الأربعاء، أغسطس 01، 2012

"مع" أو "بعد" سوريا؟

احتلت الاستعدادات العسكرية المتقابلة لمعركة حلب مكانة ساحقة في الاعلام العالمي، لم يخرقها سوى تسليط الضوء على بدء العد العكسي لفترة المئة يوم الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الاميركية.

يكتسب الامر دلالة مهمة ليس في طبيعة الحدث العسكري الذي يحمل نتائج حاسمة على مسار الصراع في سوريا فحسب، بل في رمزية تجاوز معركة حلب أطر "ربيع" الثورات العربية الى تحديد معالم مصيرية للشرق الاوسط برمته. ولا ندري امام هذا الحدث، كم ان اللبنانيين محظوظون لانصرافهم عنه بملهاة اليوميات التي تتقدم اولويات السياسة والاعلام عندهم. ونقول ملهاة لا للاستهانة بحجم الازمات الخانقة التي تطبق على أنفاس اللبنانيين، بل للتحذير، ان كان يجدي، من ان الاعلام الغربي في خلفية تعامله مع الحدث السوري بدأ يصنف لبنان البلد الاكثر اهلية وقابلية للانفجار مع، او بعد، سوريا. ولا تعوز هذا الاعلام حجة او ذريعة او خلفية، أمشبوهة كانت ام موضوعية في هذا المنحى، ما دامت اي قضية او ازمة صغيرة او كبيرة في لبنان تضع امنه واستقراره على شفا هوة الانزلاق الى المحظور.

ثم ان التهديد بتفجير لبنان، لم يعد صنيعة السياسات المتحكمة فيه من الداخل او الانتهاكات الوافدة عليه من الخارج فحسب. فها هي صحيفة دمشقية تحرض بالامس حلفاء النظام علنا وبأشد العبارات وضوحاً على إشعال الفتنة في لبنان". دعوة "الى الفتنة لا تشبه الا التهديد باستعمال الاسلحة الكيماوية مما يثبت تكرارا كم هي "الورقة اللبنانية" ثمينة لدى النظام السوري، وكم هو حريص على استعمالها في اللحظات الحاسمة، وكم هو مدرك أيضا لخطورة صدى التهديد بتقويض الاستقرار اللبناني لدى المجتمع الدولي.

امام هذه السحب التي تتلبد في سماء لبنان ترانا أمام مئة يوم مصيرية تعني اللبنانيين، تماما كما تعني السوريين وكل أنحاء الشرق الاوسط، سواء احتفظ باراك اوباما بمنصب الرئاسة الاميركية أم حل مكانه منافسه ميت رومني. هي مئة يوم برمزية المهلة وليس بعدد الايام، لان أحدا في العالم لا يمكنه التكهن بمآل الانفجار السوري وانعكاساته على الجوار بعدما تعولم الصراع السوري على خطى "اللبننة" و"العرقنة" وسائر مشتقات الدمار والتقسيم واستباحة الصراع للمصالح الدولية. ولن تكون مغالاة أبدا ان يعتبر لبنان نفسه في عين عاصفة هذه المهلة الجهنمية. فبين معركة حلب ومعركة الرئاسة الاميركية لن يقوى على الوقوف الا من يخرج من زواريب المياومين والكهرباء والاضطرابات بالجملة والمفرق وحتماً لا ينطبق ذلك على أصحاب ملهاة وافدة في هذه الزواريب اسمها الانتخابات النيابية في كل هذا الجحيم الشرق أوسطي والعالمي.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية