مجموعة حوادث جرت في الأيّام الماضية في مخيّم عين الحلوة، بعضها طابعه فرديّ، والآخر لا تزال الفصائل، وخصوصا فتح، تحقّق فيها لتبيان ما إذا كانت تندرج في إطار التحضير لأعمال أمنيّة غبّ الطلب.
تترافق هذه الحوادث مع ضخّ إعلامي وسياسيّ بعضه صدر عن جهات تتخوّف فعلا من إمكان تحويل المخيّم الى بؤرة تمارس من خلاله الاعمال المعتادة المصوّبة باتّجاه الاستقرار، والبعض الآخر صدر عن الجهات التي تتقن زرع الخوف الذي هو الوجه الآخر لإطلاق التحذير بأنّ الوضع الامنيّ في لبنان رهن بما يجري داخل سوريا وفق المعادلة التي تترجم عادة بالتهديد بتفجير لبنان امنيّا كلّما دعت الحاجة، سواء بواسطة اسلاميّين لا يعرف بواسطة من يتحرّكون، او بواسطة فصائل فلسطينية مزروعة على الاراضي اللبنانيّة كي تكون مسدّسا جاهزا للتصويب عندما تقتضي الحاجة.
في هذا السياق يمكن تفسير التسريبات عن حصول تحرّك وتنظيم لبعض مقاتلي الجبهة الشعبية داخل مخيّم عين الحلوة، وهو تحرّك تردّدت اوساط فلسطينيّة في توصيف حجمه، ولم تستبعد في آن بأن يكون من ضمن التحضير لجهوزية ما تمهّد لعمل مرئيّ أو غير مرئي، حسب ما تقتضيه الحاجة.
وتشير الاوساط الفلسطينية الى انّ القيادة السورية خسرت فعلا الورقة الفلسطينيّة داخل سوريا ولم يتبقّ لها سوى الجبهة الشعبيّة التي تجاهر بأنّها ستقاتل مع النظام السوري الى النهاية، هذا في حين انّ كلّ الفصائل الاخرى، بما فيها حماس وفتح الانتفاضة، تراقب ما يجري على الارض بعين المراقب ومن موقع الحياد، ويمكن القول، تضيف الاوساط، أنّ بروفة إرسال المدنيّين الفلسطينيين الى الجولان وجنوب لبنان وما تبعها من نتائج ادّت الى بروز نقمة شعبية فلسطينية عارمة داخل المخيّمات في سوريا على النظام وعلى الجبهة الشعبية، كما أدّت الى ابتعاد كامل للقوى الفلسطينية عن النظام، وهذه القوى التي باتت تساند الثورة السورية وتحتضنها مع التأكيد على عدم التدخل ميدانيّا في ما يجري من أحداث.
وعن إمكان قدرة النظام على استعمال الورقة الفلسطينية لهزّ الاستقرار الداخلي في لبنان، تشير الاوساط الى انّ هناك صعوبة نسبية في تنفيذ هذا الامر نظرا لرفض الفصائل الكبرى، وخصوصا الحليفة للنظام، الدخول في مغامرة من هذا النوع، لكن ذلك لا يعني انّ النظام السوري لا يمتلك ادوات فلسطينية واسلامية متطرّفة يمكن الاستفادة من خدماتها في هذا المجال، خصوصا وأنّ أوضاع المخيّمات تنبئ بفوضى عارمة وبغياب لقدرة ايّة مرجعيّة امنية على إمساك الارض في مخيّم عين الحلوة وغيره من المخيّمات.
أمّا في ما يتعلق بخطر استعمال عناصر اسلاميّة متطرّفة فإنّ الإمكانيّة تبقى موجودة، وكذلك يبقى التهويل بحجم وقدرة هذه العناصر على التحرّك موجودا، وقد سجّلت القوى الامنية في الايّام الماضية عددا من الاحداث والتسريبات التي أوحت بأنّ تحريك الخوف من خطورة الاسلاميّين لم يكن بريئا، وأُريدَ منه إرسال رسالة الى المجتمع الدولي الضاغط على النظام السوري بأنّ أوراقا كثيرة يمكن استعمالها لتفجير الساحة اللبنانية، إذا ما ذهبت هذه الضغوط الى حدّ تهديد وجود النظام.
أسعد بشارة
صحيفة الجمهورية
0 comments:
إرسال تعليق