الوثيقة التالية تخص السفارة الأمريكية في بيروت وصادرة عنها بتاريخ 7 كانون الأول 2007، وبقيت طي الكتمان بعد ان صنفت كمذكرة سرية من قبل السفير الأميركي جيفري فيلتمان، ليعود موقع ويكيليكس فيكشف عنها النقاب بتاريخ 30 آب 2011 تحت الرقم 07BEIRUT1928.
وتنقل المذكرة مجريات اجتماع بين السفير الأميركي جيفري فيلتمان وقائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان بتاريخ 6 كانون الأول 2007، أعرب فيه الأخير عن "بالغ إنزعاجه من النائب ميشال عون كونه العائق الأساسي أمام انتخابه رئيسا مقبلاً للبنان. ومن خلال استعماله عبارة "من يظن نفسه؟"، عبر سليمان عن سخطه ورفضه لمطالبة عون منه التنحي عن كرسي الرئاسة بعد مضي 18 شهراً على انتخابه.
كما تعهد سليمان بعدم قبول الرئاسة من خلال وسائل غير دستورية مثل الانتخابات البرلمانية التي اقترحها الرئيس نبيه بري لتفادي طلب موافقة مجلس الوزراء (الذي يراه بري غير شرعي). وفي حديثه نفى سليمان انه التقى مع حسن نصر الله هذا الاسبوع. كما أعرب سليمان، في حال انتخابه، عن رغبته تشكيل شراكة جديدة بين لبنان والولايات المتحدة، في محاولة لعكس الضرر خلال ولاية اميل لحود الرئاسية."
وفي التفاصيل، أنه في الاجتماع الذي جرى في مكتب قائد الجيش في وزارة الدفاع، وصف سليمان أن لقائه الأخير مع ميشال عون قبل أيام قليلة كان "رهيباً". حيث ربط عون دعم سليمان للرئاسة بعدة شروط ابرزها شرطين: الأول، ان يستقيل بعد 18 شهرا من انتخابه،مما يمهد الطريق لرئاسة عون بعد الانتخابات النيابية. الثاني، ان يمتنع عن الموافقة على تشكيل أية حكومة يرأسها سعد الحريري او فؤاد السنيورة.
وقال سليمان انه "يرفض رفضاً قاطعاً أي من هذه الشروط؛ فالرئاسة لمدة 18 شهر محددة مسبقاً تضعف سلطته. كما أن دستور الطائف يفرض على الرئيس ان يطلب من غالبية النواب اختيار رئيس الوزراء المكلف لتشكيل مجلس الوزراء. فسليمان لن يوافق على أي انتهاكات دستورية لصلاحيات رئيس الجمهورية مقابل أن يصبح رئيساً, وقال "اذا ما قمت أنا كرئيس للبلاد بانتهاك الدستور، فمن سيحترمه اذاً؟ ومن سيحترمني؟ خصوصاً أن كلاً من السنيورة وسعد الحريري سيدعمان ترشحي للرئاسة. فكيف يمكنني أن أقول لأي منهما أنك لن تكون رئيساً الوزراء؟"
وعندما سأل السفير فيلتمان العماد سليمان عن تصريحات و مطالب ميشال عون الأخرى، مثل التوزيع النسبي في مجلس الوزراء وفقاً لتمثيل الكتل البرلمانية. أجاب سليمان "هذا الرجل يحتاج إلى مراجعة الطبيب!", مشيراً في الوقت عينه بأصابعه الى جانب رأسه (دليل الى إصابته بمرض عقلي) بحسب ما ورد حرفياً في المذكرة الأمريكية. فعون يدعي أن يريد تعزيز مكانة الرئيس ولكن بدلاً من ذلك، يريد أن يحرم سليمان إحدى أهم السطات القليلة التي يملكها الرئيس والمتمثلة في قدرته على التوقيع مع رئيس الوزراء مرسوم تشكيل وتسمية الوزراء وتوزيع الحقائب الوزارية. وأشار سليمان إلى انه سيستخدم تلك السلطة لتعيين بعض المحسوبين عليه في الحكومة بحيث أن وزراءه سيكونوا القادرين على ترجيح الأصوات الحاسمة في مجلس الوزراء."
وفي رأي سليمان، فإنّ "محاولة عون ترمي لتقويض الصلاحيات الرئاسية المحتملة لسليمان منذ الآن، لأنه يعلم أن حصة سليمان من مجلس الوزراء ستكون على حساب التمثيل العوني. وعون يدعي العمل من أجل رئاسة جمهورية قوية، لكنه يعرف أن الرئيس القوي الذي ليس ميشال عون هو في الواقع أكبر تهديد له. وعوضاً عمّا يطرحه عون لجهة تغيير الطائف يتعين علينا أن نحاول تطبيقه أولاً".
ورداً على سؤال فيلتمان فيما خص كيفية انتخابه، كان جواب سليمان "أن انتخابه ليس أمرا مفروغاً منه لأنه لا يعرف كيف سيحسم بري مسألة التعديل الدستوري، في وقت لا يعترف فيه رئيس المجلس النيابي بشرعية الحكومة. اضاف سليمان انه رفض تماما فكرة بري ان يقوم المجلس النيابي بانتخاب سليمان متجاهلاً الإجرءآت الدستورية المطلوبة. فهو لا يريد أن يبدأ رئاسته بإشكالية دستورية واي تعديل دستوري يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء. وربما ما يقوم به بري حالياً هو ممارسة ألاعيبه أو المراوغة، مع ظني أن يرسل في نهاية المطاف بأحد الوزراء الشيعة الى جلسات الحكومة من أجل منحها الشرعية اللازمة... ولكنني لست متأكداً!"
وقد ختم الحديث "بسؤال وجّهه السفير لقائد الجيش حول التقارير الصحفية التي ذكرت أنّ سليمان قد اجتمع مؤخراً مع الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله. وإذ نفى العماد سليمان حصول مثل هذا الاجتماع مذكراً بأن قناة "المنار" نفته ايضاً، اضاف لكن هذا لا يعني أنني لا أملك الحق في رؤية نصر الله، وانه اجتمع معه مرات كثيرة في الماضي. واذ اوضح السفير أن سؤاله لا ينبع من الانتقاد بل من الرغبة في الحصول على فكرة عن موقف الحزب من رئاسة سليمان المحتملة، اضاف قائد الجيش "انهم يعرفون ما يمكن توقعه، انهم يعرفون أنني لبنانيّاً، ولست ايرانيّاً. مكرراً موقفه بأنه يريد للجيش اللبناني احتكار القوة العسكرية في لبنان، من دون أن تنتظر مني الولايات المتحدة نزع سلاح حزب الله في غضون أيام".
0 comments:
إرسال تعليق