السبت، أكتوبر 15، 2011

ويكيليكس عن ميشال سليمان: هكذا نفّذ حزب الله هجوم السرطان على بيروت




صحيفة المستقبل
كشفت برقية صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت بتاريخ 12/05/2008 ومنشورة في موقع "ويكيليكس" تحت الرقم 661 أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان وصف تحركات "حزب الله" خلال أحداث الثلاثاء الأسود في 8 أيار 2008، بالميليشيوية، معتبراً أن أنشطة الحزب لا تمتّ الى المقاومة بصلة، وساهمت بفتح جبهة جديدة للصراع السنيّ الشيعيّ في منطقة الشرق الأوسط ككل. وأشار إلى أنه نقل من خلال أحد نواب "حزب الله" تحذيراً لنصرالله، وقال: "ارتكبوا خطأ هائلاً".

وأوضح خلال لقاء مع مسؤول في السفارة الأميركية، في 11 أيار 2008، أن "الشيعة كانوا يخططون لأحداث الثلاثاء الأسود منذ فترة من الوقت وكانوا يملكون أسلحة وذخائر أكثر من السنّة"، ثم شرح ما سماه مخطط "هجوم السرطان" لـ"حزب الله"، حيث يبدأ الاقتتال في الأحياء المختلطة، وتدخل قوات "حزب الله" إلى الأبنية التي يسكنها الشيعة ويجهّزون مقرّاتهم فيها، ويتوسعون بعدها من مبنى إلى آخر، في ما يشبه انتشار السرطان".

وانتقد قرارات الحكومة الأخيرة بشأن شبكة اتصالات "حزب الله" وإقالة رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير ووصفها بـ"المتهورة"، معتبراً أن القرار لم يكن خاطئاً لكن كان من الممكن اختيار توقيت أفضل. وأشار إلى أنه يظن أن رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط ووزير الاتصالات آنذاك النائب مروان حمادة هما من ضغطا على الرئيس فؤاد السنيورة لاتخاذ هذه القرارات لإحراج "حزب الله".

وجاء في الترجمة الحرفية لنص البرقية بالإنكليزية، وتحمل الرقم "80 بيروت 661" تحت عنوان: "قائد الجيش يقول إنه سيحمي الحكومة"، الآتي:

"في اجتماعين عقدا يوم الأحد، في 11 أيار، أوضح قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان أنه لم يكن يقصد احراج رئيس الوزراء بتعليقاته حول قرارات مجلس الوزراء والحكومة اللبنانية، مؤكداً أن ما تردد عن استقالات ضخمة داخل الجيش اللبناني أمر غير صحيح، وأن الجيش سوف يدافع "حتى الموت" عن المؤسسات اللبنانية. كما قدم سليمان تفسيرات مطولة عن وجهة نظره حول الأزمة الحالية وكيفية الخروج منها عبر استخدام منهجية الحوار.

ووصف سليمان تحركات "حزب الله" بالميليشيوية، معتبراً أن أنشطة الحزب لا تمت الى المقاومة بصلة. وكرر سليمان مطالبه السابقة أنه لا يملك قوات كافية، ولا يمكن سحب القوات قبالة مخيم "عين الحلوة" خوفاً من تسرب الارهابيين في المجتمع، وبالتالي التسبب في مشاكل أكبر".
وأشارت البرقية إلى أن "مسؤولاً سياسياً في السفارة التقى قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان في مناسبتين منفصلتين في مكتبه في اليرزة في 11 أيار، تم الاجتماع الأول صباحاً والثاني ليلاً. وكان سليمان أكثر استرخاء مما كان يتوقع المرء نظراً الى حجم القتال الذي دار مؤخراً بين "حزب الله" والدروز، فضلاً عن كمية الضغط السياسيّ الذي يمارسه عليه قادة 14 آذار. وقال سليمان إن التقارير عن استقالات ضخمة في الجيش لم تكن صحيحة. وأضاف أن بعض الضباط كانوا يأتونه والدموع في عيونهم لتقديم استقالاتهم. وكان رئيس الاستخبارات العقيد غسان بلعة، ضابط في الجيش اللبناني ومسلم سنّي، وهو مقرب جداً من رئيس الوزراء السنيورة، أول من تقدم باستقالته. وقدم الضابط السني البارز في الجيش اللبناني، قائد المنطقة الشمالية العميد عبد الحميد درويش استقالته أيضاً. واجتمع سليمان مع كل من الضابطين وطلب منهما عدم الإستقالة".

وفقاً لسليمان، فإنه أثار فيهما وطنيتهما والتزامهما تجاه الجيش اللبناني كي لا يقبل استقالتهما. واعترف سليمان بأن الضباط السنّة والدروز، ومجتمعاتهم المذهبية، أُهينوا بسبب الأحداث الاخيرة. وأعاد سليمان إلى ذهن الضابطين، الفترة التي أهين فيها عام 1982 عندما كان نقيباً في منطقة الدامور، وطرد الدروز المسيحيين. على الرغم من أنه شعر بالذل، اشار إلى أنه لم يترك الجيش، لا ينبغي أن يتركاه الآن. حتى مع هذه الدعوة القوية لعدم تقديم استقالاتهم من قبل قائد الجيش، قدم الرجلان استقالتهما لاحقاً إلى قيادة الجيش. وقال سليمان لنا انه لن يقبل الاستقالات. وتهرب سليمان من الإجابة بشأن رئيس أركان الجيش اللواء شوقي المصري (الدرزي)، قائلا: "لم أسأله عن استقالته". وقال سليمان لنا ان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط اتصل به هاتفياً ليقول انه اعطى تعليمات إلى المصري ليبقى في الجيش. لكن وفقاً لضباط داخل مكتب المصري، فقد قدم استقالته أيضاً. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه إجراءات مخادعة للضغط على سليمان، أو أن الضباط عازمون فعلاً على الانسحاب من الجيش. منذ صباح 12 أيار، لا يزال هؤلاء الضباط يزاولون عملهم ولم يتركوا الجيش".

"حزب الله" استخدم "هجوم السرطان" في بيروت

ولفتت البرقية إلى أن "سليمان أمضى وقتاً طويلاً، ليصنع رسوماً (خرائط) عن مواقع الجيش، كي يشرح مدى صعوبة الأمر في بيروت. وقال إن الطابع المذهبي للأحياء المختلطة في بيروت الغربية جعل من المستحيل توزيع القوات بين جميع الفصائل. في الوقت نفسه، أشار إلى أن الشيعة كانوا يخططون لهذه الأحداث منذ فترة من الوقت، وكانوا يملكون أسلحة وذخائر أكثر من السنّة. وشرح مخطط "هجوم السرطان" لـ"حزب الله": عندما يبدأ الاقتتال في الأحياء المختلطة، تدخل قوات "حزب الله" إلى الأبنية التي يسكنها الشيعة ويجهزون مقراتهم فيها، ويتوسعون بعدها من مبنى إلى آخر، في ما يشبه انتشار السرطان. بحسب سليمان، الطريقة العسكرية الوحيدة التي كان يمكنه أن يعالج من خلالها الأمر كانت إجلاء المدنيين من المباني والهجوم بعدها على المقاتلين، "كما فعلنا في نهر البارد حين دمرنا كل شيء". وتجدر الإشارة هنا إلى أن سليمان المدرك تماماً للحساسيات السياسية، وصف تحركات "حزب الله" بالميليشيوية. وعندما لفتنا اهتمام سليمان إلى أقواله، قال إنه مدرك تماماً لما يقول. "هذه ليست مقاومة. إنها تحركات ميليشيا". (ملاحظة: هذه المرة الأولى التي يشير فيها سليمان إلى "حزب الله" كميليشيا).

ونظرا الى هذا النوع من التكتيكات، قال سليمان انه في حاجة إلى الكثير من القوات في بيروت، وربما ما يصل إلى 10000 او 15000 جندي. وقال سليمان ان قواته كانت تحت ضغط كبير لأنه لا يمكنها التخلي عن أي من مهامها في المناطق الأخرى لتعزيز بيروت. وأعرب عن قلقه بشكل خاص حول مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين، وتسرب الارهابيين خارج المخيمات الفلسطينية. وقال ردا على سؤال حول دور قوات الأمن الداخلي، "إن قوات الأمن الداخلي لم تفعل شيئاً".

نصحت السنيورة ألا يتخذ قرارات ضد "حزب الله"

وبحسب البرقية "أفاد سليمان المسؤولَ السياسي أن قرارات الحكومة الأخيرة بشأن شبكة اتصالات "حزب الله" وإقالة رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير كانت متهورة. وأعرب عن ظنه أن الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط ووزير الاتصالات مروان حمادة هما من ضغط على السنيورة لاتخاذ هذه القرارات لإحراج "حزب الله". وقال سليمان "لا أظن ان القرار كان خاطئاً، ولكن كان بإمكانهم اختيار توقيت أفضل نظراً لإضرابات العمال المرتقبة والمشكلات السياسية المستمرة". عندما رأوا أن مجلس الوزراء اتخذ قراراً ضد "حزب الله" من دون وجود أي وزراء شيعة في مجلس الوزراء، اعتبروا ذلك تهديداً مباشراً، وقاموا برد فعل ضد الأمر. ورأى سليمان أنه كان من الممكن اتخاذ تدابير أخرى لمعالجة مخاوف فريق 14 آذار من دون اغراق البلاد في أزمة".

لم أقصد إحراجه برسالتي

وأضافت البرقية "بعد خطاب الرئيس السنيورة في العاشر من أيار الذي دعا فيه الجيش لبحث هاتين المسألتين، أصدر الجنرال سليمان بياناً صحافياً يعرض فيه قبول المسؤولية عن هاتين المسألتين. بعد ثلاثين دقيقة من طلب السنيورة، أرسل سليمان تقريراً لرئيس مجلس الوزراء يقول فيه ان التحقيقات الأولية اكتملت، واقترح إلغاء تنفيذ قراري مجلس الوزراء. أخبرنا السنيورة أنه وجد هذه الرسالة محرجة للغاية ومهينة في الوقت نفسه. وسأل المسؤول الأميركي سليمان بشأن توقيت القرار والظروف التي أدت إلى هذه الرسالة. وقال سليمان: "لم أكن أقصد إحراجه، وهذا لم يكن هدفي. اعتقدت أن بإمكاني إعطاءه الغطاء للخروج من هذه المشكلة السياسية". وقال سليمان لنا انه أعد التقرير، (واستخدم تعبير التقرير وليس الرسالة كما ورد في الصحف)، في 6 أيار، أي قبل الاجتماع الأسبوعي للمجلس العسكري بثلاثة أيام؛ في هذه الجلسة، طرح سليمان هذا القرار على مجلسه العسكري، الذي له سلطة قرار مستقلة عن سلطة قائد الجيش. وقال المجلس المكون من الدروز والسنة والشيعة والضباط المسيحيين انه تم اتخاذ القرارات من دون استخدام منهجيات التحقيق المقبولة. بالإضافة إلى ذلك، وجدوا أن رئيس أمن المطار العميد وفيق شقير تقاعس عن تقديم تقرير إلى رؤسائه، وهي جريمة تستحق أقل بكثير من العزل من منصبه. وعاد المجلس العسكري عندما تم التصويت، كان التصويت من 3 مقابل 1 لإبطال قرارات مجلس الوزراء وإجراء مزيد من التحقيقات من قبل الجيش. كان صوت المعارضة سنيّ واحد وهو اللواء سعيد عيد، مستشار الرئيس السنيورة العسكري. بعد أن تم اتخاذ القرار، قال عيد لسليمان انه متفق مع المجلس، لكن ليس لديه خيار آخر سوى الاعتراض على القرار. وقال سليمان انه يتفهم هذا الموقف، كما فعل كل من الضباط الآخرين في المجلس العسكري".

"حزب الله" يعرف أنه لا يمكنه الحصول على كل شيء

وأشارت البرقية إلى أن سليمان قال للمسؤول انه "ليس هناك طريقة للخروج من المأزق الحالي بدون الحوار. وقال لا أعتقد أن "حزب الله" يعرف ماذا يريد بعد المكاسب التي حققها في الأيام الثلاثة الماضية، مؤكداً في الوقت نفسه، أن "حزب الله" يعرف أنه لا يمكنه الحصول على "كل شيء". ومع ذلك، توقع أن يبقى الحزب متردداً وما يزال غير متأكد مما يحصل على الصعيد الإقليمي، لافتاً إلى أن "حزب الله" قلق من عقد صفقة بين سوريا واسرائيل، ربما يكون رأس زعيم "حزب الله" ثمنها. "قلت لهم إنهم ارتكبوا خطأ هائلاً"، قال سليمان. ورأى أن أعمال "حزب الله" الميليشيوية أثناء الأيام الثلاثة الماضية فتحت جبهة جديدة للصراع السنيّ الشيعيّ في منطقة الشرق الأوسط ككل. وقال لأحد نواب "حزب الله" في الآونة الاخيرة، "بتصرفكم هذا، خلقتم إرهابيين من السنّة، ليس واحداً فقط، بل سيكون على الطرق الكثير من الظواهريين المناهضين لكم. بحسب سليمان، هذه هي الرسالة التي نقلها إلى نصر الله كتحذير ليسترعي انتباهه".

سندافع عن الحكومة حتى الموت، وفوق جثثنا

وتابعت البرقية، "قال المسؤول السياسي لسليمان ان أحد ضباط الجيش اشتكى للسفارة من أن السياسيين هم من وضعوا الجيش في هذه الفوضى، وليست مهمة الجيش حمايتهم. وقال المسؤول ان هذا الأمر غير مقبول وأنه على الجيش حماية السرايا الكبيرة (حيث يعيش ويعمل رئيس الوزراء والوزراء)، ومنازل القادة السياسيين التي هي بحاجة إلى الحماية، خاصة في ضوء الشائعات أن هذه الأماكن ستتعرض للهجوم في الليل. وخلال الاجتماع مع سليمان مساء، دعا مساعد وزير الدفاع للشؤون السياسية اريك اديلمان للاجتماع مع المسؤول السياسي، وتحدث بعدها مع سليمان. بعد تسليم بيان شديد اللهجة لسليمان عن توقعات الحكومة الأميركية في ما يتعلق بحماية مؤسسات الدولة وحماية الزعماء السياسيين، اتصل سليمان بالقيادات في الجيش. وعزز سليمان أمام المسؤول الأوامر السابقة لقائد فوج الحرس العقيد صالح قيس، وهو شيعيّ. وقال سليمان على وجه التحديد: "ستدافعون حتى الموت عن السرايا الكبيرة (مقر الرئيس السنيورة)، قريطم (مقر الرئيس الحريري)، وكليمنصو (مقر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط). ويجب أن تستعدوا للتضحية بأنفسكم في سبيل الحفاظ على الأمكنة المطروحة، وسيكون على العدو أن يمشي على جثثكم لدخول هذه الأماكن. أكرر، أطلقوا النار إذا تم الاعتداء عليكم

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية