زيارات قادت وكوادر وعناصر وأدوات مجتمع المخابرات الأمريكية المتعددة للبلقان، لم تتوقف يوماً ان لجهة السريّة منها، وان لجهة العلنيّة أيضاً، فصراع الأدمغة حاضر مع مجتمع المخابرات الروسي، ومجتمع المخابرات التركي، فالأخير يعتبر البلقان مناطق امتداد جغرافي لتركيا، في أحشاء جغرافية القارة العجوز أوروبا. مؤخراً، قام نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن والد(بو) المتوفي، وقبيل زيارته الأخيرة لتركيا بعد الأنقلاب الفاشل، بزيارة في غاية الأهمية الى البلقان، ان لجهة المكان وما يشكله من أهمية لنواة الدولة التركية العسكرية والمخابراتية وقبيل زيارته لتركيا، وان لجهة التوقيت والدلالة، كون الجبهات في الشرق الأوسط تستعر، وثمة تطورات عميقة في الميدان السوري رغم حالة السيولة الشديدة التي تعاني منها المنطقة، فمن محطة همدان واستخدام القاذفات الروسيّة الأستراتيجية لها ثم التوقف مع اعتراضات لليمين الأيراني على هذا الأستخدام(التيّارت القومية في ايران غاضبة)، الى محطة ضرب الطيران السوري الحربي لأول مرة لتجمعات الأسايش الفرع السوري لحزب العمّال الكردستاني في الحسكة، مع ظهور اشارات ومؤشرات بدايات الفدرلة الكرديّة في الشمال السوري والشمال الشرقي(تكتل الأسايش وما تسمى بقوّات سورية الديمقراطية، والتي هي ليست بقوّات ولا سورية ولا ديمقراطية بل ميليشيات مسلّحة)، بجانب ارسال البنتاغون لطائراته الأف 16 المتطورة لحماية قوّاته الأحتلالية(في قاعدة الرميلان، وقاعدة عين العرب، وقاعدة غرب الفرات، وقواعد عسكرية أخرى يجري تدشينها)ومستشاريه العسكريين، حيث كل هذا العديد والعتاد العسكري الأمريكي، دخل ودخلوا كلصوص ومجرمين وسفلة تحت جنح ليل، والهدف هو حماية أدواتهم الكرد السايش وقصد، لغايات مزيد من التوظيف للعميل قبل التخلي عنه نهائيّاً عبر تصفيته.
أحسب وأعتقد أنّ زيارة جون بايدن -(هذا الجون بايدن والد بو، له دور مع رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي ممثل البلدربيرغ، في هندسة السياسة الخارجية لأمريكا)- هذه الى البلقان كمحطة أولى قادته الى زيارة صربيا، والبوسنه، وكوسفو، ليس لتدشين طريق باسم ابنه الراحل بو جون بايدن في كوسفو، بل أنّ الأستخدام والتوظيف هذه المرة من قبل اليانكي الأمريكي للبلقان كبريد رسائل لمن يهمه الأمر لكل من تركيا وروسيّا وايران وأخيراً الصين، وبشكل خاص الى تركية بعد رصد من نواة مجتمع المخابرات الأمريكي، للهجة عدائية متصاعدة لأمريكا ومقلقة لجنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأمريكي، كون جغرافية وديمغرافية البلقان تعتبر كما أسلفنا سابقاً، بمثابة امتدادات جغرافية لتركيا كثقوب في أحشاء القارة الأوروبية، والتي يسعى اليانكي الأمريكي الى مزيد من التوظيفات لها في الصراع مع الروسي والصيني، لأضعاف الأقتصاد الألماني، أقوى اقتصاديات أوروبا، ثم تفجيرها من الداخل عبر تركيا ليصار الى تفجير تركيا لاحقاً، ليصار الى توظيفات لعقابيل تفجير تركيا ازاء روسيّا عبر الأستثمارات بورقة الأرهاب من خلال العبث بدم الأيديولوجيا، والأخيرة تقود الى تعاظم وتصاعد في الفاشيّة الدينيّة في ما تسمى بالحركات الجهاديّة السنيّة لضرب ايران، وأكثر ما تخشاه الأخيره هي تلك الحركات الجهاديّة السنيّة.
والمتابع الدقيق للشأن الدولي والأقليمي، كنتاج للعبث في المفاعل النووي لمسألة الأزمة السورية، عبر العبث بالجغرافيا والديمغرافيا السوريّة كمؤامرة، يلحظ أنّ هناك ثمة تلميحات أمريكيّة ومؤشرات الى امكانيات هائلة، في ضرورة استخدام البلقان كجغرافيا وكساحات وحدائق خلفية، يصار اعتمادها أمريكيّاً بديلاً لتركيا في اندفاعات الأستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط وازاء ايران، من هنا الكل شاهد زيارة وزير الخارجية الأيرانية محمد جواد ظريف الى كوبا، حيث النفوذ والدور الأيراني موجود في الحدائق الخلفية لليانكي الأمريكي في دول أمريكا اللاتينية، وثمة زيارة مرتقبة للوزير ظريف الى القارة الأفريقية(تم تأجيلها لغايات أمنيّة) راجع تحليلنا عبر المارشال جوجل: الأسرائيلي يتمدد في القارة الأفريقية عبر الحفرة اليمنية والعربي يتبدّد).
اليانكي الأمريكي عبر ممثله جون بايدن يريد أن يحدد لأنقرة هوامش السياسة التركية في المسألة الكرديّة، وموضوعة فتح الله غولن، وعلاقات تركيا بالناتو، وخديعة انضمام تركيا الى أوروبا، وهوامش السياسة التركيّة أيضاً المنفتحة ازاء روسيّا وايران، والساعية الى انفتاحات مباشرة(مساعد لمدير المخابرات التركي زار العاصمة السورية مباشرةً، بعد ضرب الطيران السوري للحسكة، وكان ذلك رسالة لتركيا، ترافق مع بيان للجيش السوري يستحضر مفردات بيان الجيش التركي ازاء حزب العمال الكردستاني والأسايش الكرد، وفي المعلومات زيارة لعلي المملوك ومعه أديب زيتون ومساعده غسّان خليل قد تجري هذا الأوان لتركيا)وغير مباشرة مع دمشق عبر الروسي.
تاريخيّاً يتقولب الصراع الروسي مع اليانكي الأمريكي على البلقان تصاعديّاً وتنازليّاً، حيث محركه معارك النفوذ والسيطرة والمصالح، قاد الى تقسيم يوغسلافيا الى دول ودويلات وساحات ومساحات قويّة وضعيفة على حد سواء، حيث عملت أمريكا على ضم بعضها الى مجالات نفوذها الحيوية بما فيها جمهورية الجبل الأسود، لا بل وبكل صفاقة سياسية عميقة، دعتها لتلك الجمهورية المستولدة من رحم يوغسلافيا السابقة، الى الأنضمام الى الناتو في رسالة استفزازيّة لروسيّا الصاعدة في الدور والتمدد من جديد، وفق أسس ومعايير تقلق أمريكا وبلدربيرغها والمجمّعات الصناعية الحربية وحكومات الأتوقراطيين اليانكيين الأمريكيين، فمسألة توسيع الناتو على حساب روسيّا هدف آخر عميق لزيارة والد بو جون بايدن الى البلقان عبر زيارته الثلاثية لساحاته. في معارك النفوذ والصراع على البلقان على طول وعرض خطوط العلاقات الروسيّة الأمريكية وأدواتهما، الأهداف متعددة وفي صلبها الهدف الأقتصادي التجاري، فصربيا كدولة مهمة جدّاً للروس كونها ترفض السير بشكل مطلق في مركب الأندفاعة الأمريكية ضدهم، وكما ترفض حتّى اللحظة أيضاً الأنضمام الى العقوبات الأوروبية ضد موسكو، بسبب الأزمة الأوكرانية وضم جزيرة القرم الى جغرافية الفدرالية الروسية، بجانب رفض صربيا الأعتراف بجمهورية كوسوفو فهي جزء من صربيا حتّى عام 2008 م وان اعترف بها غالبية أعضاء الأتحاد الأوروبي.
لجهاز المخابرات الروسيّ مجالاته الجيوبولتيكيّة بجانب جهاز المخابرات التركي، ومؤخراً وأثناء زيارة سريّة لمدير الفرع الخارجي لجهاز المخابرات الروسيّ الى تركيا، كرد على زيارة سريّة لهاكان فيدان الى موسكو في اطار بحث عودة العلاقات الروسيّة التركية الى سابق عهدها، عبر وساطة من كازاخستان قادها الرئيس ومدير مخابراته، طرحت المخابرات الروسيّة على هامش طاولة اللقاء في أنقرة، موضوع في غاية الأهمية ويشكل قلق مشترك لكلا البلدين وهو: في شهر تموز الماضي في بداياته مع نهايات شهر جزيران، نقل الأمريكان من سجن غوانتانامو العسكري الى جمهورية صربيا، كل من الأرهابيين: الطاجيكي مهمد دولنوف، والأرهابي اليمني منصور أحمد سعد، بجانب تقرير مفصّل بالمعلومات تشاركت فيه في السابق المخابرات التركية حول معلومات دقيقة تفيد أنّ كوسوفو كاقليم والذي صار دولة، يتحوّل بثبات الى مثابة مصنع لتجنيد المتشددين والأرهابيين نتيجة لنفوذ وأموال عربية ومسلمة بجانب تواطؤ غير مسبوق من قبل مجتمعات مخابرات اليانكي الأمريكي وتفاهماته مع الفرع الخارجي لجهاز المخابرات البريطاني الأم أي سكس. من المعلوم للعامة قبل الخاصة في العالم انّ الفدرالية الروسية عانت كثيراً من الأرهاب الأمريكي والوهابيّ القادم من القوقاز، فتنامي الأرهاب في دول البلقان وتحوّلها الى قواعد امداد وتأهيل للزومبيات الأرهابية، عبر الأستثمار بورقة الأرهاب من خلال العبث بدم الأيديولوجيا من خلال المذهب الوهابي هو آخر ما تحتاجه وينقص الفدراليو الروسيّة؟!. بجانب هذا القلق الروسيّ المشروع(وكل قلق أمني مشروع)، ثمة سلسلة قلاقل تقلق تركيا، أكثر من قلق بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة، ازاء الأزمة الأنسانية اليمنية بفعل العدوان السعودي والبعض العربي، حيث كل قلقله لمون تكلّف خزينة الأمم المتحدة أكثر من مائة ألف دولار أمريكي قياساً لراتبه الشهري، وتقسيم الشهر الى أيام، واليوم الى ساعات، والساعات الى دقائق، والدقائق الى ثواني، فقسّم راتب المون هذا على الأيام والساعات والدقائق والثواني، وشوف كل قلقله كم تكلّف مالاً. فهذه الأشارات والمؤشرات الأمنية، التي وضعتها المخابرات الروسيّة بالأشتراك المحدود مع نظيرتها التركية تقلق الأخيرة أكثر من موسكو، حيث أنقرة تعيش طور التحوّل الآن بعد الأنقلاب العسكري الفاشل، وهي التي لعبت في الأزمة السورية دور القاعدة الخلفية للأرهابيين المسلّحين والمدربين وما زالت، وعلى مختلف توجهاتهم العقائدية، وصحيح أنّها لم تصبح كباكستان بالنسبة لأفغانستان كما وعدها ديفيد بترايوس عام 2012 م حين زارها مدير السي أي ايه هذا، والذي خرج من منصبه، بفضيحة جنسيّة نتيجة نضالاته وبطولاته بين فخذيه عبر بشره. اذاً ثمة قلق روسي تركي مشترك على تحوّل مسارات الأرهاب الى أراضيهما، فيما لو تأزّمت المواجهة بين الكبار العظام، بجانب التأثير على جهودهما المشتركة المعلنة لتسوية الأزمة السورية، خاصةً وأنّ لقاء جنيف بين سيرجي لافروف وجون كيري فشل من جانب، بسبب عدم موافقة اليانكي الأمريكي على فصل جبهة النصرة عن باقي الفصائل المسلّحة، التي وقّعت على وقف الأعمال العدائية عبر القرار 2268 في حينه، ونجح اللقاء الى حد ما، لجهة المؤشر للتوصل الى اتفاق مشترك لاحقاً وفقاً لمقتضيات الحال والمنطق، وتطورات لغات الميدان السوري العسكرية، ليصار الى الصرف السياسي على مصرف طاولة المفاوضات، حيث حتّى اللحظة لم يتمكن سيفان دي ميستورا من دعوة الأطراف الى جنيفات أخرى. ما تم ذكره سابقاً يتسق ويتوافق وبشكل عميق، مع ما قاله مسؤول استخباراتي أمريكي كبير في استخبارات البنتاغون قبل أكثر من عام وشهر، أنّ لدى استخباراتنا في البنتاغون معلومات قاطعناها مع ما لدى باقي وكالات المخابرات الأمريكية المختلفة والمتعددة تفيد: أنّ داعش يخطط للأنتقال للعمل في ساحات ومساحات دول البلقان، واثارة عدم الأستقرار في المنطقة(هذه معطيات المشروع الأمريكي البريطاني في البلقان حيث الأندفاعة هنا مشتركة التوظيف والأستخدام). وذات المسؤول الأمريكي الأستخباري قال: أنّه نتيجةً للتنسيق المخابراتي مع جهاز المخابرات الكرواتي، كشف الأخير ورصد بعمق قيام اثنين من قادة وكوادر تنظيم داعش، أحدهما سعودي والآخر قطري والمتواجدين في البوسنه، بتنظيم صفوف أعداد من العناصر المقاتلة العائدة الى البلقان بعد قتالها في سورية. انّ التوجه الأمريكي والأندفاعة البريطانية المخابراتية المسانده له من جديد نحو البلقان في هذا التوقيت الآن، يضع أكثر من علامة استفهام حول الأهداف الأمريكية والبريطانية المبتغاه، خاصةً وأنّ كلّ المؤشرات توحي أنّ ورقة الأرهاب ما زالت صالحة للتوظيف والتوليف والأستخدام، بجانب جغرافية الشرق الأوسط الان، في أكثر من مساحة وساحة جغرافية أخرى على هذا الكوكب الأرضي.
الولايات المتحدة الأمريكية ترى في الكرد آداة تخدم بتفاني المشروع الأمريكي بالتقسيم، مقابل حصولهم على حصتهم من الأعتراف بحيز مستقل من الجغرافيا، فهم نسجوا علاقات وتعاونوا مع الأمريكي والأسرائيلي عبر داني ياتوم في العراق المحتل أمريكيّاً، للوصول الى جمهورية الكاكا مسعود مصطفى البرزاني.
والتركي يعلم أنّ قيام كيان كردي في الشمال السوري المعتدى عليه تركيّاً وأمريكيّاً، يعني موتاً طبيعيّاً عبر جلطة دماغية للدولة التركيّة، كما يعلم أردوغان وبشكل لافت أنّه يستحيل قيام دولة كردية دون أكراد تركيا، كونهم الأغلبية في المنطقة والعالم، ومع ذلك يستحيل قيام دولة كرديّة الى جانب الدولة التركيّة، كاستحالة وجود دولة اسرائيلية وأخرى فلسطينية على جلّ فلسطين التاريخية.
الأمريكي لديه علم أنّ الكرد في الشمال السوري ليسوا أغلبية، فهناك تداخل للعشائر العربية في تلك المنطقة، والكرد مشتتين هناك مثل المستوطنات الأسرائيلية في الضفة الغربية، وهذه تنتج حالة معينة لا تسمح للفلسطيني بناء دولة، ولا للأسرائيلي باعلانها أرضاً اسرائيلية، الاّ بمشروع ترانسفير جديد من فلسطين باتجاه الأردن كوطن بديل تسعى اليه ثكنة المرتزقة اسرائيل، تماماص كما تحاول قوى كردية القيام بتطهير عرقي للعشائر العربية كما فعلت في العراق، لنفس الغاية والهدف كونها تدرك استحالة قيام كيان كردي أوأي شكل من أشكال الأدارة المدنية الموسّعة أو حكم ذاتي في منطقة مثقوبة بمئات المواقع غير الكردية.
عندما نقول: لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق، فاننا نعي ما نقصد ونرمي اليه، الهدوء السوري ازاء النشاط الكردي منذ البديات للحدث السوري كان مثيراً للحيرة والأرتباك للكثير من الخصوم والأصدقاء والأعداء حتى للبعض في مفاصل النظام السوري، فهو من جانب ظهر بأنّه يشجّع الكرد في استعراض دراماتيكي لعضلاتهم بدلاً من كسر عظامهم مثلاً، بجانب دفع السوري للروسي بضرورة محاولة اشراكهم في مفاوضات جنيف كمكون سوري معارض، فكان التركي يستميت في الرفض ويضغط على السعودي والقطري في ضرورة رفض ذلك في بدايات تشكيل وفود المعارصات السورية عفواً المعارضات، وكان هذا تكتيك سوري بمساعده روسية لم يستوعبه لا القطري ولا السعودي ولا حتّى جهابذة حزب التنمية والعدالة التركي الحاكم، بحيث قاد ذلك الى اقناع الكرد السوريين بأنّ من وقف ويقف وسيقف في طريقهم هي تركيا وليست سورية، وقد قرأ الأمريكي والأوروبي هذا الهدوء السوري والتريث في المسألة الكردية على أنّه أذكى مناورة قام بها السوري ومعه الروسي(لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق، فسياساتها بالنسبة للغربي لغز).
دعم دمشق للكردي السوري في الشمال والشمال الشرقي، ليستعرض عضلاته ظاهرياً ضمن المتاح والمسيطر عليه والمضبوط سوريّاً رسميّاً، كان من شأنه وحسب فهم دمشق أن ينقل العدوى الى أكراد تركيا في شرق الأناضول وفي الداخل التركي، مع استدراجات سورية ذكية من قبل دمشق للتركي الأردوغاني لأعلان معارضته الشديدة للأعتراف بالكرد السوري، كشف وعرّى الموقف التركي ومناوراته التي أراد من خلالها التركي استغلال الكرد في سورية، لمحاربة الجيش السوري قبل أن ينقضّ عليهم من جديد ويرسلهم الى جهنمه.
دمشق وبدهاء سياسي عزّ نظيره وبمساعدة الروسي، نصبت الفخ للكردي والتركي معاً دون أن يشعر أحدهما بالأخر ويستبين، فذهب الكردي التركي الى تحقيق فوز وازن في الوصول الى كتلة برلمانية وازنة تمثل كل شرق الأناضول الكردي في البرلمان التركي، فهم هؤلاء حققوا الفوز كنتاج طبيعي ومنطقي لنهوضات في المشروع الكردي السوري بمساعدة من دمشق وأثناء الحرب عليها، هنا بالذات استوعبت أنقرة الرسالة السورية هذه، حيث أكراد تركيا ما كانوا ينجحون ككتلة برلمانية وازنة، الا بسبب التكتيك السوري وبمساعدة الروسي في دعم الكرد السوري، وبعد اسقاط السيخوي الروسي من قبل التركي، بحيث نهوض وقيام الكيان الكردي السوري المتوقع شمال سورية أعطاهم للكرد الأتراك الحماس والشعور، أنّ عليهم الأستعداد لملاقاة المشروع الكردي السوري بكتلة كردية سياسية تركية وازنة في البرلمان التركي، حيث دبّ الفزع والرعب في عروق القوميين الأتراك واسلاميين حزب التنمية والعدالة التركي، الذين تحولوا الى ميليشيا مسلّحة بعد الأنقلاب الفاشل، واهانات للجيش التركي حامي حمى العلمانية التركية.
بعد ذلك بدأت تركيا بقمع ممنهج لأكراد شرق الأناضول وتفجيرهم من الداخل تحت عنوان محاربة داعش، ففهم الكرد الأتراك اللعبة التركية الجديدة معهم وأعلنوا العصيان المدني في مناطقهم وحواضنهم الأجتماعية والديمغرافية، ووجدت الأستخبارات العسكرية التركية وجهاز المخابرات التركي سلاحاً سورياً متوسطاً وثقيلاً في مناطقهم في الداخل التركي، مرسلاً من الأسايش حيث حصلوا عليه من الجيش السوري لمقاتلة داعش وباقي الزومبيات الأرهابية وقام الكرد في سورية وسربوا الى أهلهم في تركيا ما حصلوا عليه من الجيش السوري.
على رأس الأجندة التركية الآن بند واحد وهو: الأبقاء على وحدة سورية، عبر ابقاء أكراد سورية ضمن بيت الطاعة السوري، مع اعادة أكراد تركيا الى بيت الطاعة التركي، وهذا يتطلب تنسيقاً مباشراً بين تركيا وسورية وهو ما يتم الآن، بعد أن تم التمهيد له سابقاً عبر المخابرات الجزائرية.
فالمعادلة في ذهن أنقرة تتموضع في التالي: انهيار المشروع الكردي شمال سورية، يعني اضعاف عميق للحركة الكردية التركية، يقود الى تأخير قيام الدولة الكردية لا انهائها.
مشروع البلدربيرغ الأمريكي في المنطقة في النهاية، هو تقسيم سورية والمنطقة طائفياً وليس عرقياً، والآن بعد تكسير الملاعق الأسلامية للأدارة الأمريكية الحالية في سورية حيث اصطدمت بالعظام السورية والروسية والأيرانية والصينية وعظام حزب الله، تم تأجيله الى حين(راجع تحليلنا: التغيير في سروج المخابرات البريطانية وجدار برلين 2 في حلب)، لضرورات استمرار الحرب الشيعية السنيّة التي ستعطلها الصراعات العرقية، وقد تتسبب في انتهائها للحرب الشيعية السنيّة لصالح الصراع العرقي في المنطقة، من هنا نجد الأمريكي تكتيكياً لا يريد للمشروع الكردي السوري النهوض والقيام الآن، ويستخدمهم للتشويش على معركة حلب عبر الشيخ مقصود حيث الغالبية هناك كردية، في مواجهة الجيش السوري لأرباكه وحلفائه، فكانت أحداث الحسكة بأمر وايعاز أمريكي كي يصار الى انقاذ المسلحين في حلب، من خلال تغيير التحالفات الكردية السورية هناك، والسوري الرسمي يرى الحرب مع الكردي السوري في الشمال عبثية ولا طائل منها، فتركيا تتكفل بهم وبداعش، وهذا يخفف من العبء العسكري والبشري على دمشق وحلفائها في الميدان، ان في جنوب حلب، وان في جسر الشغور، وان في استعادة ريف اللاذقية الشمالي بالكامل، كون تركيا دفعت بصعاليك جيش الفتح، والجبهة الشامية، وحركة نور الدين زنكي، وأشرار الشام(الأخوان المسلمون السوريون) وباقي الزومبيات الأرهابية، تحت مظلة بقايا ما يسمى بالجيش الحر في معركة جرابلس، وتركيا قدرتها في التحكم بالكرد في شمال سورية ستكون معدومة دون دعم الحكومة السورية، كونها ستدخل أنقرة بحرب عصابات عميقة معهم، هذا بجانب احتمال توحد ومساندة العشائر العربية مع الكرد السوري، في مواجهة تركيا لطردها من الشمال السوري كمجتل عسكري ان فكّرت بالبقاء طويلاً.
فان فكّرت تركيا البقاء طويلاً في الشمال السوري، ولو بغطاء جوي أمريكي ومن باقي دول التحالف غير الشرعي، ستفشل دون التنسيق مع دمشق وحلفائها، حيث ستصبح الدولة الوحيدة العضو في الناتو التي تخرج من أرضها، وتموت على أراضي الآخرين، ان عبر تفعيل نصوص القانون الدولي، وان عبر استحضار اتفاقية أضنة مع سورية عام 1998 م، والتي أشرف عليها الجنرال التركي المتقاعد اسماعيل حقي بكين في حينه.
نعم هذه سلّة مخاطر بسيطة من مخاطر جمّة قادمة ناتجة عن العبث في مفاعل نووي مثل سورية، من قبل هواة السياسة في القيادات الكردية التروتسكيّة بايحاء من ألمانيا، وجناح اليسار الأمريكي في الحزب الديمقراطي، واليسار الفرنسي، وجلّ اليسار الأوروبي التروتسكي المتحالف مع اسرائيل الصهيونية.
انّ عباقرة وجهابذة وفطاحل حزب التنمية والعدالة، وعلى رأسهم أحمد داوود أوغلوا رئيس الوزراء السابق، والذي تم اقصائه عبر استثمارات الرئيس أردوغان في التنظيم الموازي وامتدادات الحكومة السريّة الأمريكية، في داخل مفاصل مؤسسات الدولة التركية، لم يتجرأ أحد منهم هؤلاء على دخول المفاعل الذريّ السوري للأزمة السورية، دون ضمانات صارمة وأكيدة، أنّه لن ينفجر في وجوههم، وفضّلوا التعامل معه عن بعد بشكل غير مباشر عبر العبث بدم الأيديولوجيا الأسلامية، من خلال المذهب الوهابي والتعاون مع السعودي والقطري وباقي عرب روتانا(مش حتئدر تغمض عينيك)، وارسال زبالة الزومبيات الأرهابية الوهابية ونشرها في أحشاء الجغرافيا السورية، ان في الشمال السوري، وان في الجنوب السوري(الأردن عمل على غربلتهم خطوة خطوة، ثم أغلق الحدود الجنوبية بالكامل، ضمن استدارة أردنية بمساعدة الروسي نحو دمشق، فهل نرى الملك عبدالله الثاني تحط طائرته الخاصة في مطار دمشق قريباً).
اللعب الأمريكي الأسرائيلي في الكرد العراقي كمسار، كان على صفاف مدار الذرّة العراقية، أمّا اللعب في المدار السوري فهو عبث خطير جداً بقلب الذرّة السورية، ومن كان يتحدث يوماً ما عن تقسيم سورية كوعد محقق مخطط ناجز، تبين له كم كان ساذجاً(وأقصد الأمريكي وعرب روتانا)فقد قام الأمريكي بايحاء عن بعد وبدفع أدواته في الداخل الأردني، لكتابة المقالات والتحليلات عن الأردن الكبير جغرافياً، لتوريط جيشنا العربي المصطفوي في حرب مع الدولة الوطنية السورية لا تبقي ولا تذر، ليصار الى تفكيك الدولة الأردنية عبر تفكيك آخر قلاع الأردنيين الجيش العربي المصطفوي ليسهل تنفيذ مشروع الوطن البديل.
وتبين لكل من يشحذ سكاكينه، لأقتطاع شريحة لحم من جسد جغرافية سورية، سيجد أنّ السكين التي تغوص في لحم جسد سورية، انما تغوص بجسده الغض أيضاً، فويل للقاسية قلوبهم من عذاب يوم عظيم، وقاع الدولة الوطنية السورية سيبلع روج ايفا وروج النصرة، وروج داعش وروج صعاليك جيش الفتح، وروج مرج دابق يا بلبع، سيبلعه بلعاً يا بلبع.
الولايات المتحدة الأمريكية، تمارس استراتيجيات التصريحات المتناقضة لأرباك الجميع للوصول الى العميق من أهدافها، فهي تفعل عكس ما تقوله دائماً وأبدأ، ولسانها ينطق بخلاف فعلها، فلا خروج أمريكي من المنطقة بمعنى الخروج كما يروّج بعض السذّج والمراهقين في السياسة، بل اعادة تموضع وانتشارات هنا وهناك، مع اعادة بناء وتفعيل لشبكات العمليات الأستخباراتية العنكبوتية القذرة، لتعويض تموضعها وانتشارها، للبدء باستراتيجيات الأستدارة نحو أسيا وروسيا، والصين وايران، ودول أمريكا اللاتينية، ان في البرازيل، وان في فنزويلا، وان في باقي الساحات والحدائق الخلفيه لها هناك، وأي ادارة قادمة(ان جمهورية، وان ديمقراطية)في واشنطن دي سي، هي بمثابة ناطق رسمي باسم البلدربيرغ الأمريكي لا أكثر ولا أقل. وواشنطن لا تدعم منطقة آمنة في سورية خوفاً من أن يستفيد منها الرئيس أردوغان في تقوية نفوذه في الداخل التركي والداخل السوري، بعد اخراج الدكتور احمد داوود أوغلو وقبله الرئيس السابق عبدالله غول، والسيطرة على القضاء والشرطة والمخابرات والجيش التركي الى حد ما(الدستور التركي عمليّاً يتجه نحو الدستور الديني، وان كان شكلاً علماني وبقيت أي كلمات أو عبارات علمانيه تشير الى ذلك، والديمقراطية التركية تتجه نحو ديكتاتورية الديمقراطية)، وعندما يصرّح الناطق الرسمي باسم البلدربيرغ الأمريكي الرئيس أوباما: أنّ بوتين يعتبر أوروبا الموحدة تهديد لروسيّا، فهذا يعني وحسب ما أرى وأفهم هو يريد أن يقول لبوتين: هذا قاسم مشترك بين موسكو وواشنطن، نسعى معاً الى تقسيم أوروبا واضعاف أقوى اقتصادياتها(ألمانيا)، حيث ترى واشنطن أنّ أوكرانيا قويّة خطوة لجعلها تغزو أوروبا، ومن هنا الأوروبيون يرون أنّ أوكرانيا قويّة عسكرياً يعني أوكرانيا تغزوهم.
الأمريكي يتموضع بسياسة قديمة جديدة ازاء القارة الأوروبية، من حيث دفع الأوروبي لكي يتحمل جزء وازن ومهم من عبئ إقرار الأمن الدولي ازاء الأرهاب الذي صار يرتد الى الدواخل الأوروبية بفعل الحدث السوري وبفعل العبث بدماء الجغرافيا السورية وديكتاتوريتها، عبر فعل المزيد في مواجهته وخاصةً تنظيم داعش الإرهابي. قام الأمريكي مؤخراً بارسال250 عسكريًا أمريكيًا إضافيًا إلى سورية، بينهم أفراد من القوات الخاصة، للمساعدة في محاربة التنظيم المتطرف ويصب في الإطار ذاته للفخ المراد نصبه لأوروبا أمريكيّاً ليصار الى توظيفها في الصراع مع روسيّا والصين، حيث يمثل هذا الأرسال حافزاً جديداً للزج بأوروبا في التحالف الدولي. كما أمر أوباما رئيس جهاز المخابرات القومية، "جيمس كلابر"، لفتح ملفّات داعش في القارة العجوز بدءً من باريس وصولاً إلى تفجيرات بروكسل، وحديث الأخير عن وجود خلايا سرية لتنظيم داعش في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا، لتصب في اتجاه الفخ الأمريكي ازاء أوروبا، فما قاله الجيمس كلابر ليس جديداً لكنّ الجديد هو أن يقول كلابر ذلك الأن. ما هي مكونات سلّة الهدف الأمريكي من وراء الزج بأوروبا في القتال ضد التنظيم الإرهابي؟ يهدف الأمريكي بقوّة للعمل جنباً إلى جنب مع الأوروبي الجمعي، في منطقة غرب آسيا تحت عنوان "مكافحة الإرهاب" الذي عانت منه القارة الأوروبية في الفترة الأخيرة، ووجود مئات الألاف من اللاجئين الذين قد يتضمنون خلايا نائمة، تابعة للجماعات الإرهابية، وفق العديد من المصادر الأمنية الأوروبية، يتسبب في الرد الإيجابي على الطلب الأمريكي. ويرى الأمريكي الساعي الى توظيف الأوروبي وشيطانه الأرهابي لخدمة مصالحه، أنّه عبر التعاون الأوروبي الأمريكي بشكل أكبر في المنطقة يخفّف من حدّة تداعيات أي ضربة عسكرية واسعة توجّهها واشنطن في منطقتي غرب آسيا وشمال أفريقيا على الرأيين العالمي والأوروبي. كما يرى الأمريكي أنّ دخول أوروبا بشكل واسع إلى جانب واشنطن يقطع الطريق على أي إرتدادات "خطيرة" للرأي العام الأوروبي، بتحميل واشنطن التي تنوي ليس القضاء على التنظيم الإرهابي بقدر اضعافه واعادة هيكلته وتوجيه من جديد نحو أسيا ضمن استراتيجيات الأستدارة الأمريكية، بعد عودة العراق أولوية أولى في الأمن القومي الأمريكي ازاء ايران، مسؤولية التفجيرات التي سينفّذها التنظيم في أوروبا على شاكلة باريس وبروكسل، بإعتبار أن الوصول إلى القارة الأمريكية أصعب بكثير على هذه الجماعات من العمل داخل أوروبا حيث توجد بيئة حاضنة وخلايا نائمة منذ سنوات. هذا وتسعى واشنطن من خلال فخها هذا للأوروبي عبر دعوته لمزيد من الأنخراط، الى الوصول الى حالة من مظلة تمديد فترة الإعتماد الأمني الأوروبي على أمريكا، وذلك في إطار الإبقاء على "القطب الواحد" من ناحية، وجذبها بشكل أكبر في مواجهة واشنطن مع كل من الصين وروسيا من ناحية آخر. وإذا كان التدخل الأوروبي اليوم إلى جانب أمريكا يعد تحدياً غير مباشر لروسيا، فمن غير المستبعد أن تلجأ واشنطن للخطوة نفسها في أي مواجهة مقبلة مع الصين، لاسيّما في ظل التوترات الحالية في بحر الصين الجنوبي. انّ حديث كلابر يجيء بسياقات إستعراض واشنطن قدراتها الأمنية في ظل الظروف الحالية التي تعاني منها أوروبا ازاء الأخيرة ومتساوقة مع دعوات رئيسه في هانوفر بألمانيا، هنا تجدر الإشارة إلى أن دعوة أوباما لبقاء بريطانياً، الحليف الأبرز لأمريكا، في القارة الأوروبية يصب في البوتقة نفسها، وهذا ما أوضحه الرئيس الأمريكي في الزيارة الأخيرة عندما أكّد أن وجود بريطانيا في الاتحاد يساعد على بقاء امريكا قريبة من الاوروبيين، إلا أن دعوة أوباما أثارت إمتعاض البريطانيين لتدخله في شؤونهم الداخلية. أمّا السؤال هنا لماذا هذا الأنتقاء النقي لكلابر في دول محدد بدقة متناهية؟ هو انتقى بريطانيا بسبب الإنفصال عن أوروبا من ناحية، والعلاقة التاريخية إضافةً إلى تجاربها السابقة في أفغانستان والعراق، وأما ألمانيا بسبب عدد اللاجئين الذي إستقبلته خلال الفترة الماضية، في حين أن إختيار إيطاليا يتعلّق بالعملية العسكرية ضد تنظيم داعش في ليبيا، بإعتبار أن روما تولي هذه المنطقة من شمال أفريقيا أهميّة خاصّة. حالة عدم الأستقرار هي ما تعانيه منطقتنا الشرق الأوسطية، ومع ذلك تجيء تركيا وتبني قاعدة عسكرية في قطر، وتحت عنوان الشراكات مع الدوحة، تفعيلاً لأتفاق عسكري مسبق بينهما، يفيد بتمركز قوات تركية عبر استجلاب ثلاثة آلاف جندي تركي، من القوّات البريّة ووحدات جويّة وبحرية ومدربين عسكريين، وقوّات عمليات خاصة وهي أول منشأة عسكرية تركية في الشرق الأوسط، وأحسب أنّ هذه القاعدة العسكرية التركية في قطر ليست في وارد حماية الدوحة بسبب التواجد العسكري الأمريكي، وتهدف الى مزيد من عسكرة المنطقة، ويريد الرئيس التركي أن يقول للجميع أنّ تركيا هنا وفي كل ما يجري من تطورات اقليمية، كحال واشنطن وموسكو وباريس ولندن، وها أنا أبني قاعدة عسكرية في الصومال عبر تدريب عشرة آلاف جندي صومالي، وسأكون في أريتريا عسكريّاً، حيث ايران لها تواجد عسكري في جزيرة مستأجرة هناك، تقابلها جزيرة اسرائيلية وتواجد عسكري فيها، مقابل جزيرة تستأجرها الأمارات مع تواجد عسكري، وسيطرة اماراتية على ميناء عصب(التواجد الأماراتي هنا سببه كما تقول المعلومات، بدفع و رؤية لمحمد دحلان، عبر ارتباطاته مع مجتمع المخابرات الأسرائيلي، التي بناها من خلال التنسيق الأمني بين سلطة أوسلو وثكنة المرتزقة اسرائيل)منذ بدء العدوان البعض العربي على اليمن لمنافسة الرياض على السيطرة على باب المندب، حيث 10% من التجارة العالمية تمر عبره.
أنظر الى حالنا كعرب وكيف يستخدمنا الآخر لمحاربة بعضنا البعض، ضمن استراتيجيات الخداع الأستراتيجي(حروب عربية عربية)كنهج ولاياتي أمريكي وهي انعكاس لأستراتيجية الصبر الأستراتيجي، لصناعة حروب متنقلة(عربية عربية)والبدء من اليمن، وكلا الأستراتيجيتين وفّرتا الغطاء للعملية العسكرية والتي ما زالت جارية على اليمن الطيب والفقير، حيث لعنة الجغرافيا تلاحقه فما ذنبه؟. الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تشكيل بازارات من الحروب الطائفية والمذهبية، والتي يجري انضاجها على نار حامية في جلّ المنطقة العربية، وتجعل اسرائيل تتموضع في خارطة العمل العسكري الحالي على اليمن في الظل، حيث تتقاطع مصالحها(أي اسرائيل الصهيونية)مع البعض العربي الآخر، والذي بلع الطعم اليمني حتّى اللحظة بنهم، حيث آعاد التاريخ نفسه ولكن بالمقلوب في الحالة اليمنية الآن، حيث شعبها طيب وفقير وخطيئته الوحيدة هي الجغرافيا ولغتها، ودعم الأردن لهذه العملية العسكرية غير مقنعة لأحد ولكثير من الناس في الداخل الأردني والخارج الأردني وهنا أتساءل: هل يراهن الأردن على انزياحات تحققها خرائط التقسيم القادمة، والتي تحدث عنها أكثر من مسؤول أمريكي وعبر استراتجية الصبر؟ أمريكا تحارب العرب بالعرب عبر حلف ناتو عربي بدافع الرجولة الوهمية مع كل أسف، لأشعال حرب بسوس القرن الحادي والعشرين، ولمحاربة كل من لا يسير في الفلك الصهيوني والأمريكي من العرب، ودفع مصر لتكرارها في ليبيا والسؤال هنا: هل استيقظ الرجل العربي المريض على ايقاعات الأتفاق النووي الأيراني، والذي جاء نتاج حسم تفاهمات لوزان، حيث دارت ذات مسآت وصباحات رحى معركة المفاوضات النووية الأيرانية مع السداسية الدولية؟! الصمت الصهيوني على الحرب على اليمن الدولة والمؤسسات والشعب، جاء بطلب أمريكي في سياقات استراتيجية الخداع الأمريكية، وترك المجال للأعلام الصهيوني لكي يعرب عن الأمنيات بنجاح هذه العملية العسكرية، والتي سيكون لها ارتدادات عميقة على دول حواضنها ومن شارك فيها، وعلى الأقل أنّ التاريخ لن يرحم أحد، وها هي عمليات التسليح تجري على قدم وساق في اليمن لأطراف ضد أخرى وعبر السماء والبر والبحر، انّها وصفة لحرب أهلية أكثر عمقاً للوصول باليمن كما هو الحال في المشهد السوري، والعراقي، والليبي، وصولاً باليمن الى دولة أقل من فاشلة بدرجات، تخرج منها الزومبيات(نتاجات الوهّابية وفكر ابن تيمية المتطرف)الى جلّ دول الجوار اليمني وخاصةً منتجها الأصلي، والى دول العالم الأخرى عبر البحار والمحيطات، لتلتحم مع جماعات أبي بكر شيكاو(قرين أبي بكر البغدادي)في نيجيريا(حيث الرئيس محمدو بخاري)وفي دول الشمال والجنوب الأفريقي.
وتتحدث المعلومات، أنّ العمل يجري على تغير للمشهد في الجزائر واعادته الى سيرته الأولى مطلع تسعينيات القرن الماضي، ليكون مشابهاً لما يجري في المشاهد السورية والليبية والعراقية واليمنية، ولكن ما يطمئن النفس أنّ وعي الشعب الجزائري وقيادته وتساوق وتماهي هذا الوعي، مع عمل دؤوب ومستمر لمجتمع المخابرات الجزائرية وتنسيقاته مع الحلفاء والأصدقاء، وخاصة مع الروس والصينيين والأيرانيين، سيحبط مخططات محور واشنطن تل أبيب، ومن ارتبط به من بعض العرب والغرب. تقديرات المخابرات الجزائرية، وحول النظام الليبي الجديد كانت في مكانها، رغم تفوق نسبي لليبراليين الليبيين الجدد على الإسلاميين، لكنه تفوق نسبي غير حقيقي، مع سيطرة عناصر أسلامية مسلّحة، على كل فعاليات العمل العسكري، وهذا من شأنه أن يدعم، جهود العناصر الإسلامية المسلّحة في طرابلس، كما تذهب المعلومات، أنّ هناك جهود تبذل من المخابرات الأمريكية، والبريطانية، والفرنسية، وبالتنسيق مع عناصر ليبية جهادية مسلّحة، سلفية وهّابية من القاعدة وغيرها، لنقل فعاليات الصراع، إلى جل المسرح الجزائري، خاصةً مع وجود العناصر الإسلامية الجزائرية، كبيرة العدد والعدّة، قاتلت إلى جانب المعارضة الليبية المسلّحة ضد النظام السابق، فهي تريد مواصلة القتال والجهاد، في الجزائر، بدفع من السي أي إيه، والأم أي سكس، والمخابرات الفرنسية. وسيناريو العدوى الليبية، يتضمن نقل الصراع والقتال، إلى الجزائر، ثم إلى المغرب وموريتانيا، حيث هناك إسلام سياسي في ليبيا، جاء نتيجة وبسبب الإسلام السياسي الجزائري، الذي هو أشد تطرفاً بالأصل. إنّ إشعال الساحة الجزائرية، عبر نقل الصراع والقتال وعدواهما، من طرابلس إلى الجزائر، عبر مؤامرة مخابراتية- سياسية، من مثلث إطراف واشنطن باريس لندن، وبالتنسيق مع القوى العسكرية الفاعلة على الأرض في ليبيا، من شأنه تحقيق عدّة أهداف إستراتيجية هامة:-
يسمح بالتخلص من آلاف العناصر الجهادية المسلّحة المتواجدة الآن في ليبيا المحتلّة نيتويّاً، وهذا يسهّل على الناتو ترتيب الأوضاع في ليبيا المحتلّة، وفي ظل وجود ومشهد جديد ما زال مفتوحاً على كلّ شيء الاّ الأستقرار، فعدم وجود هذه العناصر المسلّحة الإسلامية المعيقة، للترتيبات الناتويّة القادمة والتي ظاهرها للساذج رحمة وباطنها للمتابع عذاب، يساهم الى حد ما انتاجات لتوليفات حكم متعددة وليس توليفة حكم واحدة، تكون بمثابة خلفيات عميقة للأرهاب المراد ادخاله الى الجزائر من جديد. وإشعال الساحة الجزائرية، ومحاولة إسقاط النسق السياسي فيها، يعني إضعاف القدرات الجزائرية، وتحول الجزائر، إلى دولة فاشلة، أكثر فشلاً من دولة اليمن المعتدى عليه عربياً، وهذا الأمر تسعى له تحديداً، المخابرات الفرنسية، حيث فرنسا تعيش، حالة قلق سياسي عميق، على نفوذها في مناطق شمال وغرب أفريقيا، من خطر تعاظم قوّة الجزائر، وتحولها إلى قوّة إقليمية نافذة وفاعلة وناجزة باسناد روسي واضح. وإشعال الساحة الجزائرية حرباً وقتالاً عنيفاً، من شأنه أن يتيح إلى جانب التخلص، من العناصر الجهادية الإسلامية، المسلّحة الليبية والجزائرية، يقود إلى التخلص أيضاً، من العناصر الجهادية الإسلامية المسلّحة الموجودة، في أوروبا كخلايا نائمة، بحيث تقوم أجهزة المخابرات الأوروبية، على دفع وتسهيل مسألة هجرة، هذه العناصر الإسلامية المسلّحة، والمتواجدة على الساحات الأوروبية، للذهاب إلى الجزائر للقتال والمساهمة، في إسقاط النسق السياسي الجزائري. وإشعال المسرح السياسي الجزائري، سوف يأخذ طابع العنف السياسي الديني، المرتفع الشدّة، وطابع عسكري دموي، وهذا يعني ببساطة: حرب أهلية إسلامية اثنيه عميقة حرب جزائرية – جزائرية. إنّ خط العلاقات الجزائرية – الروسية، صار أكثر إدراكاً ووعيّاً، لجهة أنّ واشنطن، تسعى لجعل دول الإتحاد الأوروبي، تحصل على إمدادات النفط والغاز، من ليبيا والجزائر لاحقاً، وهذا من شأنه أن يبطل مفعول مشروعات روسيا الفدرالية، والتي تهدف لجهة احتكار، تزويد أسواق الإتحاد الأوروبي، بالنفط والغاز الروسي، وهذا من شأنه أن يضر بمصالح روسيا والجزائر، ويؤثر على معدلات النمو الاقتصادي الروسي وهذا ما تسعى إليه أطراف مثلث:- واشنطون باريس لندن. ورغم محاولات مجتمع الأستخبارات الجزائري للوصول الى حالة استقرار معقولة في الشمال المالي، الاّ أنّه من المعروف أنّ منطقة شمال مالي وخاصةً إقليم(أزواد) تخضع حالياً لسيطرة متمردي الطوارق أو نفوذهم، وجماعات إسلامية متشددة ومنها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي الإسلامي، وجماعات جهادية أخرى متحالفة معه، والقرار الدولي في التدخل العسكري في مالي آواخر عام 2012 م في حينه، كان بحجة القضاء على المتمردين الطوارق ومن ارتبط بهم من حركات جهادية مسلحة بجانب تنظيم القاعدة، لكن الهدف منه كان محاولة لنقل الصراع إلى داخل الجزائر عبر توريط الجزائر بهذا الصراع، والذي يشبه شبكة العنكبوت لجهة شكل خيوطها، ليصار إلى تثوير الشارع الجزائري ضد نسقه السياسي التحرري العروبي.
فيا بعض بعض العرب، ويا بعض بعض أمتي، ويا بعض بعض قومي، من أيّ صلصال قدّت قلوبكم؟ وعبر أيّ مدرسة صيغت ولقّحت عقولكم؟ يا نتاجات فكر ابن تيمية، عليكم أن تشكروا مجلس الأمن الدولي الآن وبعمق، الذي طالما حاربكم وكانت قراراته تقتل شعوبكم، وعبر الفيتوهات الأمريكية على مشاريع قراراتكم المصاغة باللون الأزرق، بعد أن عمّدت بالدماء القانية في فلسطين المحتلة، اليوم يا بعض العرب لا فيتو على مشاريعكم ولا على مطالبكم، كونها مشاريع تقتل العرب بالعرب وتزيد الانقسامات الأفقية والعامودية بينكم، إنّ ما يجري في حواضركم يا بعض العرب، إن في اليمن الذي يذبح من الوريد إلى الوريد بسكاكينكم المسمومة، وخناجركم المغروسة بالخواصر، وان في سورية التي تستنزف شعباً وجغرافيا وديمغرافيا، ونسقاً سياسيّا مقاوماً، وان في العراق المراد تقسيمه إلى ثلاث دول، وان في ليبيا والتي صارت أرض وبلاد مملوكة على الشيوع لأسفل خلق الله، وما يحضّر للجزائر الدولة والدور والمقدّرات والشعب والنسق السياسي، وجلّ جلّ دول بلادنا وساحاتنا الضعيفة والقوية على حد سواء، هذا الذي يجري كموت زؤام هو مشاريع لتدمير الإنسان العربي، وسوف يكشف المستقبل لنا وقريباً، وسيسجل التاريخ وبرأس الصفحة الأولى، إنّ الذين دمّروا ما تبقى من العروبة هم العرب أنفسهم، وستكشف الأرقام حجم ونوع المال الذي دفع من قبل العرب لإحراق بيوتهم وجنّاتهم. وفي ذات السياقات الزمنية تطرح فيها المشاريع الاقتصادية الكبرى، ولكنها وهمية لإلهاء الشعوب بمستقبل وهمي خيالي غير واقعي، لا يمكن أن يكون مشرقاً حيث القرار مرهون بيد الخارج الباحث عن مصالحه عبر بعضنا كوكيل. اليمني بمكوناته، لم يلجأ حتّى اللحظة إلى خياراته وهي مفتوحة في مواجهة العدوان العربي عليه، حيث طبّق حتّى اللحظة إستراتيجية الصبر بدقة وعلى طريقته وبانضباطيّة فريدة من نوع.
0 comments:
إرسال تعليق