وهذا الأمر لا يقتصر على الحالة السورية فحسب فقد سبق ترويج مثل هذه الأقوال وتضخيم المخاوف من الحرب الأهلية في العراق وخطورتها على اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي، وأن المحتل الأميركي هو المستفيد الوحيد منها، وكانت النتيجة أن انسحبت القوات الأميركية وبسط الشيعة سيطرتهم المطلقة، فعراق اليوم هو جمهورية "محمد باقر الصدر".
لم يعد بحوزة "العرب السنة" شيء يملكونه أو يخشون عليه فهم في خسارة تتراكم يوماً بعد يوم، وتتعاظم هيمنة اعدائهم على ارضهم، فالشام والعراق كلها تخضع لحكم الشيعة، وبقية الدول السنية تقدم الجزية للشيعة وتتجنب أي صدام معها!
لم يُنتزع الملك من يد "العرب السنة" جملة واحدة فقد مهّد لذلك الغفلة عن الدين والهوية الإسلامية والتشبث بالأفكار البالية كالعلمانية، والقومية العربية، والثورية الجاهلية، وأوهام الوطنية، وقد ساهمت هذه الأفكار في ترسيخ التخلف والتردي الحضاري في العالم العربي والتي قادته وأسلمته الى عدوه الشيعي و"الغربي المسيحي".
والعجيب أن الغربيين والايرانيين يتقاتلون على سوريا ويسعى طرف لفرض أجندته، فيما يقف السنة خارج إطار المعركة لأنهم يرفضون الانجرار لما يسمونه الخطاب المذهبي واللغة الطائفية والتقسيم! ومع ذلك فالدماء والخسائر كلها سنية!
يتحدث وزير خارجية روسيا لافروف عن خطورة قيام نظام سني في سوريا، لتؤيده هيلاري كلنتون بتخوفها من الحرب الاهلية وخطورة تسليح المعارضة التي تطالبها بتقديم ضمانات للمسيحيين والعلويين، أما السنة في سوريا الذين تغتصب نسائهم فهمّهم الوحيد تبرئة أنفسهم من تهمة "الطائفية"!
لم يُعرف هذا السفه في منطق العقلاء ولا في اصطلاح الحمقى والمجانين والمخمورين، لكنه طغيان الأفكار المتمردة على أساسيات العقل وثوابت الفطرة وقواعد الشريعة والتي تساهم بقوة في قلب الموازين وإلباس الحق بالباطل وتزيين الباطل وتقديمه كبديل هزيل للحق الشرعي ونحن اليوم ندفع ثمن جاهلية الأفكار العصرية التقدمية (الوطنية والعلمانية والقومية) من دماء وأعراض إخواننا في الشام.
لم يتعظ أحد بنكبة بغداد على يد الشيعة خلال الاعوام السابقة (2005-2008) ليتكرر المشهد في مدن سوريا (2011-؟؟؟) وقد لدغنا من نفس الجُحر مراراً فلم نأتِ بشيء من تصرف العقلاء الاسوياء، وقول نبينا عليه الصلاة والسلام: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، فإنما يشير الى أن اللدغة الأولى توقظ المؤمن فيأخذ حذره ويعود الى رشده وصوابه فيستعد لكل طارئ ويتقي كل مكروه قدر استطاعه وطاقته.
المقصد مما سبق أن "العرب السنة" يألفون الهزيمة منذ عقود ليس لضعف مادي أو قلة عددية وإنما لأن عقولهم أصبحت مستباحة كحال ديارهم واوطانهم ومساجدهم وحرماتهم، وأي حال أشقى من أن يقاتل المرء بعقيدة خصمه ويتسلح بما ينتصر به خصمه، فنحن منذ عقود نقاتل اليهود والغربيين المسيحيين وطوائف الشيعة دون أن نبتغي بذلك القتال نصراً أو تمكيناً للعرب السنة!
وتستمر معارك السنة ضد اعدائهم المجهولين، لتكون النتيجة مزيداً من الهيمنة الخارجية ومزيداً من الضعف السني ليفرح العلمانيون والمنسلخون عن دينهم وفطرتهم بإنجازات الشباب السني المغفل أو المغيب.
لقد تغلّب الشيعة على البصرة وبغداد ودمشق وبيروت وحلب، وديار واسعة فتحها الصحابة اصبحت اليوم بيد من يلعنون الفاتحين ويقتلون أبنائهم، ويوماً بعد يوم تتسع الفتوحات الشيعية التي تسترد الحق المزعوم لآل البيت النبوي بحكم البلاد.
احترقت بغداد وهدمت مساجدها، ولا صوت فيها يعلو فيها اليوم فوق صوت "لبيك يا حسين" وجيش الإمام المهدي، واحترقت حمص واغتصبت نسائها، ونكبت إدلب وريفها ولا سيف يعلو فوق سيف العلويين.
ليس بعد مساجد بغداد وحرائر الشام من خسارة أو نكبة، وإنما النكبة في السكرة التي اصابت عقول المثقفين والنخب المتصدرة لقيادة الدول والمجتمعات الاسلامية.
لقد عجز المخلصون من التحرر من الهيمنة الايرانية بسبب خذلان وتآمر المثقفين السنة (العلمانيين والاسلاميين) ممن يرفضون الاعتراف والانجرار لما يسمونها الطائفية، لذا فنحن اليوم ننتظر أي حرب تنشب في المنطقة لتخرجها من إطار التفاهم الغربي –الايراني وتفرض حالة جديدة تكون بوابة لعودة السنة الى القيادة والزعامة والسيادة.
1-فالحرب بين اسرائيل وإيران عظيمة الأثر لو كانت حقيقة، وعلى العرب السنة الفرح لانكسار الايرانيين وإن كان في نفس الوقت انتصاراً للاسرائيليين اليهود. ففي حسابات السياسة حقد الشيعة وضررهم أعظم، وفي حسابات الدّين فإن أهل الكتاب أقرب إلينا من قوم لا يدينون بكتاب سماوي ولا يعترفون بشيء من آثار الرسل (الشيعة الوثنيون).
2-وكذلك الحرب بين الخليج (السعودية) وإيران، أو اي اعتداء ايراني على البحرين أو السعودية فهو جيد ومفيد لإفاقة للحكام والمثقفين ممن لا يودون الحديث عن الصراع الطائفي ويميلون الى التهدئة والحوار والتفاهم!
3-وكذلك الحرب بين اسرائيل ومليشيات الشيعة في لبنان فسيكون لها الاثر الكبير في لجم الشر الشيعي الذي يتدفق من لبنان الى سوريا والعراق والخليح.
4-وكذلك الحرب بين الولايات المتحدة وإيران، وأي ضربات عسكرية لمنشآت إيران النووية.
أعلم أن الأعداء المتحالفين يحاولون تجنب الحرب قدر المستطاع، لأن النتيجة مهما كانت ستصب في مصلحة "السنة"، لذا على السنة التهيؤ لحرب طويلة الأمد وقودها مساجدهم وأعراضهم إن بقوا يديرون سفينتهم نحو القبول بـ"العلمانية والتعددية والتنوع المذهبي" لكن احتمالات النصر متحققة بإذن الله تعالى لو كان السعي من أجل استعادة الزعامة السياسية والدينية على بلادنا المحتلة.
كاظم حامد الربيعي
0 comments:
إرسال تعليق