق أتى لأن الشعوب العربية خرجت من هذا القمقم, ورأت أن الحرّية تعني الكثير وأن القمع لا يمكن أن يستمر وتأييدنا لهذه الثورات العربية هو تأييد لأنفسنا وتأييد لقناعاتنا وأنا لا أتحدّث هنا عن تيار المستقبل بل عن كل قوى التحرر وكل الأحرار في لبنان... البعض يقول أن هذه الثورات في العالم العربي قد أتت بأنظمة دينية أو بأنظمة متطرّفة وأنا أقول ان الديمقراطية كفيلة بترتيب أوضاعها, فالديمقراطية هي التي تنقّي التّجربة .. وإذا لم يكن الإسلاميّون موفّقين في أدائهم فضمانة الديمقراطية ستعيد ترتيب الأمور في الإنتخابات المتلاحقة. وإنطلاقاً من هنا فإننا لا ننظر إلى هذا الأمر من منطلق أقليات لا دينية ولا غير دينية, كلّنا مواطنون وكلّنا عرب وهناك غير عرب طبعاً بحيث يوجد أكراد وقوميّات أخرى نحترمها جميعاً ونتّفق على السّقف الذي يجمعنا ونحن حين تحدّثنا في الطائف في لبنان عن المناصفة هذا يعني أننا أنهينا العد كما قال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, فلا قيمة للأعداد لأن القيمة أساساً هي للإنسان وللمثل التي يحملها هذا الإنسان لأي طائفة إنتمى.



س- في أي إطار تضعون إنشقاق صديق بشار الأسد منذ الطفولة العميد مناف طلاس ؟

ج- واضح ان النظام في سوريا أصبح في حالة هريان ويشبه الباخرة التي تغرق وفي موضوع إنشقاق العميد مناف طلاس وهو من حمص فإن ما قام به النظام السوري من جرائم وصلت قمّتها في حمص, لا يمكن لحجر أن يتحمّلها, وبالتالي فلا يمكن لضابط مهما كانت علاقته بالنظام السوري أن يتحمّل ما أصاب حمص ومنطقة الرّستن التي على ما أعتقد فإن العميد المنشق مناف طلاس هو من أبنائها وبالتالي فإن قضيّته تشكّل رأس جبل الجليد, وهذا النظام هو في حالة إنهيار... وأنا أعتقد ان إتجاه الأمور في سوريا قد حسم لمصلحة الشعب السوري وهي لن تأخذ وقتاً طويلاً.



س- لماذا برأيكم هذا التّعنّت الرّوسي في المسألة السورية؟

ج- فيما خص الموقف الروسي فللأسف الدول الكبرى تتعاطى وفق مصالحها الكبرى وليس سرّاً أن الروس يتباحثون الآن حول أمور تتعلّق بجورجيا وأخرى متعلّق بالشيشان وقبلها أمور متعلّقة بالدّرع الصاروخي وأيضاً بأمور لها علاقة بالإقتصاد العالمي وبالآخر يأتي العنوان السوري , أي في إهتمامات الروس يأتي العنوان السّوري في المؤخّرة... ومشكلة الروس ان آلية إتخاذ القرار لديهم بطيئة تذكرنا ببيروقراطية الإتحاد السوفياتي, آلية بطيئة للقرار لا تواكب سرعة الأحداث, وهذا ما حصل في ليبيا بحيث كانت النتيجة الإقتصادية لروسيا في ليبيا صفر... لا وجود اليوم لروسيا في ليبيا ولا وجود لها في تونس وتقريباً لا وجود لروسيا في اليمن وفي مصر لا وجود لها أيضاً, وبالتالي, ونتيجة آلية القرار لديها قد دفعت أثماناً باهظة, وهي تحاول أن تستلحق نفسها من خلال مصالح معيّنة ومن أجل هذه الغاية فإنها تحاول الإحتفاظ بأوراق من أجل التفاوض عليها للحصول على مكاسب من هنا وهناك.. والموقف الروسي ليس مبنياً على قتاعة بالنظام السوري بل هناك تسريبات حول عدم قناعتهم ببشار الأسد وإعتراضهم على طريقة أدائه... فلا يمكن لنظام الأسد أن يراهن عليه أحد, حتى العراق عبر وزير خارجيّتها إنتقد النظام السوري , وحتى البرازيل وفينيزويلا أنهتا الغزل مع هذا النظام, بالتالي فإن الموقف الروسي أصبح أقرب إلى التبلور لمصلحة الشعب السوري.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية