الأحد، يناير 27، 2013
نصر الله... و"الجمرة الخبيثة"
لم يعد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله "مرشداً لبنانياً" وحسب، بل تجاوز في ذلك لبنان إلى العالم العربي، حيث الثورات الشعبية التي كان "سيد المقاومة" أول من صنفها بين ثورات بنت ست "إيرانية" وثورات بنت جارية "عربية"!.
"إنتقائية" سماحته في تجيير الثورات لحساب إيراني "مبارك" في مقابل حساب عربي "معدوم البركة" جعلته "أسير" مواقفه المنحازة طائفياً ومذهبياً، والتي مهما "قاوم" للتحرر منها لن ينجح، ولو قارب الأمور بـ"مسؤولية طارئة"، على نحو ما ذهب إليه، في خطاب ذكرى المولد النبوي الشريف، بأن الصراعات في عالمنا العربي "سياسية" مرتبطة بالسلطة ولا علاقة لها بالدين أو بالطائفة أو بالمذهب.
تأسيساً على ما تقدم، يخشى سماحته أن "يخرج المارد من القمقم"، جراء مقاربة الصراعات من منظور ديني وطائفي ومذهبي، ويخاف أن يتعذر على من أخرجه أن يعيده إلى القمقم، وإلا فالمارد سيمسي "جمرة خبيثة" تدمر كل شيء.
يخطئ من يفتري على سماحته بأن ما يقوله "خطأ"، كلام السيد هنا هو "سيد الكلام"، وإن كان كلام حق يراد به باطل. لكن المستغرب أن نصر الله سرعان ما ناقض نفسه بنفسه، عندما ذهب إلى مقاربة "الصراع اللبناني" حول قانون الإنتخاب، بتأييده لـ"القانون الأرثوذكسي" الذي لم يبق مارداً طائفياً أو مذهبياً إلا وأخرجه من قمقمه، كما لو أن "سيد المقاومة" يخشى على أوطان الآخرين أكثر من خشيته على وطنه "مبدئياً".
هنا، أثبت نصرالله فشله في الإرشاد، ليس للبنان وحسب، بل للعالم العربي أيضاً، بعدما تحول "الرشد" في مقاربة الصراعات العربية إلى "اللارشد" في مقاربة الصراع اللبناني. تبرأ مما تمت الإضاءة إليه في مقدمة المقال، وراح يضرب على "الوتر الطائفي والمذهبي" في تغذية الصراع اللبناني حول قانون الإنتخاب، وفي "تحريض" هذا المارد على ذاك.
ما لم يفهمه المراقبون كيف يسهب نصر الله في شرح أن الصراعات في العالم العربي "سياسية"، ثم يستند في تفهمه للهواجس المسيحية في لبنان على أنها "خوف" مما "حصل بالمسيحيين في العراق، وما يجري بالمسيحيين في سوريا ونيجيريا !. فإذا كانت الصراعات "سياسية" كما يقول، لماذا ذهب إلى "التوظيف المسيحي" لما قال إنه "واقع"، بعدما كان هذا الواقع مجرد "أوهام"، و"جمرة خبيثة"، في مقدمة خطابه؟
تناقض رهيب يفضح "نوايا" السيد الذي يقول كلاماً معسولاً - مسموماً في آن.
يبدو أن نصرالله لا يجد حرجاً في قول الشيء ونقيضه، ولا مشكله لديه في القفز فوق حقيقة أن "القانون الأرثوذكسي" هو "الجمرة الخبيثة" التي قد تدمر لبنان، وقد بدأت تفعل فعلها، في تحويل الصراع اللبناني من "سياسي" إلى "طائفي ومذهبي".
بطبيعة الحال، لا يمكن لنصرالله إلا إن يتعاطى بـ"تقية" مع "الجمرة الخبيثة"، أي "قانون الفرزلي"، طالما أن أي دمار ينجم عنها، هو في مصلحة "حزب الله" أولاً وآخراً، ولن يصيب المسيحيين وحسب، بل سيصيب لبنان برمته، ويضرب نظامه في الصميم، طالما أن السيد فاخر بأن الجميع يناقش قانون الإنتخاب بـ"عقلية تأسيسية" سبق أن نظر لها، ومن شأنها أن تدمر "دستور الطائف"، وتفتح لبنان على المجهول، في ظل إنتقال الصراع من "سياسي" إلى "طائفي ومذهبي".
ورب سائل: كيف لا يفعل نصرالله المستحيل، ويذهب إلى استخدام "طائرة أيوب" لـ "تأجيج" الجدل الطائفي والمذهبي حول قانون الإنتخاب، طالما أن الدمار الناجم عنه، يُعقد البحث في قضية سلاحه، بما هي قضية وطنية سياسية بإمتياز، لا بل يحمي سلاحه إلى أمد بعيد، لتصبح قضيته، وفق "قانون الفرزلي"، طائفية مذهبية بامتياز، تصلح لها معادلة "أشرف الناس وجيش ومقاومة".
هذا ما يريده نصرالله وحزبه، لأن استمرار الصراع "سياسياً" في لبنان يحاصر سلاحه، بينما دفع الصراع إلى منحدرات الطائفية والمذهبية يحرر سلاحه غير الشرعي ويبقيه حياً يرزق، للتحكم بمفاصل الحياة السياسية والديموقراطية في لبنان، اياً يكن قانون الإنتخاب، باعتباره تفصيلاً صغيراً أمام قدرة سلاح "حزب السلاح" على تعطيل مفاعيل أي قانون لا يكون على هواه، حتى لو نال المسيحيون 128 نائباً.
يسجل لـ"حزب الله" أن أثبت أنه "مقاومة" في كل زمان ومكان، ويُسجل لكثيرين غيره أنهم أعطوه هذا الشرف من جديد، حتى أمسى نصر الله يتحدث عن السلاح وتأثيره في الانتخابات .. "إنو عادي.. سلاح ومشاوي والشباب"!.
1 comments:
أثبت نصرالله فشله في الإرشاد، ليس للبنان وحسب، بل للعالم العربي أيضاً، بعدما تحول "الرشد" في مقاربة الصراعات العربية إلى "اللارشد" في مقاربة الصراع اللبناني. تبرأ مما تمت الإضاءة إليه في مقدمة المقال، وراح يضرب على "الوتر الطائفي والمذهبي" في تغذية الصراع اللبناني حول قانون الإنتخاب، وفي "تحريض" هذا المارد على ذاك.
إرسال تعليق