تحت عنوان "الجمعيات الخيرية التابعة لحزب الله وتمويلها"، نشر موقع ويكيليكس بتاريخ 30 آب 2011 وثيقة صادرة عن السفارة الأمريكية في بيروت تحت الرقم 06BEIRUT421 وقد تم اعداداها بتاريخ 14 شباط 2006، أي قبل حرب تموز، وقد صنفها السفير الأمريكي جيفري فيلتمان على أنها سرية. وتروي المذكرة شهادات رجال اعمال وصحافة وسياسة من الشيعة وغير الشيعة عن واقع الجمعيات الخيرية التي يديرها حزب الله ومصادر تمويلها.
وقد جاء في المذكرة "أنه وفقاً لمصادر صحافية شيعية، فإنّ حزب الله من خلال منظماته الخيرية الرئيسية الأربعة: جهاد البناء، مؤسسة الشهيد الايرانية، الهيئة الصحية الإسلامية، وحركة المرأة الإسلامية، يقدم خدمات اجتماعية تشمل تشغيل المدارس وتقديم المنح الدراسية، وتوزيع الأغذية والمواد الطبية، بالاضافة لوقود الديزل لسكان الريف، وتقديم القروض الصغيرة، ناهيك عن ادارة محلات السوبر ماركت في بعض المناطق. ووفق المصادر، فإنّه على الرغم من أن حزب الله يعتمد على التمويل الايراني فإنه يملك عائدات خاصة من خلال مؤسسات صغيرة ومربحة. كما أن الحزب يجني مبالغ مهمة عبر التحويلات المالية، التبرعات المحلية، ورسوم الخدمات التي يقدمها. وفي ظل عدم وضوح شبكات التمويل التي تحول الأموال الايرانية لحزب الله، فإنّ بنك صادرات ايران بفروعه الخمسة قد يكون هو ضالعاً بذلك ولكن احد المصادر المصرفية الموثوقة قال أن اموال حزب الله ليست من خلال بنك صادرات.
وتفيد المذكرة "بأنه في اجتماع بتاريخ 19 كانون الثاني عقده احد مسؤولي السفارة الامريكية في بيروت مع الصحافي الشيعي عباس صباغ، المتابع للشأن الشيعي والذي يملك علاقات وثيقة بحزب الله، استعرض الصحافي سلسلة الخدمات الاجتماعية التي يقدمها حزب الله من خلال جمعياته الخيرية. فمؤسسة الشهيد الإيرانية توفر العديد من اشكال الدعم لعائلات عناصر حزب الله الذين يقتلون"، وفقاً لصباغ. وقد امتدحها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مقراً بأن الفضل بتمويلها يرجع لايران. وعادة ما توفر هذه المؤسسة لعائلات "الشهداء" شقة في الضاحية الجنوبية لبيروت بقيمة حوالي 35000، وراتباً شهرياً، ورحلة مجانية للحج الى مكة المكرمة. هذه هي إلى حد كبير حزمة الفوائد الأكثر سخاء المقدمة من أي طرف لبناني، وفقاً للصباغ. حيث أن حركة أمل، وفي افضل الاحيان، تعرض فرص عمل على عائلات الشهداء".
أما أعضاء الجمعية النسائية الإسلامية فيتلقون مبلغ 100 دولار شهرياً، بالإضافة إلى مبلغا 100 دولار آخر في حال واظبوا على ارتداء الحجاب؛ وبذلك يكون مجموع الدعم المقدم للمرأة المنتمية لهذه الحركة ما يربو على 200 دولار أميركي. كما توفر الحركة النسائية الإسلامية مساعدة للنساء المطلقات اللواتي لديهن أطفال من خلال راتب شهر يتراوح بين 60-70 دولار في ظل توقع أن ينضم الاولاد الى كشافة المهدي التابعة للحزب، وفق أحمد الأسعد السياسي الشيعي المستقل".
وتتابع المذكرة "بموازاة ذلك يقدم حزب الله المنح الدراسية من خلال التعبئة التربوية وفقاً للصباغ، والتي تعتبر قسماً من حزب الله وليست منظمة مستقلة. وهناك ما يصل الى 6000 طالب يستفيدون من المنح للمراحل الابتدائية والثانوية، وفقا للمتحدث السابق باسم اليونيفيل تيمور غوكسيل".
ونقلاً عن الوثيقة الامريكية "وبحسب علي الجمال المدير العام الشيعي لجمال ترست بنك فإن حزب الله يقدم القروض الصغيرة للسكان المحليين في جنوب لبنان وبفائدة لا تكاد تذكر، وهذا ما أكد عليه محام سني في صيدا يدعى كمال أبو ظهر. وبحسب الجمال وابو ظهر، فإن التقديرات تشير إلى أن 90 في المئة من السكان في جنوب لبنان يملكون الأراضي، ولكن العديد منهم ليس لديهم رؤوس الأموال تحتاج إلى تطويرها لأغراض الزراعة. قروض حزب الله الصغيرة لا تتجاوز 400 دولار أمريكي. وذكر الجمال، الذي يدير 10 فروع لمصرفه في جنوب لبنان، إنّ البنوك والمؤسسات الخيرية الأخرى لا يمكن أن تتنافس مع حزب الله فيما خص القروض الصغيرة نظرا لسعر الفائدة شبه المعدوم".
كما يدير حزب الله محلات السوبر ماركت و محلات تجارية صغيرة الحجم في المناطق الريفية المصنفة محرومة، وفقاً لمصادر تجارية وفي مجال الأعمال في جنوب لبنان. وتقع هذه المحلات في المناطق الريفية الفقيرة حيث احتمال جني الارباح عادة ما يكون ضئيلاً. ولكن الحزب يقوم بذلك من أجل تقديم خدمة للسكان.
وقد علق صباغ على أرقام الروايات المتناقلة عن تمويل حزب الله بالقول " أن التمويل الإيراني لا بد أنه كبير للغاية نظرا لنطاق الانشطة التي يمارسها حزب الله اجتماعياً وعسكريا وسياسياً. كما أشار إلى أن كبار مسؤولي حزب الله يعيشون أنماط حياة مريحة ويمكن رؤية ذلك من خلال السيارات التي يقودونها والتي عادة ما تكون باهظة (بما في ذلك سيارات الدفع الرباعي الاميركية الصنع) وكذلك منازلهم الفاخرة".
وقال صباغ إنه "في حين أنه من الواضح أن معظم اموال حزب الله تأتي من ايران من الجلي أيضاً أن لحزب الله مصادر إيرادات اخرى. فحزب الله يتلقى تحويلات على شكل تبرعات من الشيعة اللبنانيون اللذين يعيشون في الخارج. واذ نفى صباغ معرفته بحجم هذه الاموال، لكنه يعتقد ان دخل حزب الله من هذه التحويلات كبير ولعدة أسباب: أولاً أن الشيعة الذين يعيشون في الخارج ومعظمهم في غرب افريقيا ، قد حولوا تبرعاتهم من حركة أمل إلى حزب الله لأن الأولى فقدت أهميتها في حين ازداد نفوذ الأخير. ثانياً، لم يكن يتمتع حزب الله بهذا القدر من التعاطف من قبل مغتربي الطائفة الشيعية بقدر ما هو عليه الآن. ثالثاً، ترسل التحويلات المالية عادة على شكل فرائض شرعية إسلامية وبالتحديد ما يعرف بـ"الخمس" من دخل الفرد. لذلك فان حزب الله لن يحصل فقط على تمويل من تحويلات التبرعات بل ، تدفق نقدي شهري ثابت".
"جمع التبرعات المحلية يشكل مصدراً آخر من مصادر دخل حزب الله، وفقاً للصباغ. فحزب الله ينشر نقاط لجمع التبرعات في جميع أنحاء المناطق الشيعية في لبنان. نقطة التبرع النموذجية تتكون من عدة افراد من كشافة المهدي يشرف عليهم أحد الافراد الأكبر سناً. كما تنتشر صناديق التبرع من خلال جمعية الامداد في جميع المحالا لتجارية الشيعية. كما تقوم "هيئة دعم المقاومة" بحفلات افطار توزع خلالها مظاريف فارغة على الضيوف من اجل جمع التبرعات في حركة تشعر الضيف بالحرج ودفعهم للتبرع".
وبحسب صباغ "فإنّ اكبر اثنتين من جمعيات حزب الله الخيرية، أي جهاد البناء والهيئة الصحية الإسلامية، تغطيان بعض تكاليفهم على الأقل. فجهاد البناء تتنافس للحصول على عقود البناء البلدية في الجنوب تماما مثل أي شركة بناء أخرى. والمجالس البلدية التي يهيمن عليها حزب الله (وهناك كثيرين في جنوب لبنان) هي أكثر ميلاً لاختيار جهاد البناء كمقاول لتنفيذ الأعمال الانشائية. وعلّق الصباغ قائلاً أنّ أن الانتخابات البلدية في الجنوب ليست حيوية فقط لحزب الله في استراتيجيته السياسية، ولكن أيضا لمساعدة تأمين عقود بلدية مربحة لجهاد البناء. فيما وفيما يتعلق بالهيئة الصحية الاسلامية، قال صباغ أن المستشفيات والعيادات تقدم الخدمات الصحية ولكنها ما زالت تتقاضى البدائل الماية مما يكفي لتغطية بعض تكاليفها على الأقل".
ويذكر في الوثيقة "مصادر أخرى للإيرادات هي من خلال وكلاء السفر والمعاملات العقارية، والإعلانات على تلفزيون المنار. كما يدر مشروع تنظيم رحلات الحج من جانب حزب الله نحو 2000 دولار إلى 3000 عن الشخص الواحد. كما جنى حزب الله ارباح من خلال سوق العقارات". وتختم الوثيقة "أنه في اجتماع منفصل يوم 19 كانون الثاني مع النائب علي عسيران في كتلة نبيه بري، أكد أيضاً ان تمويل حزب الله بمعظمه يأتي من ايران ولكن الحزب يجني مبالغ اضافية من مشاريعه الاخرى. وأكد أن جهاد البناء تتعاقد على تنفيذ مشاريع مع بلديات الجنوب. وتعتبر جهاد البناء مفضلة لأن لديها سمعة استكمال العقد بصدق على عكس المقاولين المرتبطين مع حركة أمل ونبيه بري، وفقا لعسيران".
0 comments:
إرسال تعليق