الأربعاء، أكتوبر 12، 2011

ريفي «يشتري مشكلاً» مع حزب الله في البرلمان


كيف تحوّلت جلسة لجنة حقوق الإنسان النيابية، قبل يومين، من جلسة حقوقية إلى جلسة انفجار سياسي ـــــ أمني؟ الجلسة كانت مخصصة لمتابعة قضية المخطوفين جوزف صادر وشبلي العيسمي، من الناحية الإنسانية. ولهذا السبب، حضر إلى الجلسة أشخاص من عائلتي المخطوفين. لم يكن أحد من الحاضرين يتوقع، ومنهم نائبا حزب الله نوار الساحلي وعلي عمار، أن يدلي المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي «برأيه الأمني» الذي كان كفيلاً بتوتير أجواء الجلسة وإخراجها كلياً من سياقها الحقوقي والإنساني.
جوزف صادر، بحسب ريفي، «خُطف على أيدي أشخاص أدخلوه إلى الضاحية الجنوبية». قالها ريفي، من خارج السياق، على مسمع ذوي صادر. اعتمد في ذلك على إفادة أحد مخبري القوى الأمنية، وأكّد أن متابعة وجهة الخاطفين الذين كانوا على متن باص آنذاك، تعذّرت لأنه «لا إمكانية لقوى الأمن لملاحقة أحد داخل الضاحية». المسألة لا تحتاج إلى تحليل بالنسبة إلى النائب الساحلي. ريفي الجالس قبالته يتهم حزب الله بعملية الخطف! لم يكد اللواء ينهي كلامه حتى انتفض الساحلي في وجهه، ليسأله عن الصفة التي يتحدث بها. «هل تتحدث باسم وزارة الداخلية، أم باسم فريق سياسي، أم باسمك شخصياً، أم ماذا؟». وقبل ذلك… «أنت تعرف يا حضرة اللواء أن أبواب الضاحية مفتوحة أمام الجميع، وتحديداً أمام القوى الأمنية، فلماذا الإصرار كل مرّة على تصوير حزب الله، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بأنه يفعل العكس؟ ماذا يمكن أن نفعل حتى نثبت أننا من دعاة دخول قوى الأمن إلى الضاحية؟ أنت تعرف أكثر من غيرك التعاون الذي تلقاه القوى الأمنية من حزب الله في مجال مكافحة المخدرات، وغير ذلك من القضايا، فلماذا هذا التنكّر؟». ظنّ الحاضرون في الجلسة أن ريفي سيخرج وثائق تثبت صحة ادّعائه، أو غمزه الصريح بالأحرى، لكن هذا ما لم يحصل. لم يكن لدى اللواء سوى إفادة مخبر، إضافة إلى تأكيده أنه يتكلم بصفته الشخصية، علماً بأنه حضر إلى الجلسة بصفته ممثلاً وزارة الداخلية. بعض الذين حضروا الجلسة استغربوا كلام ريفي المفاجئ، علماً بأنه أكد سابقاً، في تصريحات إعلامية، «التعاون الوثيق مع حزب الله في الضاحية». كذلك استغربوا اعتماده على إفادة «مخبر أمني» في قضية صادر، رغم علمه بأن «المخبرين الكاذبين» موجودون بكثرة، وأن أحدهم سبّب قبل أيام ذعراً أمنياً في البلاد، بعدما تحدّث عن أن مجموعة إرهابية أعدّت 10 سيارات مفخخة، وأنها تنوي استهداف مبنى «الإسكوا» بإحداها، إضافة إلى بعض الأهداف في صيدا وبيروت.
بدا ريفي، بحسب بعض المطّلعين على أجواء الجلسة، كمن يريد «شراء مشكل مع الفريق الآخر». تحدث اللواء عن ملف كامل لدى قوى الأمن الداخلي عن عملية خطف السوريين الأربعة، وهم من آل جاسم، التي حصلت قبل نحو 6 أشهر. قال إن سيارة تابعة للسفارة السورية في بيروت استخدمت، آنذاك، في عملية الخطف، وأن الخاطفين هم عناصر من القوى الأمنية اللبنانية المكلفة بحماية السفارة. ذكر أن هؤلاء العناصر عوقبوا مسلكياً، لكن المسألة بقيت لدى القضاء، لأنها قضية جنائية. وعن قضيّة خطف العيسمي، أكد ريفي أنّ التحقيقات دلّت على أنّ «الطّريقة ذاتها التي استُعمِلَت في خطف آل جاسم قد تكون نفّذت بواسطتها عمليّة خطف العيسمي». بعد إثارة هذه النقطة، توجّه إلى النائب الساحلي قائلاً: «أنا أتكلم كمدير عام لقوى الأمن الداخلي، ولست ممثلاً في هذا الكلام وزير الداخلية، وأرى أن من مسؤوليتي وضع النواب في حقيقة أجواء هذه القضايا، لأنها تعرّض سمعة لبنان للخطر».
لم يقبل الساحلي أن يمر هذا الكلام من دون أن يذكّر ريفي، والحاضرين أيضاً، بأن ما ورد من كلام هو «اتهام صريح لدولة شقيقة بالخطف، وهذا لا يمكن أن يكون مقبولاً من دون إبراز أدلة وإثباتات، فالمسألة لا تحتمل التحليل». اكتفى ريفي بالقول: «هناك تشابه بين العمليتين، تقريباً». هنا دخل النائب سامي الجميّل على خط النقاش المتفجّر، فأخذت الجلسة منحى آخر، ما استدعى دخول النائب علي عمار في «المعركة» الدائرة أيضاً. ارتفعت أصوات الجميع. عمّار يؤكد أن هذه المسائل لا يجب أن تثار في الجلسة، بل يفترض أن تترك للقضاء حتى يبتّها. الجميّل يردّ متهجّماً على المحكمة العسكرية. استغرب بعض الحاضرين من ردّه، فسألوه: «هل أصبح مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر محسوباً على حزب الله؟». الجميّل يرى في المعلومات التي ذكرت «فضيحة»، ويجب الطلب من النائب العام التمييزي حضور هذه الجلسة. لم يقبل نائب التيار الوطني الحر، حكمت ديب، أن تنتهي الجلسة من دون أن يدلي بدلوه. ردّ على الجميّل قائلاً: «لا يجوز التجنّي على منطقة الضاحية. غير مقبول إيهام الناس بأن هذه المنطقة مغلقة. أنت يمكنك أن تذهب إلى هناك وترى بعينك».
الجميّل لا يحب سلاح حزب الله. والسلاح أصبح موضوعاً للنقاش في جلسة حقوق الإنسان! لكن يبدو أن للنائب الكتائبي ولعاً بالسلاح، بشرط واحد، ألا يكون عائداً لحزب الله. فبحسب بعض المطّلعين على أجواء الجلسة، جرى تذكير الجميّل بالزيارة «المسلحة» التي قصد بها منزل النائب عمار في الضاحية، قبل أشهر، لتعزيته بوفاة شقيقته.
محمد نزال -الأخبار

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية