جاء نائبهم أسود، واقتنص الفرصة، حتّى يُخرج كلّ ما يتغلغل في نفوس تحمل كمًا هائلًا من موروثات الضغينة والحقد.
الكمين والفيديوهذا النائب الهارب من المطاعم عبر البحار والأبواب الخلفية، لم يقبل على "كرامته" التي توعّد لأجلها الانتقام، إذا ما تجرأ الثوار مرّة أخرى على ازعاجه أثناء استجمامه وتدخينه "نفَس" النرجيلة العجمي. لكن، يبدو أن أسود لقّن أنصاره ومرافقيه الدرس، أثناء حراسته، أو ربما لأجل اتقان نصب كمائن ثأرية من الثوار، للرد على ما فعلوه به في أحد مطاعم انطلياس. وأمام مطعم الجزيرة في كسروان، ليلة الأربعاء، لم يتسلح هؤلاء الأنصار والمرافقون بالعصي والسلاح فحسب، وإنّما سلّحوا ألسنتهم بشتائم وألفاظ فتنوية وطائفية، من أجل إيصال رسائل تيارهم على أكمل وجه.
من بين الفيديوهات التي تباهى معتدو أسود بتصويرها ونشرها، وقع شاب طرابلسي، وهو وليد رعد، بين يدي عشرات المعتدين الذين نصبوا له كمينًا مع رفاقه الأربعة، وقاموا بتحطيم سيارتهم. كان مشهد وليد مخزٍ كفريسةٍ لا حول لها ولا قوّة، بينما تنهشها "الثعالب" بإجرام معنوي وجسدي. يكفي أن يقولوا له تنمرًا وتحقيرًا وإذلالًا: "أنت من طرابلس شو جايي تعمل بكسروان؟"، ثمّ ينهالون عليه مجتمعين بالشتائم الطائفية والمناطقية، وبضربٍ مبرح، بينما وليد لا يقوى سوى على استجدائهم الرحمة، حتّى يلوذ بالفرار من وحشيتهم.
رواية وليديوم أمس الخميس، عاد وليد قويًا وصامدًا، وشارك في التظاهرة التي نُفذّت لأجله ولأجل رفاقه تحت شعار "رفضاً للطائفية وممارسات أزلام السلطة لزرع الفتنة"، ولم يغادر "ابن طرابلس" كسروان، لأنّه يبيت منذ حوالى الأسبوعين في خيمة الثوار عند جسر فؤاد شهاب.
وليد البالغ 25 عامًا، هو حاليًا عاطل عن العمل، وكان قد خسر عمله في أحد المطاعم نتيجة الأوضاع الاقتصادية، ولم تتسنَ له الفرصة لإكمال دراسته، واظب على المشاركة في الانتفاضة الشعبية في طرابلس من يومها الأول في 17 تشرين. فـ"أنا من أول يوم ثورة كنت في الشارع، ولم أنشط مع أي مجموعة بشكلٍ منتظم، وإنما كنت انشط مع الجميع وبمفردي، لأنني أؤمن بقضايا ثورة 17 تشرين، ولم يسبق أن حصل معي أيّ حادث في الشارع كما حصل في كسروان".
لا تزال آثار الضرب والخدوش التي تسبب بها معتدو أسود عالقة على وجه وليد، فيما هو شاب بسيط لا يطمح أكثر من الحصول على حقوقه، كأيّ إنسان عادي يريد العيش بكرامة. وفي حديث لـ"المدن"، يروي وليد تفاصيل الحادث الذي واجهه مع رفاقه أمام مطعم الجزيرة في كسروان. يقول: "كنا نجلس ليلًا مجموعة شباب في خيمة الثورة في جونية، فأتى نحونا شخص يقول أن النائب زياد أسود يتناول العشاء في مطعم الجزيرة. توجهنا 4 شباب وشابة في سيارة واحدة، وذهبنا للتأكد إن كان أسود في المطعم ثم نعود بكلّ سلمية". لاحقًا، "وأثناء وصولنا إلى الكاراج، نتفاجأ بكمين نصّبه نحو 40 شخصًا تهجموا علينا، قاموا بسحلنا من السيارة ثمّ حطموها، وانهالوا علينا بالضرب، وكان من بينهم مدنيون مسلحون، يهتفون للنائب أسود".
دعوى ضد المعتدينكانت مجموعة وليد من مناطق مختلفة، وهو وحده من طرابلس. يضيف: "من دون أن أحكي أيّ كلمة، ومن دون سؤالي أيّ شيء سوى عن مكان إقامتي، تهجموا عليّ بالضرب المبرح بالعصا على رأسي ووجهي وظهري، وكنت أتوسل إليهم حتى يتوقفوا عن ضربي. لكنهم استمروا وسخروا مني، وانهالوا عليّ بالشتائم الطائفية والمذهبية كما ضربوا رفاقي".
وبعد أن حاول وليد الفرار باتجاه البحر، وفق روايته، جاءت نحوه سيارة Jeep بيضاء، وأراد صاحبها سحبه بالقوّة، وهدده قائلًا: "طلاع أحسن ما خردقك". وطوال وقت الاعتداء، تعمّدوا إهانته بالقول: "أنت طرابلسي شو جابك على كسروان؟ ومين باعتك؟".
لقيَ وليد حملة تعاطف ودعمٍ كبيرين على مستوى كلّ لبنان، وشدد كثيرون على ضرورة عدم الانزلاق لأيّ خطاب طائفي ومناطقي يُشعل الفتنة. وبينما تقدّم وليد بإخبار ضد المعتدين عليه، وبدعمٍ من محامي الثورة في بيروت، يؤكد أنّه باقٍ في خيمة الثورة في جونية، وفي أيّ مكانٍ أو منطقةٍ لبنانية تتطلب وجوده. هذا، وكانت قوى الأمن الداخلي أوقفت ن. ع. واحد من الذين اعتدوا على وليد للتحقيق معه.
0 comments:
إرسال تعليق