الجمعة، أغسطس 31، 2012

متى تنتهي الحرب؟ مجندون سوريون يروون حكايات الموت

يستعيد المجند موسى الاسود يوميا من على سريره في المستشفى، تفاصيل الحادث الذي خسر فيه ساقه اليمنى حين استهدف دوريته كمين في مخيم فلسطيني قرب درعا، مهد الحركة الاحتجاجية في سوريا. ويقول موسى (22 عاما) المتحدر من حماة (وسط) "كنت اتنقل مع 40 جندي آخر في ازقة المخيم حين تعرضنا لاطلاق نار. احتمينا من الرصاص، غير ان اثنين من اصدقائي اصيبا". ويضيف "تمكنت من اخلائهما، وفي اللحظة التي حاولت فيها استعادة سلاحهما، اصبت في ساقي برصاصة لا بد من انها كانت سامة اذ ان الاطباء في المستشفى لم يجدوا مفرا من البتر". وفيما يتحدث موسى، تنصت اليه والدته بحزن، وتعرض بين الحين والآخر الشوكولا على الضيوف، بينما يهز دوي المدافع زجاج غرفة المستشفى الواقع قرب حي القابون الذي يتمركز فيه مقاتلون مناهضون للنظام في شمال العاصمة. وحين يسأل هو عن نهاية الحرب، يقول وقد تملكت وجهه ملامح التعب "الا تسمعون صوت المدفع الذي تدوي قذائفه بلا توقف؟". وقتل اكثر من ثمانية آلاف عنصر امني وعسكري سوري واصيب عدد اكبر منهم منذ بداية النزاع في سوريا قبل 17 شهرا، بحسب ما يقول مدير مستشفى تشرين العسكري في دمشق. ومعظم الذين اصيبوا هم من المجندين، علما ان فترة التجنيد الاجباري التي كانت محددة بسنة ونصف سنة اصبحت مفتوحة منذ بداية الحركة الاحتجاجية في منتصف اذار/مارس 2011. في غرفة موسى، يرقد ايضا غالب محمد الذي تلقى ثماني رصاصات في ظهره وساقه اليسرى. ويروي غالب تفاصيل الحادث قائلا "طلب منا دعم القوات الامنية في مركز الشرطة في عسل الورد" التي تبعد نحو 40 كلم شمال غرب دمشق قرب الحدود مع لبنان. ويقول "من التلة الواقعة في الجانب اللبناني، هوجمنا بكل انواع الاسلحة. باقي العناصر توجهوا نحو الحقول بعدما فرغت ذخائرهم، لكنني واصلت اطلاق النار حتى تعثرت واصبت في ظهري وساقي". ويتدخل شقيقه الذي قاتل ايضا في الفرقة ذاتها وفي الحادث ذاته لكنه خرج سالما ليسأل "متى ستنتهي هذه الحرب؟ لا ادري، لكنني متأكد من انه سيكون اما نحن، واما هم". وفي غرفة اخرى، يرقد عبدالله العلي في غيبوبة تامة بعدما تسببت اداة متفجرة بحفرة بطول سبعة سنتم في جمجمته حين كان يتمركز في الباب في حلب (شمال) قبل شهرين، ما دفع والدته الى البقاء الى جانبه في المستشفى منذ ذلك الحين بعيدا من منزل العائلة التي تنتظر في الرقة على بعد 550 كلم شمال شرق سوريا. ويقول الطبيب منير المتخصص في جراحة الاعصاب والحائز شهادة الطب من فرنسا ان "العديد من هؤلاء الشبان سيحملون عاهات، و20 بالمئة منهم سيعانون من الشلل مدى الحياة". وبحسب مدير المستشفى، فان 70 بالمئة من الجرحى اصيبوا في اطرافهم، و10 بالمئة في رؤوسهم، و10 بالمئة في بطونهم، و10 بالمئة في صدورهم، كما ان معظمهم اصيبوا في درعا ومحافظة دمشق وحمص (وسط) واللاذقية (شمال غرب) ودير الزور (شرق). وقرب مدخل المستشفى، تتوقف سيارات اسعاف امام المشرحة، قبل ان يسحب منهما مسعفون جثتي عنصري امن ويمددانهما فوق سريرين، الجثة الاولى تعود الى سعد سعد الدين الذي تلقى رصاصة في ظهره، والثانية الى فتحي بدون الذي قتلته رصاصة استقرت في راسه. ويقول زميلهما فراس "كنا نتمركز عند حاجز في عين ترما ‘في شرق دمشق’ حين تعرضنا الى هجوم من محاور عدة، فقتل اثنان واصيب سبعة بجروح خلال 20 دقيقة". وقبل ربع ساعة من وصول الجثتين، انتهت مراسم تشييع 47 جنديا قتلوا الاربعاء، حيث حملت نعوشهم تغطيها اعلام سورية ملطخة بالدماء والورود الذابلة، قبل ان تنقل جثامينهم الى مسقط راسهم. ويقول فراس المسؤول عن اعداد لائحة الجنود القتلى "هم كالفئران، يضربون ثم يهربون، هي ليست ليست حربا تقليدية بل حرب ظلال". ويذكر ان ارقام المرصد السوري لحقوق الانسان تشير الى مقتل نحو 6500 عنصر امني وعسكري في سوريا من بين 25 الف شخص سقطوا في هذا النزاع الدامي.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية