السبت، مايو 12، 2012

الدولار الأمريكى والحضارة المصرية ج 8


الدولار الأمريكى (أ)
(أ) ترشح الفكر المصرى القويم إلى العالم الجديد (الولايات المتحدة) خلال معابر ثلاثة :-

الأول : هو أن الماسونية المصرية ؛ والماسونية ، والماسون ، والماسونى ألفاظ أعجمية ، غير عربية ، لا يُعرف مصدرها فى أىّ لغة ، من ثم يترجح أن تكون سيما أو علامة أو نطقاً ملتويا للفظ ، أو جمْعَ أحرف للدلالة على البناءين (الأطهار) الذين سبقوا أو واكبوا إبنة الفرعون (شيشنق غالبا) والزوج الأولى لسليمان ابن داوود ملك إسرائيل ليبنوا لها قصراً ومعبداً ، على النمط المصرى ، والأسلوب المصرى الذى كان يرى فى البناء ضرباً من العبادة ، مادام أنه يقيم على الأرض ما يكون فى السماء (As above as down) .
ولا يوجد لفظ الماسونية أو الماسونى فى أى معجم عربى ، إنما جرى نطق التعبير عنهما باللغة الإنجليزية (mason) أو باللغة الفرنسية (macon) كأنه لفظ عربى ، ثم أخذ سمت التفعيلات العربية كألفاظ عالمانية ، وعالمانى ، وعالمانيون فصار التعبير هو الماسونية : أو ماسونية ، أو ماسونى للفرد ، أو ماسونيون للجمع .
وفى مظان التاريخ أن الماسونية تكونت عام 750ق.م وهو موعد قريب من عهد سليمان ابن داوود ، خاصة إن روعى فى ذلك بقاء الماسونيين المصريين فى أورشليم القدس ، حيث صار المعبد المصرى هيكل سليمان ، ثم استقطابهم عددا من الأحبار والصفوة ، فبدأ صيتهم فى الذيوع والإنتشار .
وبعد إحياء الماسونية عام 1717م عادت سيرتها الأولى ، بعد طول زيوغ وشدة إنحراف ؛ وصارت تتغازل وتتناسج مع المبدأ المصرى المشهور بالمعرفة الباطنية (أو المعرفة المقدسة أو المعرفة الكونية) والذى لا يسفر عن نفسه صراحة ، لما فيه من حقائق تقوض الأوهام التى تمتلىء بها رؤوس العامة ، بما يمكن أن يُحدث لهم اضطرابا ولا يجدى معهم نفعاً ؛ لكنها تلجأ إلى الحقيقة الباطنية للتعبير الظاهرى ، كما أنها تميل إلى إستعمال الرموز والشارات والمجازات والتشبيهات والإستعارة والجناس ، وكل ما فى هذا المعنى ، لتفضّه لأعضائها على درجات تصل إلى 33 درجة ، فلا يعرف العضو شيئاً جديداً ، قبل أن يهضم ويتمثل شيئاً قديماً .
الثانى : المنيرون أو المستنيرون الذين رأوا فى صحف إدريس (Hermetica) وفى مبدأ ماعت (الحق والعدل والإستقامة والنظام) مبادىء أفضل مما تدعو إليه الديانة المنظمة (Organized Religion) والكهانة المرتّبة (Ordinal priesthood) ، ذلك أن هذه وتلك تحتكر تحديد الإيمان وتفسيره ، وتجعل فى أيديها وحدها سلطة الحل والربط ، وقبول التقدمة ، وهبة الشفاعة ، وارتضاء النذر ، والموافقة على القرابين . بهذا تحول المطلق إلى نسبى ، يمكن للفرد أن يتجاوزه بها وبرضائها ، كما تحول القانون الأزلى والكونى إلى لهو ولغو يمكن لها أن تُخلّّص منه من يدفع لها (صكوك الغفران مثلاً) أو يكون مطيعاً لسلطانها . والأصل الكونى – كما فى صحف إدريس ومبدأ ماعت – أن لا خلاص من جهالات النفس وظلمات الكون إلا بالإنسان ، وبالإنسان وحده ؛ كما أنه لابراء ولا جزاء من شر وقع منه أو من خير صدر عنه إلا السوء المماثل أو الخير المكافىء للإنسان ، وللإنسان وحده .
وفى مايو 1776 أنشأ أدم وإيزهابت منظمة بشمال بافاريا سماها "المتنورون" (Illuminati) . ولما حُلّت هذه المنظمة عام 1784 بقرار من حاكم بافاريا وبإيعاز من الكنيسة الكاثوليكية ، تحولت المنظمة من كيان ظاهر إلى إتجاه خفى للتنوير . وكان التنظيم قد إنضم إلى الماسونية عام 1782 (أى عامين قبل حلّه) وتوسع نشاطه وامتد حتى شمل أسماء معاصرة ، وحتى نُسِبت إليه أحداث الثورة الفرنسية (1789) والثورة الشيوعية (1917) والحرب العالمية الأولى (1914) والثانية (1939) وغيرها ؛ وربما كان ذلك عن طريق الظن والتخمين وليس على سبيل الجزم واليقين .
وكان آدم وايزهابت مع الآباء الأمريكيين مثل جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وبنجامين فرانكلين وتشارلز توماس وغيرهم ، يعالنون بأنهم ماسونيون ويجاهرون بأنهم أسسوا دولة مدنية هى "الولايات المتحدة" على الأسس المصرية ، لتكون إعدادا للعهد الجديد الذى تكون فيه الإنسانية الحقة ، والذى يبدأ بحلول عصر الدلو (Aquarius) وفيه تكون اللحمة والسُّدى لكل شىء ، هى الأبوة الإلهية والصداقة الكونية والأخوة الإنسانية . وبهذا ينتقل المحور ليعود إلى ما كان عليه فى العصور الأولى لمصر القديمة حيث الباطن عوضاً عن الظاهر ، والجوانى بدلا من البرانى ، وسيادة القلب كمعبد للإنسان بعد أن كانت الأبنية هى المعبد .
الثالث : الولع المصرى (Egypt mania) . فعندما نزع الفرنسيون قبة معبد دندرة ووضعوها على عربة سارت فى أنحاء باريس ، بُهت الفرنسيون والأوربيون من عظمة وجمال ودقة ورقة ما رأوا . لقد تأكد لهم – من بعض علماء الفلك – أنه لا يمكن رسم هذه القبة بالشكل الذى هى عليه ، إلا من حضارة كونية يعرف الرهبان والرسامون فيها أسرارا كبيرة وبعيدة فى الكون ، مدة عشرة آلاف سنة قبل أن يرسموا القبة .
وانتصبت مصر فى تقديرهم كمعبد للكون وصفحة للسماء وحقيقة للفكر العظيم . لقد بدأت فيها الحضارة بأوزير (أوذيريس باليونانية وإدريس بالعربية) وسوف تعاود قيادة الإنسانية والكونية بفتاها ، الذى هو كلمة الله وروح الله ، والذى يولد فى مدينة بمصر إلى الغرب من النيل (النهر الخالد) ؛ وفى هذا تأكيد للعبارة التى وردت فى كتاب الموتى (The Egyptian Book of the dead) حيث قال أوزير : سوف أعود إلى بلدى . وهى كذلك تأكيد لما جاء فى أحد الأناجيل الممنوعة إذ يقول المسيح : سوف أعود قبل النهاية . والمقصود بالنهاية ليست نهاية الكون ، لكنها نهاية البشر الحديدى وبداية الإنسان الذهبى .
ويقال عن هذا الأمر باللغة الإنجليزية :


The God who exercise his dominion over the earth will be, Resorted one day and installed in a city at the extreme limit of Egypt A city which will be founded towards the setting sun, and into which hasten, by land and see The whole race of mortal men


وترجمتها التقريبية إلى العربية هى :
الله الذى باشر ملكه على الأرض ،
سوف يختار لتجلى حكمته وروحه مدينة على حدود مصر ،
مدينة تغرب عندها الشمس ،
حيث تحيط بها الأرض والمياه ،
وكثير من جموع الإنسانية سوف تتجه إليها .
وقد صدر هذا القول عن توماس كامبانيلا ، وكان عالماً ضليعاً فى السحر الهرمسى (المصرى) . والسحر المصرى – خلافاً لغيره - كان للخير ، أى إنه كان سحرا أبيض ، وله قوانين تخالف قوانين العالم الفزيائى . ويقال إن صاحبات إيزيس من كوكب حول نجم الشعرى اليمانية علّمن النساء على الأرض بعض قواعد وأعمال السحر . لكن أوزير كان القائد والنموذج والراعى (Patron) لهذا الإتجاه ، خاصة وأنه كلمة الله وروحه ، لكن فكره قد يُنسب فى اللغات الأوروبية إلى هرمس .
والمدينة التى تغرب عندها الشمس ، وهى بين الأرض والمياه ، تقع لا شك فى المنطقة من مدينة منف (ميت رهينة حالا) فى المنطقة الغربية لمصر ، وفى محافظة الجيزة ، حتى مدينة إمبابة . وهى أقرب منطقة إلى هضبة الأهرام عموماً والهرم الأكبر خصوصاً . وتوجد فى نهر النيل بين القاهرة والجيزة جزيرتان ، هما جزيرة الروضة وهى أقرب إلى القاهرة ، وجزيرة الزمالك التى تدخل ضمن نطاق القسم الغربى للنيل .
وقد زعم البعض أن هذه المدينة هى أون (عين شمس حالا) لكن ذلك غير صحيح ، لأن منطقة أون (أو عين شمس الحالية) تقع شرق القاهرة ، وليست منطقة يحدث فيها الغروب .
وقد كتب توماس كامبانيلا كتاباً عام 1602 اسمه مدينة الشمس (Citta del sole) يتسلف به كتاب السيرفرانسيس بيكون "الأطلانتس الجديدة" . ويقول المؤرخ فرنسيس ياتس (Frances Yates) إن كتاب كامبانيلا كان يستهدف العودة إلى الديانة المصرية القديمة (وكذلك فرنسيس بيكون) وأن كامبانيلا صادف إضطهادا كثيراً من الكنيسة الكاثوليكية بسبب أفكاره وآرائه ، التى كانت تهدف إلى أن تتلقى العامة من الناس العلم والمعرفة حتى يمكن تأسيس وحفظ الخير العام .
فالمسألة إذن ، ليست صراعاً بين الكاثوليكية وما تدعى أنه وثنية ، أو بين التشددية اليهودية وما قالته عن مصر من أنها أرض الأوثان ، إنما هو فى الحقيقة صراع بين الديانة المنظمة والكهانة المُرتَبة ، وبين الدين الأصلى الذى ظهر فى مصر ، وجاءها من السماء – فعلاً لا قولاً – حيث تكون منطقة الأهرام والأهرام الثلاثة فيها مشابهة للحزام الأوسط على كوكبة الجبار – التى تبعد عن الأرض سنة ضوئية .
وتقوم هذه الديانة على عناصر أهمها :-
(1) أن الله واحد أحد ، واحدية كلية تضم الجميع وتشمل الكل ، وأنه فى حركة مستمرة دائمة دائبة .
(2) أن الله خلق الإنسان ليخلُق به ، وأن على كل فرد أن يتعلم ويتعرف حتى يصل إلى الحكمة (سوفيا Sophia) ، فتتفجر ينابيع ذاته التى تصله بالكل ، ويتدفق منه القانون الإلهى ويتعرف على الغرض من وجوده ، ومن ثم يعمل على تحقيق هذا الغرض مستعيناً بالقانون الإلهى وفض ذاته وفقاً للقانون الكونى .
(3) القانون الإلهى فى الأرض والسماء هو مبدأ ماعت (الحق والعدل والإستقامة والنظام) التى لا يتعلمها الفرد ولكن يَكونُها بالفعل والقول والتصرف .
ولدى الكنيسة الكاثوليكية أناجيل ممنوعة – ربما كان منها أناجيل المعرفة – وهى تكشف عن أن رسالة السيد المسيح كانت فى الأصل عزوفاً عن اليهودية الرسمية (الديانة المنظمة) ورجوعاً إلى الديانة المصرية القديمة ، والتى تكون فيها الألوهية هى الأبوة الإنسانية ، والكونية هى الأخوة الإنسانية ، والذاتية هى تحقيق التوافق بين الفرد ونفسه ، وبين الفرد والمجتمع وبين الإنسان والكون .

المستشار محمد سعيد العشماوي

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية