الاثنين، مايو 14، 2012

ايران في أبوموسى

أثارت زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الى جزيرة "أبوموسى" الاماراتية المحتلة من قبل القوات الايرانية، استهجانا عربيا، وكشفت الاطماع الايرانية الاستفزازية التوسعية.

وتسعى إيران وراء الإستفزاز، وراء التحريض على صنع التوتر، وتحاول تسميم علاقات التعاون البناء التي تحرص عليها دول المنطقة. ولكن أيضا من أجل ان توغل السكين في جرح العلاقة مع الإمارات.

وكانت الإمارات دعت مرارا إلى حل مسالة الجزر عبر المفاوضات المباشرة أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية.

ومع أن طهران لم تتخذ خطوة واحدة في إتجاه تجسيد الحوار، منذ اندلاع النزاع أوائل السبعينات من القرن الماضي حتى اليوم، فانها لا تكف، في الوقت نفسه، عن إتخاذ إجراءات عملية تنم عن رغبة بالإستفزاز والتصعيد.

وهذا هو ما تفعله إيران عادة: تقول شيئا، وتفعل آخر. وبمقدار ما يتعلق الأمر بمخاطبة شعوب المنطقة، فايران تبيع للسذج شعارات تستقطب من خلالها المشاعر المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل. ولكنها تتصرف في الواقع كقوة إستعمارية أخرى ليست أقل سوءا.

واوردت صحيفة "ذي ناشونال" التي تصدر باللغة الانكليزية في أبوظبي تقريراً تاريخياً عن بداية الاحتلال الايراني للجزر الاماراتية تنشره على حلقات لمشاهدات وذكريات عن تلك الفترة الحرجة من تاريخ البلاد.

جزيرة أبوموسى

على طول كورنيش الشارقة، بالقرب من ميدان المرجة، مشهد العبارة مألوف للذين يعرفون هذه المنطقة. ولكن بالنسبة للعديد من الاماراتيين هي أكثر من ذلك بكثير، هذه العبارة هي الرابط الوحيد بأرضهم المحتلة "جزيرة أبو موسى" من قبل الايرانيين والتي غادروها مجبرين تاركين ورائهم ذكريات وتاريخ موغل في القدم.

هناك لوحة خشبية وعلامة بيضاء تشير ان مرسى السفينة المتوجهة الى جزيرة أبوموسى هنا.

يقول محمد عبيد "50 عاما" "هذا القارب هو شريان الحياة الوحيد الذي يعيدنا الى جزيرة طفولتنا". ومحمد عبيد واحد من بين مئات الاماراتيين النازحين من سكان الجزيرة المحتلة من قبل القوات الايرانية.

وعلى بعد خطوات من مرسى السفينة الذاهبة الى جزيرة أبو موسى أفتتح محمد عبيد مكتباً عقارياً له، ليس من باب المصادفة! أنه يتأمل تاريخه الشخصي ويمد البصر الى أرضه "اخترت هذا المكان ليكون قريباً من القارب.. أشعر براحة لرؤيته وهو يبحر باتجاه الجزيرة، على الاقل للحفاظ على صلاتنا بأهلنا هناك".

القارب المصنوع بأدوات محلية اماراتية يرفع علم الامارات على الستائر الزرقاء وعلى عرض النوافد وتديره حكومة الشارقة وينقل المسافرين الى جزيرة أبوموسى مجاناً.

ويشرف على تشغيل القارب الذي يسع خمسين شخصاً ثلاثة بحارة فلبينيين بينهم ضابط برتبة نقيب، ويقوم برحلتين اسبوعياً يومي الاثنين والخميس ليصل الى جزيرة أبوموسى خلال ثلاث ساعات.

يبلغ محيط جزيرة أبوموسى 15 كيلو متراً وأبعد نقطة من مركزها تبعد 5 كيلو مترات، وترتفع مائة متر فوق مستوى سطح البحر في منطقة تسمى "جبل حلوة".

تنقل العبارة اسبوعيا لوازم الغذاء والدواء من الامارات الى أهالي الجزيرة لتمد الصلة بأهلهم هناك أسوة بالجزر الاخرى المحتلة من قبل ايران "طنب الصغرى" و"طنب الكبرى".

واحتلت القوات الايرانية الجزيرة في الاول من كانون الاول- ديسمبر عام 1971 بعد أعلان القوات البريطانية انسحابها وقبل يوم واحد من إعلان اتحاد الامارات العربية.

يستذكر عبيد ليلة الاحتلال الباردة عندما أقلقت طائرات الهليكوبتر والسفن الحربية سكينة أهالي الجزيرة ورست على طول الشاطيء.

وقال عبيد "اعتقدنا حينها أن الحرب قد بدأت".

وعانى عبيد مع العديد من أهالي الجزيرة العرب من التحقيق المتواصل من قبل القوات الايرانية المحتلة.

ويعيش في جزيرة "أبوموسى" أكثر من 1500 من سكان القبائل العربية المعروفة مثل السويدي والمهيري والمزروعي، عبر حياة بسيطة وبدخل سنوي يصل الى 3000 درهم إماراتي.

ويوجد على أرض الجزيرة متجر واحد للمواد الغذائية ومدرستين ومركز للشرطة، كما وفرت حكومة الشارقة طائرة لنقل الاهالي من الجزيرة.

وبجانب صيد الاسماك واللؤلؤ، تشتهر أرض الجزيرة باحتوائها على الحديد وبعض الحقول النفطية.

ومنذ عام 1980 بدأت قوات الاحتلال الايراني تغيير معالم الجزيرة عندما منعت رفع علم حكومة الشارقة وتغيير التركيبة السكانية للجزيرة العربية، بعد ان منعت رفع علم دولة الامارات منذ الاحتلال عام 1971.

وقال محمد عبيد "ان سلطات الاحتلال الايراني منذ ذلك التاريخ منعت السماح بدخول السيارات ومواد البناء والصيانة الى الجزيرة".

واضاف "بدأوا بالضغط علينا بشتى أنواع الوسائل والقيام بعمليات تفتيش عشوائية داخل المنازل مانعين أي بناء جديد داخل الجزيرة".

وفي عام 1985 أصبح الحال لا يطاق بالنسبة لمحمد وعائلته عندما أثار غضب الضباط الايرانيين باستخدام اسم الخليج العربي بعد ان طالبوه باستخدام تسمية "الخليج الفارسي".

وخوفا من مزيد من المضايقات والسجن قررعبيد مغادرة الجزيرة مع زوجته وخمسة أطفال.

ويتذكر عبيد هذا القرار الصعب ويقول "أولادي كبروا الأمر الذي زاد من صعوبة الحياة مما حملني الى السفر ولم أعد الى الجزيرة مرة أخرى سوى مرة واحدة".

غادر محمد عبيد مع أسرته جزيرة أجداده عبر طائرة صغيرة الى الشارقة تاركاً عمله كشرطي وكل ممتلكاته باستثناء ملابس أطفاله وبعض القطع الثمينة من الذهب والصور الفوتغرافية".

ويعيش بقية الاماراتيين في الجزيرة تحت طوق حصار الرقابة من قبل القوات الايرانية حاليا عبر تفتيش محصولهم من صيد الاسماك.

ويرفض أحمد "50 عاماً" الذي يعيش في امارة الشارقة منذ 19 عاماً والذي أكتفى بذكر أسمه الاول خوفاً من ملاحقة افراد اسرته في الجزيرة من قبل الايرانيين، مغادرة أهله الجزيرة رغم جور الاحتلال "من يغادر أرض أجداده يصعب العودة أليها".

وأنتقلت الكثير من عائلات الاماراتيين من جزيرة أبو موسى الى الشارقة في السنوات الاخيرة، ويصعب عليهم العودة في زيارة أقربائهم هناك بسبب مماطلة السلطات الايرانية، كما حدث مع "أحمد" الذي لم يستطع زياره أهله.

ويعيش ما يقارب مائة شخص من كبار السن ومن الصيادين المتقاعدين على أرض الجزيرة.

لكن أحمد ومحمد عبيد يرفضون الاستسلام ويطالبون حكومة دولة الامارات رفع قضية الاحتلال الى محكمة العدل الدولية والبدأ بتسجيل ممتلكاتهم ومنازلهم التي تركوها.

ويقول المسؤول عن الجزيرة خليفة بوغانم "أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لتلبية جميع احتياجات أهالي أبوموسى، وهي تتابع القوارب التي تذهب الى الجزيرة بدقة لتسهيل مهمتها".

ولا يريد محمد عبيد ان يزج بنفسه في موضوع الجزيرة السياسي، لكنه يطالب الا تنقطع صلة أبنائه وأحفاده بوطنهم الأصلي.

وقال "نريد أن نتأكد من أن أولادنا يمتلكون وثائق ومستندات قانونية لمنازلهم في الجزيرة المحتلة، فكل ما أملكه مجرد صور لأرضي وأتمنى أن يستطيع أولادي وأحفادي زيارة بيوت أجدادهم هناك".

وأكد عبيد في ختام حديثه لصحيفة "ذي ناشونال" "إنه احتلال لاراضي الاماراتية، بغض النظر عن حجمها وأهميتها".

أحمد عبد الله

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية