الجمعة، أبريل 20، 2012
كتاب مفتوح إلى سعادة الممثلين على الشعب
الجمعة, أبريل 20, 2012
«المشهد السياسي» في «الجمهورية» مضحك مبكي، فها بعد مرور عام على حكومة «كلنا للوطن» أو «قولنا والعمل»، شهد لبنان ويشهد مسرحية هزلية، حضر فيها من سمح له وقته «الثمين» بالحضور، إلى «القاعة العامة» من السادة «نواب الأمة» العظام، طيب الله مقامهم، ورفع على أنقاض أجسادنا ورقابنا وصدورنا ومستقبلنا أعلامهم.
هو مشهد قد تصفه بالسوريالي، أو بالمسرحي الهزلي، تليت فيه لوائح الإتهام، التي لو وجه «نصف ربع ثلثها إلى أي شخصية سياسية في بلد ما، لتمنى لو انشقت الأرض وابتلعته، ولتمنى لو لم تلده أمه. ولكن الحمد لله، فنحن لا زلنا في لبنان. حيث جلود التماسيح التي لا هم لها إلا النهش والنهش والنهش، وتعبئة الجيوب، وإفراغ الخزائن وسرقة المال العام، إلخ إلخ إلخ.
إتهامات بالفساد المفضوح، والجرائم، والسرقات، والخوات والتعديات، على المفضوح، فلا يسلم منها أحد، إلا أن الأنكى، أن الردود تكون، ليس بالنفي، أو بالنكران، أو بالبلع، بل بإتهام الآخر بالمقابل، وكأنه يقول له: «صحيح أننا سرقنا كذا وكذا من الكذا والكذا، ولكن فريقكم سرق كذا وكذا من المكان الفلاني، وكذا وكذا من الآخر، فنحن متساوون في الذنوب، و«ما تتشاطروا علينا»... و«شو وقفت علينا»؟...
لا أيها السادة النواب، لم تقف عليكم، فأنتم جميعاً وقفتم «علينا»، بل فلنقل ركبتم على ظهورنا، معتلين صهوة محادلكم وبوسطاتكم، لتساووا رؤوسنا بالأرض، إن لم نقل لتطحنوا كل من يجرؤ أن يقول «لا»...
المشهد في هذه الأيام في «ساحة النجمة» مضحك، فالشباب النواب قد بدأوا جميعاً، بتمشيط الذقون، إستعداداً للإنتخابات «المصيرية» القادمة، فتحولوا إلى «الإهتمام بالناس»...فيهاجم النائب أكس النائب واي بطلب منه، ليظن الشعب أن النائب أكس مستهدف بسبب مواقفه، التي تحمي مصلحة «الطائفة»، وبالتالي، تتولى هذه المساجلات شحن النفوس، والتعبئة العامة، إستعداداً ليوم الفصل يوم الإستغنام الإنتخابي.
تذكرت فصلاً من مسرحية، للنجم الكبير عادل إمام، بعنوان الزعيم، وللمناسبة، فتحية من حرية لبنان الصامدة، إلى ديمقراطية الإخوان المصرية المستجدة، التي لم ترى علاجاً لأزمة السبعين مليون فم، بل للسبعين مليون أزمة التي تعاني منها، سوى مدخل واحد، وهو إعتقال ومحاكمة عادل إمام، هذا الذي «فش خلق» وأضحك الملايين من الشعب العربي، الذي بلغ بمسؤوليه الأمر أنهم أصبحوا يعتبرون التفل عليهم تبريكاً وتقديساً.
في المسرحية، يخاطب الزعيم «إمام» نائبه، عن نسبة من إقترع له في الإنتخابات، فيجيبه، تسع وتسعون فاصل تسعمائة وخمس وتسعون بالألف بالمئة!. فيمتعض، ويقول: «الواحد في الألف في المائة فين»، فيجيبه نائبه «المخابرات تبحث عنه وستأتي به بإذن الله»! فيكمل الزعيم الحديث، ويقول: «أنا في هذه المرة، سأسعى لراحة الشعب، لا أريد أن أتعبه، فالناس تبقى في بيتها مرتاحة، ونحن نستدعي متطوعين، ليضعوا أصواتهم في الصناديق، والنتيجة أريدها مئة بالمئة هذه المرة».
أيها النواب، ارجوكم، باسم كل شاب لبناني، بالأمس، إتحدت حناجر نصف الشعب اللبناني وأكثر، تطالب برحيل الجيش السوري، اليوم، يدعوكم الشباب اللبناني، ويقول لكم، بكل صدق، إرحلوا عنا...
إرحلوا عنا، نحن لا نريدكم، لا نريد كذبكم، وخداعكم، لا نريد سرقاتكم، ولا صفقاتكم،لا نريد ايديكم المضمخة بدماء اللبنانيين، وجيوبكم المثخنة بالمال العام المسروق، إرحلوا ارجوكم، فقد سئمناكم يا حكام التسلط الميليشيوي.إرحلوا، لنبدأ ربيعاً لبنانياً، فقد سئم لبنان أن يكون محكوماً منذ الأزل من قبل الزعامات الإقطاعية، وآن أن يحكم لبنان من قبل اللبنانيين، لا التابعين، ولا المستتبعين.
هذه المسرحية الهزلية، جلسة المناقشة، من يناقش من؟ السارق قليلاً يناقش السارق كثيراً؟ أم المجرم يناقش السفاح؟ من منكم غير متهم، من منكم يستطيع أن يقول أنه شفاف ونظيف، ولم يقم باستغلال السلطة أبداً؟ وهل لنا أن نسأل من أين لك هذا؟ ألا تعلمون، أيها النواب، أنه لو صودرت أموال من تعاقب على الحكم، منذ الحرب إلى اليوم، لسددنا الدين العام بسهولة بالغة، بل ولفاض على الخزينة ضعفي المبلغ!
هل لنا أن نسأل عن السلات المفخوتة، والصناديق المفروشة ذات اليمين وذات اليسار، والمجالس والخوات والسمسرات، هل نسألكم عن المحروقات، والإتصالات، والزفت؟ هل نسألكم عن الخوات، والتوظيف، والمحاسيب؟ عماذا نسألكم أيها السادة؟
أنتم في قفص الإتهام المعنوي، بانتطار ربيع يضع السارق والناهب منكم خلف القضبان الفعلية،ومن يدعمكم، ويقف وراءكم، أما آن لكم أن تشبعوا؟ أما آن أن تتوقفوا؟أما آن أن تتخرجوا من هذه المدرسة، إلى مدرسة أرقى، مدرسة المواطنية، بدل مزارعكم وإقطاعاتكم البائدة!
نواب لبنان، العصي منهم، والرؤوس، ليس مصير الطغاة عنكم ببعيد، فانتبهوا، لأن برميل البارود بدأ يغلي، والناس بدأت تكفر بكم، وبسياستكم، وبتكاذبكم، وهل لنا أن نذكركم أننا نعيش في زمن الربيع، فلا مجال فيه لخريفكم، ولنظام التحاصص المبتذل، والديمقراطية التناسلية التي تتبعونها... لا مجال لها في هذا الزمان...
نواب لبنان، عسى أن يصل كتابي المفتوح إلى مسامعكم، وأنتم تشربون القهوة معاً في بعض المقاهي، وتتندرون علينا، نحن الشعب المغفل، ثم تطلون بسجالاتكم التي تلعون بها انفسكم، نقول لكم، كفوا عن هذه المسرحيات، فاللعبة انتهت... والحساب آت...
::غسان بو دياب::
"الديار "


Posted in: