الجمعة، يوليو 19، 2013

انفجار الضاحية وشماتة المغفّلين

بعيداً من الحدث الأمني المتمثل بانفجار بئر العبد في الضاحية الجنوبية، والذي صار من الماضي، بعد احداث تبعته، وجعلت منه تفجيرا عاديا، لا غرابة فيه في لبنان، نسبة الى ما سبقه في الأعوام الأخيرة من تفجيرات كثيرة وكبيرة في مختلف المناطق، وغابت عن الضاحية بسبب أمنها الذاتي، ومربعها الأمني الذي غاب منذ حرب تموز 2006، لتصبح الضاحية كلها مربعات أمنية.
  
 واللاغريب، واللامستغرب أيضاً، هو أن جمعاً من الناس هلّلوا للتفجير، وأطلقوا النار ابتهاجا، ووزعوا الحلوى، واختلط الأمر على كثيرين، ما بين الفرح بالانفجار، والتهليل لبدء شهر رمضان. واراد المعتدلون تغليب الفكرة الثانية، وهي أفضل لصورة التعايش في بلد الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات المتعددة والمختلفة.
  
 ولا غرابة أيضاً في الانفعالات الشارعية، ففي الشارع المقابل، على ما أذكر جيداً، ان حلوى وزعت، وتبودلت التهانئ لدى اغتيال جبران تويني، وهللت وسائل اعلامية لاغتيال سمير قصير، واطلت اعلاميات بالأحمر الزاهي في المناسبتين.
  
 ردة فعل تقابلها ردة فعل، وشارع في مقابل شارع. ليس من رقي حقيقي في لبنان في زمن ما بعد الحرب، فالأخلاق الميليشوية صارت السائدة. لدى كل المجموعات المتعايشة مع بعضها البعض نخب تنكفئ، ولدى جميعها أيضاً هذه الحثالة من الناس تختال مزهوة بنفسها.
  
 انفجار الضاحية ولّد شماتة بالحزب، وبهذا الأمن الذاتي "الصارم"، وبالتهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور، اذا حاول أحد "التطاول" على المقاومة وسلاحها، ولم تبرز هذه الشماتة الا لدى البسطاء. السياسيون تسابقوا الى بيانات الشجب والاستنكار، وبعضهم يأسف في نفسه لعدم وقوع ضحايا.
  
 وانفجار الضاحية ولّد قلقاً لدى جمهور الحزب، لكنه أيضاً لم يظهر الى العلن، بل برزت المكابرة بعدم الخوف، وعدم الرضوخ لأي ضغط. وهذا كله تعبير عفوي حيناً، ومصطنع أحياناً، لكنه دائما يعبر عن تفكك النسيج الوطني الاجتماعي. فـ"حزب الله" دخل سوريا محاربا دفاعاً عن مقامات شيعية. وبعض أهل السنة في لبنان يمدون المعارضة السورية بالعتاد والسلاح، لأنها فقط من أهل السنة. والفريقان ربما لم يهتما لمصير مطرانين مخطوفين في سوريا، لانهما لا من السنة ولا من الشيعة.
  
 والخطير ان بعض اللبنانيين، الذين يمضون بارادتهم أو بغير إرادتهم، بذكاء أو بحماقة، نحو الانزلاق أكثر الى الحرب السورية، يأخذون البلد كله بجريرتهم، عبر محاولتهم تحقيق انتصارات وهمية لمصلحة الغير، فيدخلوننا معهم في مستنقع لا شأن لنا به. لن نشاركهم بالطبع انتصاراتهم المأمولة، لأن كل فريق سيحاول ان يوظفها في الداخل ما أمكن له ذلك، عبر محاولة إلغاء الآخر خصوصاً، أما الارتدادات السلبية فتصيب كل الفرقاء، والبلد كله.
  
 مغفلون نحن، نضحك على بعضنا البعض، ونعتقد اننا كسبنا جولة، فيما نترقب كلنا مصيرنا المحتوم في الهاوية.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية