وبدا غريباً عدم تسجيل أي إصابة بالفيروس في سوريا، رغم الرحلات اليومية بين طهران ودمشق، والتي لم تتوقف بعد إعلان انتشار الوباء في إيران وكانت مستمرة خلال فترة إنكار نظام طهران لحجم الإصابات لديه.. إضافةً إلى التواجد الإيراني العسكري والمدني الكثيف في مختلف مناطق سيطرة النظام السوري.
مقاطع مصورة تنتشر على وسائل إعلامية موالية تؤكد على جاهزية المشافي لأي طارئ وعمليات فحص المسافرين الوافدين عن طريق المطار. لكن الحقيقة في مكان آخر. يبدو ان السلاح الوحيد الذي يملكه النظام لمواجهة هذا الوباء هو الإنكار؛ أما منظومته الصحية، فهي عاجزة تماماً عن التعامل مع "كورونا".
قبل أيام، اعتقل النظام السوري الدكتور سامر الخضر، مدير مستشفى "المجتهد" في العاصمة دمشق، على خلفية تصريحه بظهور أول إصابة ب"كورونا" في المشفى الذي يديره؛ وتم إجباره بعدها على الظهور على وسائل الإعلام الحكومية لينفي الخبر، ويبرر ما نشره سابقاً عن الموضوع بأنه كان مجرد اشتباه بإصابة أحد المرضى ب"كورونا"، ولكنه أخطأ بالتشخيص.
وبالتزامن مع اعتقال الخضر، أصدر النظام تعليمات سرية إلى المشافي، بخصوص التعامل مع فيروس كورونا؛ وقال مصدر ل"المدن" من داخل أحد المشافي بالعاصمة دمشق: "أول تلك التعليمات هو إجبار الأطباء والممرضين على التعامل مع كافة المرضى الذين ظهرت عليهم أعراض الكورونا على أنهم مصابون بالتهاب رئوي حاد، وتسجيل حالة الوفاة للمصابين بتلك الأعراض على أنهم توفوا بسبب فشل رئوي أو بسبب السل".
وقد أثّر سعي النظام لإنكار الواقع على الحالة الصحية للكادر الطبي، يقول المصدر: "هناك ممرضتان شقيقتان تعملان في المشفى التي أعمل بها، ظهرت عليهما أعراض الكورونا بعد إشراف إحداهما على مريض إيراني، وماتت إحداهما إثر ذلك، وسجل سبب الوفاة بأنه فشل رئوي حاد. ورفضت إدارة المستشفى أن تجري لشقيقتها تحليل الكورونا، لتقرر هي بأن تحجر على نفسها داخل منزلها بشكل طوعي، خوفاً من أن تتسبب بنقل العدوى".
وبحسب المصدر نفسه فإن التعليمات الجديدة ترفض إجراء أي تحاليل تخص فيروس "كورونا" داخل المستشفيات السورية، ويقول: "هناك عدد كبير من المسافرين يقصدون المستشفى لإجراء فحوص الكورونا، ومن ضمنهم مجموعة من الطلاب السوريين العائدين من إيران عن طريق المطار، الذين تم فحصهم بمؤشر الحرارة في المطار، وظهرت لديهم أعراض ارتفاع الحرارة، وتم تحويلهم لإجراء فحوص طبية للتاكد من سلامتهم؛ إلا أن إدارة المستشفى رفضت إجراء التحاليل لهم، متحججة بعدم وجود عينات من فيروس كورونا لديها، وعدم إطلاع كوادرها على كيفية إجراء هذا النوع من التحاليل. وتم تحويل هؤلاء الطلاب إلى اللجنة الصحية المختصة بفيروس كورونا في وزارة الصحة، التي لا نعرف حتى اليوم أين مراكزها ولم نسمع عن آلية عملها".
وبدلاً من اتخاذ إجراءات تضمن للكوادر الطبية عدم إصابتهم بالفيروس، تم اتخاذ بعض الإجراءات الغريبة، التي من شأنها أن تزيد من احتمال انتقال العدوى. أغربها بحسب المصدر، منع ارتداء الكمامات داخل المستشفى بشكل قطعي. فهناك تعليمات تمنع الأطباء والممرضين في المشفى من ارتدائها، إلا بحالة واحدة، داخل غرفة العمليات الجراحية.
ويقوم الطبيب والطاقم المساعد بالتوقيع على أوراق لتسلم الكمامات، ويتوجب عليهم تسليمها فور الانتهاء من العمل الجراحي. وقد رفض عدد كبير من الأطباء الانصياع للتعليمات المتعلقة بالكمامات، إلا أن الإدارة بررت ذلك بأن تلك هذه الإجراءات تمنع الهدر، فمخزون الدولة من الكمامات قليل، بالإضافة إلى أن ارتداء الكمامات طيلة الوقت يثير نوعاً من الرعب عند المرضى المتواجدين في المستشفى، وقد يتسبب بنشر إشاعات حول انتشار الفيروس.
الواضح أن حكومة النظام السوري لا تتعامل بجدية مع خطر "كورونا"، ولم تسعَ لضبط حدودها الجوية والبرية والبحرية للحد من انتشاره، بل اكتفت فقط ببعض الإجراءات الشكلية، المحصورة بمطار دمشق الدولي، أما الحدود البرية فلم تتخذ فيها أي إجراءات.
وفي بداية آذار/مارس، تم إرجاع حافلة سورية مليئة بالركاب كانت متوجهة إلى لبنان عن طريق معبر المصنع الحدودي، وذلك للاشتباه بإصابة راكبة ضمن الحافلة بالفيروس. وعلى الرغم من انتشار الخبر، إلا أن وزارة الصحة السورية لم تقم بأي إجراءات لفحص ركاب تلك الحافلة والتحقق من سلامتهم، وإنما عادوا من الحدود السورية بشكل طبيعي، دون أي تدابير وقائية تذكر.
لكن يبدو أن حالة نكران "كورونا" التي يعيشها النظام السوري وأجهزته الإعلامية لن تدوم طويلاً، وبالأخص بعد نشر الإعلامي المؤيد للنظام السوري رفيق لطف مجموعة من التغريدات يهدد فيها وزارة الصحة السورية بنشر وثائق تفيد بعدد الوفيات والمصابين ب"كورونا" داخل دمشق واللاذقية وطرطوس، إذا لم تقم الوزارة باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للحد من انتشار الفيروس.
0 comments:
إرسال تعليق