الأحد، أغسطس 05، 2018

نصرالله يرفع راية الإسلام بعد خسارته راية فلسطين!

ليس في أمة المسلمين من لم "يغضب" بسبب الإساءة لنبي الإسلام وخاتم المرسلين (ص). كل من يستظل بدوحة الإسلام، أو يؤمن بحوار الأديان، أو يرفض التعرض لمعتقدات الآخرين-من المسلمين وغير المسلمين- ساءه أن تُعرض مقاطع فيديو مسيئة إلى هذا الحد. هذا أمر لا يحتاج إلى شرح طويل لتأكيده أو بيان أسبابه، وذلك بغض النظر عن طريقة التعبير عن الغضب، علماً أن بعض الغضب يخدم المسيئين للإسلام أكثر مما يخدم المدافعين عنه!. لذا فإن الموضوع، محل التأمل، بسبب تحرك "حزب الله" دفاعاً عن الرسول (ص)؛ ليس "الغضب" الحاصل حكماً، والمتوقع سلفاً، من المسيئين قبل غيرهم (صرّحوا بذلك)، ولا بيان الطريقة الفضلى للتعبير عن رفض الإساءة (لجهة رفض بعض مظاهر الغضب كما في بنغازي وطرابلس تحديداً)، ولا الخلاف حول ضرورة منع استكمال هذا العمل أو نشره أو تجريم أي إساءة للأديان على غرار تجريم معاداة السامية، وإنما الموضوع، محل النظر، هو قراءة سلوك "حزب الله"، وخطاب أمينه العام بمناسبة هذه "القضية". في الواقع، فقد تحرك الحزب بقوة، إلى الدرجة التي ظهر فيها السيد حسن نصرالله متكلماً أمام الجموع مباشرةً، غير آبهٍ بالضرورات الأمنية التي تدفعه للحديث عبر الشاشة دائماً. ومع التأكيد أن تحرك "حزب الله" - كما الحركات الإسلامية، من المذاهب كافة - طبيعي وغير جديد إزاء أية إساءة لنبي وتعاليم الإسلام، فإن محاولة السيد حسن نصر الله تصدّر قافلة الغاضبين، واعتباره تظاهرة الضاحية الجنوبية لبيروت "بداية تحرك على مستوى الأمة كلها" يدفع للتساؤل؛ هل ما زال السيد حسن نصرالله يملك الوزن النوعي الذي يؤهله لذلك، بعد الاستنزاف الهائل لرصيده الشخصي ورصيد حزبه إلى ما دون الصفر؟! في واقع الحال – الذي يُفترض أن الحزب يعرفه - فإن عودة الصبغة الطائفية إلى صورة "حزب الله" على نحو فاقع، بسبب أدائه ومواقفه و"رؤاه" الخاصة في غير ملف داخلي وخارجي (مفارقة مواقفه من الأحداث في سوريا والبحرين مثلاً)، وفقدان الحزب الهائل لمصداقية شعاراته، بل معتقداته، وفي مقدمها الدفاع عن المظلوم (هيهات منا الذلة)، واضطراب علاقاته بالقضية المركزية، فلسطين، استتباعاً لانكشاف زيف نظام "الممانعة" أمام جماهير الأمة كلها، بما في ذلك فلسطينيي الداخل والخارج، مضافاً إلى ذلك، تفكك الحلم الأسطوري الذي حاول المتكلمين باسم الحزب تسويقه يوماً، باعتباره يمتد من إيران إلى فلسطين بما في ذلك تركيا وقطر وحركات المقاومة الفلسطينية!... يدفع ذلك كله إلى سؤال أكثر عمقاً: هل يشتري السيد نصرالله "قضية" جديدة – سيما أنها جامعة فعلاً - في محاولة لتعويم نفسه عربياً وإسلامياً؟! القراءة السياسية - لسيئي النية تجاهه - تقول بذلك، بل تقول أكثر؛ ذلك أن توجيه الغضب إلى أميركا – وهو غضب محق بلا ريب لكنه يغفل وجود جهات أخرى مسؤولة أيضاً- يعود بفوائد محضة على الحزب، الذي لطالما استدر دعماً شعبياً من كراهية أميركا من قبل شعوب المنطقة، باعتبار أن الحزب عدو لها ولربيتها إسرائيل (هذه القراءة السياسية لا تعني أن الحزب غير مستاء فعلاً من الإساءة للإسلام). بناءً على ذلك، فقد ركّز السيد نصرالله على اعتبار مقاطع الفيديو المنشورة "الأخطر بين الإساءات السابقة كلها"، وبما يتعدى إحراق المسجد الأقصى عام 1969، أو كتاب "آيات شيطانية" عام 1988، أو الرسوم المسيئة عام 2005 وما بعدها. وبناءً عليه أيضاً ركّز نصرالله على "الوحدة بين المسلمين" ووجّه تحية إلى أشخاص من السنة – والمسيحيين - شاركوا في تظاهرة الضاحية. واستتباعاً؛ أعاد نصرالله توجيه الغضب نحو أميركا و"أصدقائها" في المنطقة، محمّلاً أصدقاء أميركا مسؤولية "الضغط على الإدارة الأميركية كي تحترم نبينا وديننا"، ورافضاً أن يقوم "أصدقاء بتبريد ردود الفعل حول ما حصل"! هل ينجح "حزب الله" في إعادة تعويم نفسه وقيادة موجة الغضب لله ورسوله؟! لا يبدو ذلك ممكناً، فالضرر الذي لحق بالحزب جراء العوامل التي سبق ذكرها هو من النوع غير القابل للترميم بسهولة، وصحوة المخدوعين بشعاراته أوعى من أن ينطلي عليهم أي خداع جديد، سيما الذين أعادوا قراءة تاريخه... وهذا ما بدا واضحاً في حجم الاهتمام المحدود؛ الشعبي والرسمي والإعلامي بدعوة السيد نصرالله الأمة للتحرك، إذ بقي تأثير كلامه حبيس وطن ضيق، وطائفة كريمة... وكل "غاضب" فيما عدا ذلك ما زال يغضب على طريقته، وكثير منهم غاضب من نصر الله أصلاً. وما يلفت الانتباه أكثر، أن الحزب لم ينجح في تظهير صورة صالحة لإعادة تعويمه – ولو من باب المحاولة. صحيح أن السيد نصرالله تجاهل الثورة الكاشفة (السورية)، بهدف تقديم خطاب عابر للحدود والطوائف، إلا أن التعبئة الشعبية لجمهوره، و"كوادر" حزبه سمحت للحضور بتمرير أعلام النظام السوري – بلا مناسبة - وصور عملاقة لأحد أكبر المسيئين لله ورسوله؛ بشار الأسد! بما يعني أن المشهد أبطَلَ الكلمة قبل انتشارها، لأن الرأي العام الإسلامي كله يدرك اليوم –من خلال مئات مقاطع الفيديو المنشورة- كيف يعتدي بشار الأسد على أماكن العبادة، وكيف يستهزئ جنوده بآيات الله ويحرفونها ثم يكتبونها على جدران المساجد، وكيف يُجبَر الناس على قول: "لا إله إلا بشار...ماهر" (أمر شائع جداً في المعتقلات وشرط شبه دائم لإخلاء السبيل) أو كيف يجبرون للسجود لصور الرئيس الأسد من دون الله... بما يمكن وصفه أعظم الإساءات لله والرسول (ص)، باعتبار أن هذه الإساءات عملية وإجبارية... المفارقة هنا أن "حزب الله" لم ير ذلك كله، بل تحدى مشاعر المسلمين برفع صور بشار الأسد وسط تظاهرة شعارها: "لبيك رسول الله"!. ثمة مثل يقول؛ جاء ليكحّلها فأعماها. المثال السابق ينطبق على الحزب ومقاربته "قضية" الإساءة لنبي الرحمة محمد؛ صلى الله عليه وآله وسلم. 
 فادي شامية

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية