الزعيم
وليد جنبلاط خالفَ نهار أمس قرارَ الحَجر. دَفَعَه حنينُه إلى كليمنصو إلى
مغادرة المختارة. أوقفه حاجزٌ لقوى الأمن في خلده وكان عناصره في غاية
اللياقة كما جاءَ على لسانه. الخبر شبهُ إعتيادي لولا إضافةٌ مهمة جاءت على
لسان الزعيم الدرزي. كنتُ في غاية الحَرَج أضاف. القانون لا يشعركَ
بالأمان فحسب ولا يضعكَ على مسافةٍ واحدةٍ وعلى ميزانٍ واحد مع الآخرين
إنما يثيرُ فيك شعوراً بالذنب وهذا الأهم. يكفي تعميمُ شعور وليد جنبلاط
اليوم بالإحراج لنكونَ أمام دولةٍ ممكنةَ الولادة.
لا شعور بالذَّنب عند أغلب قادتنا. الروحيون منهم يطالبون الدولة بدعم الزراعة وتصديرِ جنى حقولها إلى الخارج. لغَةُ خشبٍ قطراني مُقاوِمة للنَشّ وجملةٌ غير مفيدة تذكِّر بقَفلَةٍ تقليديةٍ كان جهابذةُ الشأنِ العام وما زالوا يُنهونَ بها تصاريحهم على وَزن بحرِ " الزّبَد ". " من أجل مصلحة البلد " أو " حمايةً للسلم الأهلي والوحدة الوطنية " أو أيضاً " لن نألو جهداً في سبيل متابعة النضال ومضاعفة الجهود ". الرؤساء الروحيون إمّا يصدّقون بأن الشفاعة لدى القديسين وحدها تضاعفُ المحاصيل الزراعية إمّا... وسطَ الكلام الخُراساني هذا نسمعُ كلاماً حقيقياً موجِعاً. مثله مثل اختيار مصارحةِ المريض بالسرطان والإفصاح له عما تبقى بجعبة أيامه من حياة وذلك بدلاً من إعلامه بخبثٍ لطيفٍ عن وجود جرثومةٍ نصف حميدة في طَرَفِ رئته اليُسرى وأنَّ فرصَ نجاته كبيرة. كان باستطاعة دميانوس قطار اعتماد لغة الخبث اللطيف من قبيل "لبنان على شفير الإنهيار والمطلوب تضافر الجهود وشحذ الهِمَم". بدلاً من ذلك، آثرَ بكلماتٍ قليلة توصيفَ محادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي بـ "الأصعب" مضيفاً أن "استعجالها يجنّبُنا الإنهيار". الإستنتاج التالي مدار بحث. عندما يوثّقُ الصندوق هذا الكمَّ من الحقدِ الطائفي والسياسي على ألسِنةِ السياسيين سيكونُ مشروعاً ومبرراً أن يتساءلَ عما إذا كانت حكومَةٌ تتعرضُ لهذا القَدر من الحقد المجاني مؤهلةً لتنفيذ الأجندة المطلوبة منها. سيحدث للدولة ما كان يحدث معنا عندما كنّا نملأ استمارةَ إقتراضٍ من المصرف. كلما روادك يقينٌ أنك استكملتَ كلَّ المستندات المطلوبة حتى يبادرك موظفُ المصرف قائلاً: طلبكَ ناقصٌ والمطلوبُ مستندٌ جديد. رجلٌ واحِدٌ في جمهوريَّةٍ تُحتَضَر يتقنُ فنونَ الباليه السياسي. قفزٌ متناغمٌ على رؤوسِ الأصابِع ومن دون " بالورين "يحوّلُ الرئيس نبيه بري إلى أولِّ لاعِبِ خِفّةٍ بالمعنى الفنيِّ المُبدِع. يجعلُ منه رجلَ دولةٍ في غايةِ المَهارة ينجحُ في جمع حِممِ بركانِ "الإتنا" بجليدِ محيطِ الأنتركتيك دون أن يذوبَ الجليدُ ودون أن تبردَ الحِمَم. المساكنةُ الإيجابيةُ مع عهد الرئيس عون في قبضةٍ واحدة مع تحالفٍ إستراتيجيٍ يجمعُ أبو مصطفى بحزب الله. سبحان القبضَة والقابض والمقبوض. فاتَنا أن نتقدّم بالتبريك والتهاني لطلّاب الثانوية العامة. تَربّوا بِدلال كورونا. انضمّو إلى جيل السيريلاك والحليب المبَستَر. سيكونُ عليهم الإعتماد الآن على الشهادات المدرسية حصراً. شحمةٌ على فطيرةِ إداراتِ المدارس لتشترطَ إطلاقَ سراح الشهادات بدفع الأقساط. الأقساطُ المدرسية أم الغذاء؟ الأغلب أن أهالي الطلبة تابعوا تحذيرات وزير الثقافة والزراعة عباس مرتضى من بلدة كفَردان غَربي بعلبك نهار أمس. ثقافياً كلام الوزير تَعبوي. استلهَم الإمامَ المغيّبَ موسى الصّدر، زراعياً كلامه تحذيري. سنكونُ في الأشهر المقبلة أمامَ ندرة غذاء. أيام صدام حسين دَرَجَت معادلة النفط مقابل الغذاء. في لبنان لا نفط ولا غذاء على ما تشير إليه نبوءة الوزير. فاتَنا أن ننوّه بمواطنيّةٍ نموذجيةٍ مسقطُ رأسها رومية في المتن الشمالي. النائب الياس حنكش عرضَ محضرَ ضبطٍ سُطِّر بحق والده بسبب مخالفة مواقيت لوحاتِ المفرد والمِجوز. عندما تصبحُ دولةُ القانون أقوى من دولةِ الآباء والأبناء والأصهرة والأحفاد، عندها يمكنُ أن نستبشر بعودة الوطن. خلال هذا الوقت الضائع شكراً الياس حنكش. |
الاثنين، مايو 18، 2020
"سيريلاك" في فمِ دولةٍ رضيعة!
الاثنين, مايو 18, 2020
اضف تعليق
0 comments:
إرسال تعليق