كلّ المؤشّرات تدلّ إلى أنّ العلاقة بين الحزب وجنبلاط تُقارب حدّ القطيعة، لا بل أكثر من ذلك، فهي تمرّ بأسوأ مراحلها منذ إعادة التواصل السياسي بعد أحداث السابع من أيّار الشهيرة، ومع هذا فإنّ أيّاً من الطرفين لم يعلن هذا الأمر على الملأ، فمن جهة يرى "حزب الله" في جنبلاط حاجة سياسية خصوصاً في الأوقات الراهنة من أجل ضمان استمرار الحكومة، ومن جهة أخرى يشدّد جنبلاط على أنّ الحزب ركن أساسيّ وعامل رئيسي في تثبيت الاستقرار الداخلي.
لكن هل تجمع الانتخابات النيابية المقبلة ما فرّقته السياسية الحاليّة بين الزعيم الاشتراكي و"حزب الله"، وهل لهذا الاستحقاق أوراق مخصّصة تُلعَب في وقتها المحدّد؟ أسئلة لا بدّ أن يطرحها المرء في لبنان، خصوصاً أنّ معركة الانتخابات بدأت هذه المرّة مبكراً أي قبل سنة ونصف السنة تقريباً، ومن هنا لا بدّ لكلّ فريق أن يعيد حساباته السياسية وفق ما تقتضيه حاجته الانتخابية في كلّ منطقة على حِدة.
المعركة الانتخابية المقبلة قد تكون معركة حياة أو موت بالنسبة إلى جنبلاط، هذا ما تؤكّده أوساطه لـ"الجمهورية، وتكشف أنّه "بعيداً عن نظرية المؤامرة، إلّا أنّ هناك محاولة لتهميش الزعيم الاشتراكي من فريقي 8 و14 آذار من خلال إبعاده عن سدّة القرار السياسي في لبنان، ولكن كلّ هذه المحاولات ستبوء بالفشل لأنّ مَن بنى سياسته على لعبة المحاور الإقليمية لا بدّ أن تنكسر عند عتبة إرادة شرفاء هذا الوطن"، جازمة بأنّ "من يشهر سلاح القانون النسبي هو في الأصل ضدّه وهذا ما تؤكّده الإحصاءات التي على أساسها خاضوا انتخاباتهم السابقة".
وتذهب أوساط جنبلاط إلى أبعد من ذلك، فتكشف أنّ تيار "المستقبل" و"القوات اللبنانية" مع إقرار قانون الـ 1960، كما أنّ "حزب الله" وحركة "أمل"، لا يمانعان إقراره". وتلفت إلى أنّ وحدهما "التيّار الوطني الحر" والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي يؤيّدان القانون النسبي لحسابات تتفاوت بين الفريقين، ففي حين يعتبرها الأوّل فرصة للانقضاض على ما تبقّى من الحصص المسيحيّة وتحديداً المارونيّة، يرى فيها الثاني معياراً وحيداً لتصحيح الخلل التمثيلي لدى الطائفة المارونيّة".
وتذكّر أوساط جنبلاط بأنّ "الشهيد كمال جنبلاط كان أوّل من طرح القانون النسبي قبل أن تولد بعض القوى السياسية الحاليّة، ولكنّ هذا الطرح لا يمكن أن يتمّ بين ليلة وضحاها من دون إقرار إلغاء الطائفية السياسية وتحديد آلية مشاركة المغتربين وعلى وجه الخصوص إنشاء مجلس شيوخ يضبط السياسة المهترئة الموزّعة على الطوائف فوضويّا"، لافتة إلى أنّ "هناك توتّراً مذهبيّا في البلاد والحياة السياسية مهترئة، ومع هذا كلّه فمن حقّ جنبلاط السعي إلى زيادة حجم كتلته النيابية"، معتبرةً أنّ "السير بالنسبية على حساب "المستقبل" والاشتراكي من شأنه أن يخلق شرخاً حادّاً في البلد".
وفي الشقّ المحلّي، ختمت الأوساط حديثها بالتشديد على "تمسّك جنبلاط بالوفاق الداخلي والحكومة الحاليّة على رغم هشاشتها"، مؤكّدةً أن "لا انسحاب من الحكومة في الوقت الحالي لأنّه من الصعب جدّاً تأليف حكومة أخرى على المدى المنظور".
لم يتلقّ جنبلاط خبر استشهاد الزميل في تلفزيون "الجديد" علي شعبان بهدوء ورويّة، إذ وبحسب أوساطه فقد ثار وغضب لحظة سماعه الخبر، ليكرّر على مسمع الجالسين بقربه "ألم يتّعظ بعد حلفاء سوريا في لبنان وتحديداً "حزب الله" بأنّ بشّار الأسد قاتل؟" وتضيف الأوساط أنّ جنبلاط "أراد أن يطلق إثر الجريمة بياناً شديد اللهجة ضدّ النظام السوري، ولكن تراجع بعد تمنّيات بعض الجهات السياسيّة الرفيعة في البلد".
وتختم الأوساط حديثها بالقول: "هناك تخوّف جنبلاطيّ كبير من المرحلة المقبلة، وأكثر ما يخشاه جنبلاط هو اندلاع حرب طائفية في لبنان، خصوصاً أنّ الوضع السوري ذاهب أكثر في اتّجاه التأزيم، ومن يعتقد بأنّ النظام هناك قد يستطيع العودة الى ما قبل سنة، فهو مخطئ وواهم".
0 comments:
إرسال تعليق