تواصل وثائق "ويكيليكس" كشف مواقف النائب ميشال عون المتقلبة والمُلتبسة، فهو يتهم سوريا بقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويقول بـ "وجود ألف سبب للاعتقاد بأن سوريا مسؤولة". وعن علاقة حزب الله مع حركة حماس يقول: "من البديهي أنّ هاتين المنظمتين الارهابيتين تدعمان بعضهما سياسيّا". ويَشكو من أنّ شحنات الأسلحة غير الشرعية ما زالت تمرّ عبر الحدود اللبنانية.
ويقرّ عون ان "حزب الله كان في السابق عنصرا شريرا في السياسة اللبنانية، وقد خدم طويلا مصالح إيران وسوريا"، ويتباهى انه نجح في وضع حزب الله في الزاوية. ويتفق مع سيناتور اميركي أنه "يجب معالجة مسألة سلاح حزب الله لضمان طبيعة لبنان الديموقراطية".
ويعلّق عون "أن العالم الإسلامي لا يزال متمسّكا بقيَم من القرن الرابع عشر".
نص الوثيقة
رقم الوثيقة: 06BEIRUT1238
تاريخ الاصدار: 20 نيسان 2006
الموضوع: لقاء بين السيناتور الأميركي كريستوفر دود والجنرال ميشال عون
1 - أبلغ رئيس التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون السيناتور كريستوفر دود أن الأمر متروك للبنانيين أنفسهم للدفاع عن سيادتهم، وعدم الاعتماد بشكل مفرط على المساعدة الأجنبية. وانتقد عون حكومة السنيورة لعدم إقدامها على تحسين الإنماء الاقتصادي وتعزيزه. كما أعرب عن اعتقاده أن وثيقة التفاهم مع حزب الله قد قيّدت مساحة الحزب في المناورة وطموحاته السياسية بشكل ملحوظ، وتحديدا أجبِر الحزب على إعلان أهدافه بمعايير لبنانية (مزارع شبعا) عوضا عن الأهداف الإقليمية (القدس). وبخصوص النظام السوري وامكانية تورّطه في اغتيال رفيق الحريري، صرّح عون أنه سوف يتم تحميل المسؤولية الى الأشخاص المذنبين في الجريمة، ولكن في الوقت نفسه فمن الضروري أن يعيد لبنان بناء علاقات وديّة مع أهمّ جيرانه. أخيرا، شرح السيناتور دود قضية اختطاف مواطن أميركي قاصر، والأهمية التي وضعتها الحكومة الأميركية على استعادة الطفل الذي يتمّ احتجازه حاليّا في مدينة بعلبك الخاضعة لسيطرة حزب الله بسرعة. قال ميشال عون انه سوف ينظر في المسألة، وسيحاول استعمال نفوذه مع حزب الله للمساعدة.
2 - التقى السيناتور الأميركي كريستوفر دود رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون في منزل الأخير في الرابية بتاريخ 19 نيسان. وقد شارك في الاجتماع القائم بأعمال السفارة الأميركية، فضلا عن مدير مكتب السيناتور ومساعده العسكري.
تحديات لبنان
3 - ورَدّاً على استفسار السيناتور دود عن الوضع العام، قال ميشال عون إن لبنان هو بالفعل دولة سيّدة ومستقلّة، ولكن اللبنانيين، وعلى مدى ما يقرب الثلاثين عاما قد تعرّضوا للترهيب من الحكم السوري لدرجة انهم لا يعرفون كيف يتصرّفون كمواطنين بكل معنى الكلمة. مشيرا الى أن العديد من اللبنانيين غير "معتادين على الحرية". وشرح قائد الجيش السابق أن غياب تجربة الحرية هي السبب الذي يدفع بالعديد من المواطنين للتطلع الى القوى الأجنبية، من أجل الحصول على مساعدة في توجّهاتهم وقراراتهم. كما أضاف عون انه حَثّ الحكومة الحالية للتوقف عن التذمّر والبدء بالعمل، خصوصا في مجالي الأمن والاقتصاد.
4 - أشار عون الى أن الاقتصاد اللبناني لم يشهد أي نمو في السنة المنصرمة. وأنّ لبنان غافل عن الاستثمارات المحتملة نتيجة غياب الشفافية والتفاوت في تطبيق القانون. وشدّد ان على حكومة السنيورة كَبح الفساد والسيطرة على نمو الميزانية الوطنية، التي أنتجَت بتجاوزاتها 38 مليار دولار أميركي عِبئا على الديون السيادية.
5 - ذكر عون أن خطة السنيورة المقترحة للإصلاح الاقتصادي تعتمد بشكل كبير على زيادة الضرائب وإعادة هيكلة الديون، مضيفا أن خطة رئيس الوزراء لا تعالج المشاكل البنيوية، خصوصا غياب الاستثمار المناسب في قطاعي الزراعة والخدمات. وأكد عون لمحاوريه ان التيار الوطني الحر ليس ضد تحرير التجارة والخصخصة.
6 - وفي شأن وضع لبنان الأمني غير المستقر، صرّح عون أن شحنات الأسلحة غير الشرعية ما زالت تمرّ عبر الحدود اللبنانية، متسائلا: هل من المعقول أن الحكومة لا تستطيع وضع حد لعمليات نقل الأسلحة؟. وشدد على أن من مسؤوليات الحكومة الرئيسية هي حماية حدودها وترسيخ الأمن لمواطنيها.
7 - اعترف عون أن الوضع السياسي الصعب، بوجود رئيس حكومة مؤيّد للإصلاح ورئيس جمهورية مُوال لسوريا، قد أدّى دورا كبيرا في المناخ الأمني الهشّ. ووافق ضمنا على أنه من الأفضل أن يتنحّى الرئيس إميل لحود من منصبه. لكنه لاحظ أن لحود ببساطة لن يغادر من تلقاء نفسه، وأن الأكثرية النيابية برئاسة تحالف 14 آذار، التابع لسعد الحريري، لن تدخل في حوار صريح حول كيفية استبدال لحود.
حزب الله: وكيل إيراني
أم كيان لبناني
8 - ورداّ على سؤال السيناتور دود حول نوايا حزب الله، أقرّ ميشال عون أن المنظمة كانت في السابق عنصرا شريرا في السياسة اللبنانية، وقد خدمت طويلا مصالح إيران وسوريا. وزعم أن وثيقة التفاهم مع قائد حزب الله حسن نصرالله قد نجحت في وضع المنظمة في الزاوية. مضيفا أن حزب الله كان يدعو في خطاباته في السابق الى تحرير جميع الأراضي المحتلّة، وأمّا الآن فهو يقتصر على مزارع شبعا. وكان حزب الله يدعو الى اطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين، أما الآن فهو يطالب باثنين او ثلاثة سجناء لبنانيين في السجون الإسرائيلية. وبينما كان حزب الله يزعم أنه قادر على استخدام سلاحه عبر المنطقة برمّتها، ها هو الآن يشعر أنه مقيّد للحديث عن مجرّد استعمال السلاح من اجل تحرير الأراضي اللبنانية. وعللّ عون أن هكذا خطوة ليست عديمة الفائدة، ولا ينبغي نفيها.
9 - وعندما عبّر السيناتور دود عن قلقه حول ما اذا كان يمكن الوثوق بحزب الله، سأل الجنرال السابق ما اذا كان لدى لبنان أيّة بدائل. وأشار الى أن المنطقة الحدودية في الجنوب كانت هادئة، منذ التوقيع على وثيقة التفاهم مع حزب الله في 6 شباط. وأكّد عون أن حزب الله، وعلى رغم روابطه الدينية والفلسفية مع طهران، يجب عليه انشاء هوية لبنانية، وإلّا سوف يتم عزله، وحتما إضعافه. وأعرب عون عن ثقته أنه من الممكن استيعاب حزب الله، ولكنه شدد على انه سيبقى متنبّها من ولائه. وعندما نصحه السيناتور دود بإبقاء عينه عليه، أجاب عون أنه سيكون أكثر حذرا، وسيُبقي "كلتَي عينيه" مفتوحتين.
مستقبل لبنان
10 - أعرب ميشال عون عن قلقه من أن لبنان كان غالبا مسرحا لحروب دول أخرى، نتيجة موقعه الاستراتيجي غير الحصين، بالإضافة الى تركيبته الطائفية. وقال إنه من المهم ألّا تتورط الدولة في مزيد من النزاعات الاقليمية، ومن المهم الحفاظ على الأمن المحلي. ومن اجل هذا الهدف، أشار عون الى أهمية نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ولاحقا الانتقال الى نزع السلاح من داخلها.
11 - واتفق مع السيناتور أنه يجب معالجة مسألة سلاح حزب الله، لضمان طبيعة لبنان الديموقراطية. ولكن عون أكد أن نزع سلاح حزب الله هو مسألة معقّدة وصعبة، ويجب إيجاد الحل لها من خلال الحوار الداخلي.
12 - وعلّق عون أن العالم الإسلامي لا يزال متمسّكا بقيم من القرن الرابع عشر، ولبنان كدولة عربية عليه إيجاد وسيلة للتوفيق ما بين حريّته وديموقراطيته مع المحيط الموجود داخله. وقال إنه من الممكن، في هذا الاطار، تفسير العلاقات الوطيدة ما بين حزب الله وإيران. فهي مبنية على علاقات دينية وثقافية، ولكنها لن تعيق حزب الله من الانخراط فعليّا في الحياة السياسية الديموقراطية اللبنانية. "لماذا معاداة حزب الله من دون فائدة؟" قال عون، مضيفا: "دعونا نرى ما ستكون أفعالهم".
13 - أمّا بالنسبة الى علاقة حزب الله مع حركة حماس، قال عون إنه من البديهي أن هاتين المنظمتين الارهابيتين تدعمان بعضهما سياسيا، ولكنه استبعد المساعدة العسكرية. كما أشار الى أن وضع حماس المالي الصعب يمنعها من بسط نفوذها الى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة.
العلاقة مع سوريا
14 - "على رغم وجود ألف سبب للاعتقاد بأن سوريا مسؤولة" عن اغتيال رفيق الحريري، نصح عون بانتظار نتائج التحقيق الدولي. واعترف ان تورّط النظام السوري في هذه الجريمة، من شأنه، بالتأكيد، أن يعقّد العلاقات اللبنانية - السورية، ولكنه لن ينهيها. وأكّد أن العلاقة الثنائية هي أهم من أن يتم تجاهلها، وأشار الى أن جميع اللبنانيين يتطلعون الى علاقات ديبلوماسية وترسيم الحدود وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين. وشدد على المصالح المشتركة بين البلدين، خصوصا الاقتصادية منها، وأوضح ان العلاقات الطبيعية تتم بين الدول وليس بين الأفراد.
15 - اعترف عون أن التاريخ الحديث والتصلّب السوري جعلا من الصعب تحقيق العلاقات الطبيعية بين البلدين، ولكنه شدد على أنه "يجب علينا الاستمرار". كما اعترف بالعديد من أعمال العنف السياسي، والذي أدّى الكثير منها الى سَلب حياة قادة لبنانيين، مضيفا أن العلاقات اللبنانية - السورية أهم من أن يتمّ تجَنّبها.
0 comments:
إرسال تعليق