أما الحب فيصنع المعجزات.. ويحوّل باسيل الى معجزة بنظر عمه الجنرال الطامح دوماً الى ارضائه، مفاخرا بأن له صهرا "كسر القالب". كم من صهر يحسد جبران باسيل على عمّه!
ولعله من الطبيعي والمنطقي أن يدافع أفراد العائلة عن بعضهم، غير أن عون يمارس سياسة التفاضل دون أن يحقق التكامل. الأفضلية في العائلة العونية السياسية تصب في شخص جبران باسيل، والأفضلية في التكتل العوني تتجه أيضا نحو جبران باسيل، كذلك يستقتل عون في الدفاع عن الوزير باسيل.. وعون لا يحرد ولا يهدد ولا يهاجم إلا دفاعا عن صهره، وفي هذا الإطار كانت أولى عباراته في 17 آب 2009 حين قال "لعيون صهر الجنرال ما تتألف حكومة".
في الصهر والعمّ تنعكس الآية، وبدلاً من أن يكون الصهر سندا للظهر كما يقول المثل الشائع.. ها هو العمّ يسند الصهر ويدافع عنه في كل المناسبات. فعون لم ينفد صبره يوما ممن يهاجمون وزراء أو نواب تكتله، ومنذ تأليف الحكومة الميقاتية في 13 حزيران 2011، لم يصبّ جام غضبه إلا على منتقدي صهره باسيل. عون أيضا يعرقل حياة اللبنانيين من أجل صهره، فيما لم يحرّك ساكنا حين استقال وزير العمل شربل نحاس في 23 شباط 2012.. فقَبِل استقالة الوزير متخليا بكل رحابة صدر عن مشاريعه وأفكاره الحمراء.
لكن الويل ثم الويل لمن يهاجم أو ينتقد أفكار صهره جبران باسيل. فهو الأحبّ الى قلبه، من أجله يهدد بسحب وزرائه من الحكومة، ومن أجله يعقد المؤتمرات أو يخصص لقاءات التكتل مع الصحافيين للدفاع عن باسيل والتهجم بعبارات سوقية عن الحلفاء أو الخصوم.
"الغالي بيرخص" لعيون الصهر. وكأن عون غير معني بأي من الوزارات التي يقودها وزراؤه الباقون.. إذا اللبنانيون أدركوا اللعبة، إنها "أهلية بمحلية".. غير أنهم غير مجبرين على تحمّل خطط باسيل الفاشلة ومواقفه اللامنطقية! وهم غير مجبرين على العيش على عتمته، وليسوا مرغمين على الإستماع الى عون يدافع عن باسيل ويحمّل فشله الى الحكومة جمعاء أو يرمي كرة المسؤولية على الحكومات السابقة..
هكذا يواصل عون سياسة الدفاع المستميت عن صهره، ما يثير بالطبع استياء الوزراء الآخرين الذين يفتقرون الى دعمه في اللحظات الحرجة.. فعون يدعو الى التظاهر حماية لمصالح باسيل ولتأمين الغطاء له في ظل ما أحرز من فشل. بدوره، باسيل غير عابئ بكل التحركات الشعبية المطالبة بتوفير حاجات الناس الكهربائية، لسبب بسيط، هو أن ظهره محميّ بعمّه عون.
عندما تألفت الحكومة أكد عون في مواقفه أن "التحريض على الحكومة عمل إجرامي"، داعيا اللبنانيين والسياح الى الإصطياف.. لكن الآتي كان الأعظم! بالتواريخ الكاملة ومنذ تألفت الحكومة الحالية، يقدّم عون النموذج المثالي للعمّ الصالح.. عودة بالذاكرة الى الوراء.
3 تموز 2012: قال عون "خلال عشرين عاماً تقريباً، تكوّنت مجموعة عمّال، تحدث وزير الطّاقة مطولاً عن وضعهم، ولم يوفّر أيّ مراسلة إلا وشرح فيها موقفه".
30 حزيران 2012: قال "العتمة أفضل من الدم على الارض أو من تفجير الوضع. هذه امور لا يعرفها الناس، ولا يستطيعون أن يقدروا الوضع، الاّ اذا وقعوا في الاسوأ".
19 حزيران 2012: "نحن صامدون في أماكننا وفي وزاراتنا، لسنا خائفين من أحد، نحن مستعدّون للمواجهة مع أيٍّ كان، ومن يريد أن يواجه، فأهلاً وسهلا".
20 حزيران 2012: "اكبر عمل انساني قام به وزير الطاقة لينصف اشخاصا وليس عمالا في شركة الكهرباء، (..) ولكن من هم دون ضمير حرضوا على وزير الطاقة، ونحن يا جبل ما يهزك ريح. اننا باقون اما البقية فيذهبون. يا أيها اللبنانيون أنا مستعد أن أمشي أمامكم لكي نذهب ونتظاهر أمام من تسبب بهذه المشكلة في الكهرباء".
23 حزيران 2012: "باسيل نبّه مرات عدة من ان التيار سينقطع فكيف من يعمل يحاكم على انه مهمل ؟
6 حزيران 2012: حتى الآن لم يتم تعيين هيئة النفط، اذاً لماذا الحكومة؟
30 نيسان 2012: "لا يمكن لنا أن نتحمل "زعران" وجهوا 15 سؤالا لوزير بجمعة".
25 نيسان 2012: "انتقاد النائب عاصم قانصوه لوزير الطاقة جبران باسيل لأنه لا يملك خطة لا في الماء ولا في الكهرباء، هو مجرد كلام".
4 نيسان 2012: "أي تأخير بالموضوع (تلزيم البواخر) يتحمل مسؤوليته رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي".
30 أيار 2012: "وزير الطاقة والمياه جبران باسيل حضّر مشروعاً لتثبيت وإدخال قسم من العمال المياومين في كهرباء لبنان كما تستوعب الكهرباء، لكنّهم بدأوا بنوع من التحريض يطالبون بأن يتم تثبيتهم جميعا، ولا مكان لهم للتثبيت جميعا".
28 آذار 2012: "الكهرباء ستنقطع اكثر ومقبلون على كارثة تزداد يوميا، نتكلم عن تقنين 12 ساعة هذا الصيف، فالبواخر تؤدي الى توفير اموال على الدولة، كلفة البواخر اقل من كلفة المعامل الحالية".
14 آذار 2012: "لا اعتقد ان هناك ازمة جديدة في الكهرباء، نأمل ان يجدوا افضل من المعروض في قضية بواخر الكهرباء وانا اعتقد انهم لن يجدوا".
26 كانون الثاني 2012: "الوزير باسيل ليس مسؤولا عن 20 سنة من الاخطاء والهدر وعدم اتخاذ القرار الصحيح لمعالجة موضوع الكهرباء".
25 كانون الثاني 2012: "وزير الطاقة والمياه جبران باسيل وضع خطة للكهرباء وشرحها للمواطنين، وأقرّت الحكومة مشروع قانون يتعلق بخطة لتوليد 700 ميغاوات، وقد مرت هذه الخطة إلا أنها عندما وصلت الى وزارة المالية وجدناها "خربانة" ولا يوجد قطع حساب".
12 تشرين الأول 2011: "نحن لسنا مع زيادة البنزين ولا زيادة الـ TVA".
5 تشرين الأول 2011: "كان هناك لاوعي ولامسؤولية بمعالجة موضوع الطاقة الكهربائية، ونرى الأمر نفسه اليوم في موضوع المحروقات، فهؤلاء جماعة ليست واعية وكأنها تعيش في عالم آخر".
17 آب 2011: طلب عون ممن ينتقد خطة الكهرباء "تعداد الأسباب التقنية لمعارضتها، أو أن يقفل الحديث بدل تضييع الوقت بالعموميات".
14 آب 2011: هدد عون "بإسقاط الحكومة في حال عدم السير بخطة الكهرباء التي تقدم بها باسيل في المجلس النيابي كما هي من دون تعديلات".
21 أيلول 2011: "خطة الكهرباء عليها رقابة كاملة، ونحن وفقاً للدستور لا نقبل أن تمسّ صلاحيات الوزير (باسيل) بشعرة، (..) والوزير مسؤول في وزارته ولا أحد وصي عليه. (..) أنا مجبور أن "أخانق" لأنني أدافع عن الحق".
14 أيلول 2011: "إفلاس "كهرباء لبنان" مقصود مثل تخريب بيروت"
9 أيلول 2011: "كلا كلا، جبران لم يقيَّد ولم نرض بشيء من هذا النوع".
7 أيلول 2011: "الحكومة ملزمة أن تبلغ قرارها بشأن خطة الكهرباء الى مجلس النواب، ونحن نريد ان نعرف من هو صديقنا وصديق الناس ومن هو ضدنا".
17 آب 2011: "نحن نسعى لتخفيض عجز الدولة عبر الكهرباء، نحن سوف نقوم بوضع شبكات للكهرباء، ويمكننا أخذ كهرباء من ايران عبر الشبكات".
3 آب 2011: دفاعا عن قول باسيل عن "أننا نعيش في غربة في مجلس الوزراء"، أجاب عون: "بتعرفوا كنا في غربة عن بعضنا وحتى يعتاد العريس على العروس بحاجة لوقت، ولا فرق من هو العريس أو العروس عندنا".
بغضّ النظر عن الوزارة التي يرأسها باسيل، إنه "وزير" عون المدلل.. كيف يقرأ السياسيون خطة الـ "ديو" عون - باسيل؟ لماذا "يطيّب" العمّ للصهر دون غيره؟ ومَن منهما الأكثر حظا؟
يقول مستشار رئيس حزب "القوات اللبنانية" العميد المتقاعد وهبة قاطيشا إن "العماد عون يعتبر أن وريثه الطبيعي في "التيار الوطني الحرّ" هو جبران باسيل، لذا يميّزه من بقية الوزراء والعونيين في كل المجالات". ويرى قاطيشا أن "باسيل محظوظ لأن الجنرال لم يكن موفّقا بصهر سياسي، أما الصهر فيستغل الإرث السياسي".
ويلفت عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري الى أنه "من الواضح ان العماد عون يدافع عن مشروعه الخاص والشخصي الذي لا يزال يحلم به لإيصاله الى رئاسة الجمهورية. وجزء من هذا المشروع الشخصي هو صهره جبران باسيل، لذلك يتقدّم عنده على كل شيء حتى على المبادئ التي رفعها، على علاقته بالآخرين وعلى المصلحة العامة". ويشير الى أنه "يمكن لعون أن يضحّي بشربل نحاس ولكن لا يمكن أن يضحّي "بضفر" جبران باسيل مهما كلّفه ذلك من أثمان باهظة. لذا المعيار الذي ينظر من خلاله العماد عون هو معيار شخصاني ومعيار يعتمد على مدى دعم فكرته في تحقيق طموحه".
0 comments:
إرسال تعليق