السبت، مايو 30، 2020

شارون و"الكتائب اللبنانيّة" بروتوكولات تُنشر لأوّل مرّة

يشهد العام 1982 على دموّية كيان الاحتلال، وتورّط أذنابه من حزب الكتائب اللبنانيّة، في ارتكاب واحدةٍ من أبشع وأعنف المجازر التي وقعت بحق الفلسطينيين، مجزرة مخيميْ صبرا وشاتيلا، التي نفّذتها مليشيات الكتائب، بعد أنّ سمحت لها قوات الجيش "الإسرائيلي" الذي كان يحتلّ بيروت في حينه، بقيادة آرييل شارون، بدخول المخيميْن. لتُحصي المجازر أرواح الآلاف من المدنيين العُزّل الآمنين، في 16-18 سبتمبر.
وبين الحين والآخر تتكشّف حقائق دامغة ووقائع جديدة، تظلّ تُؤكّد عُمق العلاقات التي جمعت بين "إسرائيل" والكتائب اللبنانيّة، والتي أجمع بموجبها الطرفان على قتل الفلسطينيين. ولتزيد التأكيد على حقيقة أنّ "إسرائيل" لم تكن وحدها من يُوغل في الدم الفلسطيني، فلطالما وُجد من يُذلّل الطريق لها ويُعينها على البطش والإرهاب.
موقع متراس، ترجم محضر اجتماعٍ بين وزير الأمن الصهيونية في حينه آريئيل شارون، ومؤسس حزب الكتائب بيير جميّل، وبشير جميّل الذي انُتخب بعد أيامٍ من الاجتماع نفسه رئيسًا للبنان.
ويُشير الموقع إلى أنّ المحضر، المُدوّن من قِبَل الموساد بتاريخ 21 أغسطس 1982، وقع ضمن مُستند من 400 صفحة، يُمثل توثيقًا هامًا لتلك الحقبة، إلّا أنّ هذه الصفحات لا تحتوي على كامل الحقائق، نظرًا لخضوعها المُسبق للرقابة "الإسرائيلية".
وتواجد في الاجتماع المذكور ضبّاط صهاينة، منهم أحد ممثّلي الموساد البارزين في تلك المرحلة ناحيك نافوت. وكان هذا اللقاء هو الأول بين شارون وبيير جميّل بعد اجتياح لبنان. وبعده بيومين انتُخب بشير رئيسًا للبنان، قبل أن يتم اغتياله في 14 سبتمبر 1982.
نصّ المحضر
21 أغسطس 1982
تسجيلات من اجتماع وزير الأمن وبيير وبشير جميّل في مكتب بشير
الحضور: أحد رجال بشير، ممثّل الموساد، أوري دان، الضابط شامير
– وزير الأمن: ها نحن نؤسس الخلفيّة، نحن في بيروت كما اتفقنا في يناير/ كانون الثاني من هذا العام. كيف ترتّبتم من أجل حكومةٍ قويّة وثابتة؟
– بيير: أرسلكم الرب إلينا. خلال السنوات السبع أو الثماني الأخيرة خيّب الجميع آمالنا. الأميركيّون والأوروبيّون كانوا خائفين من إحراق أيديهم. وكان من الضروريّ أن تتدخّلوا كما فعلتم. أتيتم وأنقذتمونا. خلال العامين الأخيرين انتظرنا بيأس. لولا مساعدتكم لاختفينا.
أشعر بأنّك غير راضٍ عن وضعنا. لعلك قد توقّعت قدراً أكبر من التعبير عن السرور والتأثّر لدى وصولك. رغم أننا لم نبدي ذلك خارجياً، إلا أنّني أريد لك أن تعرف أن قلوبنا مفعمة بالسرور. حتى لو كنتم قد تحرّكتم بحسب مصالحكم الخاصّة، إلا أنّكم خدمتمونا أيضاً. وكما نفهمكم، عليكم أنتم أن تفهمونا أيضاً. من أجل مصالح كلينا. لبنان هي جسركم الأفضل إلى العالم العربيّ. هذه مصلحتكم كذلك. إنه من المستحيل أن نستمر بالعيش حاملين السلاح إلى الأبد. على “إسرائيل” أن تبقى للأبد ويجب أن نجد حلّاً من أجل العيش بسلام. أنتم جديدون في المنطقة. نضالنا للاستقلال مستمر منذ 400 عاماً. أعتقد أنّنا علينا أن ننجح في ذلك. لذلك -آمل بأن تفهم- سرورنا العظيم، حتّى لو لم تكن التعابير الخارجيّة تظهر ذلك. نفهم العالم العربيّ أفضل، لذلك نعتقد أن التعبير العلنيّ عن السرور سيكون ضارّاً. (بشير يهمس في أذنه، ثمّ) لقد عدتم بعد آلاف السنين. نحن بقينا هنا ولكنّنا عالقون افتراضياً في ذات المشكلة. يمكننا أن نحافظ على بقاءنا، ونظلّ هنا بفضل حضوركم إلى المنطقة.
أودّ أن أشكرك مجدّداً، وأشدّد على عرفاننا بكل ما فعلتموه من أجلنا. بدونكم كان لبنان قد تمزّق. نحن أصدقائكم الحقيقيون، ومصلحتنا متشابهة. إذا كان لديكم أي تعليقات على أدائنا، فيهمّنا أن تعبّروا عنها أمامنا، إذ أن صداقتكم مهمّة لنا.
– وزير الأمن: شكراً لحضورك. لا زلت أذكر، مذ كنت صبيّاً، نضالك من أجل تأسيس لبنان. كان عليّ أن آتي وأراك وأنا ممتنّ لقدومك.
– بيير: زُرت “إسرائيل” عدّة مرّات. أعجبتني جدّاً. خلال واحدة من زياراتي جعلوني أشاهد مدرسة وقد أبهرتني. لقد علّموا الأطفال هناك جمال الحياة.
– وزير الأمن: كيف تصنع القوّة وكيف تُعلن حضورها هو امتحان كبير. كنّا 18 مليون، ستة ملايين أبيدوا. بعد 40 عاماً نحن ما يقارب 15 مليوناً. تعلّمنا كيف نستخدم القوة التي لدينا، لكنّنا ما زلنا لسنا أنفسنا. استخدام القوّة هو ما أردت أن أناقشه معك. أودّ أن أشير إلى الظروف الخاصّة التي لدينا. نحن نفهم مشكلتك، نحن وآخرون، وصلنا إلى فهمٍ أوضح. لديّ شعور ودّي ودافئ اتجاهك، وأنا مؤمن بتأسيس علاقة قويّة بين لبنان الحرّ و”إسرائيل”. مع هذا، عليك أن تفهم أنّه بالنسبة لنا حتّى نكون قادرين على الاستمرار بمساعدتكم، نحتاج إلى تعاونكم، هذا ما يجب الإصرار عليه. المناورات والألعاب لا تؤدّي إلى أي مكان. كانت هناك عدّة فرص. قبل شهرين كانت فرصة لتتحرّكوا وتُحرّروا عاصمتكم. لم يحدث ذلك. كان من الأسهل علينا أن نفعل. لم يحدث ذلك، لكننا فهمنا السبب. برأيي، أن وضعيّتكم أمكنها أن تكون أفضل بكثير لو تحرّكتم.
– بيير: اسمح لي بمقاطعتك. ماذا أمكننا أن نفعل؟ لو فعلنا لكان ذلك مزعجاً أكثر من كونه مجدياً. لست عسكرياً، ولكنّني أعتقد أن وضعيّتنا تخدم الهدف المشترك أكثر من حال تدخّلنا.
– وزير الأمن: عليك أن تفهم أن “إسرائيل” ديمقراطيّة. يوجد أناس يخدمون في الجيش منذ 60 يوماً، وهم يدمَّرون اقتصادياً. الضغوطات في “إسرائيل” تتصاعد. مضمون الضغط هو كالآتي: “لقد أنجزنا ما أنجزناه، لنذهب إلى بيوتنا”. الجنود عندنا مدنيّون. تركوا عائلاتهم وأعمالهم. هذا يخلق ضغطاً على الرأي العام الإسرائيليّ. في غضون أيّام سنواجه الضغط الدوليّ الذي سيقول: “أردتم إخراج الإرهابيين خارج بيروت. ها هم قد خرجوا. أخلوا المواقع”. لن نستجيب لهذا. علينا أن نُجيب: لماذا علينا أن نُبقي على قطاع من 40-50 كيلومتراً في جنوب لبنان. هذا حزام أمنيّ. على أي حال لن يكون لدينا إجابة ترضي الرأي العام المحليّ والعالمي. ما يساعد هو موقف حاسم يؤكد على أنّنا (المسيحيون) سنتوصل إلى اتفاقية سلام مع “إسرائيل”. وإلّا فليس لدينا ما نفسّره. لن يكون بإمكاننا البقاء في منطقة بيروت، إلّا إذا كان قد صُرّح بوضوح أن معاهدة سلام ستُوقّع مع “إسرائيل”. في سيناء انتظرنا سنوات حتّى يأتي السلام، ولكن أن نجلس هنا دون أن تقول القيادة المحرّرة أن معاهدة سلام آتية، فهذه ستكون مشكلة كبيرة بالنسبة لنا.
السؤال الذي طُرح سابقاً، ماذا سيحصل مع المخيّمات الفلسطينيّة عندما ينسحب الإرهابيّون. إن لم تتنظّموا من أجل دخول هذا المكان، ستواجهون المشكلة نفسها. لا يُعقل أن تعودوا إلينا وتقولوا أنكم ارتكبتم خطأ، وأن علينا أن ندخل إلى المخيّمات لنعالجها. حين ينتهي إخلاء الإرهابيين، لا يعود من الممكن لنا أن نفعل شيئاً، وسيكون من الخطأ أن يُطلب منّا. عليكم أن تتحرّكوا.
حتّى يكون بمقدورنا الصمود بوجه الضغوطات جماهيرياً في “إسرائيل”، عليكم أن تعلنوا فوراً عن التوصّل إلى قرار بعقد اتفاقية سلام مع “إسرائيل” [و] حتّى لا يكون هناك إرهابيّون عليكم أن تنظّفوهم من المخيّمات.
حتّى يكون من الممكن أن نؤسس معكم علاقات مؤتمنة تنبني على الاحترام المتبادل. بعد أن تكبّدنا 2500 قتيلاً عليكم أن تفعلوا شيئًا: اقرعوا الأجراس! صرّحوا بالإعلان. شعب يقف على قدميه بعد تكبّد 2500 قتيلاً ولا يمكنه أن يواجه هذا الأحمق؟ ربّما أقول أموراً صعبة ولكن هذا ينبع من القلب، بين أصدقاء. هذا ما أشعر وأؤمن به. أقول هذا لأني أعرف الوضع الداخليّ في “إسرائيل” والوضع الدوليّ.
– بيير: أفهم تصريحك تماماً وأشكر كلماتك. نحن على دراية بردود الفعل داخل “إسرائيل”. من المهم أن يفهم الناس في “إسرائيل” أنّنا إلى جانبهم. نحن سجّلنا ما صرحت به. أودّ أن تفهم وضعنا السياسيّ الدبلوماسيّ. نحن وسط عمليّة سياسيّة هي الانتخابات الرئاسيّة، وعليك أن تؤمن بأن كلّ شيء سيتغيّر. بشير هو المرشّح. حين يُنتخب بشير، سنعلن حقبة جديدة في المنطقة. على العرب أن يفهموا أننا نريد أن نكون لبنانيين. كل سياستنا ستتغيّر. نحن لبنانيّون أولاً، وعرب ثانياً. عندما تتألّف جمهوريّة جديدة كل شيء سيتغيّر، كل شيء سيصبح ممكناً. حال ما ندخل هذه المرحلة الجديدة نريد أن نصل إلى اتفاق تامّ. نحن وسط حملة انتخابيّة. من المهم لنا أن نحافظ على الهدوء. مصالحنا متشابهة.
– وزير الأمن: شكراً لك على تصريحك. أتفهمك. إنه من الطارئ جداً أن تقدّر المشاكل المحليّة والدوليّة التي تواجهنا.
– بيير: عليك أن تفهم أيضاً وضعنا. مصالحنا متشابهة. أطلب منك مجدداً، حينما يوجد لديكم تعليق، يهمّنا أن نستمع إليه بصدق تام.
بيير يستودعهم ومن ثم محادثة قصيرة من بعدها مع بشير.
– وزير الأمن: ماذا عن الأميركيين؟
– بشير: هناك تفاهم تامّ. لقد رتبتم لنا الأمر قبل سنة.
– وزير الأمن: والسعوديون؟ هل يتدخّلون؟
– بشير: لا، إنّهم يستخدمون تأثيرهم على المسلمين في بيروت. الأميركيّون يستغلّون هذا أكثر. الأميركيّون يفعلون ذلك. [فيليب] حبيب قال أنّه من الصعب أن يكون هناك سلام، في عدّة مناسبات، أنه يلعب بالنار.
السوريّون يمنعون وصول أعضاء البرلمان. وعليه، هناك خطر ألّا يتشكّل النصاب القانوني. أريد أن أطرح عليك ما يجب فعله في حال حصل ذلك؟ هل عليّ أن أطالب سركيس بالاستقالة؟ ماذا عن المدنيين تحت السيطرة السوريّة؟ كيف ستتقدم العمليّة السياسيّة؟ ولكن علينا أن نناقش هذا بعد يوم الاثنين.
– وزير الأمن: ماذا الذي تنوون فعله بمخيّمات اللاجئين؟
– بشير: نُخطّط لحديقة حيوانات حقيقيّة.
– وزير الأمن: هل تخططون للدخول إلى غرب بيروت؟
– بشير: هناك مشكلة تتعلّق بالمرابطين. لقد عرضوا 40.000 كلاشنكوف للبيع. تخيّل ما يمكننا أن نجده في المدينة. فيما يتعلّق بزيارة “إسرائيل”، إذا فشلنا، علينا أن نناقشها. ربما ليس هذا الوقت. ليس هناك ما هو عاجل على الأجندة. إذا انتُخبت يوم الإثنين فسنُدير أمور الدولة.
– ناحيك: نطلب منكم مجدّداً ألا تفعلوا شيئاً يمكنه أن يعقّد إخلاء (الإرهابيين). جدولكم الزمنيّ يحتمل تأخيراً للنشاطات إلى ما بعد الإخلاء.
– وزير الأمن: لا تتّخذ أيّ خطوة دون التنسيق معنا.
– بشير: وعد.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية