الجمعة، يوليو 19، 2013

استحقاقات اللعب بدماء السوريين

من سقوط صواريخ على بلدات بقاعية، الى اخرى على الضاحية، فسيارة مفخخة في قلب الضاحية، واستهداف مواكب مسؤولين لـ"حزب الله" على طريق المصنع الدولية الواصلة لبنان بسوريا، والآن اغتيال احد المتحدثين غير الرسميين بلسان نظام بشار و"الممانعين"، يستمر مسلسل استدراج حرب سوريا الى لبنان بعد تورط "حزب الله" في مقاتلة السوريين على ارضهم مع اكثر الانظمة وحشية واجراما في تاريخ المنطقة الحديث. فبعد معركة القصير التي كان للحزب المذكور الدور الاساسي في إسقاطها لحساب نظام بشار، كان معلوما ان الحرب لن تقتصر على الاراضي السورية فحسب، بل انها عاجلا ام آجلا ستمتد بطريقة او باخرى الى قلب لبنان. بداية في معازل الحزب في الضاحية،الجنوب والبقاع، لتنتقل ربما في ما بعد الى مناطق اخرى غير معنية بالحزب نفسه. فالنار التي تشتعل في الجوار ويغذيها اهل الدار لا بد ان تنتقل الى الجوار الاقرب مهما صار. اكثر من ذلك، فإن ما تسرب من جهات امنية لبنانية ومفاده انه تم تفكيك العديد من العبوات الناسفة خلال الاسبوعين الماضيين في العديد من مناطق "حزب الله"، امر لا يبشر بالخير ابدا، بل يستدعي وقفة تعقل من "تكفيريي الضاحية" وعودة الى الوجدان في شأن صوابية الخيارات المدمرة التي جرى اتخاذها.
  
 من هنا يبدو اغتيال محمد ضرار جمو مؤسفا، ككل عملية اغتيال تأتي وسيلة لتحكيم الخلافات، بما يفيد ان لبنان ينزلق شيئا فشيئا نحو المجهول بعدما باتت تتحكم فيه مجموعة استحالات: استحالة الحوار، واستحالة احترام مواعيد الاستحقاقات الدستورية، واستحالة تشكيل حكومات، واستحالة تحييد الجيش عن الاختراقات، واستحالة تحييد الاقتصاد عن الخلافات السياسية، وصولا الى استحالة العيش معا تحت سقف واحد.
  
 نعم، لقد وصلنا الى اكثر المراحل دقة، اذ اننا نقف اليوم لنتفرج عاجزين على مشهد انهيار الدولة بمؤسساتها، وآخر المؤسسات التي نلمس تداعيها المتسارع في الاشهر الماضية هو الجيش اللبناني الذي جرى اختراقه بشكل لم يسبق له مثيل، من "حزب الله"، بالسياسة وبالامن وبالمذهبية. ففي مقابل استحواذ "حزب الله" على نقاط ارتكاز داخل الجيش عبر مجموعة من الضباط، يتراجع رصيد المؤسسة ككل، ويكبر الخطر على وحدتها كإحدى آخر المؤسسات مع المصرف المركزي، الضامنة لما تبقى من وحدة البلد، والتي يمكن ان تشكل يوما ما منطلقا لتطبيع الحياة العامة في لبنان، بعد انتهاء الحالة الشاذة القائمة رهنا. وهي ستنتهي حكما مهما طال الوقت. لكن الجيش اليوم في خطر كبير، وبان الامر في "فخ" صيدا، والاعيب طرابلس، وربما لاحقا في عرسال التي نتوقع ان تستهدف بـ"فخ" جديد من اجل اسقاطها كقلعة استقلالية في قلب البقاع المحاذي للاراضي السورية.
  
 مرة جديدة لبنان أمام استحقاقات تورط البعض في قتل السوريين على أرضهم.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية