الأربعاء، أكتوبر 31، 2012
عائلات المفقودين في الحرب اللبنانية: عشرون سنة من الانتظار
الأربعاء, أكتوبر 31, 2012
اضف تعليق
اطلقت جمعية حقوقية لبنانية الاربعاء حملة للدفع في اتجاه كشف مصير 17 الف شخص فقدوا خلال الحرب الاهلية التي انتهت قبل نحو 20 عاما.
وتسعى المبادرة الى البحث عن العدالة في قضية مركزية من ارث الحرب الاهلية التي امتدت بين العامين 1975 و1990، وبقيت مغلفة بالصمت من دون ان تجد سبيلها يوما الى الحل.
وقالت رئيسة جمعية "لنعمل من اجل المفقودين" جوستين دي مايو ان الهدف من الحملة "دفع المجتمع اللبناني، ولا سيما جيل الشباب، ليقوم بدوره بالضغط على السلطات للدفع في اتجاه الوصول الى حل".
واشار بيان صادر عن الجمعية الى ان الحملة "تسعى الى وضع مسألة المفقودين والمخفيين قسرا مرة اخرى في صدارة العناوين حتى يتم التوصل الى حل لها".
واعتبر البيان ان احقاق العدالة للضحايا امر اساسي ليتمكن لبنان من المضي قدما بعد الحرب التي مزقته طوال 15 عاما وخلفت اكثر من 150 الف قتيل، وشهدت سيطرة للميليشيات الساعية الى بسط سلطتها.
اضاف "اذا لم يضع لبنان هذه القضية وآلية معالجتها ضمن اولوياته، فإن مستقبل البلاد سيبقى على الارجح رهينة لتجدد دورات العنف".
ورغم ان الحملة تأتي بعد اشهر من التحضير، الا ان اطلاقها يأتي بعد نحو اسبوعين من تفجير في شرق بيروت ادى الى مقتل رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي العميد وسام الحسن، واعاد الى اذهان الكثير من اللبنانيين ذكريات الماضي الاسود الذي عاشوه.
وقالت مريم السعيدي التي فقد نجلها البالغ من العمر 15 عاما خلال الحرب، انه يحق لعائلات المفقودين معرفة ماذا حصل لابنائهم "مرت ثلاثون عاما ولم يتغير شيء منذ اختفى ابني في حزيران/يونيو عام 1982. لا نعرف شيئا عن اقاربنا، ولم تتحقق العدالة بالنسبة للعائلات".
اضافت المرأة البالغة من العمر 63 عاما والمقيمة في بيروت "في البداية كنت احظى بأمل ان يعود. الآن نريد الحقيقة والعدالة"، مذكرة بأن "ايا من زعماء الحرب اللبنانيين لم يحاكم على جرائمه".
واستفاد زعماء الحرب الاهلية اللبنانية والمتورطون فيها من عفو عام صدر في مطلع التسعينات من القرن الماضي، وما زال عدد كبير منهم يؤدي دورا سياسيا في الوقت الراهن.
تقول السعيدي وقلق الاعوام التي بقي فيها ابنها مفقودا يملأ عينيها "انتظرنا ان تتحرك حكومة تلو الاخرى، لكن لم يحصل شيء". تتابع "عندما يصبح ابنك مفقودا، يتوقف الزمن. كنت امرأة اخرى قبل اختفاء ماهر. كنت انتظره ليعود الى المنزل ويخبرني عن امتحانه المدرسي الاخير. الآن انتظر فقط لاعرف ماذا جرى له".
وتبدي دي مايو اقتناعها بضرورة تأليف لجنة وطنية للتحقيق في قضايا المفقودين خلال الحرب "لانها ستتمكن من القيام بتحقيقات لمعرفة مصير هؤلاء".
واشارت الى ان ثلاث لجان تحقيق مختلفة ألفت بموجب مراسيم حكومية في الاعوام 2001 و2001 و2005، لكنها فشلت في توفير اجوبة لاهالي المفقودين.
من هنا، "ثمة دعوات لتشكيل لجنة تحقيق بموجب قانون صادر عن مجلس النواب، لا مجرد مرسوم حكومي" بحسب دي مايو، لان لجنة كهذه "ستكون اقوى وتلزم الاحزاب السياسية بالتحدث. اللجان التي ألفت سابقا اثبتت عدم فعاليتها".
الى ذلك، تطالب الجمعية بان يكون اهالي المفقودين ممثلين في اي لجنة جديدة تشكل "وبهذه الطريقة، لن يخيب املهم مجددا"، بحسب دي مايو.
وتقول دي مايو ان غالبية المفقودين خطفوا قسرا على ايدي الميليشيات المتنوعة الانتماءات الدينية والسياسية. ونقل بعض هؤلاء الى سجون في سوريا التي حظيت بوجود عسكري وامني في لبنان بين العامين 1976 و2005، في حين نقل آخرون الى اسرائيل التي احتلت اجزاء من جنوب لبنان بين العامين 1978 و2000.
وتشمل الحملة الاعلانية والاعلامية التي انطلقت اليوم اشرطة دعائية ستبث على القنوات المحلية، ولوحات اعلانية ستوضع على الطرق، الى نشاط مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما يقول المنظمون.
وستبث خمسة اشرطة اعلانية مصورة لمدة اسبوعين على القنوات المحلية بدءا من الاربعاء، على ان تتوج الحملة بمسيرة في 17 تشرين الثاني/نوفمبر من منطقة المتحف في بيروت الى خيمة يقيم فيها بعض اهالي المفقودين اعتصاما منذ اعوام في وسط العاصمة.
ويصور احد هذه الاشرطة الاعلانية امرأة تحضر مائدة العشاء وتملأ كوبا من الماء لزوجها الذي فقد منذ 20 عاما. وتتناول المرأة العشاء وحيدة على صوت موسيقى بيانو حزينة، بينما تدق عقارب الساعة في مرور ثقيل للوقت.
ويسمع في نهاية الشريط صوت يقول باللهجة العامية اللبنانية "20 سنة وزوجة توفيق تعيش على الامل. بيكفي نطرة (يكفي انتظار). 17 الف مفقود، من حقنا نعرف مصيرن" (مصيرهم).
0 comments:
إرسال تعليق