الجمعة، أغسطس 31، 2012

كلمة "طرد" سفير غير واردة في الأعراف الديبلوماسية

نأت الحكومة اللبنانية بنفسها عن الازمة السورية خوفا كما ادعت من انفلاش تداعياتها في الداخل اللبناني، لا بل غالت في نأيها الى حد لامس حدود الصمت ان لم يكن تعمية الانظار عن تجاوزات ومخالفات ديبلوماسية ارتكبها السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي، فيوم امس اتهم الاخير قوى 14 آذار بـ «الافلاس واليأس والاحباط» وكان قد سبق له ان رد مرتين على مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، المرة الاولى حين ابدى الرئيس استياءه من قصف النظام السوري للمناطق الحدودية في البقاع، والمرة الثانية حين اعلن الرئيس انه بانتظار اتصال من الرئيس الاسد لتوضيح موقفه من اعترافات النائب والوزير السابق ميشال سماحة، فما كان من السفير علي سوى ان نصح الرئيس سليمان عبر احدى الاذاعات المحلية «بعدم الرضوخ للضغوطات الدولية للتصويب على سورية»، اضف الى ان تلكؤ وزير الخارجية عدنان منصور عن استدعاء السفير السوري لتنبيهه الى التجاوزات، كان القشة التي قصمت ظهر البعير وآلت بقوى «14 آذار» قيادات وطلابا وجمهورا الى تنظيم حملة لطرد السفير السوري من الاراضي اللبنانية. واستيضاحا لقانونية هذه الحملة سألت «الأنباء» د.في القانون الدولي والاستاذ المحاضر في العلاقات الدولية في الجامعة الاميركية شفيق المصري عما يعنيه من الوجهة القانونية طرد سفير؟ فقال كلمة «طرد» في الاعراف الديبلوماسية غير واردة، لان اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية تجيز للدولة المضيفة ان تعتبر السفير «Persona non grata» اي «شخص غير مرغوب فيه»، وبالتالي تطالب الدولة المرسلة بسحبه دون الاساءة الى مبدأ العلاقات الدولية الثنائية، حتى اذا رفضت الدولة المرسلة الطلب او تلكأت فيه يمكن بعد حين ان تسقط الدولة المضيفة الحصانة عن السفير ويصبح بالتالي اجنبيا مقيما في دولة يخضع لجميع قوانينها. وردا على سؤال قال لا يكفي ان يثور الشعب او ان يتظاهر او ان يعترض على دور السفير، فالشعب ممثل ديموقراطيا بحكومة معينة وعليها ان تعبر عن الارادة العامة لهذا الشعب، لكن عليها ضمن الآداب الديبلوماسية ان تسلك الاعراف بألا تطرد مباشرة وانما ان تطالب بسحب هذا السفير، والدولة في هذه الحالة غير ملزمة بشرح الاسباب اذ يكفي فقط ان تبلغ الدولة المرسلة بأن السفير غير مرغوب فيه ويجب سحبه او ابداله. وتابع «يحق للشعب ان يعبر عن رأيه ضمن الاساليب الديموقراطية، والتظاهر هو احد هذه الاساليب، لكن هذا التحرك الشعبي يشكل ضغطا او إلحاحا على الحكومة لكي تقوم بالخطوة المطالب بها من الشعب». واضاف: وألا يحق للسفير الرد لان السفير عندما يريد ان يبلغ رسالة ما، يجب عليه ايضا ان يعتمد المسار الديبلوماسي المطلوب، اي ان يوجه الرسالة الى وزير الخارجية دون ان يعلنها على الجمهور قبل ان تسلك المسار الديبلوماسي، فأي سفير ممنوع عليه بالمبدأ ان يدلي برأيه خارج القنوات الديبلوماسية، وحتى استضافته في البرامج السياسية امر ممنوع اذا كان المطلوب هو تبليغ رسالة سياسية، اما اذا كان المطلوب شرح السياسة العامة لدولته فله الحق في ذلك انما لا يحق له ابداء رأيهفي الدولة المضيفة. الشعب ليس مخطئا، نعم هناك طرفان، طرف مخطئ وطرف مقصر، فعندما يدلي اي سفير بتصريحات موجهة كانتقاد سافر لشعب بدولة مضيفة يعتبر من حيث الاعراف السائدة في العلاقات الديبلوماسية تجاوزا، وعندما تقصر الدولة المضيفة بتنبيه سفير الى مثل هذا التصرف فهو ايضا تقصير غير مبرر. وعن الطريقة المثلى التي يجب على الدولة اللبنانية اعتمادها لابلاغ سورية بأن سفيرها في لبنان شخص غير مرغوب فيه؟ اجاب: اولا: ان يستدعي وزير الخارجية السفير ويوجه اليه تنبيها صريحا بهذا المعنى، حتى اذا تكررت المسألة يمكن تبليغ وزارة الخارجية للدولة المرسلة بأن سفيرها غير مرغوب فيه، لكن كل الامور يجب ان تتبع تدرجا معينا وهذا ما لم يحصل في موضوع السفير السوري بعد.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية