الجمعة، يوليو 27، 2018

أسباب الانهيارات العسكرية في محافظة درعا

مع التمهيد الإعلامي من قِبل النظام السوري وإيران في منتصف شهر حزيران لبَدْء الحملة العسكرية على محافظة درعا، سادت تكهنات كثيرة وتحليلات عسكرية كلها تقريباً يصبّ في صالح أن سيناريو الغوطة الشرقية غير وارد التكرار في المحافظة الجنوبية لأسباب عسكرية وسياسية.
وذهبت التوقعات إلى أن روسيا وميليشيات إيران لن يُقدِموا على تنفيذ الهجوم لأسباب سياسية تتعلق بوجود اتفاقية خَفْض التصعيد المُوقَّعة مع الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن صدمت فصائل الجبهة الجنوبية برسالة واضحة تؤكد بأنها "لن تتدخل" في حال تعرُّض محافظة درعا للهجوم.
ويمكن تلخيص أسباب الانهيارات للفصائل الثورية في محافظة درعا بالتالي:
أولاً: ضعف التحصين: يمكن القول إن التحصينات العسكرية للفصائل كانت تقتصر على نقاط التماسّ مع ميليشيات النظام في كل من منطقة اللجاة والنعيمة واليادودة وجبهات مدينة درعا المعروف بـ "درعا" البلد، وعلى الرغم من الأنباء المتواترة عن الحملة الروسية إلا أنه لم يكن هناك عمل على إنشاء خطوط دفاعية ثانية يمكن استعمالها في حال انهيار نقاط التماس.
وقد استطاعت جبهة "درعا البلد" الصمود بشكل كبير طيلة أيام الحملة، وتمكن المرابطون فيها من تدمير قرابة 12 آلية بينها 8 دبابات، وشنوا هجمات معاكسة استرجعوا فيها نقاطاً بالقرب من القاعدة الجوية، في حين أن الانهيارات كانت سريعة بعد "بصر الحرير" بسبب غياب التحصين وكون المناطق سهلية وطبيعة تكوينها مختلفة عن المدينة.
ومع استخدام روسيا بشكل جنوني لسلاح الطيران، وسلاح الصواريخ والمدفعية انخفضت بشكل كبير إمكانية المقاومة، خاصة في ظل استخدام صواريخ حرارية وذكية لاستهداف الآليات وحتى تحركات الأفراد.
ثانياً: إغلاق الحدود وصعوبة الوضع الإنساني: سبق العملية العسكرية تفاهمات بين روسيا والأردن من أجل إغلاق الأخيرة الحدود في وجه الآخرين وعدم السماح بدخول المصابين سواء من المقاتلين أو المدنيين.
واستمر الطيران الحربي الروسي في استهداف المدنيين والمقاتلين على حدّ سواء دون إمكانية إسعافهم ونقلهم إلى منطقة آمنة، الأمر الذي شكَّل عامل ضغط نفسيّ كبير على المقاتلين على الجبهات، يُضاف إلى ذلك انتشار قرابة 200 ألف نازح على الشريط الحدودي دون توفُّر أبسط الاحتياجات من طعام وشراب، وموت وإصابة العشرات منهم جراء الظروف السيئة والقصف الجوي.
ثالثاً: التدخلات الإقليمية: نشرت صحيفة "القدس العربي" في أواخر شهر حزيران، وبالتزامن مع إطلاق الحملة العسكرية على الجنوب السوري تسريباً أكدت فيه أن نائب رئيس هيئة التفاوض السورية "خالد المحاميد" يقود مشروعاً إماراتياً بهدف تسليم روسيا مدن وبلدات درعا والقنيطرة، بعد تهجير المقاتلين الرافضين للتسوية إلى شمال سوريا.
وتحول " المحاميد" إلى خطة بديلة بعد اصطدامه بمعارضة فصائل من الجيش الحر، حيث عقد الفصيل الذي يتبنّاه "قوات شباب السنة" بقيادة "أحمد العودة" اتفاقاً منفرداً مع الروس، وأصبح مرور الأرتال العسكرية للميليشيات الإيرانية على الطريق الحربي باتجاه جبهات المدينة عَبْر "بصرى الشام" متاحاً، وهو الأمر الذي أدى إلى تسارع تساقُط مناطق شرق المدينة.
رابعاً: الاختراقات الاستخباراتية: استخدمت استخبارات النظام السوري بعض الشخصيات المحسوبة عليها والتي تمتلك روابط عشائرية مع سكان مناطق في محافظة درعا من أجل اختراق قرار تلك المناطق.
ولعب مختار بلدة الكرك الشرقي دوراً في إقناع سكان البلدة بالسماح لقوات الأسد والميليشيات الإيرانية، كما أتاحت علاقة استخبارات النظام بما يُعرَف بـ "وجهاء" داعل دخول البلدة دون مواجهات، والتجربة نفسها تكررت في أبطع، الأمر الذي كان له أثر كبير عسكرياً من حيث اتساع جبهات المواجهة، ومباغتة الفصائل الثورية بهجمات من مناطق لم يكونوا يتوقعونها، بالإضافة إلى الأثر المعنوي السلبي.
ومما لا شك فيه أن تشتُّت القرار العسكري وعدم مركزية القرار في عموم المحافظة وتفشي الحالة الفصائلية عامل لا يمكن إغفاله، وشاهدنا انعكاسه على مرحلة التفاوض التي خاضتها تقريباً كل كتلة جغرافية منفردة.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية