كتب سرمد القيسي وهو من سكان الموصل قبل أيام تعليقا على صورة نشرتها صفحة عامة في فيسبوك حول التظاهرات الجارية في مدينة البصرة جنوب البلاد "تحية لكم من الموصل، قلوبنا معكم، نشارككم المأساة ليس لدينا خدمات، نتمنى أن يحفظكم الله وان تحصلوا على حياة كريمة".
بعض الردود له كانت مفاجئة، كتب احدهم "انتم سكان الموصل لا تحشروا أنفسكم في التظاهرات، لأنكم كنتم مع داعش، والقوات الأمنية التي تضرب المتظاهرين الآن هم من الموصل والأنبار"، وكتب آخر "لا تتظاهروا انتم بعثيون".
بينما كتب محمد الجميلي وهو من سكان الأنبار منشورا على حسابه في فيسبوك تعليقا على التظاهرات الجارية جنوب البلاد "مدننا صامتة، ولكن داخل السكان حزنا كبيرا، لأننا لا نستطيع التظاهر".
في 14 من الشهر الحالي انطلقت تظاهرات شعبية من مدينة البصرة أقصى جنوب البلاد احتجاجا على سوء الخدمات وتحديدا المياه والكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يقرب من (50) درجة سيليزية، وامتدت التظاهرات إلى المحافظات الشيعية التسعة جنوب البلاد إضافة إلى العاصمة بغداد، ولكن المحافظات السنية الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى لم تشارك، فما السبب؟
ويضيف "عندما انطلقت التظاهرات في المحافظات السنية قبل سنوات ضد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي كانت سلمية في البداية ولم تستجب لنا الحكومة طيلة أكثر من عام على اعتصامنا حتى استغل بعض المتطرفين التظاهرات ودخلوا فيها، ووجدت الحكومة آنذاك ذلك ذريعة لاتهامنا بالإرهاب وبأننا أتباع حزب البعث".
في كانون الأول من العام 2012 انطلقت شرارة تظاهرات واسعة في الأنبار بعد قيام المالكي بإصدار قرارات بمحاكمة وملاحقة مسؤولين ووزراء سنة في حكومته بتهمة الإرهاب، وأيضا بسبب معاملة الجيش السيئة للسكان هناك، وامتدت التظاهرات إلى الموصل وصلاح الدين وديالى وجنوب كركوك حيث تعيش غالبية سكانية سنية.
تلك التظاهرات استمرت أكثر من عام وتحولت إلى اعتصامات في خيم حتى قرر المالكي آنذاك فض الاعتصامات بالقوة واقتحم الجيش ساحات الاعتصام باستخدام الأسلحة الثقيلة وطائرات مروحية ما أدى إلى تذمر العشائر وأعلنوا مقاتلة القوات الأمنية، عندها وجد تنظيم "داعش" ذلك فرصة ذهبية للهجوم على هذه المدن بذريعة حماية السكان من القوات الأمنية، ليكشر التنظيم عن أنيابه بعد أشهر قليلة ويعلن احتلاله هذه المدن.
ويضيف الفهداوي "الحكومة دائما ترتكب خطأ في عدم الاستماع إلى المتظاهرين، لأنها تفسح المجال للمتطرفين أو المتظاهرين الفوضويين أو حتى أتباع الأحزاب للدخول في التظاهرات وتشويه سمعتها، اليوم ننظر بحزن إلى المتظاهرين، نتمنى السلامة لهم وندعو الحكومة إلى الاستماع لمطالبهم المشروعة".
بعثيون، إرهابيون، متطرفون، تهم تلاحق سكان المدن المحررة حتى الآن، كما تقول الناشطة المدنية من الموصل إيمان القيسي، وتضيف إن "أوضاعنا أسوأ بكثير من باقي المحافظات، المياه لا تصل إلى منازلنا سوى بساعات محدودة وهي غير صالحة للاستخدام بسبب الدمار الذي تعرضت له محطات تصفية المياه، أما الكهرباء فلا نحصل عليها سوى ثلاث أو أربع ساعات في اليوم الواحد، والنفايات متراكمة عند مداخل الأحياء لغياب عمال النظافة، وكذلك البطالة فلا فرص عمل بينما يحتاج سكان المدينة إلى الوظائف أكثر من باقي المدن لإعمار منازلهم المدمرة".
وطبقا لبيانات رسمية صادرة عن وزارة التخطيط العراقية فان خسائر المحافظات المحررة بلغت بلايين الدولارات، وأعلن وزير التخطيط سلمان الجميلي في مؤتمر الكويت لإعادة إعمار المدن المحررة أن البلاد بحاجة إلى (88.2) مليار دولار لإعادة بناء ما دمرته النزاعات والحرب ضد داعش من المنازل والجسور والبنى التحتية والمستشفيات.
ولا يختلف الوضع كثيرا في صلاح الدين، فالسكان هناك يتابعون التظاهرات في جنوب البلاد ويتقاسمون معهم المعاناة، ولكنهم لم ينظموا تظاهرات، فالسكان هناك يشعرون بالقلق كلما سمعوا تظاهرات كما يقول حسام الجبوري احد سكان مدينة تكريت في مركز المحافظة.
الجبوري حول ذلك "في الحقيقة سكان المدينة لا يريدون التظاهر بسبب الذكريات السيئة التي ارتبطت بها التظاهرات في العام 2013 وما تبعها من أحداث جلبت إلى المدينة المتطرفين والإرهابيين، كما أن هناك ناشطين مدنيين يخافون من تنظيم تظاهرات لان قوات الأمن ستتهمهم بالإرهاب وأننا أتباع حزب البعث خصوصا وان مسقط رأس أركان النظام السابق ورئيسه صدام حسين هم من تكريت".
الجبوري أيضاً يدعو الحكومة إلى تلبية مطالب المتظاهرين ويقول إن "سكان البصرة مظلومون، زرتها قبل أشهر وهي وفي حالة مريعة، سكانها طيبون يستحقون حياة أفضل، والنفط الذي تنتجه هذه المدينة يغذي جميع العراق ونتمنى أن ينعم سكانها بالاستقرار والخدمات، وادعوا مسؤولي محافظتنا في صلاح الدين الاهتمام بالخدمات لأنها سيئة، وعدم خروجنا في تظاهرات لا يعني أننا راضون عن الأوضاع".
0 comments:
إرسال تعليق