الخميس، مايو 31، 2012

لعيون حافظ بشار

عندما رقص جنود النظام السوري على جثث المتظاهرين الابرياء وهم يهتفون "شبيحة للأبد لجل عيونك يا الأسد" ارادوا ايصال رسالة الى الجيل الشاب الذي تنتمي اليه غالبية الضحايا بان كل من يعترض على مبدأ الولاية الدائمة لبشار الأسد سيكون مصيره مثل مصير اهالي حماة في ثمانينيات القرن الماضي حين اعترضوا على ولاية حافظ الأسد الدائمة؛ يومها قال المستفيدون من النظام والقريبون منه ان الأسد الراحل "ربى السوريين لعشرين سنة لقدام".

وعندما تحصل مجزرة مثل الحولة خاطفة ملائكة بعمر الزهور، وفي الذكرى السنوية الاولى للجريمة البشعة التي حملت عنوان "حمزة الخطيب"، فان مرتكبيها يريدون توجيه رسالة الى اطفال سوريا وذويهم بعدم الاعتراض على الولاية المقبلة للطفل حافظ بشار الأسد، وسيخرج غداً من يقول من الحلقة الضيقة للنظام ان الرئيس السوري اراد بهذه المجازر ان "يربي السوريين لعشرين سنة لقدام".

في حديثه مع "صنداي تايمز" نهاية العام الماضي سئل بشار الأسد هل يتوقع ان يحكم سوريا ابنه من بعده فاجاب "لا احد يستطيع ان يقرر مستقبل ابنائه".

لم يقل ان سوريا الغد، سوريا المستقبل، يجب ان تعبر من الحكم الفردي العائلي الى الديموقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة. لم يقل ان في سوريا من هو قادر بالطبع على ادارة البلاد بكفاءة ورؤية، اعطى اجابة لم يكن بقادر على اعطاء غيرها، بمعنى ان الحكم لابنه، وبمعنى ان ابنه اذا اراد الحكم فسيحصل عليه وستزول كل المعوقات من امامه تماماً كما حصل معه، اما اذا لم يرد الحكم فـ"الحشود الشعبية والرغبة الوطنية والمصلحة القومية" كفيلة بتغيير رأيه عندما يحين الوقت.

طبعاً لا جدال في ان النظام الذي ينازع للبقاء فقد كل صلة له بالواقع وتحديدا واقع العلاقة بالشعب السوري الذي يقدم اثمن ما لديه لتحقيق هدف التغيير. هذا النظام الذي سيتغير عاجلاً أو آجلاً يستخدم اقصى قوة نارية لديه لاعادة الجيل الشاب الى مرحلة ما قبل "الموبايل" والكمبيوتر، ولا يرحم الطفولة لانه يعتقد ان وقود الثورة هو الجيل الشاب ولا بد من قطع طرق الامداد العمرية لهذا الجيل من جهة، اضافة الى خلق صورة مرعبة قاهرة في عيون الاطفال تستمر معهم "لعشرين سنة لقدام".

ليست المجازر التي تستهدف الاطفال في سوريا من باب الصدف او اخطاء المواجهة، ولم تكن كذلك يوماً. ما معنى ان تسحب اظافر اطفال درعا لانهم كتبوا شعارات على جدران مدرستهم؟ وما معنى ان يبلغ بعض الاساتذة اجهزة الأمن عنهم لو لم تكن صور القهر والاعتقالات والتعذيب حفرت في ضمائرهم "من عشرين سنة سابقة"؟ ما معنى ان يؤخذ طفل الى اجهزة الأمن ويعود الى ذويه جثة بلا اعضاء؟ ما معنى ان يعتقل الاطفال ويتعرضون لابشع الاعتداءات كرهائن كي يسلم اهلهم المعارضون او المنتمون الى الجيش الحر انفسهم ثم يتم ذبحهم مع اهلهم؟ لماذا يستخدم النظام الاطفال دروعاً بشرية عند اقتحام القرى والمدن؟

"لا احد يستطيع ان يقرر مستقبل ابنائه"، كان بشار الأسد يتحدث عن ابنه فقط تاركاً مصائر آلاف الاطفال لحدود المجازر من خلال ذبحهم او من خلال قهرهم بذبح اهلهم، لكن الواقع الذي غاب عن اهل السلطة في دمشق يؤكد ان هؤلاء الاطفال، الاحياء منهم والشهداء، هم الذين يقررون اليوم مستقبلهم ويحددون مصير سوريا ومصير النظام فيها ومصير ايامهم "لعشرين سنة لقدام".

علي الرز

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية