الأربعاء، أبريل 11، 2012

بلوشستان...ظهور جندالله

بلوشستان...ظهور جندالله


تنظيم جندالله يرى في إيران دولة عنصرية تأسست على فكر رجل واحد هو الخميني، ووضعت أساسها على فلسفة ولاية الفقيه، ليس إلا.

المقال ملخص مِن بحث محمد العواودة 'حركة جندالله في إيران'، المنشور ضمن كتاب المسبار السادس والأربعين (أكتوبر 2010) 'أهل السنة في إيران' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث ـ دبي.


ميدل ايست أونلاين









تشكلت إرهاصات الوعي الثوري في بلوشستان مبكّراً مع بداية نزول المحن في الإقليم؛ متجلّية في أهمّ ملامحها السوسيوسياسية في ميول شعب البلوش، المتوافرة على أرضية حقوقية عامة وبواجهة سلمية في غالبها الأعمّ، إلا أنها بقيت دون التشكّل والتنظيم بالمفهوم الحركي المعاصر، إلا في العقدين الأخيرين وبملامح محدودة أيضاً. ويوجد في بلوشستان تنظيمات إسلامية عديدة ومن أبرزها:

ـ حزب الفرقان، الذي تأسس العام 1969، على يد الشيخ جليل قنبر زهي شه بخشي، ويعد من أبرز الحركات المنضوية تحت لواء التيار السلفي.

ـ حركة جندالله بزعامة الشيخ عبد المالك ريغي، تأسست في العام 2002، وهي من الحركات السلفية التي تعمل لرفع الظلم وتحصيل حقوق أهل السُّنّة عامة والشعب البلوشي بخاصة، وتعتبر أقوى الحركات الاسلامية التي شهدتها البلاد السنّية على مدى عقد من الزمان وأكثرها تأثيراً في السياسية الإيرانية.

ـ حركة الجهاد الإسلامي، بزعامة صلاح الدين البلوشي، وقد تأسست قبل عامين تقريباً ولها نشاط ملموس في بلوشستان.

إلى جانب هذه الحركات توجد جماعات وحركات أخرى تنشط في الإقليم، وجميعها تعمل لهدف واحد: هو رفع الظلم والتمييز العنصري والقومي عن الشعب البلوشي وأهل السُّنّة عامة.

ويعتبر تنظيم "جند الله" من أهم الحركات الإسلامية العاملة في بلوشستان اليوم، وأكثرها فاعلية على المستويين السياسي والعسكري. ومنذ أن كان التنظيم تجمعاً شبابياً في البدايات تساوق مع الوضع القائم الذي يدعو إلى المقاومة السلمية من خلال المناشدات والدفع بالرسائل إلى مرشد الثورة وممثلي أهل السُّنّة (المفروضين) في البرلمان للتخفيف من معاناتهم، إلا أن مقتل وأسر أخوي الشاب الإسلامي النشط والمتحمس (قائد التنظيم) مع جملة من أبناء الإقليم، شكل تحوّلاً نوعياً في شخصيته التي أصبحت أكثر راديكالية، وأكثر إيماناً بالعنف كطريق أولى لنيل الحقوق والتخفيف من المعاناة، حيث بدأ يشكّل نواة التنظيم الأولى بثلّة من الشباب المتحمّس الذي أيّد فكره ومنهجه.

ويتّضح من دعوة التنظيم، وتركيبته السياسة والعسكرية وبنيته الفكرية وأدبياته النضالية، أنه تنظيم ينطلق من الفلسفة الجهادية والحقل المعرفي للحركات الإسلامية الثورية، وإن كان لا يرفع شعاراتها ولا يمارس طقوسها السياسية ويماثل هياكلها التنظيمية، إلا أن الشيء الأكيد أنه يهتم بأدبياتها ويستفيد من خبراتها العسكرية، ويشاطرها المحفّزات والمنشطات المشيمية في العقل الإسلامي الحركي المتموضعة في الوعي البلوشي في إيران بعامة، والحركي منه بخاصة في احتلال الإقليم ومصادرة حقوق السُّنّة فيه، ووضعهم في الإطار الوطني على القاعدة العقيدية، وإن استدعى ذلك الممارسة الخشنة، وهي التهمة التي تكيلها التنظيمات الوطنية والإسلامية جملة للحكومة المركزية في إيران، وتنظيم "جند الله" واحد منها.

تأسست جماعة "جند الله" على يد الشيخ عبد المالك في العام (2002) ، الذي ينتمي إلى قبيلة "ريغي" إحدى أكبر القبائل البلوشية، وهو أحد خمسة أشقاء أحدهم معتقل حالياً في سجون طهران، بينما قتل الثالث بعملية تفجير بسيارة مفخخة، وله شقيق آخر يقال إنه المنظر الحقيقي لجماعة "جند الله"، لأن ريغي مجرّد القائد الميداني للتنظيم، وأما الشقيق الخامس فهو الذي يعود تاريخ مقتله إلى 2002 بداية الشرارة الأولى للمواجهات، التي انطلقت ضد السلطات الإيرانية في إقليم "سيستان بلوشستان"، عندما قتله عناصر الحرس الثوري أمام عيني شقيقه عبد المالك، الشاب الذي لم يتجاوز عمره آنذاك 23 عاماً، فجمع عدداً من رفاقه للقيام بعمليات مسلّحة ضد القوات الحكومية حتى ترفع يدها عن سكان الإقليم الذي يقطنه السُّنّة جنوب شرق إيران، ومنها تحوّل هذا الشاب إلى أكبر مناهض لنظام طهران، غير أن مصادر إيران تذهب أبعد من ذلك، معتبرة أن ريغي بدأ في حمل السلاح ضد النظام، وهو في سن التاسعة عشرة، حيث أخذ يجادل علماء السُّنّة "المولويين" في الإقليم مطالباً دعمهم لحركته الفتية، كما كان قد سجن لفترة قبل أن يعلن تمرّده، حيث تقول سلطاتها إن اعتقاله، تم في مدينة زاهدان بسبب خلافات قبلية.

لقد أصبحت الحركة الإسلامية ـ جندالله ـ بفضل التأييد، الذي تحظى به بين الشعب البلوشي، من أقوى وأبرز الحركات العاملة في الإقليم، حتى أنها تصنَّف كأكبر حركة سياسية وعسكرية تعارض النظام من الداخل، وقد تمكّنت من توجيه ضربات موجعة لقوات الحكومة الإيرانية، سواء من خلال عملياتها العسكرية أو من خلال نشاطها الإعلامي.

واستطاعت الحركة في بداية تأسيسها أن تشكّل قاعدة شعبية لها، حيث بدأت نشاطها ببث الوعي الوطني في أهل السُّنّة من البلوش، مركّزة على توزيع الكتب والنشرات في المدن السنّية؛ للفت انتباه أهل السُّنّة إلى ما يجري عليهم، وما لهم من حقوق اجتماعية وسياسية ومذهبية في إيران، إلا أن السلطات الحكومية قامت باعتقال أعضاء الحركة وأعدمت بعضهم، وهذا الأمر كان دافعاً للحركة إلى التعجيل بحمل السلاح ومقاومة ما تعانية من اضطهاد، ولتبدأ عملياتها العسكرية ضد حكومة طهران، حيث استطاعت أن تفرض رؤيتها على المشهد الإيراني الداخلي وأن تحرج السلطة القوية في العديد من المرات.

يرى تنظيم جندالله في "إيران" دولة عنصرية تأسست على فكر رجل واحد هو الخميني، ووضعت أساسها على فلسفة ولاية الفقيه، ليس إلا. وبينما يصنفها البعض على أنها حركة سلفية أصولية، تنفي الحركة ذلك عن نفسها، معلنة أنها تطالب بقيام نظام ديمقراطي علماني يحترم اعتقادات الشعب ومذاهبه، لذلك قام زعيم الحركة عبد المالك ريغي بالإعلان عن تغيير اسمها إلى "حركة المقاومة الشعبية"، حيث يقول ريغي: إن"نضالنا لا يعتمد على العمل العسكري فحسب، فلنا مطالبنا وحقوقنا"، مشيراً إلى أن منهجه يعارض الأطروحات الراديكالية، سنّية كانت أم شيعية.. إلا أن جندالله تؤكّد في الوقت نفسه أنها لا تريد حكومة تعادي الدين.

ويؤكّد ريغي ذلك بالقول: "لا نريد من الحكومة الإيرانية إلا أن نكون مواطنين، نريد أن نتمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها الشعب الإيراني الشيعي ليس إلا، لا نريد التمييز بين الشيعة والسُّنّة في البلد".

مقال ملخص مِن بحث محمد العواودة 'حركة جندالله في إيران'، المنشور ضمن كتاب المسبار السادس والأربعين (أكتوبر 2010) 'أهل السنة في إيران' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث ـ دبي.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية