أصله من قرية قولية التي تقع جنوب يافا،وكان يشغل منصب نائب القائد العام لقوات العاصفة، الجناح العسكري لحركة فتح وعضو في اللجنة المركزية للحركة وقد كان محسوبا على ما سمي بالتيار اليساري بالحركة. توترت علاقته مع ياسر عرفات إثر خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان.و أدت الخلافات إلى انشقاقه مع مجموعة من قيادي الحركة بدعم سوري مؤسسين حركة فتح - الانتفاضة.وقد وضعته السلطات السورية قيد الإقامة الجبرية في منزله حيث توفي بنوبة قلبية عام 1991.
نشأته
ولد محمد صالح مصطفى حسن في قرية قولية قضاء الرملة عام 1935 وترعرع في أجواء حافلة بالمشهد الثوري بعد ثورة 1936 ، ونشأ في كنف أسرة مكافحة من الطبقة المتوسطة بين ثلاثة أشقاء وشقيقة واحدة، وقد استشهد شقيقه الاكبر (مصطفى) متأثراً بجراحه في حرب عام 1948. وعندما وقعت النكبة هاجرت الاسرة الى قرية بيت ريما/ رام الله ثم الى مخيم المحطة في عمان .
تحمل أبو صالح أعباء الاسرة، فاضطرته ظروف الحياة إلى إعالة عائلته، ولذا لم يكمل تحصيله العلمي، وعمد إلى تثقيف نفسه بكل ما تصل إليه يده من كتب، ولا سيما الروايات العربية والعالمية، وتجارب الثورات وتاريخها، وعرف بنظرته التحليلية والاستشرافية.
عمل ابو صالح في مصانع الإسمنت، ثم موظفا في شركة الفوسفات الأردنية وفي اثناء ذلك أسس مع اخرين إطارا نقابيا للعمال. وقد تزوج عام 1958 وأنجب أربعة أبناء وبنتا واحدة.
في عام 1960 انتقل الى الكويت وعمل في قطاع الإنشاءات سائق رافعة (ونش) في ميناء الشويخ، وهو ما ظل يعتز به طوال حياته، إضافة الى اعتزازه بجذوره كفلاح فلسطيني وبإنتمائه إلى الطبقة العاملة كقائد فلسطيني وحيد ينتمي حقيقةً إلى هذه الطبقة، وفي هذه الفترة كانت الحركة الوطنية الفلسطينية في حالة مخاض فنشط ابو صالح مع مجموعات ناصرية وقومية تقدمية لتأسيس تنظيم فدائي فلسطيني، وعندما تبلورت حركة فتح، التقى مع بعض قياداتها انذاك ومنهم عادل عبد الكريم ومحمود مسودة وخالد الحسن وياسر عرفات، فانضم إليها وكان مع جماعته ضمن مجموعتها الاولى عام 1963 واصبح احد قادة الحركة.
بعد نكسة حزيران عام 1967 تفرغ للحركة في الاردن عضوا في قيادة العاصفة ومسؤولا للقطاع الغربي، فشرع مع ياسر عرفات ومحمود مسودة تشكيل خلايا عسكرية مقاتلة في مدينة نابلس (داخل الارض المحتلة) وتم اعتقاله، لكن صموده أمام المحققين الإسرائيليين وعدم اعترافه أدى الى اطلاق سراحه فعاد الى الاردن.
ثم جرى تكليفه بالإشراف على معسكر أنشاص في مصر، لتدريب المقاتلين وتثقيفهم، حيث قاد اول دورة عسكرية تدريبية أرسلت إلى مصر في تشرين أول عام 1967- وقد كان له ولهم دور مشهور في معركة الكرامة 21 مارس 1968- وهناك تعرف على الفريق محمد صادق وغيره من القيادات العسكرية والسياسية المصرية مما كان له الأثر الكبير في تعزيز العلاقة وبناء الثقة بين مصر والحركة.
عاد أبو صالح الى الاردن حيث تولى قيادة الميليشيا إذ كان عضوا فعالا وبارزا في المجلس الثوري، ثم انتخب (في المؤتمر العام الثالث للحركة عام 1971) عضوا في اللجنة المركزية ومسؤولا للحركة في لبنان وسوريا وعضوا في القيادة العامة لقوات العاصفة، وقد تولى إعادة بنائها وهيكلتها إثر الخروج من الاردن وتولى منصب نائب القائد العام لقوات العاصفة، وأصبح عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني وفي المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية. كما جدد المؤتمر العام الرابع للحركة عام 1980 ثقته به، فتم انتخابه عضوا في اللجنة المركزية وفي قيادة قوات العاصفة.
برنامجه السياسي
ويتضمن البرنامج الذي كان يدعو إليه أبوصالح إلى استمرار الكفاح المسلح ،وحركة سياسية نشطة، ونضال سياسي يومي بين الجماهير الفلسطينية، تضعان "البندقية الفلسطينية" في اوقيانوس لا حد له من الطاقات، لأنه يربط ما بين الكفاح المسلح من جهة والحركة السياسية والنضال السياسي بين صفوف الجماهير، بما يسميه هو، تعبئة الجماهير سياسا ونفسيا وسلاحيا واعلاميا وثقافيا،كما كان يرفض أبوصالح التبعية لأي دولة عربية.
أهم المعارك
شارك أبوصالح في جميع المعارك التي خاضتها منظمة التحرير وقوات الثورة، سواء كانت عسكرية ام سياسية ومن اهمها:
-معركة الكرامة 1968
-الحصول على الاعتراف المبدئي بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني وذلك خلال مؤتمر القمة العربية في أواخر عام 1973 في الجزائر والذي مهد لأخذ هذا الاعتراف واضحا ناجزاً بقمة الرباط/اكتوبر 1974.
- معارك الجنوب اللبناني مع القوات الإسرائيلية واهمها معركة الايام الاربعة في العرقوب 1974.
-إدارة الصراع في أثناء القتال للمحافظة على الثورة في مواجهة القوى الانعزالية في لبنان منذ 1975 ومقاومة التدخل العسكري السوري 1976.
-معركة الدامور 1976 ضد القوى الانعزالية لتحرير خط الامداد الساحلي الواصل بين الجنوب اللبناني وبيروت.
-مقاومة الاجتياح الاسرائيلي 1978 ورفض تموضع القوات الدولية.
-إفشال خطة لجنة المتابعة العربية وقرارها بسحب الاسلحة من قوات الثورة عام 1977 واطلاق مقولته " سندافع عن الكيلومترات المربعة الثلاثة/ صبرا وشاتيلا والفاكهاني حتى لو حصل فيها إنزال أمريكي ".
-إفشال محاولة أخذ قرار في مؤتمر القمة العربية في عمان عام 1980 لوقف الكفاح المسلح من جنوب لبنان.
- مقاومة القوات الإسرائيلية في حصار بيروت 1982 وكان أشد المناهضين لخروج منظمة التحرير وقوات الثورة من لبنان.
-رفض مشروع فهد وريغان والذي أصبح مشروع قمة فاس 1982 لأنه ينص على الاعتراف المجاني ضمنياً (باسرائيل)، لأن البند السابع من هذا المشروع يلغي حق الشعب الفلسطيني في الكفاح المسلح، وتاكيداً لموقفه اصدر بياناً من داخل القمة -ومعه بعض الفصائل الفلسطينية - ضد هذا القرار.
-حسم معركة الجبل في مواجهة القوى الانعزالية اللبنانية والدعم الامريكي والاطلسي لها بالنصر لصالح قوات الثورة والحركة الوطنية اللبنانية (1984)، ثم عودته الى بيروت وتصريحه الشهير " جئت لأشرف على انسحاب المارينز من لبنان إلى عرض البحر، مثلما أشرفوا على انسحابنا من قبل (عام 1982)" وقد أدى هذا الانتصار إلى اسقاط إتفاق 17/مايو- أيار بين حكومة لبنان والاحتلال الإسرائيلي.
علاقاته
كانت علاقات أبو صالح متميزة مع أحزاب المعسكر الاشتراكي ومع القوى والاحزاب القومية واليسارية العربية، ومن ابرزها الحزب الاشتراكي في اليمن الجنوبي –آنذاك- وقيادته عبد الفتاح اسماعيل ومحمد مطيع وغيرهما. وكذلك الحركة الوطنية اللبنانية والتي ربطته بها وبقياداتها – كمال جنبلاط وابراهيم قليلات ومحسن ابراهيم ونبيه بري وجورج حاوي وسواهم – أعلى درجات التلاحم المصيري والتحالف الاستراتيجي وقد عبر عن ذلك محسن ابراهيم أمين عام حزب العمل اللبناني " أنا الفلسطيني في الحركة الوطنية اللبنانية وأبو صالح هو اللبناني في حركة المقاومة الفلسطينية".
كان أبو صالح واضحا في مواقفه وعلاقاته فهو يصادق أو يخاصم أو يعادي بفروسية لا مجال للرمادي فيها، فعداؤه للسياسة الامريكية لا لبس فيه وهو يعتبرها عدوا رئيسا الى جانب اسرائيل وهذا واضح في كتابه " نحن وأمريكا " عام 1981.
أما صداقته مع الاتحاد السوفيتي فكانت واضحة لا يشوبها نفاق أو مجاملة فعندما تقاعست القيادة السوفيتية عن اتخاذ موقف جلي من فك الحصار عن بيروت وإنقاذ الثورة الفلسطينية عام 1982، أرسل رسالة –من قلب الحصار- شديدة اللهجة الى الكرملين عبر سفارتهم في بيروت وأدان موقفهم بل أنه قال لهم:" إذا انهزمت ثورتنا سيكون العبث الامريكي في قلب موسكو " وقد تحققت رؤيته!!.
يساري فتح
يعد أبو صالح قائداً للتيار التقدمي في فتح ويعتبره اخرون- إضافة لذلك أنه الفعل الثوري الحقيقي في الساحة الفلسطينية ورمزاً عربيا وعالميا، كما تميز بالجرأة والشجاعة في الدفاع عن الثورة الفلسطينية والنضال في سبيل تحقيق أحلام الشعب الفلسطيني، فقد اشتهر عنه مقولة " البندقية هي الوطن الثاني للشعب الفلسطيني".
ساءت علاقته مع ياسر عرفات قبيل الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 بسبب الخلاف حول كيفية مواجهة العدوان الاسرائيلي المتوقع، ثم تعمق الخلاف إثر خروج قوات منظمة التحرير من بيروت، فقد كان معارضاً لهذا الخروج، ولاحقا لمؤتمر فاس (1982) الذي عارض قراره بحق اسرائيل في الوجود، لأنه يمثل انتهاكا صارخا لقرارات المجلس الوطني، وتنازلاً مجانيا أمام الاحتلال الاسرائيلي مقابل آمال وهمية، فقاد تحركا إصلاحيا لأنصاره في فتح ولكن ومن منطلق ايمانه بوحدة فتح وبوحدانية منظمة التحرير بتمثيل الشعب الفلسطيني، وإذ لمس ان جهات خارجية تسعى للمساس بهذه الوحدة، فاطلق مقولته المشهورة " إن المنطقة وكل اطرافها يقدم لها الان ترغيب وترهيب إلا نحن الفلسطينين فلا يقدم لنا إلا ترهيب وترهيب"، فقد اعتزل هذا التحرك لانه خروج على الهدف الذي عمل من أجله وهو الاصلاح وليس الانشقاق.
ونتيجة لذلك تعرض لضغوطات وإغراءات كثيرة لتبني مواقف وبرامج سياسية غير واضحة ولا تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، فثبت على موقفه وآثر وحدة الصف على التشتت والصراع الداخلي وابتعد عن العمل الثوري والسياسي.
الجانب الإنساني
أما عن الجانب الانساني في شخصية هذا الفلاح والعامل والمناضل والقائد الفلسطيني فلعل عبارته عن قيمة الصداقة والصديق عنده تبرز هذا الجانب وتجسده إذا قال " أن أخسر صديقا أثقل على نفسي وأشد من خسارة معركة... فقد أعوض المعركة، أما الصديق فلا يعوض".
وفاته
وضعته السلطات السورية تحت الإقامة الجبرية وتوفي بتاريخ 3-10-1991 في منزله بدمشق على إثر مكالمة هاتفية من مسؤول سوري كبير إذ استفزه فكانت آخر كلماته –غاضباً حازماً- "أنا لن يمنعني اليوم أحد من الخروج من سوريا" فاختاره ربه ليسكن إلى جواره شهيدا، حيث دفن بمقبرة الشهداء في مخيم اليرموك.
وعندما أبلغ أبو عمار بنبأ وفاة أبو صالح, قال" مات الرجل الجسور".
مؤلفاته
-نحن وامريكا، صدر عن دار ابن رشد عام 1981.
- القضية الفلسطينية والوضع في الشرق الأوسط، صدر عن دار ابن رشد عام 1981.
0 comments:
إرسال تعليق