ومن أهم العبر التي تنطوي عليها هذه الوثائق أنها تؤكد مرة أخرى أن الكثير من الأحداث الأمنية تنطوي على أبعاد عدة، منها مُعلن موجَّه الى الرأي العام، وآخر خفيّ يكشف جانباً من الحقيقة، التي يراد لها أن تبقى مستورة.
الوثائق الجديدة تؤكد أن حكومة إسرائيل ورئيسها آنذاك، مناحيم بيغن، كذبا على الرأي العام الإسرائيلي بإعلانهما في حينه أن هدف العملية العسكرية عام 1982 إبعاد قوات منظمة التحرير الفلسطينية مسافة أربعين كيلومتراً عن الحدود. وتنطوي الوثائق، التي كانت محفوظة في أرشيف الجيش في وزارة الأمن، أن بيان حكومة إسرائيل من يوم بدء حرب سلامة الجليل (كانت في حينه تسمى عملية) في الخامس من حزيران 1982، تتضمن «إخراج كل مستوطنات الجليل من مدى نيران الإرهابيين المركزة، هم ومقارهم القيادية وقواعدهم، في لبنان». لكن في نهاية الأمر، اجتاح الجيش بيروت بعد أسبوع من ذلك، واحتلها كلها تقريباً.
ولفت موقع «واللا» العبري الذي نشر صورة عن الوثائق على موقعه أمس، أن الجيش الإسرائيلي نفذ ما أنيط به واحتل بيروت، إلا أنه عاد واضطر الى الانسحاب منها في شهر أيلول، بعد العاصفة الدولية التي ثارت في أعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا.
ويرد في إحدى الوثائق التي يعود تاريخها الى نيسان 1982، أي قبل شهرين من بدء الاجتياح، شرح تسلسل العملية العسكرية: «على الجيش الإسرائيلي القضاء على المخربين والبنية التحتية حتى الأوّلي وحاصبيا وكوكبا والجبل الوسطاني، في غضون 24 ساعة. ومن ثم الانضمام إلى المسيحيين (قوات الكتائب اللبنانية) في منطقة بيروت بعد ذلك بـ 24 ساعة، وعليه أن يحتل بيروت في غضون 96 ساعة منذ بدء العملية العسكرية (الاجتياح). وعليه أن يكون جاهزاً للقضاء على الجيش السوري في البقاع».
وحدَّدت أوامر العملية، التي لا يزال يطلق عليها «أورانيم»، شروط الانطلاق بالقول «في ضوء تزايد نشاطات المخربين المعادية في إسرائيل والمناطق (الضفة الغربية وقطاع غزة) وخارج إسرائيل، سيرد الجيش ويدمر المخربين في لبنان عبر هجمات سلاح الجو، وعبر الاستعداد لتنفيذ عملية أورانيم».


0 comments:
إرسال تعليق