الأحد، أكتوبر 14، 2012
طائرة "أيوب" تنسف الحوار وتُعيد تجربة "فتح لاند"
باتت الهوّة كبيرة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وقوى «8 آذار»، وفي طليعتها «حزب الله»، في ظل المواقف التي يتخذها الرئيس وتصب في الخانة السيادية والاستقلالية.
وعُلم في هذا الصدد أن تواصلاً جرى بعد عودة سليمان من زياراته الخارجية مع "حزب الله" لتوضيح المواقف التي كان أطلقها لجهة مساواته بين سلاح الحزب والسلاح السلفي، بعدما وصلت إلى دوائر قصر بعبدا أجواء عن استياء "حزب الله" ممّا تطرّق إليه رئيس الجمهورية. لكن انكشاف وقوف الحزب عسكرياً إلى جانب النظام السوري ومصرع عدد من مقاتليه، عاد ليربك الساحة الداخلية فكانت الطامة الكبرى بالنسبة إلى الحزب ما كرّره أمس الرئيس سليمان بعد تبنّي السيد حسن نصرالله عملية إطلاق الطائرة الاستطلاعية فوق أجواء إسرائيل، إذ إنه ردّ مؤكداً ضرورة الإفادة من قدرات المقاومة ضمن الدولة.
وهنا تقول أوساط سياسية متابعة إنّ هذا الأمر لم يَرق لـ"حزب الله" لأنه حقّق إنجازاً كبيراً يستحق التنويه وليس التصويب عليه. وتخوّفت الأوساط من تدهور العلاقة على خط بعبدا ـ حارة حريك، وانعكاسها على طاولة الحوار ونسف ورقة رئيس الجمهورية حول الإستراتيجية الدفاعية، ولا سيما أن مواقف قادة 14 آذار، وخصوصاً موقف الرئيس أمين الجميّل الذي تحدث عن انعكاس تبجّح الحزب بـ"طائرة أيوب" على الإستراتيجية الدفاعية وطاولة الحوار. هذه المواقف قد تقلب قواعد التعاطي السياسي بين المتحاورين، وتحديداً في العنوان الأبرز، أي الإستراتيجية الدفاعية، وبالتالي فإن أكثر من قطب في المعارضة سيرى أن الدكتور سمير جعجع كان محقاً في طرحه جدوى الحوار ومناقشة "حزب الله"، في الوقت الذي طرحت فيه طائرة الاستطلاع عنواناً جديداً في الحوار.
ووجدت الأوساط نفسها أن الحوار الوطني دخل في مرحلة المجهول بعد التطورات الأخيرة بدءاً من مواقف سليمان في أميركا الجنوبية، إلى خطاب نصرالله والردود عليه، إضافة إلى قانون الانتخاب ومجمل الملفات السجالية المطروحة، مع إضافة عامل متفجّر يتمثّل باعتراف الحزب بالقتال على الحدود السورية، الأمر الذي بدأ يترك تداعيات خطيرة على مستوى علاقة لبنان بدول العالم، وخصوصاً دول الخليج. إذ عُلم في هذا الصدد أن هذه الدول بدأت تتخذ إجراءات تجاه رعايا لبنانيين، وكان آخرها عدم تجديد إقامات هؤلاء بغية ترحيلهم. وتشير هذه المعطيات إلى أن هذا الملف بدأ يطغى على ما عداه وينذر بعودة الصراع على الساحة الداخلية بشكل يشبه مرحلة ما قبل السابع من أيار 2008، وبالتالي يُبقي لبنان في عين العاصفة وأمام منعطف خطير في ضوء التصعيد على أكثر من مستوى.
وفي هذا المجال، برزت تساؤلات حول المدى الذي ستبلغه العلاقة بين رئيس الجمهورية و"حزب الله"، في ظل اللقاءات المباشرة والتواصل الخجول، حيث عُلم أن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الذي يلعب دور"الإطفائي" في هكذا محطات، سيلتقي سليمان قريباً وسيبحث معه في كل المواضيع، وقد يكون له دور في التهدئة وإعادة البحث في شكل مفصّل في ما وصل إليه الحوار الوطني، وتقويم كل ما تحقّق، في ظل عودة المناكفات على الساحة الداخلية.
وعلى خط موازٍ، تستغرب أوساط رفيعة في 14 آذار الحملات التي تشنّ على رئيس الجمهورية، وهو حامي الدستور والقائد الأعلى للقوات المسلّحة. وتتخوّف من إعادة الأمور إلى مرحلة "فتح لاند" يوم كان العامل الفلسطيني طاغياً سياسياً وعسكرياً على الداخل اللبناني، وكان ممسكاً بالقرار العسكري، ما جعل لبنان في تلك المرحلة صندوق بريد لتبادل الرسائل الإقليمية. وترى الأوساط أن تبنّي "حزب الله" إطلاق طائرة إلى الداخل الإسرائيلي، يُعتبر تحريكاً للساحة الداخلية كما كانت الحال في الثمانينيات، وبالتالي، فإن إيران تتحرّك اليوم داخل الملعب اللبناني، كما كان يفعل الفلسطيني والسوري، ما يوصلنا إلى السؤال الكبير عن مستقبل لبنان في ظل مخاوف من وقت ضائع سيدوم حتى الانتخابات الأميركية، مع ما يعني ذلك من إشعال للساحة السورية، يتزامن فيها دور لـ"حزب الله" داخل سوريا، وصولاً إلى التحرّش بإسرائيل بأوامر إيرانية لنقل كرة النار السورية إلى لبنان وحجب الأنظار عمّا يجري في سوريا.
0 comments:
إرسال تعليق