الأحد، يناير 15، 2012

الطائرات العراقية في إيران ...قصة منسية وحقوق منفية


علي الكاش

كاتب وفكر عراقي

تمهيد

نتطرق هذه المرة الى موضوع في غاية الاهمية تحاول ( أطراف) في الحكومة العراقية أن تطمسه من أجل عين الجارة المسلمة إيران، وتسكت عنه إدارة الاحتلال، وهذا أمر طبيعي، فمن يبحث عن الشرف في سوق العاهرات؟

وتقف الامم المتحدة موقف السمسار الذي يقدم أفضل ما لديه لمن يدفع أكثر, وسنحاول جهد امكاننا ان نعالج الموضوع وفق رؤية وطنية بحته ونتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها حكومة الاحتلال، ونكشف عورات الايرانيين وعملائهم في العراق التي يحاول البعض التغطية عليها انها رحلة للماضي تبدأ بها من عام 1991 بإرسال الطائرات العراقية الى إيران وتنتهي مع اليوم الذي تنشر يه الدراسة,

عاهدنا انفسنا خلال هذه الرحلة بأن نهتك كافة الاسرار وان لا نتستر عما يخفيه البعض من المحسوبين على العراق للأسف فيما يتعلق بحقوق الشعب.

فالسكوت في بعض الاحيان مذلة وتراخي وضعف وغبن, لذلك سنفتح الكثير من الملفات (الفايلات) المغلقة من قبل الاحتلال والحكومة العراقية لسبب أو آخر ولن نسكت أو نتراجع في مسعانا حفظا للمستقبل وحفاظا للحقوق الوطنية.

ومن المؤسف ان موضوع الطائرات لم يعطى حقه من البحث والاستقصاء والتحليل ونأمل ان تعقب خطوتنا هذه خطوات أخرى من قبل مراكز البحث والدراسات والمحللين الاستراتيجيين، وكبار الضباط العسكريين، وخصوصا الطيارين إضافة الى بقية الكتاب الافاضل.

لابد أن يدلي كل من له معرفة بهذا الشأن بدلوه لأنها مسئولية وطنية نتحمل الجميع مسئوليتها لكن الذين لهم علاقة بالموضوع مؤكد يتحملون الجزء الاكبر وليعلموا ان السكوت عنها هي جريمة كبرى بحق العراق وشعبة وبحق أنفسهم ايضا.
والله وراء القصد.


الأمانة في الأسلام

ليس هناك أشد ثقلا من الأمانة ولا يمكن ان يجادل المرء في حقيقة هذا الأمر فقد جاء في القرآن الكريم في سورة الأحزاب الآية 72" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا" وقد خص الله سبحانه وتعالى بها الإنسان دون غيره من الخلق فحمله أياها وأهله لحملها ولا يقتصر مفهوم الأمانة على الماديات فحسب وانما تتناول كافة الألتزامات المعنوية فهي إلتزام اخلاقي وأدبي وشجاع فقد ورد في القرآن الكريم في سورة القصص/ الآية 26 " إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ "

وهي تشمل العقود والعهود فقد جاء في الذكر الحكيم سورة الإسراء الآية/34 ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا ) وكذلك العقود كما جاء في الآية الكريمة " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" وكذلك المواثيق في سورة المائدة الآية/13" فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ" .

وكذلك الكلام والمحافظة على الاسرار كما جاء في الحديث الشريف عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ) وقد حسنه الألباني في صحيح الترمذي.

وأوجب الله تبارك وتعالى المحافظة على الأمانه بمدلولها المعنوي وأرجاعها الى أصحابها بمدلولها المادي( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء / 58وكذلك "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" وورد في سورة المعراج " وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ" .

والامانة هي رأس مال المسلم الحقيقي وتعد من أبرز القيم الروحية في الاخلاق العربية والعار كل العار في خيانة الامانة, وقد ورد في الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن عمرو أن النبي (ص) قال " أربع مَن كنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومَن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا ائتُمِن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" وفي حديث آخر " أد الامانة الى من أئتمنك ولا تخن من خانك" ومن المعروف ان الرسول الكريم أطلقت عليه صفة "الأمين" وقد غرس نبتة الامانة في نفوس المسلمين.

وفي المأثورات الشعبية هناك تأكيد على إداء الأمانات الى أهلها " من لا أمانة له لا دين له" و " من أمنك لا تخونه ولو كنت خائن" و" هي أمانه لو خوانه" و" الذي يسلمك مذبحه لا تذبحه " و "رقابة الضمير ولا رقابة الامير" و "من أمنك على ماله أمنك على حياته وعياله" و"حتى اذا كرهته اعطه حق الله" بمعنى الامانه من حقوق الله على البشر و" ثلاث لا تؤمنهم لأحد المرأة والسيف والفرس" ويضرب المثل التالي تندرا لمن يخون الأمانة " حاميها حراميها" و" سلم القطة شحمة" وهناك التحريض على المطالبة بإرجاع الامانة " الحقوق بدها حلوق" وغيرها من الكلم، والكلمة المضادة للأمانة هي الخيانة والغدر.

الأمانة من منظور دولي

الأمانة التزام اخلاقي ذاتي وعائلي وإجتماعي ووطني ودولي فعلى الصعيد الأخير نلاحظ ان الاتفاقيات بين دول العالم تنطلق من مفهوم الثقة بالأخر وتأمين جانبه وليس من المنطق ان تعقد اتفاقيات دولية بين دول لا تأتمن بعضها البعض إللهم إلا في حالات الأستعمار والحروب حيث يهيمن منطق القوة على منطق العقل وتغيب إرادة الأضعف، وهو نفس منطق شريعة الغاب,

وغالبا ما تكون من أسباب الحروب نقض طرف ما ألتزاماته مع طرف أو أطراف أخرى ومثال ذلك نقض اتفاقية شط العرب بين العراق وإيران من قبل الجانب الايراني فعليا من خلال عدم إلتزامه بأرجاع حقوق العراق المنصوص عليها في الاتفاقية إضافة الى الأنتهاكات الخطيرة التي ارتكبها بحق الشعب العراقي,

وغالبا ما تحاول دول العالم ان توثق الأتفاقيات التي تعقدها مع بقية الدول لدى لأمم المتحدة لتوكيد إلزاميتها وبالتالي المحافظة على حقوقها والأستفادة من الشرعية الدولية في حال إنتهاك تلك الحقوق من قبل الطرف الآخر.

ومن المعروف ان إيران خلال تأريخها القديم والحديث لم تلتزم بالاتفاقيات التي عقدتها مع العراق وتتحين دائما الفرص الموآتية لخرقها وتنفيذ اطماعها ولذلك فإنها غير مؤتمنة الجانب.

ما ينطبق على سياستها تجاه العراق يجري على الدول المجاورة لها كدول الخليج وإفغانستان ومسألة الأمارات العربية الثلاث( طنب الصغرى والكبرى وابو موسى) التي أغتصبتها هي خير نموذج على سلوكها الوضيع مع دول الجوار رغم إنها تنطلق في رؤيتها للأمور كما تدعي وينص دستورها من تعاليم الدين الاسلامي,

ولكنها تتخذ من الاسلام ذريعة وواجهة لتنفيذ حلمها الصفوي ضد العرب والاسلام الحقيقي, فالاسلام ليس فروض فحسب وإنما هو سلوك واخلاق وألتزام مع النفس والآخرين والصيد في الماء العكر هو الغالب في السياسة الأيرانية فشراهتها التوسعية لا تتوقف حتى ولو إبتلعت الوطن العربي من المحيط الى الخليج وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل في نواياها أو أحمق يصده غبائه عن معرفة الحقيقة أو طائفي ترجحت عنده كفة الطائفية على الوطنية أو عميل يعيش على فتات الموائد الأيرانية.


وموضوع الطائرات العراقية التي استودعها العراق للجارة المسلمة تدخل في مجال خيانة الأمانة وضرب المواثيق عرض الحائط وعدم الوفاء بالمحافظة عليها فقد تصرفت بها دون موافقة من أودعها أياها كما انها ترفض التفاوض بشأنها والحقيقة انه البعض يستخدم صفة" الطائرات المحجوزة او المحتجزة في إيران" وهذ فرية كبيرة وتجني على حقوق العراقيين فطالما تصرفت بها إيران فانها لا تعتبر حاليا محجوزة لأنها ادخلتها الخدمة الفعلية والأصح ان نصفها" الطائرات المسروقة"

أما من يدعي بأنها تصرفت بها كتعويضات حرب فهذ عذر اكبر من الذنب, لأن التعويض هو اعتراف من الجاني بجريمته وهذا لا ينطبق على حالة الحرب بين العراق وإيران لأن الأمم المتحدة المتمثلة بالشرعية الدولية لم تحدد من بدأ العدوان ولم تفرض على أي جهة تقديم التعويضات للطرف الآخر والتعويض أما يكون طوعي من قبل الطرف المسبب للضرر أو قسري تفرضه الشرعية الدولية وهذا ما لم يحصل مع العراق.

كما اننا نستذكر بأن الجانب الايراني لم يعيد الطائرات العراقية بعد مطالبة العراق بها متبجحا بخشيتهم من مغبة إختراق قانون فرض الحظر الذي أصدرته الأمم المتحدة ضد العراق رغم انهم خرقوا جميع القرارات المتعلقة بملفهم النووي!

وبعد سنوات أعلنوا بكل وقاحة وصلف بأنها جزء من تعويضات الحرب!

والذي لا يعلمه الكثير ان الطائرات العراقية أرسلت الى إيران بعد اتفاق بين السيد طارق عزيز وهاشمي رفسنجاني حيث وافق الأخير على تسهيل مهمة الطيارين العراقيين على تنفيذ طلعات جوية ضد الأسطول الامريكي في الخليج العربي ولكنها تنصلت عن اتفاقها واحتجزت (130) طيار عراقي وهذا يفسر سبب إرسال الطائرات الى ايران بذخيرة وتجهيزات قتالية متكاملة.


لماذا لا تطالب الحكومة بالطائرات؟

قبل ان ننتقد الحكومة العراقية المنصبة من قبل الاحتلال لا بد من التذكير بأن المحافظة على حقوق البلد المستعمر من قبل قوات احتلال اجنبية يعتبر من أهم إلتزاماتها كما نصت المواثيق الدولية،


ويفترض على الادارة الامريكية ان تفتح هذا الملف مع الجانب الايراني أو تدفع الحكومة العراقية لهذا الأمر وهذا ما لم يحدث لعدة اعتبارات منها وجود اتفاق سري بين الطرفين الامريكي والايراني بعدم إثارة الموضوع تكريما لأيران عن موقفها المساند للولايات المتحدة الامريكية ففي عام 1990 سمحت للقوات الامريكية بأستخدام مجالها الجوي في ضرب وعزل القوات العراقية في القاطع الجنوبي.

لأسقاط نظام الحكم العراقي السابق بالإضافة الى محاولة الجانب الامريكي الاستفادة من القضية لنهب جزء كبير من ثروة العراق بحجة تعزيز دفاعاته الجوية وهذا ما اكده جنرالات الحرب الامرييكان بأن العراق يحتاج الى (2) مليار دولار سنويا لتعزيز سلاحه الجوي ولغاية عام 2020.


لم تطالب الحكومة العراقية منذ الغزو لحد الآن الجانب الأيراني بفتح هذا الملف سواء عبر تفاوض ثنائي أو عن طريق الأمم المتحدة أو عبر الإدارة الامريكية، وهذا الموقف يعتبر طبيعي لأن الحكومة الأيرانية تفرض هيمنتها على الحكومة العراقية والبرلمان ولا يمكن لأي مسئول عراقي ان يخالف هذا التوجه وإلا كانت العاقبة وخيمة ورغم محاولة بعض الوكالات الفضائية فتح الموضوع مع المسئولين العراقيين لكنهم كانوا يمتنعون ويتحفظون على الإجابة لأنهم يعلمون ان ذلك من شأنه ان يفتح عليهم باب جهنم.

ولم يشذ عن هذه الأوامر سوى وكيل وزارة النقل جميل إبراهيم الذي اعلن صراحة بأن إيران أستخدمت الطائرات العراقية وأن الجانب العراقي طالب نظيره الايراني مرارا وتكرارا بتقديم معلومات عن الطائرات لكن ايران تجاهلت مطالبه.

إضافة الى تصريح قائد سلاح الجو العراقي كمال البرزنجي الذي عبر عن أمله بأن تعيد طهران بعضا من عشرات الطائرات المقاتلة العراقية التي وصلتها عام1991.

مضيفا بأن "العراق لم يستعيد أي طائرة حتى الآن"، معربا عن أمله بإعادة بعض تلك الطائرات الى العراق. واضاف ان القليل منها سيكون قابلا للاصلاح.

ولكنه أوضح في نهاية حديثه الصحفي بأن الموضوع ليس فنيا بل سياسيا!


لم يعترف النظام الايراني أصلا بعدد وطراز الطائرات العراقية التي سرقها من العراق رغم مرور حوالي عقدين من الزمان، بل انه أنكر باديء ذي بدء وجودها أصلا في إيران في حملة تضليل وتمويه لمصادرة حقوق العراق, ورغم الوفود التي أرسلت للتفاوض لكنه كان يضع قطن على إذنه عندما يتطرق الوفد الى موضوع الطائرات.

والغريب انه بعد الغزو قام المسئولون العراقيونبزيارة طهران مئات المرات لكن لم يجرؤ أحدا منهم على مناقشة موضوع الطائرات!

وحتى في الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري لطهران وتوقيعه خمسة اتفاقيات مع الجانب الايراني, فقد كان على جدول الزيارة موضوع الطائرات لكن المتحدث بأسم الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي تلافى الاجابة على السؤال مكتفيا بالقول"ان عدة مواضيع نوقشت خلال اللقاء مع الوفد العراقي" ولم يصرح الجعفري بأي شيء حول الطائرات.

وكذلك خلال زيارة نائب رئيس الوزراء برهم صالح الى طهران وإجتماعه مع الرئيس الايراني أحمد نجادي وكان موضوع الطائرات في أجندة الزيارة لكن الزيارة أختتمت دون الإشارة اليها.

فقد جاء في الأخبار " ولم تذكر البيانات الصحفية الصادرة من البلدين ان كان الجانبان قد بحثا مسألة الطائرات العراقية المحتجزة في إيران أم لا؟" وقد لخص شيخ عشيرة الدليم حاتم السلمان هذا الأخفاق بجملة مختصرة " إن عدم فتح ملف الطائرات يعود الى ضعف الحكومة العراقية".


يبدو ان هناك خطة ما بين النظام الايراني والحكومة العراقية لطمس معالم موضوع الطائرات من خلال عدة خطوات بدات بإطلاق المسئولين العراقيين تصريحات بأن العراق من بدأ الحرب ضد إيران من ثم سحب وثائق العراق في الأمم المتحدة التي تدين إيران وتحملها مسئولية بدء العدوان من قبل ممثل العراق الدائم حامد البيات ( طالب الاصفهاني / أسمه الحقيقي) وهو إيراني الجنسية من ثم اغتيال الطيارين العراقيين كشهود عيان وانتهاءا بأهداء رئيس الوزراء المالكي احدى الطائرات العراقية التي سرقتها بعد تغيير معالمها والوانها لتأكيد إدعائها بإنتقال ملكية طائرات العراق اليها.
اعداد الطائرات العراقية قبل حرب الخليج الثانية

ليس من السهولة معرفة عدد وانواع الطائرات العراقية قبل اندلاع حرب الخليج الثانية ورغم قوة المخابرات الامريكية والتقنية العالية في اجهزة المراقبة والتجسس والأقمار الصناعية الا ان العدد في حقيقته تخميني وربما يكون قريبا من العدد الصحيح.

من المعروف أن صفقات الأسلحة تحاط بالكتمان سواء بالنسبة للدول المصدرة أو المستوردة وحتى الصفقات التسليحية التي تتناولها وسائل الاعلام فإنها غالبا ما تكون لأغراض مقصودة عند الاعلان عنها.

وهذا ما ينطبق على سلاح الجو العراقي فبعض المعلومات تقدرها لعام 1990 بحوالي(750) طائرة بين اعتراضية وقاذفة إضافة الى(200) طائرة اسناد للنقل والاستطلاع وأغراض أخرى وهذا ما أعتمد عليه المحلل الاستراتيجي (ألفن توفلر) في تقديره وكذلك بعض المراكز البحثية.

مع وجود ما يقارب(60) مطارا عسكريا موزعة في كل أرجاء العراق. لذلك كان العراق يصنف عالميا بأنه سادس دولة في العالم من حيث سلاحه الجوي.

سبق أن أشار الكابتن ادام ماسترياني ماسترياني في استخبارات الفرقة الاميركية 101 بأن العراق كان يمتلك قبل حرب الخليج الثانية " اكثر من 800 طائرة مقاتلة، لكن حوالى 115 مقاتلة عراقية من هذه الطائرات التي تم تصنيفها من الاكثر تقدما بين الطائرات ارسلت الى الجارة ايران بحثا عن مكان آمن من عمليات القصف في حرب الخليج 1991".

كما تشير الأحصائيات بشأن الطائرات الحربية التي امتلكها العراق قبل معركة الخليج الثانية بأنها تشمل.

أعداد وطراز الطائرات العراقية

(8) طائرات نوع توبوليف 18

(5) طائرات نوع توبوليف 22

(4) طائرات نوع H6D

(16) مقاتلة نوع سيخوي 24

(120) طائرة ميراج نوع F1

(90) طائرة نوع ميغ 27

(80)طائرة سيخوي نوعي 20 – 22

(30) طائرة سيخوي 24

(150) طائرة اعتراضية ميغ 21

(60)طائرة اعتراضية صينية نوع F7

(90) طائرة اعتراضية ميغ 23

(40) طائرة متعددة المهام نوع ميغ 29

(24) طائرة هجوم أرضي الباتروس L39

(4) طائرت إنذار مبكر وتسمى عدنان 1 -2

(55) حوامة روسية نوع M24

وفي تقرير للمنتدى العربي للدفاع والتسليح جاء فيه انه بالرغم من الظروف القاسية التي مرت بها القوة الجوية العراقية والحصار الاقتصادي لكن ذلك لم يفقدها أكثر من 40% من القدرة القتالية.

وفصلها كالآتي: (320) طائرة هجومية تكتيكية للقصف البعيد المدى. و(240) طائرة إعتراضية و(130) طائرة متعددة الاغراض و(17) قاذفة قنابل استراتيجية و(4) طائرات إنذار مبكر و(2) مقاتلة هجومية إستراتيجية و024) طائرة هجوم ارضي.



أسباب عدم مشاركة سلاح الجو العراقي في حرب الخليج الثانية؟

قبل بدأ حرب الخليج الثانية حاول القيادة العسكرية في العراق المحافظة على الطائرات الحربية بإبعادها عن سماء المعركة إدراكا منها بأن القوات الجوية العراقية لا يمكن ان تلعب دورا فاعلا أزاء طائرات التحالف من حيث عددها وتطورها وقابليتها على المناورة والسرعة والتدمير وستكون طائراتنا لقمة سائغة من السهولة ابتلاعها !

وليس الحكمة كما يشير بعض المحللين العسكريين الذين ينتقدون العراق بأخفاء طائراته وعدم زجها في معركة خاسرة وتعريض الطائرات وحياة الطيارين الى التدمير والموت المحقق بل الحكمة ان تحافظ قدر الأمكان على ما موجود بعهدتك وفق حسابات اخرى منها :-

إدراك الحقيقة بانها لا تغيير من سير المعارك الجوية بسبب تقنيتها المحدودة باستثناء الطائرات الحديثة مثل (ميغ 29) وقلة عددها كما انها بحاجة الى صيانة كبيرة فقد استزف عمرها خلال حرب السنوات الثمان مع إيران. ومن المعروف إن السيطرة الجوية هي التي تحسم الأمور في الحرب العصرية.
من الصعب إجراء مقارنة بين سلاح الجو العراقي مع سلاح الجو لدول التحالف سيما بعد تصريحات المسئولين العسكريين بإستخدام أسلحة جديدة في المعارك وهذا ما حدث فعلا, وقد صورها اوري افنيري في دراسة بعنوان( هذه البداية فقط) بأنه "لم يكن باستطاعة أي قطاع عراقي التحرك دون ان تحوله الصوارخ والقنابل إلى فتات. نبلاء الصيادين لا يطلقون النار على البط البري وهو على الأرض. ولكن هذا ما حدث تماما في العراق".


المحافظة على الطائرات للمستقبل فان القدرة التسليحية تبقى عامل مهم في قوة الدولة وخشية الاعداء منها سيما ان العراق محاطا من الاعداء من كل الجهات سواء العربية أو المجاورة وغيرالمجاورة, والطائرات تشكل ركيزة مهمة في هذا الجانب كما لا حظنا في الحرب العراقية الايرانية.


ليس من السهولة تعويض الطائرات التي يفقدها سلاح الجو العراقي سيما ان الحكومة أدركت بأن الحصار سيشمل الجانب العسكري بكل مفرداته, وهذا يستلزم المحافظة على ما هو موجود سيما ان هناك مخاطر تتربص العراق من عدة جوانب.


المحافظة على حياة الطائرين سيما انهم اكتسبوا خبرة كبيرة خلال حرب الثمان سنوات ومن الصعب تعويضهم وليس هناك من حاجة فعلية الى زجهم في معارك جوية معروفة النتائج.

القوة الصاروخية والدفاعات الجوية التي تضاهي الدفاعات العراقية من حيث العدد والتطور ونجاح صواريخ الباتريوت في إدائها الفعال في الحرب ، رغم ان الدفاع الجوي العراقي كان يضم أكثر من(100) كتيبة تضم كل منها(18) مدفعا مسحوبا وذاتي الحركة ومنها( مدافع 130ملم و122 ملم D30 و152 النمساوي).

سيطرة قوات التحالف على سماء المعركة فقد قامت بما مجموعه(109876) طلعة أسقطت خلالها(88500) طن من القنابل وتمكنت خلال الأيام الأولى من المعارك من إسقاط (35) طائرة في اشتباكات جوية. ودمرت ملاجيء وعنابر الطائرات.
لتلك الاسباب وغيرها أرتأت القيادة العراقية أخفاء الطائرات في ملاجيء محصنة داخل الارض ولكن بسبب اكتشاف هذه الأماكن من قبل قوات التحالف وإمكانية استكانها وأستهدافها بالقذائف الدقيقة الموجهة قررت القيادة العسكرية نقلها الى أماكن أخرى وقد اعترف رئيس أركان القوات الجوية الامريكية الجنرال(ميرييل ماكبيك) بتلك الحقيقة فقد ذكر في تصريح " أدرك الرئيس العراقي صدام حسين بأن طائراته لم تعد آمنة في ملاجئها مما يتطلب نقلها الى اماكن اكثر أمانا وفعلا قام بتلك الخطوة" وأعتقد الخبراء العسكريون الامريكيون ان القيادة العراقية ستحسم هذا الأمر بنقل الطائرات الى الأردن لقربها من العراق وعلاقتها المميزة فقاموا بتكثيف طلعاتهم الجوية في المنطقة الحدودية لإفشال الخطوة العراقية, ولكن كما يقال الحرب خدعة ففي الوقت الذي كان الطيران الأمريكي يهيمن على هذه المنطقة تفاجئوا بأن الطائرات إتخذت مسارا آخر لم يتوقعوه فقد توجهت الى إيران فكانت مناورة ناجحة من القيادة العراقية ولم يخطر ببال الامريكان هذه الخطوة لانهم يدركون ان الحرب لم تنته بين البلدين الا منذ سنتين تقريبا وان هناك الكثير من المشاكل العالقة بينهما لم تحل بعد!

الخيارات امام القيادة العراقية

بلا شك أن اختيار إيران لتأمين الطائرات العراقية يثير الكثير من التحفظات لدى البعض ويجعلهم يتسرعون في الحكم ومن نظرة احادية، ولهم الحق في ذلك على إعتبار أن البلدين خرجا من حرب طاحنة إستمرت لمدة ثماني سنوات أستشهد وجرح وتعوق حوالي مليون شخص, ولم تكن الجراح العراقية ملتئمة بعد من جراء العدوان الايراني، ولكن لا بد من إسترجاع بعض الخيارات التي كانت مطروحة أمام القيادة العراقية قبل الحكم على صحة أختيارها لأيران من عدمه, فقد بدأت الحرب على حين غفلة كما وصفتها القيادة العراقية رغم ان الاستعدادات الأمريكية وحلفائها كانت تجري على قدم وساق! ولكن من جهة ثانية كانت تجري وساطات دولية لغرض التفاوض بين الطرفين, وعندما اندلعت الحرب كانت التغطية الجوية لدول العدوان مسيطرة على سماء المعركة بشكل تام, ووصلت القيادة العراقية معلومات إستخبارية تفيد بأن الطائرات العسكرية والمدنية ستستهدف خلال أقل من ساعة وكان أمام القيادة الخيارت التالية:-

زج الطائرات في معارك جوية مع الطائرات المعادية وهذا الأحتمال تترتب عليه خسارة الطائرات والطيارين علاوة على الأندحار العسكري الجوي من أول جولة فبأستثناء طائرات الميغ والميراج المتقدمة فأن بقية الطائرات لا يمكن ان تجابه الطائرات المعادية من حيث العدد والقدرة القتالية وسرعة المناورة, مما ينعكس سلباً على الروح المعنوية للقطعات البرية والتي اعتمدت عليها القيادة العراقية كورقة رابحة في الحرب.


أبقاء الطائرات في الملاجيء المحصنة دون مشاركة في القتال، والخسارة في هذا الخيار سيكون جميع الطائرات، فقد وردت المعلومات الأستخبارية للقيادة العراقية بأن جميع الملاجيء المحصنة قد استمكنتها القوات المعادية وسيتم قبرها جميعا في مواقعها بقنابل ذات فعالية شديدة تستخدم لأول مرة وتضاهي قدرتها التدميرية القنابل التي استهدفت المفاعل النووي العراقي وملجأ الجادرية النووي.

الخيار الأخير محاولة تهريبها الى أحد دول الجوار فحسب القانون الدولي لا يمكن لطائرات العدوان مهاجمة الطائرات العراقية في حال تواجدها في دولة أخرى لأن ذلك يعد بمثابة انتهاك لسيادة تلك الدولة واعلان الحرب عليها, وهذا الخيار يؤمن المحافظة على بعض الطائرات في حال عدم إسقاطها خلال محاولة فرارها الى احدى الدول المجاورة وهو يمثل أقل الخيارات ضررا.
أسباب إستيداع إيران الطائرات العراقية

كان الوقت المقدر لأستهداف الطائرات العراقية العسكرية والمدنية ما يقارب الساعة أو نصف ساعة كما أشار المدير العام السابق للخطوط الجوية العراقية وبعض كبار القادة الطيارين, لذلك فقد تم أعطاء الأولويات للطائرات التي لم يتسنى بعد اخفائها في الملاجيء وهذا يفسر سبب عدم امكانية اخراج بقية الطائرات من الملاجيء وفرارها الى ايران.

واستنفر الطيارين بطريقة لا يمكن تصورها أذهلت دول العدوان نفسها بالسرعة والدقة والكفاءة والتضحية للطيارين العراقيين, ويعلم من له خبرة واطلاع في القوة الجوية ان تحضير الطائرة للمعركة وفحصها فنيا قبل الاقلاع وتجيهزها بالوقود والذخيرة في اجواء قتال عنيف ينفرد فيه الأعداء بالسيطرة على سماء المعركة خلال هذا الزمن القياسي يعد أعجوبة أو ضربا من ضروب المستحيل!

وكانت هناك مشكلة جديدة تتمثل في أختيار الدولة التي تستودع فيها الطائرات في هذا الوقت القصير وشبه التعجيزي كما وصفع البعض, إضافة الى صعوبة اختيار الدولة التي يمكن تقبل بهذا الأمر في ظل الضغوط الامريكية والنتائج المترتبة على مثل هذا القبول، ومن المؤكد ان هناك إستحالة في ارسال الطائرات الى دولة غير مجاورة لأنها ستدمر, لذلك أوجبت الظروف أختيار احدى دول الجوار! وكانت الخيارات صعبة أيضا.

فتركيا كان لها موقف واضح ومعلن في عدم المشاركة في العدوان الامريكي على العراق وكان هذا الموقف موضع سخط من قبل إدارة بوش وهي لا تريد ان تتعكر صفو العلاقات أكثر من ذلك, فهي ترتبط مع الولايات المتحدة بأتفاقيات أمنية وعسكرية متعددة، ولديها مسئوليات تجاه حلف شمال الاطلسي علاوة على وجود قاعدة (انجرليك) الامريكية فيها وفي ذلك موقف متعارض لا يمكن تسويغه، كما ان الطائرات الامريكية والاسرائيلية تحوم في سماء شمال العراق وهي منطقة العبور الى تركيا مما يعني تدميرالطائرات العراقية بسهولة.

كما ان الكويت والسعودية حاميتان امريكيتان ومن أراضيهما إنطلق العدوان على العراق البري والجوي والبحري ولا يمكن استأمانهما,

وكانت سوريا أفضل الخيارات لكنها رفضت، ولها الحق في ذلك فأن الضغوط الامريكية عليها لا تطاق كما ان قبولها بهذا الأمر يؤجج غضب إسرائيل ويدخلها كطرف مباشر في الحرب, ولا يمكن للكيان الصهيوني ان يقبل بوجود قوة جوية جديدة تضاف الى ما هو موجود عند سوريا حتى ولو كانت كأمانة، وسوريا تعتبر في حالة حرب مع إسرائيل وهي تدرك تماما بأنها أقوى مرشح لعدوان أمريكي قادم لذلك فأن هذا النوع من المغامرة لا يمكن تحمله في مثل هذه الظروف الصعبة,

اما الأردن فهي حليف بل أقوى حليف للولايات المتحدة من بين دول جوار العراق وترتبط معها بأتفاقيات عسكرية وامنية وان موضوع الطائرات أكبر من حجمها وقوتها وهي غير مستعدة لأن تضحي بمصالحها مع الولايات المتحدة من أجل العراق مهما كانت أفضاله عليها, وقد لمسنا موقف الاردن من الطائرات المدنية فما بالك بالحربية؟

يضاف الى ذلك ان الولايات المتحدة كانت ترشح الأردن كمهبط للطائرات العراقية ومستعدة كل الأستعداد لمباغتتها.

وكانت إيران أفضل من غيرها بمعنى أفضل الخيارات السيئة, فقد كانت في حالة تطبيع في العلاقات مع العراق بإتفاق الطرفين وجرت عدة زيارات تمهيدية لهذا الغرض, كما ان ايران واسعة المساحة وبأمكانها اخفاء الطائرات في عدة اماكن متفرقة, وكانت التصريحات الأيرانية المعلنة بأنها ضد الحرب على العراق، واعتبر مرشد الثورة الاسلامية في إيران ان مقاتلة الأمريكان يعتبر جهاد, حتى إن بعض المحللين العسكريين الاستراتيجيين رحوا بعيدا في تحليلاتهم بأن إيران سوف لا تقف مكتوفة الأيدي أمام العدوان على العراق وستساهم بدرئه بشكل مباشر أو غير مباشر!

من جهة ثانية كان الخطاب الرسمي الإيراني موجه كليا ضد عدوان الشيطان الاكبر على الشعب العراقي المسلم! وتحذيرات وتوجسات من سياسة الشيطان الأكبر في منطقة الخليج, والأهم من ذلك كله أن ايران وافقت من خلال أتصالات متبادلة على مستويات قيادية عليا على إستضافة الطائرات العراقية على أراضيها. ومن الطبيعي أن لا تدرك القيادة العراقية وجود حلف بين الشيطان الأكبر والأصغر إلا بعد أن تم غزو العراق وتصريح مسئولين إيرانيين بأنه لو لا إيران لما تمكنت الولايات المتحدة من غزو العراق.

الطائرات الموجودة في إيران


من الصعب معرفة عدد الطائرات العراقية التي حطت في إيران وكل الارقام تعتبر تقديرية بما فيها الوردة في مذكرات وزارة الخارجية العراقية ويرجع ذلك للأسباب التالية:-

عدم تمكن العراق من معرفة عدد الطائرات رغم انه طالب الجانب الايراني عدة مرات بإيضاحات حول عددها وإعادتها, وتوسط بعض الدول العربية والاسلامية للتأثيرعلى إيران لكن المحاولت فشلت جميعها. ورغم ان بيان عراقي قدرها بحوالي (149) طائرة حربية ونقل وإستطلاع وأضيف لها أو ربما ضمنها - وهذا ما لم يوضحه البيان- (17) طائرة مدنية تعود الى الخطوط الجوية عراقية.


اختلط الأمر على القيادة العسكرية في العراق بشأن معرفة عدد الطائرات المحتجزة في إيران لأنها تجهل عدد الطائرات التي تم إسقاطها من قبل قوات التحالف في طريقها الى عمان من ثم تغيير مسارها الى إيران، سيما ان الاعلام الامريكي والغربي هول من هذا الموضوع لأغراض دعائية فضاعت الحقيقة وسط هذا الضباب. كما أشارت تقارير أخرى ومنها (مجلة آيرباور جورنال) بأن بعض الطائرات سقطت بسبب نفاذ الوقود .

لم تعلن إيران عن عدد الطائرات العراقية الفعلي التي وصلتها سالمة فقد بيتت لعملية الأستيلاء عليها كتعويضات للحرب, ورفضت عقد أية مباحثات في هذا الجانب مع العراق أو غيره وحذر المسئولون الأيرانيون عملائهم في الحكومة العراقية من الحديث عن هذا الأمر كما سنلاحظ في باب آخر.

وتأتي تصريحات السفير العراقي في ايران محمد مجيد الشيخ بأنه أقترح على وزارة الخارجية العراقية مفاتحة وزارة الدفاع لأرسال وفد عسكري للوقوف على ملف الطائرات لذر الرماد في العيون ليس إلا! لأنه من أكبر عملاء أيران في العراق.

تشتت الطيارين العراقيين فمنهم من أسقطت طائرته أوأستشهد أو فقد, ومنهم من بقي في إيران طوعا أو احتجز ومنهم من ارتحل الى دول أخرى, فقد أشارت تقارير أمريكية بأن ما يقارب(70) طبارا عراقيا بصحبة فنيين وضعوا على متن طائرة مدنية وتم اسقاط الطائرة على بعد(200) كم من الحدود الإيرانية, ومن المؤسف حتى بعد الغزو الامريكي على العراق لازم الصمت الطيارين العراقيين للتحدث عن هذا الموضوع وحتى هذا السكوت لم يعفيهم من حملة الاغتيالات التي تعرضوا لها على أيدي الميليشيات الموالية لإيران.


تضارب التصريحات الامريكية حول عدد هذه الطائرات رغم أجهزة الرادار المتطورة والأقمار الصناعية التي كانت تراقب أرض وسماء العراق بكل تفاصيلها، فقد أعلن البنتاغون حينها بأن طائرات مقاتلة نوع ميغ 29 قدر عددها بـ(12) طائرة مع (12) طائرة نقل حطت في إيران.

وفي تقرير آخر قدر عددها(39) طائرة, وفي آخر بيان للبنتاغون قدرها(120) طائرة. ويقدر (موقع جلوبال سيكيوريت) المتخصص في المعلومات الأمنية ان نصف سلاح الجو العراقي فر الى ايران في عام 1991 .

عثرت القوات الامريكية عن (50) طائرة مقاتلة وكانت سليمة في قاعدة التقدم و(15) طائرة أخرى في قاعدة السعد, وربما توجد طائرات أخرى ما تزال مطمورة داخل الأراضي العراقية ولم تتمكن قوات الاحتلال من اكتشافها بعد.
هناك طائرات عراقية دمرت في ملاجئها داخل الأرض وقبرت في اماكنها ولم تنبش لمعرفة عددهاو ما تدمر منها وطرازاها.

لذلك تختلف التقديرات حول عدد الطائرات العراقية المحتجزة في إيران ولكنها في معظم التقديرات بحدود (120-150) طائرة حربية مع(17-33) طائرة مدنية عائدة للخطوط الجوية العراقية. كما قدرت صحيفة لوس أنجلس تايمز بأنها اكثر من مائة طائرة نقلا عن محللين استراتيجيين فقد جاء في الخبر الذي نشرته " تم اجتثاث سلاح الجو العراقي أثناء حرب الخليج عام 1991، وعلى الرغم من كون العراق خاض حربا دامت ثماني سنوات مع إيران، إلا أن الرئيس العراقي صدام حسين أرسل أكثر من 100 طائرة مقاتلة إلى إيران أثناء تلك الحرب لحمايتها، غير أن العراق لم يتسلم أياً من تلك الطائرات حتى الآن".


تقديرات حول عدد ونوع الطائرات الموجودة في إيران

(12) طائرة ميغ 23

(4) طائرات ميغ 29

(4) طائرات سيخوي 20

(40) طائرة سيخوي 22

(24) طائرة سيخوي 24

(7) طائرات سيخوي 25

(24) طائرة ميراج متنوعة الطراز

(5) طائرات فالكون

(1) طائرة نقل نوع جيت ستار

(5) طائرات نقل نوع بوينغ

(15) طائرة نقل نوع اليوشن

(2) طائرتان بوينغ نوع 747

(1) طائرة واحدة نوع بوينغ 707

(2) طائرة بوينغ نوع 737

الطائرات العراقية الموجودة بعد الغزو الامريكي عام 2003

ما الذي تبقى من سلاح الجو العراقي؟ الذي كان يعتبر سادس قوة جوية في العالم حسب موقع (جلوبال سيكيوريتي.اورج) المتخصص بالمعلومات الامنية والعسكرية والذي يؤكد بأن العراق كان يمتلك أكثر من (750) طائرة حربية سوفيتية وفرنسية الصنع ناهيك عن الصينية وطائرات التدريب!

كما تتباين الاراء ايضا حول المتبقي من هذه الطائرات بعد الاحتلال الامريكي للعراق حيث تفيد التقارير العسكرية الاميركية قبل الغزو الامريكي للعراق عام 2003 بأن سلاح الطيران العراق يمتلك بحدود ( 300 )طائرة مقاتلة، وأعتبرت نصف العدد من الطائرات المتقدمة كطائرات ميراج الفرنسية نوع (F1) والطائرات الروسية نوع( ميغ 25).

في حين تشير مصادر المؤتمر الوطني العراقي بوجود(350) طائرة! واستنادا الى موقع (Jeans information ) فان الموجود المتبقي من مجموع(750) طائرة عراقية هو(90) طائرة فقط. ويضيف بأن الموجود الحالي حوالي(17) سربا من مجموع(41) سربا كان العراق يمتلكها قبل حرب الخليج الثانية.

وتشير بعض المعلومات العسكرية بان الطائرات المتبقية هي(39) طائرة إعتراضية تتوزع كالتالي ( 30 )ميغ 23 و(5)طائرات ميغ 25 و(4) طائرات ميغ 29. بالإضافة الى(50) طائرة دفاع وهجوم تتوزع على النحو التالي، (20) طائرة ميراج و(30) طائرة ميغ 21 وكذلك (35) طائرة هجومية نوع سيخوي الروسية طراز (22-24-25) مع (2) طائرتين بيل21 وأخيرا (9) طائرات نقل تشمل طائرتي نقل نوع انتينوف 24 و(6) طائرات انتينوف 26 و(1) طائرو واحدة نوع اليوشن. ولكن التصريحات الصحفية التي أطلقها قائد سلاح الجو العراقي اللواء كمال البرزنجي تقلل من أعداد الطائرات الى(70) طائرة فقط ويمني نفسه ليصل عددها الى (350) طائرة بحلول عام2020 ويتطلب ذلك تخصيص مبلغ(2) مليار دولار سنويا كما صرح الجنرال بروكس باش منوها أن ما ينفق حاليا هو ربع المبلغ المذكور. من جهة ثانية فأن البريجادير جنرال الاميركي( بوب الارديس) قلل من اهمية سلاح الجو العراقي بقوله" ليست لديه قدرات هجومية ويعتمد على طائرات هليكوبتر هجومية ومقاتلات اميركية لدعم القوات البرية". ويتشكل سلاح الجو حاليا من طائرات نقل هيركيوليز سي ـ130، وتشكيلة من الطائرات الصغيرة ذات الجناح الثابت للاستطلاع وعدد من طائرات هليكوبتر هوي التي ترجع لأيام حرب فيتنام وإم آي ـ17 روسية الصنع. وتضيف معلومات أخرى بأن الأسطول الحالي يضم طائرات للنقل الجوي نوع (C 130 ) وطائرات ( UH1) و( MA17) وهي من الطائرات الخفيفة وتحمل كاميرات محدودة وغير متطورة، و البقية طائرات مروحية وجميعها غير مسلحة، يمكن الاستفادة منها لأغراض التدريب فقط.

علي الكاش

سرقة قطع الغيار وتهريبها الى إيران

من المعروف ان مخازن القوة الجوية العراقية كانت متخمة بالمواد الاحتياطية للطائرت الحربية سواء تلك التي كانت في معسكر الرشيد او قاعدة الإمام علي في الناصرية او الحبانية والموصل وبقية القواعد والمخازن ونفس الشيء ينطبق على الطائرات المروحية وكانت مديرية طيران الجيش تضم مخازن تحتوي على محركات كاملة وجديدة للطائرت السميتة محفوظة في صناديقها, وحتى بعد فرض الحصار الظالم على العراق من قبل الأمم المتحدة تمكنت القيادة العسكرية من الحصول عبر صفقات سرية على قطع الغيار هذه وسبق أن نوهت مصادر امريكية بأن العراق تمكن من الحصول على قطع غيار لطائرات ميغ(23 و25) عبر سوريا .

وبعد الغزو الامريكي للعراق تم تفريغ هذه المخازن بشاحنات كبيرة تحت أنظار قوات الاحتلال التي لم تمانع من نقلها وقد اتخذت الشاحنات طريقها الى شمال العراق وجنوبه وكانت قوات فيلق بدر والبيشمركة الكردية كل يغرف من جهته بالتنسيق مع الطرف الأخر، وحدثني شاهد عيان وكان ضابطا سابقا في الجيش العراقي يسكن قرب مديرية طيران الجيش انه شهد بنفسه قيام قوات بدر بصحبة ضباط ايرانيين تفريغ مخازن المديرية، وكان البعض يتحدث باللغة الفارسية, وانتقلت هذه المواد الى إيران سواء تلك التي مرت عبر جنوب العراق أو شماله.

وبالأضافة الى هذه الجهات دخل العملية القذرة المؤتمر الوطني الذي يقوده احد أقطاب احمد الجلبي ويبدو ان هناك تنسيق بين الجانب الامريكي والإيراني بهذا الصدد! فمن غير المنطقي ان يغض الأمريكان نظرهم عن إنتقال المئات من الشاحنات الكبيرة على شكل ارتال طويلة الى إيران دون معرفة ما بداخلها.

وتشير المعلومات ان شيروان الوائلي وزير الأمن الوطني الحالي وهو من قائمة الائتلاف كان من أبرز المتاجرين بقطع غيار الطائرات جنوب العراق ونقلت وكالة سومر الأخبارية بأنه" لعب بعد سقوط النظام السابق دورا في تهريب ونقل محركات الطائرات العراقية من قاعدة الامام علي بن ابي طالب الجوية في مدينة الناصرية الى ايران وتم اكتشاف عملية التهريب في الحدود العراقية الايرانية الا انه تم غلق القضية رغم انها مازالت تنظر من قبل المحاكم العراقية في مدينة الناصرية ".

ومن المعروف ان النظام الايراني بالرغم من تسليحه الامريكي فأنه نوع من مصادر اسلحته بعد الزلزال السوفيتي، و بعد ان خسر في حربه مع العراق حيث خرجت قواته الجوية من سماء المعركة تجر أذيال الهزيمة إضافة الى هزيمته في البر والبحر، فقام بترميم الشرخ الكبير في قواته الجوية بتنويع مصادر التسليح فأشترى طائرات روسية بعد ان تيقن من فعاليتها وحسن إدائها خلال عدوانه على العراق.

وإزدادت هذه الرغبة بعد أن احتجزت إيران الطائرات العراقية من الميغ واليوشن روسية الصنع التي استودعه اياها العراق كأمانة. وكانت بعض الطائرات تحتاج الى قطع غيار وصيانة بعد أن زجها النظام الايراني في مهام قتالية سرية خلال الحرب الامريكية على افغانستان كما تحدثت بعض المصادر ويتفق هذا الرأي مع طروحات المسئولين الإيرانيين بأنه لولا تعاون الشيطتن الاصغر لما تمكنت الشيطان الاكبر من احتلال افغانستان والعراق.

و أمسى سلاح الجو الأيراني يضم طائرات روسية ومنها (الطائرات العراقية ) وكانت لديه حاجة ماسة الى قطع الغيار لصيانتها. وقد وفر غزو العراق عام 2003 الفرصة الذهبية لها بتوجيه عملائها في العراق بالسيطرة على مخازن قطع الغيار وشحنها بسرعة كبيرة الى طهران وخلال شهر واحد تم تفريغ هذه المخازن وتحويلها الى خرائب وأتخذها بعض المواطنين كمجمعات سكنية لهم.


مصير الطائرات العراقية المدنية في إيران


فما يتعلق بالطائرات المدنية لا يختلف كثيرا مصيرها عن الطائرات العسكرية ورغم وجود أسطول جوي كبير للعراق لكن الطائرات المدنية تسربت بطريقة مبهمة لإيران، ويعتقد ان عدد الطائرات العراقية المدنية في إيران بحدود(20-33) طائرة وترجح الوثائق الرسمية العراقية عددها الى (33) طائرة, ولم يخترق حاجز الصوت في هذا المجال الا التصريح الذي جاء متأخرا عقدين من الزمان عن طريق السيد نوري الدين الصافي المدير العام السابق للخطوط الجوية العراقية, فقد أعترف مؤخرا لقناة الجزيرة بأن هذه الطائرات هربت الى إيران في أول يوم من من حرب الخليج الثانية وعددها خمس طائرات منها(2) نوع جامبو و(2) بوينغ737 و(1) طائرة بوينغ 707 وبشأن قيمتها، فأنه قدرها بحدود(400) مليون دولار. ولكن الصافي لم يقدم أرقام حقيقية عن عدد الطائرات الفعلي في إيران فالكل يعلم ان هناك طائرات اخرى ما عدا التي ذكرها ولا نعرف ما الغرض من عدم اكمال جرأته وتنويه الرأي العام بحقيقة ما جرى سيما انه كان المدير العم للخطوط الجوية العراقية؟ فالطائرات هي ملك للعراق وليس لنظام سياسي معين ومن الخطأ بل الخطيئة التغطية على موضوع يتعلق بحقوق الشعب مهما كانت المخاوف والمبررات.

ومن الغريب ان المسئولين العراقيين الحاليين يتهربون بل يتخوفون من الحديث عن مصير الطائرات العراقية في ايران لكنه لسانهم يطول في الحديث عن الطائرات المحتجزة في تونس والأردن في مفارقة غريبة, ومن المثير للدهشة ان مدير عام الخطوط الجوية العراقية كفاح حسن جبار أعتذر عن الحديث في موضوع الطائرات عندما حاولت الجزيرة التحاور معه! وفي وزارة النقل اعتذر المسئولون بنفس الطريقة مما يعني أن هناك توجيهات عليا بأن يسدل الستار عن موضوع الطائرات المدنية في إيران! لكنهم لا يجدون بأسا من الحديث عن وفود وزارية تتفاوض مع حكومتي الاردن وتونس بشأن إعادتها للعراق. كما أحيط موضوع الطائرة الرئاسية (Boeing 747SP-70) الموجودة في تونس بالكتمان منذ عام 2004.

وتحدث الصافي بأن القيادة العراقية أدركت عبر أجهزتها الاستخبارية بأن الطائرات المدنية سوف تستهدف من قبل دول العدوان خلال نصف ساعة! ولكن بأقل من نصف هذا الوقت تمكن الطيارون من اخلائها الى إيران, وأوضح بأنه زار ايران مرتين للتباحث حول الموضوع لكن الجانب الإيراني رفض ليس التفاوض فحسب بل حتى السماح بمشاهدتها من قبل الوفد العراقي!

يعلم رئيس الوزراء وبقية وزراء ونواب دولة الفقيه في العراق أكثر من غيرهم سيما ان نضالهم تفقس في ايران بأن النظام الأيراني أدخل الطائرات المدنية العراقية في مجال الخدمة الداخلية منذ 18 عاما بعد أن استبدل العلم والشعار وبعضهم ركبوا هذه الطائرات دون ان يحسوا بالعار ولا غرابة في ذلك! ولا نعرف لم أستبدلت أيران الشعار وغيرت ألوان الطائرات فالعراق كله أمسى ضيعة إيرانية بفضل عملائها في العراق ولا داعي لهذا التمويه والتلاعب.

مواقف متذبذبة ومناورات مخادعة

كما ذكرنا سابقا حاول النظام الايراني إنكار وجود الطائرات المدنية على ارضه ولكن بعد مجابهته بالحقائق من قبل الاعداء قبل الاصدقاء اعترف بوجود طائرات عراقية ولكنه لم يحدد عددها وأنواعها كجزء من الاعيبه اللعينة، وفي آخر المطاف أعترف بوجود(15) طائرة عراقية لديه دون ان يفصل فيما إذا كانت مدنية أو عسكرية!

وفي خبر نشرته صحيفة الصباح العراقية جاء فيه بإن النظام الايراني وافق على إعادة طائرات النقل المحتجزة لديه نقلا عن السيد زيد الصراف مدير القسم التجاري في شركة الخطوط الجوية العراقية وذكر حرفيا " ان الطائرات المحتجزة لدى ايران يبلغ عددها خمساً نأمل اعادتها الى الخدمة بعد اجراء عمليات الصيانة عليها. واشار الى وجود 6 طائرات اخرى في الاردن وتونس" ولكن المسألة كالعادة أنتهت عند هذا الحد فقط!

المثلث الامريكي الايراني الكويتي والتآمر على العراق

هناك مؤامرة كبيرة تستهدف إلحاق الضرر بالعراق في موضوع الطائرات وسرقة ثروته وتبديدها بأبشع الطرق، أضلاع مثلثها قوات الاحتلال والنظامين الايراني والكويتي, فقوات الاحتلال التي تدعي دعم العراق وتطوير سلاحه الجوي تعمل على إبتزازه من خلال شراء طائرات حربية ومدنية امريكية كانت أول من دمر سلاح الجو العراقي والطائرات المدنية المتبقية قبل الغزو وأفضل نموذج على ذلك قيامها بتدمير(7) طائرات مدنية رابضة في مطار بغداد بعد الغزو تدميرا كاملا وبتعمد واضح وبلا مبرر! وإيران في الوقت الذي ترفض إعادة الطائرات العراقية فأنها أعادت منها(6) طائرات كانت من ممتلكات الخطوط الجوية الكويتية بعد ان دفعت الأخيرة (20) مليون دولار لخدمات الأرضية والصيانة.

وبعد ان طرق سمع السلطات الكويتية نبأ عزم العراق التفاوض مع شركة بوينغ لبناء اسطول جديد عوضا عن المدمر والمسروق وذلك بشراء(40) طائرة، قامت فورا بتحريض محاميها البريطاني جوديننغ بإفشال الصفقة وحجز الأموال المخصصة للشراء بذريعة ان الخطوط الجوية العراقية طالما تمتلك ما يكفي لشراء(40) طائرة فأن من الأولى بها ان تدفع المبلغ المخصص والبالغ حوالي (6) مليار دولار كتعويضات للخطوط الجوية الكويتية.


ملاحظات

في القانون الدولي وفقا لأتفاقية روما بشأن الطيران المدني فأن حجز الطائرات المدنية ذات الطيران المنتظم يعتبر خرقا للأتفاقية ويترتب على الجهة التي احتجزتها مسئولية صيانتها واصلاح الضرر وعدم تعريضها للإستهلاك والإندثار. ويترتب على هذا الأمر ان النظام الايراني يتحمل مسئولية تعويض العراق عن حجز طائراته وإستخدامها في النقل الداخلي. كما تتحمل بقية الدول العربية التي يوجد على اراضيها طائرات عراقية نفس المسئولية بتعويض العراق عن خسائرة بسبب التقصير المتعمد بعدم صيانتها والحفاظ عليها وإدامتها بشكل متواصل.

قامت مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بإقامة دعوى في المحاكم الكنديةعلى شركة الخطوط الجوية العراقية بشأن عقد شراء(10) طائرات من الخطوط الجوية الكندية بقيمة(400) مليون دولار, وجاء في الدعوى رفض الجانب الكويتي اخراجها إلا بعد دفع العراق(500) مليون دولار أي اكثر من قيمة شرائها, وفي الوقت الذي تمكن العراق من الحصول على طائرة واحدة منها فإن الكويت تمكنت من حجز طائرتين بطريقة إبتزازغريبة لا نعرف كيف قبلت بها دول كبيرة مثل كندا؟

وكيف يتسنى وفقا للقانون الدولي لدولة ليست لها علاقة بأتفاق تجاري بين دولتين تدخل كطرف ثالث وتفسد العقد بهذه الطريقة؟

إنها قرصنة دولية لا يمكن تصورها! ولو جرت الحالة بالعكس لأنفتحت باب جهنم على العراق!

والحقيقة انه كان هناك تواطؤ حقير من الجانب الكندي مع الكويت سيما ان الاتفاق على الصفقة جرى أبان النظام الوطني السابق!

ولكنها السياسة وما ادراك ما السياسة وما أفسدها؟

ولكن هل أنتهت المسرحية بهذا الفصل؟

من المؤكد لا ! فهناك فصل أتفه من سابقه, فالكويت المعروفة بحقدها المزمن على العراق وتآمرها العلني والسري لم تكتف بهذا العار فزادته شنار وبمساعدة بريطانيا هذه المرة حيث اصدرت محاكمها قرارا في 16 تموز 2008 بدفع أتعاب محاماة قدرتها(42) مليون جنيه استرليني - أي حوالي(85) مليون دولار أمريكي- أي أتعاب بقيمة طائرتين من الصفقة؟؟؟

وذلك عن القضايا التي رفعها الجانب الكويتي ضد العراق إي إذا لم ترضى بجزة فسترضى بجزة وخروف كما يقول المثل. الدرس هنا كبير فبريطانيا رغم انها شاركت الاحتلال الامريكي في غزو العراق لكنها وقفت مع الكويت ضده حتى بعد الاحتلال.

والدرس الثاني هو النظر الى الكويت كيف تلتزم بقضاياها بغض النظر عن مشروعيتها وتحافظ على مواردها حتى لو تم ذلك بشراء ذمم الآخرين!

في الوقت الذي يبذر فيه المسئولون العراقيون حقوق العراق كما جرى في موضوع الطائرات العراقية في إيران؟

فرغم الزيارات التي قام بها المسئولون في العراق الجديد للكويت فإنها لم تتنازل عن مطالباتها بتعويض خطوطها الجوية (10) مليار دولار عن طائراتها التي ضمت الى الخطوط الجوية العراقية وعددها(10) طائرات (8) منها إيرباص و(2) بوينغ. وقبل اندلاع حرب الخليج الثانية هربت (6) منها الى إيران وأستعادتها ومع هذا تطالب بتعويضات عنها! كما دمرت قوات التحالف(4) منها كانت جاثمة في مطار الموصل.


موضوع الطائرة التي منحتها إيران لرئيس الوزراء المالكي تحوم حولها الشكوك فالبعض يعتقد انها احدى الطائرات العراقية وقامت إيران بتغيير طلائها وقدمتها هدية للمالكي في حين يظن البعض الآخر انها نفس الطائرة المدنية التي اختطفها إيرانيون في الثمانينات من القرن الماضي وجاءوا بها الى العراق - وبقيت في البصرة ولم يغير العراق لونها وشعارها ولم يستخدمها العراق في طيرانه الداخلي أو الخارجي لأنها أمانة- ويعتقد ان إيران قامت بصيانة الطائرة واهدتها للمالكي في مناورة مفضوحة سواء ان صحت الرواية الاولى أو الثانية, ومهما يكن من أمر فأن إستخدام الطائرة ألزم المالكي بشروط نستغرب كيف رضى بها ؟

فطاقم الطائرة يتألف من إيرانيين فقط ولا يجوز ان يضم عراقيين كما ان طواقم الحماية والفنيين والضيافة من الايرانيين فقط وليس للخطوط الجوية العراقية أو أية جهة عراقية علاقة بها ( أن كنا على خطأ نرجو توضيح من رئيس الوزراء)

لابد من التذكير بالموقف اللعين الذي اتخذته الأمم المتحدة بشأن الطائرات المدنية العراقية فقد حاول العراق مرارا وتكرارا ان يقنعها بإعادة هذه الطائرات الى أرضه لغرض صيانتها وإدامتها بدلا من تركها في العراء سيما بعد نقل بعضها من موريتانيا للاردن, لكن الجهود لم تسفر عن شيء بسبب تعنت لجنة المقاطعة الامريكية الهوى والولاء بعدم إعادتها للعراق.

وللتأريخ فأن الامم المتحدة لعبت أقذر دور في تأريخها التآمري على العراق وتتحمل الجزء الكبير في عملية تدميره من خلال مواقفها الذليلة التابعة والراكعة لسياسة الولايات المتحدة وتنفيذ أجندتها في العراق وبقية الدول المناهضة للسياسة الامريكية وكذلك في سرقة وتبديد ثروات العراق.

وكان يفترض حتى في حال عدم الموافقة على عودة الطائرات المدنية للعراق لأسياب سياسية كما يعلم الجميع فقد كان بأمكان لجنة المقاطعة أن تحمل مسئولية صيانة وإدامة الطائرات للدول الموجودة على أرضها وفقا لأتفاقية روما أو على الأقل السماح للفرق الفنية العراقية بإجراء هذه المهمة ولكنها كانت عنصرا فاعلا في تنفيذ المؤامرة الامريكية على العراق.


من البلايا الأخرى أن الخطوط الجوية العراقية الساكتة عن حقوقها الشرعية المسلوبة من الجانب الايراني اعتبرت موضوع عودة الطائرات المدنية أمرا لا طائل منه واعطت بذلك من حيث تدرك أو لاتدرك الضوء الاخضر للنظام الايراني في إمتلاكها! ووجه الغرابة يكمن في إستأجارها طائرة سبق ان كانت تمتلكها وموجودة في إيران من شركة (Dolphin Air ). فأي مصيبة بعد تلك.


من المؤسف ان يكون موقف الدول العربية بشأن الطائرات العراقية بشعا أيضا ولا يتناسب مع الأدعاءات التي تروجها بالمنطق العروبي والقومي والاسلامي, فالطائرات العراقية في تونس والأردن رغم قلتها وكونها مدنية وليست حربية لكنها لم تلقى العناية والصيانة اللازمة لها مما ادى الى تحولها الى خردة، بت تشير معلومات انه تم نزع بعض الأجزاء منها واستخدمت لصيانة طائراتهما.


لا بد للحكومة العراقية ان تفتح هذا الملف مع إدارة أقليم كردستان وتطالبهم بإرجاع جميع ما تم سرقته من مخازن الحكومة العراقية ليست محركات الطائرات وقطع الغيار بل جميع التجهيزات والعدد العسكرية والمدنية فليس من المعقول ان نطالب (اللصوص الغرباء) بإعادة ما سرقوه منا ونغض النظر عن (لصوص البيت) وهو الأقرب منا.


مهما حاولت الحكومة العراقية ان تتعامل مع ملف الطائرات بغفلة وتجاهل لحقوق الشعب العراقي فيجب ان تدرك بان هذه الطائرات هي حق ثابت ومشروع للشعب العراقي وقد جاء في الحديث الشريف " لعن الله قوما ضيعوا الحق بينهم" ولتعلم إن معيار الوطنية هو المحافظة على ثروات الوطن وليس تبديدها، وانها حتى لوتسامحت مع الجانب الايراني في تمييع الموضوع حاليا فان للتأريخ لسان وللحق فاه وللأجيال القادمة نظرتها في مراجعة حقوقها ومعرفة الصديق من العدو والأمين من الخائن والصاحب من الغادر، وكما قيل لا يضيع حق ورائه مطالب.


ربما يرى البعض ان هناك تضارب أو عدم دقة في القضايا الفنية التي تحدثنا عنها رغم إننا استمديناها من مصادر كثيرة وبعضها من ضباط كبار, ولكن الغرض من هذه الدراسة ليست دراسة المسائل الفنية بل الحديث عن حقوق ثابتة للعراق لا يمكن التنازل عنها, ومن الطبيعي ان تكون هناك ضبابية حول الموضوع بسبب تهرب المسئولين السابقين والحاليين من الحديث عن الطائرات كأنها واحدة من المحرمات وليست من حقوق الشعب العراقي,

أما من يرى بأن هذه الطائرات ليست لها قيمة في الوقت الحاضر فأن هذا الأمر يقرره الفنيين وليس نحن!

علما ان الطائرات العراقية المسروقة ما تزال مثيلاتها في الخدمة في معظم الدول! ولو افترضنا جدلا بأنها غير صالحة للعمل فأن ذلك يحمل الدول التي احتفظت بها مسئولية الدمار لذي لحق بها وتعويض العراق حسب اتفاقية روما؟

وفي أسوأ الاحوال فأن الخردة لها قيمتها أيضا؟

ومن المؤسف اننا تابعنا كل ما كتب عن الموضوع باللغتين العربية والأنكليزية ولم نجد سوى كم من التناقض والتضارب والمعلومات السطحية والهامشية التي لا تغني ولا تشبع, وتبقى محاولتنا هي الأولى من نوعها لفتح هذا الملف الخطير فأن كانت الدراسة غير كافية فيكفينا شرف المحاولة وفتح المجال أمام الآخرين وإستنفار كل من لهم صلة مباشرة بهذا الموضوع من السياسيين والعسكريين وخصوصا الطيارين بأن يدلو بدلوهم لتعزيزها وتقديم المعلومات التي بحوزتهم فالكلمة بحد ذاتها هي أمانة.


والله والوطن والشعب من وراء القصد.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية