السبت، أكتوبر 13، 2012

ماذا بعد سقوط/ بقاء الأسد؟

لندن – وضعت صحيفة "العرب" اللندنية مجموعة احتمالات في سيناريو مرسوم للوضع السوري بعد سقوط نظام الرئيس بشار الاسد أو بقائة في الحكم. وقالت إذا كان بقاء نظام الرئيس السوري مستندا إلى انتصار عسكري، فتوقعت أن تتحول سوريا إلى بوابة للجحيم. وذكرت الصحيفة في تقرير على صدر صفحتها الاولى ان بقاء الأسد يعني انه سيبدأ حملة إصلاحات داخلية موسعة، والمصالحة مع قوى المعارضة ولن تجد سوريا بدا من تبني الحل اللبناني، أي توزيع الحصص بين الطوائف وإلغاء سيطرة حزب البعث على الدولة والقبول بالتفاوض المباشر مع الإسرائيليين. أما في حال سقوط نظام حزب البعث فوضعت الصحيفة مجموعة احتمالات على غرار الوضع العراقي أو السوداني أو اليمني، وقالت ان النموذج العراقي واللبناني سيكونا أحد الاحتمالات بدخول البلاد في حرب أهلية، وربما يتبع ذلك "طائف جديد" وحكومة مقسمة على مقاس الطوائف السورية. أو تقسيم البلاد لعدة دويلات على غرار النموذج السوداني، علوية في الشمال الغربي أو الساحل، درزية في الجنوب، كردية في الشمال، وسنية في بقية المناطق. وبعد أن كانت الآراء تراهن على سرعة زوال حكم الرئيس بشار الأسد من سوريا أصبح الحديث عن بقائه أمرا يتكرر داخل الدوائر الغربية، لكن هذه التكهنات تقع في وقت يحفل فيه المشهد السياسي السوري والخليجي والغربي بالعديد من التحركات التي تبحث في إيجاد حل للأزمة السورية. وأثار اللقاء بين رئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان وأمير قطر وولي عهده قبل أيام الحديث عن تعديلات في خطة مواجهة الأزمة السورية، وتشير معلومات "العرب" إلى أن هناك تحفظا سعوديا وغربيا على صب الأسلحة في أيد غير موالية وخاصة المرتبطة بفكر القاعدة كتشكيلات "جبهة النصرة"، هذه التحفظات تعمل على النجاح في التغلب على صعوبة فرز ومنع وصول الأسلحة إلى أيد غير مقبولة. ومن أبرز التحركات التي تسربت من اجتماع رئيس المخابرات السعودية والمسؤولين القطريين والذي سبقه اجتماع في تركيا بين مسؤولي المخابرات السعودية والأميركية والتركية والقطرية والأردنية إنشاء تكتل معارض سوري لضم التشكيلات العسكرية المقاومة ويحمل مسمى "المجلس العسكري السوري". من جهة أخرى تثير تحركات بريطانية وأميركية لإنشاء قواعد على الحدود السورية الأردنية انتباه المحللين على الرغم من محاولة إصباغها بطابع إنساني، لكن المعلومات الواردة من الأردن تشير إلى أن التحركات ونوعية الأجهزة الواردة للأردن وبالقرب من الحدود السورية ذات صبغة عسكرية وقريبة من تشكيلات قوات الصاعقة والتدخل السريع، مما يقوّي احتمال أنها جاهزة للتدخل ومنع خروج الأسلحة الكيماوية عن السيطرة. ورغم هذه التحركات في قطر والأردن وتركيا فإن السيناريوهات لم تصبح واضحة للعيان في مسار الأزمة السورية ونهايتها. ويقول مراقبون إنه على الرغم من الدعوات التي تطالب برحيل الأسد فإن دولا إقليمية وقوى غربية لا تستبعد فرضية بقاء الأسد أو أحد من أركان نظامه في سياق الحلول الممكنة لمنع انزلاق الحرب الأهلية إلى دول الجوار. وبالتوازي ما تزال المجموعات المسلحة والجهات الإقليمية الداعمة لها تتمسك برحيل الأسد شرطا لأي حوار رغم التقارير العسكرية التي تحذّر من الإفراط في التفاؤل بإمكانية رحيل الأسد دون سقوط آلاف الضحايا الجدد. وقالت مصادر دبلوماسية لـ"العرب" إن الاتجاه السائد لدى الدول الغربية هو استبعاد التدخل الخارجي للإطاحة بالأسد حتى لو كان هناك غطاء قانوني مثل قصف القرى الحدودية في تركيا التي هي عضو في حلف الأطلسي ومن حقها الاستنجاد بالحلف لدعمها عسكريا. وأضافت المصادر أن الدول الغربية المعنية بالأزمة السورية أسقطت من حسابها التدخل الخارجي حتى ولو كان عبر وكلاء إقليميين، واستشهدت المصادر المعنية بتقرير صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن السعودية وقطر أوقفتا تسليح المعارضين السوريين بالأسلحة الثقيلة استجابة لمخاوف أميركية، بالإضافة إلى الخلافات التي طرأت على سطح اللقاء الذي جمع دوائر استخبارية غربية وعربية واحتضنته تركيا منذ أيام. يشار إلى أن تقارير أميركية أكدت أن الدعم التي تلقاه المعارضة المسلحة في سوريا يخدم المجموعات الجهادية القادمة من خارج البلاد، وأن الإدارة الأميركية تتخوف من توفير أرضية خصبة للقاعدة، هذا ويقول مراقبون إن الحل المقبول أميركيا وأوروبيا في هذه اللحظة هو تغيير رأس النظام، والحفاظ على جسمه، مثلما جرى في النموذج اليمني حيث دُفع صالح إلى مغادرة السلطة وخلفه نائبه هادي. وهنا تتنزل الدعوة التركية إلى إحلال فاروق الشرع مكان الأسد وصادقت عليها شخصيات بارزة في المعارضة السورية بالخارجية. ويقول مراقبون إن هذا المقترح مقترح غربي وليس تركياً، لأن تركيا ستكون الخاسر الأكبر إذا ظل النظام السوري الحالي "سواء في ظل الأسد، أو الشرع". ويضيف هؤلاء أن تركيا كانت تمني النفس بسقوط الأسد سريعا وصعود الإخوان إلى السلطة كما حدث في تونس ومصر، ليكون النظام الجديد تابعا سياسيا وجزءا من "السلطنة العثمانية" الجديدة، فضلا عن أن سوريا ستكون سوقا مفتوحة للمنتجات والاستثمارات التركية. أما بقاء النظام السوري فيعني أن تركيا ستكون في حالة حرب دائمة "سياسيا وإعلاميا وتجاريا، وربما عسكريا"، فضلا عن خسارة حلم تركيا بالتمدد الاقتصادي والثقافي شرقا عبر البوابة السورية. وتقول تقارير من انقرة إن حكومة "السلطان أردوغان" قد تضطر إلى اختلاق الحرب المفتوحة مع دمشق لو بقي الأسد لمنع أي حل إقليمي ودولي. وفي سياق متصل هناك أطراف أخرى تنتظر بشغف شديد ما يجري من تفاهمات وراء الأبواب الموصدة حول سوريا. وأبرز هذه الدول إيران التي راهنت على الأسد وحاولت بكل السبل منع الإطاحة به. ويقول متابعون للوضع الداخلي بإيران إنها ستفقد قيمتها كقوة إقليمية إذا فشلت في الاحتفاظ بالأسد على رأس النظام، وربما صعود الشرع بدله قد يحفظ لها بعض ماء الوجه رغم تخوفها من إغراءات المال القطري. ويضيف هؤلاء أن سقوط نظام الأسد سيدفع باتجاه توسع دائرة الاحتجاجات في إيران، بمعنى أن الشعارات التي كانت تمنع الشباب من الاحتجاج والمطالبة بالحرية والعمل، والتي تهدف إلى تحويل إيران إلى امبراطورية عظمى بالمنطقة سقطت في الماء. وسقوط الأسد ستكون له نتائج كارثية على المصالح الإيرانية في المنطقة، إذ سيصبح حزب الله مكشوف الظهر، وتحاصر طرق إمداده بالمال والسلاح، فضلا عن خنق المنظمات والجمعيات والأحزاب المسنودة إيرانيّا، والتي تحرض على الاحتجاجات الطائفية في الخليج "السعودية، البحرين". إضافة إلى ذلك سيصبح من السهل على طهران التي فقدت أهم أوراق المناورة لديها أن تكون عرضة للضغوط في ملفها النووي، فضلا عن اضطرارها للقبول بقرارات التحكيم الدولي بخصوص الجزر الإماراتية التي تحتلها. ومن الدول التي سيكون مستقبل الأسد محددا بالنسبة إليها نجد قطر التي تضخ المال بشكل كبير على مجموعات الإسلام السياسي والحركات "الجهادية" الموجودة بسوريا. ويقول محللون إن بقاء الأسد يعني فشل قطر في الانتقام من الدول التي تفوقها حضارة وتاريخا وإمكانيات بشرية "مصر، سوريا"، فضلا عن فشل خيار الاستثمار في الإسلام السياسي الذي كشفت أحداث مهاجمة السفارات الأميركية "مصر، ليبيا، تونس" عن خطورته. وهو ما يعني فشل قطر في أن توظف التيارات المتشددة لتكون قوة إقليمية، أو وكيلا يعتمد عليه الغرب لتعويض الأنظمة التابعة التي سقطت "مبارك، بن علي، صالح"، كما يؤكد المحللون. أما على المستوى الداخلي في سوريا فإن رحيل الأسد سيجعل البلاد مفتوحة أمام التدخلات الخارجية سواء عبر وعود الاستثمارات أو عبر دعم المجموعات السياسية، واختلاف الأجندات قد يقود إلى حرب أهلية تنتهي إلى تشكيل دويلات صغيرة "سنية، كردية، علوية"، أو يترك البلاد تتأرجح بين الاستقرار والفوضى كما هو قائم حاليا في تونس واليمن ومصر. وفي صورة بقائه في سياق توافق إقليمي دولي يتوقع مراقبون أن يحدث الأسد تغييرات كبيرة في تعاطيه مع الملفات المحلية والخارجية، كتعميق خيار المصالحة الوطنية وإلغاء سيطرة حزب البعث على مختلف مناحي الحياة. أما بخصوص الملفات الخارجية فيُتوقع ابتعاد الأسد "أو من سيخلفه" عن إيران وحزب الله، واقترابه من دول الخليج. نماذج متوقعة النموذج العراقي واللبناني: دخول البلاد في حرب أهلية، وربما يتبع ذلك "طائف جديد" وحكومة مقسمة على مقاس الطوائف السورية. النموذج السوداني: تقسيم البلاد لعدة دويلات، علوية في الشمال الغربي أو الساحل، درزية في الجنوب، كردية في الشمال، وسنية في بقية المناطق. النموذج المصري والتونسي: انتخابات "ديمقراطية" قد تأتي بالإسلاميين لسدة الحكم، وقيام "دولة إسلامية" على الطريقة السعودية والإيرانية. عودة مرحلة الخمسينات "سيناريو الانقلابات ما قبل الأسد الأب"، قيام حكومات هشة مدعومة من دول دول إقليمية. النموذج الليبي: سيطرة "مقاتلي المعارضة" على البلاد ومحاسبة "الشبيحة"، واستمرار الصراع بين حكومة الهشة وميليشيات مسلحة. النموذج اليمني: استلام فاروق الشرع "نائب الرئيس" الحكم بعد خروج الأسد، وتسيير البلاد من قبل مجلس عسكري، ويصبح الشرع مجرد واجهة . إذا بقي الأسد في السلطة: سيبدأ حملة إصلاحات داخلية موسعة، والمصالحة مع قوى المعارضة. لن تجد سوريا بدا من تبني الحل اللبناني، أي توزيع الحصص بين الطوائف. إلغاء سيطرة حزب البعث على الدولة. القبول بالتفاوض المباشر مع الإسرائيليين. حزب الله في لبنان سيضطر الى تغيير مواقفه المتشددة وتبني الاعتدال.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية