رغم بدء نفاد المهل القانونية والدستورية، لم يوقع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم إجراء الانتخابات النيابية الفرعية، في الدوائر التي بات فيها شغور في المقاعد، بعد الاستقالات التي حصلت بعيد انفجار مرفأ بيروت.
فوفق القانون الانتخابي والدستور، يفترض أن تجري الانتخابات
الفرعية قبل الحادي عشر من شهر تشرين الأول المقبل. وكان وزير الداخلية
محمد فهمي وقع مرسوم الدعوة للانتخابات الفرعية، ورفعه في 24 آب الفائت إلى
رئاسة مجلس الوزراء، وذلك بغية إجراء الانتخابات النيابية الفرعية في ست
دوائر انتخابية استقال بعض نوابها (بيروت الأولى والشوف وعاليه، وزحلة
والمتن، وكسروان، وزغرتا).
باسيل ووزني
وفي
التفاصيل، أرسلت رئاسة مجلس الوزراء المرسوم إلى وزير المالية غازي وزني.
فهو المخوّل برصد الاعتمادات المالية لإجراء الانتخابات. ووفق مصادر مطلعة،
حاول رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، الضغط من أجل عدم توقيع
المرسوم وطلب من وزني التحجج بعدم وجود اعتمادات مالية لإجراء الانتخابات.
لكن وزني رصد نحو 7 مليار ليرة كلفة الانتخابات، وأرسل المرسوم إلى رئاسة
الجمهورية، ليصار إلى توقيعه ودعوة الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء بدلاً عن
النواب المستقيلين.
المرسوم ما زال عالقاً في أدراج القصر رغم أننا أمام يومين
فقط لنفاد المهل القانونية، المحددة في الدستور اللبناني وفي قانون
الانتخابات. إذ يفترض برئيس الجمهورية توقيع المرسوم قبل 11 أيلول الحالي.
فقد قبل المجلس النيابي استقالة النواب الثمانية في جلسته المنعقدة
في 13 آب المنصرم. ووفق القانون الانتخابي والدستور، يفترض أن تجري
انتخابات فرعية لملء المقاعد خلال مهلة الشهرين من تاريخ قبول الاستقالة،
أي كحد أقصى 13 تشرين الأول. ولأن القانون نص على إجراء الانتخابات في يوم
أحد، يصبح الموعد القانوني لإجراء الانتخابات الفرعية وفق القانون هو يوم
الأحد في 11 تشرين الأول. والقانون ينص على شرط دعوة الهيئات الناخبة قبل
شهر من موعد الانتخابات. أي يفترض دعوة الهيئات الناخبة بحد أقصى في
تاريخ 11 أيلول، أي بعد يومين. غير ذلك، يكون رئيس الجمهورية وقع بمخالفة
واضحة وكبيرة للدستور والقانون.
انكشاف العونيين
ووفق
المصادر، يتخوف باسيل من إجراء الانتخابات في ظل الظروف الحالية. لأن
انتخابات دوائر بيروت الأولى والمتن وكسروان ستكون بمثابة اختبار شعبي لمدى
تراجع التيار. إذ كانت هذه الدوائر تمثل معاقل التيار وحصونه.
الموقف المبدئي للقوات اللبنانية هو عدم المشاركة في أي انتخابات فرعية غير الانتخابات المبكرة التي تدعو إليها. فالأولوية بالنسبة للقوات الانتخابات المبكرة، لأنه لا يمكن تحقيق أي تغيير في لبنان في ظل الأكثرية الحاكمة، ولا يمكن انقاذ لبنان في ظل الأكثرية الحالية. لذا الانتخابات المبكرة أولوية الأوليات وشرط أساسي لكل شيء، كما تقول المصادر. وتضيف: من غير المنطقي خوض انتخابات فرعية في وقت تشكك القوات بالمجلس الحالي بعد انتفاضة 17 تشرين، وتعتبر أن لا إمكانية لتحقيق التغيير في ظل المجلس الحالي. لكن بكل الأحوال، وبعد تحديد موعد الانتخابات الفرعية، ستجتمع الهيئة التنفيذية في القوات وتحدد الموقف النهائي منها.
أما حزب الكتائب اللبنانية فلم يحسم مشاركته من عدمها، لأن
المسألة رهن حلفائه السياسيين. وهو يتشاور معهم في هذا المجال. وثمة خطوات
متسارعة لإعلان جبهة سياسية مع مجموعات تمثل انتفاضة 17 تشرين. وهي من
ستتخذ القرار في المشاركة من عدمها. وفي حال وقع رئيس الجمهورية مرسوم
الدعوة للانتخابات وشاركت الجبهة ستكون الانتخابات بمثابة استفتاء شعبي لها
في دوائر بيروت والمتن وكسروان. وسيكون فوز مرشحيها بمثابة ضربة قوية لما
تبقى من التيار والعهد. أما في حال قررت الجبهة عدم خوض الانتخابات، وفي ظل
مقاطعة القوى المسيحية الأساسية، حتى لو فاز التيار بمقعدي بيروت ومقعدي
المتن، سيكون فوزه بمثابة خسارة ماحقة، لأن نسبة المشاركة قد لا تتعدى
الخمسة في المئة.
بجميع الحالات سينكشف ظهر التيار في الشارع المسيحي،
بعد ما تركته انتفاضة 17 تشرين من تداعيات عليه، وبعد انفكاك قدامى
العونيين عن تيارهم. لذا تعتقد المصادر أن رئيس الجمهورية لن يوقع المرسوم
في ظل هذين المشهدين الذين سيكشفان التيار.
ووفق مصادر متابعة للانتخابات، قد يلجأ رئيس الجمهورية إلى تأجيل الانتخابات الفرعية في الساعات القليلة المتبقية، مستنداً إلى توصية أرسلها وزير الداخلية مع مرسوم الدعوة للانتخابات، ومفادها أن هناك صعوبة لوجستية في إجراء الانتخابات، بسبب الانفجار الذي وقع في وسط بيروت، وبسبب حالة الطوارئ المفروضة في العاصمة، وبتمديد التعبئة العامة لمواجهة وباء كورونا حتى نهاية العام الحالي.
0 comments:
إرسال تعليق