الأحد، أغسطس 26، 2018

تفاصيل إعدام خالد الإسلامبولي

في البداية نريد أن نتعرف عليك؟
>> اسمي عربي عبد القادر 49 عاما من مدينة المنيا.
> متي دخلت الجيش؟
>> في عام 1980 وأمضيت به عامين.
> أين كان موقعك في الجيش؟
>> كنت «عسكري عادي» ثم انتقلت إلي مركز تدريب الشرطة العسكرية كمدرب فقد كنت من القناصة بالجيش.
> أريد منك ان توضح للقارئ بالتفصيل ما رأيته؟
>> في أحد الأيام جاء القائد الخاص بنا واختار 12 جنديا من القناصة كنت أنا من بينهم وقاموا بنقلنا إلي سرية أخري تتبع أيضا الشرطة العسكرية وتم نقلنا في عربية مغلقة في وقت متأخر من الليل ولم يخبرنا أحد بشيء عن سبب انتقالنا من مكاننا وبعد أن أمضينا ليلتنا في هذا المكان جاءت سيارة في حوالي الساعة الخامسة صباحا وتم نقلنا إلي منطقة تسمي الجبل الأحمر وهي منطقة جبلية عسكرية بها ميدان للرماية تم إنزالنا في هذا الميدان ونحن مازلنا لا نعرف شيئاً، وبعد ذلك أحضروا هياكل علي هيئة أشخاص وأمرونا بأن نقوم بالتنشين علي هذه الهياكل تحديدا في منطقة القلب وكان هذا بالنسبة لنا أمرا في غاية السهولة فهذه المجموعة من أمهر القناصين الموجودين بالجيش المصري.
> وماذ حدث بعد ذلك؟
>> بعد أداء هذه التدريبات اجتمع بنا القائد وقال لنا إننا الآن بصدد القيام بمهمة عسكرية هامة جدا فلقد أتينا اليوم لتنفيذ حكم الإعدام رميا بالرصاص في خالد الإسلامبولي وحسين عباس، وقد اندهشنا جميعا وبدا كل واحد منا ينظر إلي زميله فهذه أول مرة نوضع في مثل هذا الموقف وبعد انصراف القائد بدأنا نتحاور فيما بيننا فمنا من كان يقول ماذنبنا نحن في أن نقوم بقتل بني آدم وهل هو يستحق القتل أم لا يستحق؟ وآخر يقول هذا أمر عسكري ولابد من تنفيذه ولكن غالبية الآراء كانت طبعا مع تنفيذ الأمر وكانوا ناقمين علي خالد ومجموعته ومتعاطفين جدا مع الرئيس السادات فقد كانوا يقولون هو الرئيس السادات «عمل إيه وحش علشان يقتلوه» لكن أنا حسمت أمري بسرعة واتخذت قراري بعدم إطلاق النار علي خالد أو حسين أو أي مواطن مصري آخر فالأسماء لا تهم فقد تدربت وتعلمت في الجيش أن أوجه بندقيتي إلي العدو وليس إلي أحد من أبناء الشعب.
وقد اقترب مني في هذه اللحظة أحد زملائي وقال لي إنت هتعمل إيه فقلت له أنا لن أستطيع مخالفة الأمر العسكري ولكن في نفس الوقت لن أطلق النار علي أحد فازدادت حيرته فقلت له عند إطلاق النار سأقوم بإطلاق رصاصتي بعيدا عن جسم خالد ومحدش يلاحظ حاجة ووافقني علي ذلك.
> هل كانت هناك تعليمات بعينها من القادة في تلك العملية؟
>> كانت المفاجأة السارة بالنسبة لي عندما جاء القائد مرة أخري وقال بدون خوف وليس هناك أي عقاب علي أحد اللي حاسس من جواه إنه مش عايز يضرب النار علي المحكوم عليهم يرجع خطوة إلي الخلف ولم يكد ينتهي من كلمته إلا وكنت واخد خطوة إلي الخلف ولحقني اثنان من زملائي ولكن القائد قال لا أنتم ثلاثة وهذا لايجوز فليتقدم واحد منكم للامام وتقدم زميل لنا وبعد ذلك علمت أنه المفروض أن يقوم بتنفيذ المهمة عشرة جنود فقط وأنه يتم اختيار 12 جنديا ليكون هناك اثنان من الجنود احتياطي تحسبا لأي شيء وحمدا لله أنه تم إعفائي من هذه المهمة وتمنيت أيضا ألا أكون موجودا ولا أشاهد عملية الإعدام إلا أن هذه الدعوة لم تتحقق.
> وكيف سارت الأمور بعد ذلك؟
>> جلسنا في الخيمة الموجودة في المكان الذي كان عبارة عن منطقة جبلية بها جسر مبني من شكائر الرمال ترتفع حوالي 50 سم من سطح الأرض مواجهة لشيء اسمه العروسة علي بعد 15 مترا منها والعروسة هذه عبارة عن دوران مسلح تقريبا «مترين * مترين» يخرج منها عرق خشبي علي هيئة صليب يتم ربط المحكوم عليه بالإعدام فيها، وفي حوالي الساعة السادسة والنصف صباحا جاءت عربة مصفحة يحرسها أكثر من عربة أخري وكان هناك ثلاث طائرات هيليكوبتر تدور حول المكان وتم فتح باب السيارة المصفحة ووجدنا خالد الإسلامبولي مسلسلا بالحديد من يديه ورجليه وتم إنزاله من السيارة وكان يرتدي بدله زرقاء ماعدا منطقة القلب عليها مايشبه الجيب الأبيض وهذه المنطقة هي التي سيتم النيشان عليها ويرتدي شالا أبيض علي كتفيه وكان شكله مهيبا في الحقيقة ثم قام أحد الضباط بإلقاء البيان الخاص بإعدام خالد الإسلامبولي ووقائع الحكم عليه وبعد انتهائه من تلاوة البيان قام بإعطاء التمام للواء الموجود.
في ذلك الوقت لم يكن بيني وبين خالد سوي 5 أمتار وكان ما شاء الله ثابتا قويا لا يهاب الموقف فهو واقف عادي جدا ثابت لا يهتز مثله مثل الأسد وليس واحدا يفصله عن الموت خطوات قليلة، وبعد ان أعطي الضابط التمام للواء أشار إليه اللواء ببدء عملية الإعدام فتوجه الضابط إلي خالد وسأله بالحرف الواحد نفسك في إيه يا شيخ خالد قبل الإعدام فقال له أريد أن أصلي ركعتين لله فقال له الضابط سأقوم بإحضار الماء لك لكي تتوضأ فقال له خالد لا انا متوضئ وقام خالد بفرش الشال الموجود علي كتفيه علي الأرض وبدأ في صلاته وفي السجود الأخير في الركعة الثانية أطال الشيخ خالد في سجوده كثيرا والصمت يخيم علي أرجاء المكان فتوجه إليه الضابط ووضع يده علي كتفه لأننا ظننا أنه توفي إلا أن اللواء صرخ في الضابط بصوت عال وقال لي سيبه خليه يصلي براحته زي ماهو عايز.
> وهل لاحظ خالد صراخ اللواء مع الظابط؟
>> نعم انتبه الشيخ خالد وقام من سجوده وقرأ التشهد الأخير في حياته وأنهي صلاته ووقف علي قدميه فتوجه نحوه اثنان من الجنود وقاما بإمساكه من ذراعيه وتوجها به إلي العروسة وقبل أن يربطوه بها قام الشيخ بوضع يده في جيبه وأخرج منه مصحفا صغيرا وسواكا وقام بتسليمهما للضابط الموجود وطلب منه إيصالهما إلي والدته بعد ذلك قاما بربط الشيخ خالد بالعروسة من ذراعيه اليمني واليسري ومن أسفل قدميه وعندما أرادوا تغميته رفض الشيخ خالد ذلك وأصر علي رفضه فتركوه علي راحته.
ورجع الضابط إلي الخلف وبدأ برفع يده اليمني إلي أعلي وأثناء رفع يده هناك مجموعة من العازفين علي الطبول الصغيرة بدأت تدق بسرعة وهذا معناه في الجيش وضع الاستعداد وبالفعل قام العشرة جنود بأخذ وضع الاستعداد وشد أجزاء السلاح الموجود به طلقة واحدة فقط وكل واحد منهم يصوب نيشانه إلي قلب خالد الإسلامبولي وفي اللحظة التي قام الضابط بإنزال يده إلي أسفل قام عازف علي الطبلة الكبيرة بالدق مرة واحدة وهنا قام الجنود العشرة في لحظة واحدة بإطلاق رصاصاتهم إلي صدر خالد الإسلامبولي التي اخترقت جسده من الناحية الثانية واصطدمت بالجبل الذي كان خلفه وأحدثت غبارا كثيفا في تلك الأثناء كان خالد مثبتا نظره إلي أعلي في قوة غير طبيعية وكان مسار رهبة لكل الموجودين الكبير قبل الصغير والحقيقة أنهم تعاملوا مع الشيخ خالد باحترام شديد جدا في حياته وبعد موته.
منذ وصول خالد الإسلامبولي إلي هذه اللحظة وعيناي لم تذهب بعيدا عنه وبعد إطلاق العشر رصاصات عليه كانت المفاجأة فهو مازال حيا فقد بدأت يده اليمني تتحرك ويده اليسري ورأسه تتحركان إلي اليمين فأسرع ضابط بالاتجاه ناحيته ويبدو أنه كان ضابطا طبيبا ومسك يد خالد اليسري ليقيس له النبض واذا به يخرج مسدسه من جيبه ويشد الأجزاء ويوجهه نحو رأس خالد استعدادا لاطلاق النار علي رأسه لإنهاء حياته حتي لا يتعذب وهذه هي القواعد في الجيش إلا أن الضابط الآخر أشار له بالانتظار وفعلا ماهي إلا ثوان وفارق خالد الإسلامبولي الحياة بعد ذلك تم حل خالد وجاءت سيارة الإسعاف ونزل منها اثنان وقاما بحمله علي النقالة إلي سيارة الإسعاف وغادروا بالجثمان في حراسة شديدة.
> وماذا حدث بعد ذلك؟
>> بعد حوالي ربع ساعة جاءت سيارة أخري مصفحة ونزل منها حسين عباس كان يرتدي نفس بدلة خالد ولم يكن ملتحيا وعقب نزوله تم إلقاء البيان الخاص باعدامه، وفي الحقيقة حسين عباس كان مهزوزا جدا وكان يقول بأعلي صوته "حرام عليكوا ياظلمة ياعملاء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار حسبنا الله ونعم الوكيل" ولم يرد عليه أحد، وتوجه إليه الضابط وسأله هل تريد شيئاً فلم يجبه وعند آخذه إلي العروسة لتنفيذ الحكم فيه رفض السير وتشبث بمكانه فقاموا بسحبه إلي العروسة وقاموا بربطه في العروسة بصعوبة بالغة وقاموا بتغطية وجهه وبدأت نفس المراسم التي تمت في إعدام خالد الإسلامبولي، وبمجرد إطلاق النار علي حسين لم يحرك ساكنا ومات علي الفور من لحظته.
> لقد حكيت مالديك من تفاصيل ببراعة تحسد عليها لكن دعني اسألك هل أنت متأكد أن الذي أعدم هو خالد الإسلامبولي؟
>> نعم متأكد.
> ما الذي يجعلك متأكدا؟! هل كنت تعرف خالد من قبل؟
>> نعم كنت أحفظ شكله تماما من الصحف وحتي بعد ذلك الصور التي نشرت له الذي أعدم أمامي هو خالد الإسلامبولي ولا مجال للتشكيك.
> لكن رقية ابنة السادات تؤكد أن الإسلامبولي لم يعدم ولايزال حيا وأنها رأته في السعودية؟
>> اذا كانوا صادقين ويتكلمون بجد فأنا أقول لهم إن ماشاهدوه هو عبارة عن خيالات وأوهام فليريحوا أنفسهم منها لقد رأيت الشيخ خالد وهو يعدم والله علي ما أقول شهيد هذا شيء رأيته بعيني وسأسأل عنه يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالي.
> لماذا تعاطفت مع خالد؟
>> أنا لم أتعاطف معه بل هذا مبدأ وأي أحد كان في مكان خالد كنت لن أطلق عليه النار.
> ماذا عن باقي المحكوم عليهم؟
>> مجموعتنا قامت بإعدام خالد الإسلامبولي وحسين عباس فقط ولا أعرف شيئاً عن الآخرين ربما يكون هناك مجموعة أخري هي من تولت إعدامهم .
> ماهي انطباعاتكم أثناء عودتكم؟
>> سؤال جيد أثناء عودتنا إلي وحدتنا كان الصمت يخيم علي الجميع والكل كان متأثرا جدا لكن واحدا فقط فجأة صاح بصوت عال يملؤه الحماس وقال لقد أطلقت النار علي رقبة حسين عباس مثلما أطلق النار علي رقبة الرئيس السادات وكان فخورا جدا بما فعله أما بالنسبة لي فهذه الحادثة لم تفارق ذهني طيلة حياتي.
>> ماذا تعلمت من هذه الحادثة؟
تعلمت أن الإنسان عندما يأخذ قرارا لابد أن يراجع نفسه أكثر من مرة.
> هل كان يبد علي خالد الإسلامبولي الندم علي مافعله؟
>> إطلاقا لم يبدو علي خالد الندم بل العكس فقد كان ثابتا وقويا ومهيبا.


رغم مرور مايزيد علي الثلاثين عاما علي اغتيال السادات إلا أن قضية اغتياله لاتزال حتي الآن تتصدر مشهد الأحداث وتقفز من حين إلي آخر علي واجهة المشهد السياسي برمته، وتصر ابنته الكبري رقية علي ألا تموت قضية أبيها، ومع سقوط نظام الرئيس المخلوع فجرت رقية مفاجأة من العيار الثقيل حينما أعلنت أن خالد الإسلامبولي المتهم الرئيسي في قتل أبيها لم يعدم، وأنها رأته في قلب الحرم المكي في السعودية وأن عينيها جاءت في عينيه.
كلام رقية علي غرابته أحدث جدلا واسعا في الشارع السياسي خصوصا أنه تزامن مع الإفراج عن عبود الزمر أحد المتهمين المتورطين في قتل السادات «الموجز» نجحت في الوصول إلي شاهد عيان يعيش في قلب الصعيد حضر إعدام خالد الإسلامبولي ضمن المجموعة التي تم اختيارها لتنفيذ حكم الإعدام لتقطع الشك باليقين وتنهي الجدل في تلك المسألة التي شغلت الرأي العام طيلة الأسابيع الماضية والي نص الحوار.

< لم يكن بحوزته سوي «مصحف صغير وسواك» أوصي بإيصالهما إلي والدته
< لم تبد عليه آثار الندم وكان ثابتاً وقوياً مثل الأسد
< رفض وضع عصابة علي عينيه أثناء تنفيذ الحكم وأصر علي مواجهة الموت دون خوف
< 10 جنود نفذوا عملية الإعدام أغلبهم كانوا من المتعاطفين مع السادات والعملية تمت في منطقة الجبل الأحمر
< حينما سألناه «نفسك في إيه يا شيخ خالد» صمت برهة ثم قال: أريد أن أصلي ركعتين لله
رغم الفترة الطويلة التي قضاها خلف أسوار السجن بدا عبود الزمر أحد المتهمين بقتل السادات في حواره مع «الموجز» ملما بكل تفاصيل المشهد السياسي مدركاً لأبعاد التطورات التي حدثت في المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة.
«الزمر» أكد في حواره معنا أن التيار الاسلامي هو الذي سيحدد هوية رئيس مصر المقبل مشيراً إلي أن تصريحاته عن دفع الأقباط للجزية أُسيء فهمها من قبل البعض مشدداً علي أن المواطنين الأقباط شركاء في الوطن لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وبرأ الزمر نفسه من قتل السادات مشيراً إلي أنه لو تمت محاكمته من جديد سيحصل علي البراءة من الجلسة الأولي مؤكداً أن أحداث إمبابة الأخيرة ملفقة الهدف منها تشويه صورة الإسلاميين وإلي نص الحوار.
> لنبدأ من تصريحاتك التي أدليت بها عقب الخروج من السجن والتي أثارت استياء وخوف الكثيرين؟
>> كان هناك سوء فهم من جانب الإعلام بالنسبة لما صرحت به حيث نقلوا عني كلاما لم أقله وقام الإعلام بتفسير الكلام أيضا بطريقة مغايرة لما قصدته فأدي ذلك إلي حدوث بلبلة لدي الناس في بعض القضايا لذلك قمت علي الفور بإصدار بيان قمت فيه بشرح المقصد الحقيقي من كلامي في هذه القضايا إلا أن هذا البيان لم يأخذ نصيبه من الاهتمام الإعلامي ولا أخفيك سرا أني شعرت بالاستياء الشديد من ذلك وشعرت بأن هناك نوعا من التربص بي لذلك ابتعدت طيلة الفترة الماضية عن الإعلام وهذا أول حوار لي بعد هذه الهجمة علي فيبدو أن الإعلام مازال به من ينتمي للنظام السابق و أرادوا تشويه صورتي وتشويه صورة الإسلام حيث بعد ذلك بدأت الحرب الإعلامية علي السلفيين والإخوان فقد ظنوا أن التيار الإسلامي له طموحات وتطلعات في أن يحقق نتائج كبيرة في المستقبل فأرادوا أن ينالوا منه مبكرا وهذه الهجمة المراد بها تخويف الشعب المصري من هؤلاء الإسلاميين إذا صعدوا للسلطة وإذا حققوا نتائج كبيرة في مجلسي الشعب والشوري في الانتخابات القادمة.
> لكنك تحدثت عن أشياء عفا عليها الزمن مثل الجزية وفرضها علي المسيحيين؟
>> عندما تحدثت عن موضوع الجزية كان السؤال عن قضية فقهية فتحدثت عن الجزية وأصلها في الإسلام والحكمة منها وأن الهدف منها في ذلك الوقت كان لصالح الأقباط وليس ضدهم ثم بعد ذلك تطرقت إلي وقتنا الراهن وقلت إنه لا يجوز فرض الجزية علي الأقباط لأنهم شركاؤنا في المجتمع ويدافعون عنه مثلنا فقد شاركوا في كل حروب مصر إلا أن الإعلام ركز علي الجزء الأول من الكلام ولم ينظر إلي الجزء الثاني إطلاقا.
> مكثت ثلاثين عاما داخل السجن معزولا عن المجتمع المصري لا تعرف همومه ولا مشاكله ولا تعرف رغباته ولا احتياجاته ولكن بمجرد خروجك من المعتقل ومن الوهلة الأولي وجدناك تضع الخطط وتقدم النصائح لهذا المجتمع أليس هذا غير منطقي؟
>> لقد كانت مصر كلها تعيش في سجن كبير ونحن في داخل سجننا الصغير هذا لم نكن معزولين وكنا نشعر بهموم المجتمع ونعي مشاكله وأنا أقوم بدوري مثل أي مواطن يحب أن يخدم بلده ليس أكثر فبعد ثورة 25 يناير فتح الباب أمام الجميع لممارسة العمل العام بجميع اتجاهاته سواء كان عملا اجتماعيا أو خيريا وبالتالي أنا كمواطن لي الحق في أن أمارس هذا الدور مثلي مثل إخواني من الشعب وأن أساهم وأشارك في بناء هذا المجتمع وهذه المشاركة تدل علي أننا غيرنا أساليب القتال والعنف الذي كان ملاصقا لنا طيلة سنين ماضية بصورة غير حقيقية لأنه كان عنفا مضادا للعنف الذي اتبعه معنا مبارك.
> ماذا تعلمت طيلة سنين محبسك الطويلة؟
>> السجن يربي أشياء معينة إذا أردت ان تعرفها فدعنا نحبسك كام سنة من اجل ان تعرفها فكل من دخل السجن استفاد أشياء كثيرة لايتسع المقام لذكرها جميعا ولكن أهم شيء تعلمته فيها هو الصبر والصبر علي الأذي وتقديم مصلحة الغير علي مصلحتي الشخصية وعدم الظلم لأن الإنسان الذي يظلم ويشعر بمرارة الظلم لا يظلم أبدا لذك فأنا دائما أقول إن الفرق بين السادات ومبارك أن السادات كان رحيم القلب لأنه عاش تجربة السجن أما مبارك وابنه فلم يعيشا هذه التجربة لذلك فقد كان أسود القلب.
> لا يجوز الاحتفاء بقاتل السادات هكذا علقت عائلة السادات علي من احتفوا بخروجك من السجن ما تعليقك؟
>> هذه وجهة نظرهم الشخصية وهم يتعاملون من منطلق الحزن علي السادات وهذا الموضوع بالنسبة لي صفحة وانطوت كما أنها انطوت أيضا في تاريخ مصر وأنا أنظر إليهم من هذا المنطلق لكن أنا قضيت عقوبتي وقمت بتنفيذ الاحكام الخاصة بموضوع السادات ومن باب العدل ألا يكلمني أحد فيه الأمر الآخر أن كل من استقبلني واحتفي بي من الشعب المصري كان متعاطفا مع شخص عبود الزمر الذي ظلمه مبارك وظل في السجن عشرة أعوام كاملة بعد انتهاء مدة حكمه ولذلك تعاطف معي أبناء وطني ولا يعني هذا بالضرورة أنهم ضد السادات أو موافقون علي قتله ولهذا احتفل بنا الناس ولست مسئولا عن ذلك كما أنني لم اطلب من الإعلام شيئاً ولم أدفع لهم مثلا لكي يأتوا إلي أنا خرجت من سجني ووجدت الإعلام ينتظرني في منزلي بأعداد كبيرة فماذا أصنع وللعلم أنا اعتذرت لكثير جدا من القنوات الفضائية.
> بمناسبة الحديث عن الإعلام ماهو رأيك في أداء الإعلام المصري بعد الثورة؟
>> هناك إعلاميون كانوا يواجهون الثورة ويناصبونها العداء وبعد نجاح الثورة كانوا أول من تحولوا وبدأوا ينافقون الثورة ولكن تم إحراجهم من قبل الإعلاميين المحترمين ولابد أن يقتنع هؤلاء بأن المرحلة المقبلة ليس لهم فيها أي دور لأن شباب الثورة لابد أن يكون له إعلامه الخاص الذي يتبني قضاياه.
> هل كان يخشي مبارك علي أركان حكمه من وجود عبود الزمر حرا طليقا لهذا ظللت رهن الاعتقال طيلة هذه الأعوام ولولا الثورة ماكنت لتخرج أبدا؟
>> لا أستطيع أن أحدد سببا مباشرا ولكن هناك عدة أسباب من وجهة نظري أولا أنني رفضت أنا والدكتور طارق ان نضع أيدينا في يد هذا النظام الفاسد وفضلنا ان نبقي في السجن علي ان نتفق معه علي شيء الأمر الثاني المهم هو ان مبارك كان يخشي منا علي ابنه وليس علي نفسه لأنه كان يريد توريث ابنه الحكم وهو كان يعلم تماما أننا لن نقبل بهذا أبدا.
> هل كانت هناك مساومات من مبارك لكم؟
>> دعني أقول لك أولا إن الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالي وتمسكي بعقيدتي جعلاني أقاوم أي ضغوط فقد كانت هناك أفكار ومعلومات تنقل إلينا بطريقة غير مباشرة علي لسان أجهزة الأمن فقد كانوا يقولون لي إذا قام عبود الزمر بكتابة استمارة انضمام إلي الحزب الوطني فسيذهب حالا إلي منزله وأشياء من هذا القبيل طبعا هذا كان علي جثتي ولم يكن يفرق معي مثل هذا الكلام والدكتور طارق الزمر دائما كان يقول إنه لايشرفني أن أضع يدي في يد هذا النظام حتي لو بقيت طيلة عمري في السجن.
> كان من المفترض ان يكون عبود الزمر ضمن الذين أعدموا في عام 1982 لولا خالد الإسلامبولي الذي أنقذ رقبتك من الإعدام؟
>> فعلا خالد الإسلامبولي كان له دور كبير في عدم إعدامي حيث جاءت شهادة خالد الإسلامبولي لتنقذني أنا وكثيرين من زملائي حيث قال خالد في التحقيقات إنني كنت سأقوم بقتل السادات أثناء العرض سواء رضوا أم لم يرضوا.
> كنت آخر من رأي خالد الإسلامبولي ومجموعته قبل إعدامهم كيف كانت حياتهم ماذا دار بينك وبينه؟
>> كانوا عبادا لله فكل أوقاتهم كانوا يقضونها في قراءة القران والصلاة والتعبد ولم أحزن علي شيء في حياتي قدر حزني علي فراقهم وكنت أتمني ان الحق بهم وظللت أبكي عليهم طيلة وجودي في السجن الحربي وفي يوم 15/4/1982 يوم إعدام خالد الإسلامبولي وقبل ان يأخذوه لتنفيذ حكم الإعدام فيه سمحوا له بالسلام علي وقال لي (يازمر لا تخف ستلحق بنا قريبا ولن تتأخر علينا).
> موقفك من مبادرة وقف العنف التي قامت بها الجماعة الإسلامية غير واضح الملامح وهو مسار قلق لدي الكثير خاصة أنك لم توقع علي المبادرة؟
>> لا لقد قمت بالتوقيع علي مبادرة وقف العنف.
> وقعت فقط علي الكتاب الأول من الكتب الأربعة؟
>> مبادرة وقف العنف مبادرة إستراتيجية واتفق عليها وهذه الرؤية لن نتخلي عنها أبدا وسبب عدم توقيعي علي باقي الكتب هو أنني لم أكن موجودا مع القيادات فأمن الدولة أبعدني أنا والدكتور طارق في سجن آخر ولم يعرض علينا أي شيء والنظام تعامل مع المبادرة بطريقة خبيثة حيث قام بإخراج مجموعة من الإخوة ولم يقم بأي تجاوز في حقهم وجاء معنا وتعنت لأشياء أخري ليست خاصة بالمبادرة لأنه كان يعتقد أننا سنقاومه في الحياة السياسية سواء بالترشح للرئاسة أو بتشكيل أحزاب لأننا في المبادرة تمسكنا بهذا فقد قلنا وقف الأعمال القتالية والتحول ولكني أؤكد أننا مازلنا علي المبادئ العامة والخاصة للمبادرة وهي محل اتفاق من الجميع.
> كنت قد أعلنت أنك ستترشح لانتخابات الرئاسة ثم بعد ذلك عدلت عن الفكرة لماذا؟
>> هل تعتقد بعد هذه الهجمة الشرسة التي أصابتني بالدهشة والاستغراب أنه يمكن أن أفكر في ترشحي للرئاسة وربنا يكون في عون اللي هيمسك البلد في الفترة القادمة.
> لكنك تقدمت بطلب للسماح لك بالترشح لانتخابات الرئاسة في 2005؟
>> القصد من ترشحي لانتخابات الرئاسة في 2005 هو أنني أردت أن أطرح رؤية إسلامية وأردت أن أصنع سقفا قانونيا وإعلاميا أواجه به النظام من خلال هذا الترشح وأنا كنت أعلم أنه لن يسمح لي بالترشح وسيقومون بشطبي من اللجنة الدستورية العليا ولكن كان هدفي أن أفضح النظام من خلال حملة إعلامية أقوم بها وقد حدث بالفعل وطالبت بالمناظرة وهاجمت كل سياسته بالخارج والداخل فقد كانت فرصة لي للهجوم عليه وطرحت برنامجا من 50 نقطة كما طرحت رؤيتي الإسلامية المضادة له تماما.
> وماذا عن دورك في الجماعة الإسلامية في المرحلة المقبلة؟
>> الجماعة الإسلامية الآن ترتب صفوفها وسيكون لها وجود قوي خلال الأيام المقبلة وستساهم بشكل كبير في حل مشكلات المجتمع المصري حيث نضع في أولوياتنا السعي لحل مشكلة ديون مصر عن طريق القروض الحسنة والميسرة من الدول العربية الصديقة.
> أحداث إمبابة الأخيرة كانت بمثابة ورقة التوت التي تستر عورة العلاقة المتوترة بين المسلمين والمسيحيين في مصر وقد سقطت هذه الورقة ماهو رأيك؟
>> النظام السابق كان يعيش ويتغذي علي الصراعات القائمة والموجودة بين مختلف طوائف المجتمع بل بالعكس كان يقوم بتنميتها وتعميقها وتغذيتها علي فترات متباينة وبطريقة منظمة وكان من أهم هذه الصراعات الصراع بين المسلمين والمسيحيين فقد ترك النظام السابق المسيحيين يضربون في المسلمين والمسلمين يضربون في المسيحيين دون حسم لهذه القضية من الناحية القانونية وكانت كل المشاكل تحل بعيدا عن القانون فأصبح هناك ميراث من الحقد بين بعض الأطراف وكل طرف الآن يريد ان يأخذ حقه بعيدا عن القانون ولو كان هناك محاسبة من المسئولين لكل من تجاوز في حق نصراني أو في حق مسلم وتم حسابه عن الجريمة التي وقعت وبالتالي أي مشكلة ستحدث كانت ستحسم ولن يكون هناك أي نزاع، وأحداث إمبابة مفتعلة عندما يحدث إسلام مسيحية نجد الكنيسة تقوم بكتم هذا الموضوع وإخفائه ونقل الفتاة من مكان إلي آخر مع أن المسالة سهلة وبسيطة جدا وهي أن تقوم الكنيسة بإظهار أي فتاة تكون قد أسلمت وتسمح لها بأن تتواجد قطعا للظنون والشكوك فيرتاح الجميع أما المبدأ الذي تتعامل به الكنيسة وهو إخفاء الحقيقة وترك الجميع يغلي لذلك تتصاعد الأمور.
> بعض الأقباط يرون أن صعود الإسلاميين في الحياة السياسية هو نهاية للأقباط في مصر؟
>> هذا تصور خاطئ وغير صحيح حتي لو حدث أن وصل التيار الإسلامي إلي الحكم فهذا توهم في غير محله لأن الإسلام أساسا أعطي الأقباط حقوقهم وليس ذلك فقط بل ضمن وكفل ممارسة الأقباط لحقوقهم في ظل الدولة الإسلامية والعقلاء من الأقباط يعرفون ذلك ويقرون به علي الرغم من أنه في الدول الديمقراطية التي تتشدق علينا وصدعت رؤوسنا ليل نهار بديمقراطيتها نجد ان الأغلبية في هذه الدول تقضي تماما علي حقوق الأقلية وتمحوها وفرنسا علي ـ سبيل المثال ـ عندما منعت المسلمات هناك من ارتداء الحجاب وتم تنفيذه وهذا أمر متعلق بعقيدة الأقلية المسلمة هناك لكن في ظل دولة الإسلام لايمكن ان يأخذ قرار مثل هذا يلغي حق الأقلية المسيحية في أي شيء يتعلق بعقيدته بل بالعكس الإسلام يكفل له هذا الحق لكن علي أي حال التوجهات الإسلامية الآن لا تتجه إلي الحكم.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية